نورهان البسيوني
“الحلم والحقيقة، شعرة تفصلهما.. ما هي الحقيقة؟ وما هو الحلم؟.. هل من الممكن أن تتخبط في حياتك، فيصبح حلمك هو حقيقتك؟ وكيف تثبت أنه حلم وليس حقيقة؟ أسئلة تصاعدت في رأسي خلال قراءة رواية “خارج نطاق الخدمة” للكاتب عمرو حسين، رحلة ممتعة، للغوص حول الذات والماضي الذي لاحقها ومدى تأثيره على الحاضر.
أحب أن أشيد بجمال الغلاف، وأنه مفصل على أصل القصة. وهي رواية فلسفية من الدرجة الأولى، بلغة فصحى، سلسة في السرد والحوار، وتبدو فكرتها ظاهريا “خفيفة”، ولكن باطنها مليئة بالعمق.
للقراءة| إيمان جبل تكتب: ما علاقة فلسطين باسمي!!
في رواية “خارج نطاق الخدمة” إثارة وتشويق من العيار الثقيل، الذي خدم ذلك، هو الوصف المنمق، الذي يزيد مع تصاعد الأحداث. كما أشير إلى تطور ونضج عمرو، عن رواية “الديناصور”، فهو تفوق على نفسه حرفيا.
وتأكيدا على فكرة الحنين إلى أشخاص في الماضي، رحلوا عن أيامنا مثل الأب ولكننا لم نعبر عن مشاعرنا اتجاههم، أثناء حياتهم، أو شخص فقدنا تواجدنا معه ورحل عن عالمنا بمحض إرادته. الرجوع بالزمن الـ Flashbacks، اتقنت باحترافية.
كذلك هناك إسقاط على ما تعانيه، القرى المصرية من نقص في الخدمات، وذلك في “دشرت”. وطرح سؤال يبث الصراع النفسي للشخصية المحورية، على رغم ما يعانيه أهل قرية “دشرت” من نقص حاد في الخدمات والمرافق إلا أن حياتهم بسيطة والجميع سعداء وفي رضا، على غرار الحياة المدنية، فهل ذلك هل ناتج عن قلة تعليمهم؟ فلا يعبئون بشيء والحياة بسيطة تخلو من كل التعقيدات “ظللت أفكر هل جهلهم نعمة؟ أم أن علمنا الزائد نقمة؟”.
في لحظة، يثير القارئ شكوك حول الشخصية، إنه يعيش في وهم إثر صدمة وفاة أبيه، فالشكوك تتوالى أنه شخص مهزوز نفسيا، وأنه يعيش في فقاعة هوائية منفردة ولكن هل كل تلك الشخصيات من محض خياله الخاص، فيدفعك لتسأل، هل كل تلك الشخصيات ترسبت في عقله الباطن من أثر صدمة أبيه؟
البحث عن الذات، رحلة شاقة، أن تعرف ما يدور داخل نفسك، ما تحتاجه (ما ينقصها).. كالحب، الأمان، السند. من كثرة الصدمات أحيانا كثيرة نلجأ للخيال، للرد عن أسئلة استنزفتنا، لمعرفة من نكون؟ و لاقاتنا بالآخرين؟
حازت النهاية على إعجابي، واستمتعت بالرواية حرفيا، أنهيتها في زمن قياسي، من كثرة تشويقها.. وسعيدة بالتطور والنضج الكتابي، إبداع، كفكرة بسيطة ولكن مليئة بالعمق والتفكير.