إسراء إبراهيم
حل الكاتب أحمد المرسي ضيفا على بودكاست “مع سمر”، مع الكاتبة سمر عبد العظيم، موضحا رؤيته حول الكتابة، الصحافة، ونشأته في دمياط قبل أن ينتقل للقاهرة.
تناولت المقابلة محطات حياته ومسيرته الأدبية، ونظرته للرواية التاريخية خاصة بعد وصول روايته “مقامرة على شرف الليدي ميتسي” للقائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية. ونستعرض فيما يلي أبرز تصريحاته خلال اللقاء:
معلومات شخصية عن أحمد المرسي
– أنا أحمد المرسي، وُلدت في عام 1992، درست الإعلام وعملت فيه. كتبت حتى الآن ثلاث روايات. أول رواية لي كانت بعنوان “ما تبقى من الشمس” وفازت بجائزة ساويرس. لكن بعيداً عن الكتابة، وعلى المستوى الشخصي، أنا شخص عادي مثل أي فرد آخر.
– ولدت في دمياط ونشأت هناك، ثم انتقلت إلى القاهرة في عام 2008 مع بداية دراستي. زرت القاهرة من قبل عدة مرات بسبب عمل والدي، ولكنني أقمت بشكل دائم منذ 2008. مدرستي في دمياط كانت تُسمى “منارة بدر الخاصة”، وعندما أذكرها، أبتسم لأنني أسترجع ذكريات قديمة جداً.
– عندما أعود إلى مدينتي، يكون من الأساسي أن ألتقي بأصدقاء الطفولة. وحتى في الوقت الحالي، عندما تتاح الفرصة، نلتقي. بالنسبة لي، الصديق المثالي هو الذي لا يلومك على غيابك، ولا يُشعرك بالتقصير إذا لم تتمكن من رؤيته بشكل دائم. هذه هي الصداقة المريحة؛ قد تمر أيام أو حتى شهور دون لقاء، ولكن عندما تلتقون يكون الأمر وكأنكم لم تفترقوا أبداً.
تأثير الصحافة في حياة الكاتب أحمد المرسي
– الكتابة الصحفية كانت مدخلي إلى عالم الكتابة بشكل عام. في البداية، التحقت بكلية الإعلام ظناً مني أنني دخلت هذا المجال بالخطأ. ولكن عندما بدأت العمل في مجال الإعلام والصحافة، اكتسبت خبرات، خصوصاً المهارات البحثية. الصحافة الاستقصائية، على وجه التحديد، عززت لدي القدرة على البحث والتقصي. ولدينا نماذج عظيمة في هذا المجال، مثل صلاح عيسى، الذي يُعد من أهم الصحفيين الاستقصائيين في مصر.
– ما تعلمته من الصحافة أثر بشكل كبير على كتابتي، خاصة أنني أكتب الروايات التاريخية، وهذا النوع من الكتابة يتطلب الكثير من البحث. بالتالي، اكتسبت هذه المهارة بشكل طبيعي ودون قصد، لكنها أفادتني كثيراً في مسيرتي الأدبية.
أحمد المرسي يُعرف الرواية التاريخية
– الرواية التاريخية، كما أراها، هي عمل أدبي يدرس الإنسان الذي يشبهك تمامًا، ولكن في زمن آخر وتجربة مختلفة. ما يميز الرواية التاريخية عن غيرها من الروايات هو أنها تقدم تجربة مكتملة، حيث نرى البداية والنهاية ونتعلم من التجربة ككل. أعتقد أن “التجربة الكاملة” هي العنصر الذي يميز الرواية التاريخية.
– في مشروعي الأدبي الذي أطمح إليه، هو أن تكون الرواية التاريخية ليست مجرد تسجيل لفترة زمنية أو تاريخ معين، بل تهتم بالإنسان نفسه. لا أعتقد أنني وصلت إلى هذا الهدف بعد، ولكنني أرى أن الرواية التاريخية يجب أن تركز على الإنسان بشكل أكبر من التاريخ نفسه. هذا النهج الذي بدأت تتبناه الدراسات التاريخية الحديثة، مثلما فعل ميشيل فوكو في كتابه “تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي”، وكذلك الدكتور خالد فهمي في كتابه “كل رجال الباشا”، الذي يُعتبر من أهم الكتب التي كتبت في هذا السياق.
للقراءة| “ضي بلا قمر”.. قصة قصيرة لـ سمر عبد العظيم
– هناك أيضًا باحثة روسية تُدعى تاكر كتبت كتابًا مهمًا بعنوان “نيسان مصر في القرن التاسع عشر”، حيث ركزت على دراسة الإنسان وليس على التاريخ الذي يكتبه المثقفون أو الطبقات العليا. هذا النوع من الدراسات يعتمد على الوثائق الأصلية والشهادات الحقيقية من محاضر التحقيقات والمحاكم والوثائق الشرعية، ويقدم لنا صورة عن كيفية حياة الناس العاديين، وليس فقط حياة الملوك أو الأرستقراطيين.
– أعتقد أن هذا النهج يشهد رواجًا في الفترة الأخيرة، وأتمنى أن أتمكن من نقله إلى الرواية، رغم الصعوبة الكبيرة في تقديم هذا النوع من التاريخ في قالب أدبي. الرواية التاريخية عادةً ما تركز على الشخصيات التاريخية البارزة مثل الملوك والأبطال، ولكنني أعتقد أن كتابة تاريخ الإنسان المهمش أو العادي ستكون إنجازًا كبيرًا بالنسبة لي.
– السؤال التقليدي الذي يتكرر كثيرًا عن “أن التاريخ يكتبه المنتصر” ليس دقيقًا بالكامل. قد يكون هذا صحيحًا في كتب المدارس، لكن التاريخ الحقيقي لا يمكن أن يُكتب بهذه الطريقة. كما تحدثنا سابقًا عن الجبرتي، فهو كتب عن الحملة الفرنسية والدولة العثمانية وعن محمد علي. ومن الجدير بالذكر أن الجبرتي كان على خلاف مع محمد علي، بل إن محمد علي قتل ابنه خليل لأنه رفض أن يكتب ما يمجده. لذا، لا يمكن القول إن المنتصر هو من يكتب التاريخ.
– التاريخ موجود، ولكن يتطلب البحث والدقة للوصول إلى الحقيقة. لا ينبغي الاعتماد فقط على المصادر الرسمية أو الكتب المدرسية، بل يجب البحث في المصادر الحقيقية التي قد تكون مخفية بعض الشيء ولكنها متاحة إذا تم التنقيب عنها بعناية.
– الوثائق موجودة، إلا أنها تتطلب جهدًا من الباحثين للبحث بشكل أكثر عمقًا بعيدًا عن الدراسة التقليدية للتاريخ. يجب أن ننزل إلى أرض الواقع وندرس الأحداث كما كانت بدون تحيز. يجب كتابة التاريخ بشكل حيادي، بدون افتراضات مبنية على ما أشيع عن بعض الشخصيات أو النظم السياسية. عندما نزيل هذه الافتراضات ونتعامل مع الحقائق بحيادية، نقترب من الحقيقة. بالطبع، الحقيقة الكاملة قد لا تكون متاحة، ولكننا نصل إلى شيء أقرب للحقيقة.
رأيه في التعامل مع السوشيال ميديا كمصدر للمعلومات
– وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون مفيدة، لكنها ليست مصدرًا موثوقًا تمامًا للمعلومات. قد تفتح الباب لك لتعرف موضوعًا ما أو تثير فضولك لتبحث فيه، ولكن لا يجب أن تتعامل مع هذه المعلومات على أنها حقائق ثابتة. إذا كنت مهتمًا بالوصول إلى الحقيقة، يجب عليك أن تأخذ المعلومة وتبحث فيها بعمق.
– لا ينبغي الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر وحيد، لأن هذا الفضاء مليء بالمعلومات المغلوطة أو المختلطة بين الحقيقة والخيال. قد تُعرض لك قصة تبدو ممتعة ومقنعة، لكنها في الحقيقة غير دقيقة. لذلك، أنصح باستخدام السوشيال ميديا كبوابة للبحث وليس كمصدر نهائي للمعلومات.
– ردا على سؤالك بشأن حصولي على أكبر جائزة أدبية في الوطن العربي، وكيف أريد أن تصفوني وأنا أصعد على المسرح لتلقي هذا التكريم.. أتمنى القول عني: “شخص ترك العالم أفضل مما وجده”.