الجمعة, نوفمبر 22, 2024
Dawen APP
الرئيسيةمقالاتأكرم محمد يكتب: تاريخ سري للعنقاء.. سرديات موازية للتجريب

أكرم محمد يكتب: تاريخ سري للعنقاء.. سرديات موازية للتجريب

نقلا عن اليوم السابع

لرواية “تاريخ سرى للعنقاء”، للروائى أيمن بكر والصادرة عن دار “دون”، افتتاحيتان، كثنائية تحقق النص المشيد مروية بنيته الروائية فى طبقتين سرديتين بين راوى عليم وفصح ذاتى يوازى فعل الذاكرة، فى طبقتين سرديتين تمثلهم الافتتاحية.

الافتتاحية الأولى تشيد أولى أساسات بنية النص، التجريب، واضعًا خط اليد، كترميز للفن، وكإشارة لفعل الذاتية والافصاح، وكتجلى للتجريب الكائن بالنص، فى فعل التدوين الأول، كمفردة تعنى السجية، وتضفر مع المعانى الممثلة ثنائية مع الافتتاحية الثانية، ويحقق التجريب المشيد البنية الروائية للنص، بطرح سرديات توازى مركزية مروية البطل، وهو ما يمارسه النص بتقديم سرديات توازى المروية المركزية، لتتحول هى إلى متن مركزي، وكأن فعل الحكى الشفهي، ومرويات شهرزاد، تتأتى هنا بفعل سردية التعرية، بمستويات عدة لاستقرائها، ومرويات وأصوات سردية عدة لاستنطاقها.

رواية تاريخ سري للعنقاء

الافتتاحية المسرودة بضمير الأنا، من شخصية تمثل عداء ضمنى مع صاحب الافتتاح التجريبى الأول، باعثًا ثنائية عند دخوله منزل الأول، لسرقة أوراقه، هى أسود/أبيض، متخذًا من السيمائية، الإشارات والترميز بها، سبيلًا لطرح فضاء مكانى يمتد من كنه مسرح البنية الدرامية، ليكون رمزًا، بين الثنائية البدائية الأبيض/ الأسود.

تلك التى تتجلى مع طرح الراوى العليم شخصيته، بإفصاح يناقض شخوص النص ذاته، متخذًا من مفهوم السلطة سبيلًا لها، كراوى عليم موازي، يتساءل عن السلطة بين مفهومى الخاص/العام، بإفصاحه عن إعادة بناء التعرية، كسبيل للسلطة، حيث شخصية تعرى الذوات، لتنظر للشكل الذى يريدونه لأنفسهم، فتهب الشخصية النص إعادة تقديم علاقة الإنسان بالسلطة، وتضفرها مع التعرية، بين ثنائية الخاص والعام، متخذًا من الترميز ما يناقض المباشرة، المطروحة أحيانًا، لوضع رمز موازي، أكثر خصوصية من المفهوم الفلسفى العام.

تمتد ثنائية الأبيض والأسود، باعث الحرية والتمرد ومريض السلطة، لتكون الماضى والحاضر، باعثًا من الفضاء الزمنى سؤال عن مفهوم إنسانى وفلسفي متخذًا منه شحذ للذاكرة، ربما ذاكرة جيل خاص يسعى للمعنى الفلسفى العام، مقترنًا بفعل التضمين، حيث نصوص موازية، أحيانًا، أحلام تنطلق من مروية الحلم كوسيلة للترميز، فى ذاتها كحلم وفى مرويتها، وهى نصوص تتجنب المشهدى ة والمروية، لكنها تظل باعثًا للروي، بتحويلها إلى مونولوج حوارى يطرحه متمرد يعيش فى التخييل والذاكرة، “مراد”، لتتحول مروية الحلم الموازية للنص، والمطروحة كبنية قصصية موازية تستقرأ فعل الحلم ذاته كتمثيل للفكر البشرى وما يشوب ذوات النص، لتتحول إلى مونولوج خطابى تقريري، أحياناً، يستنطق فعل الترميز، ليحقق البناء الدلالى للنص، غارقًا فى بنية الحلم ذاتها، حيث يختلط الفضاء الزمانى حد الاختفاء فى أحيان عدة، وهو رمز فى وجوده ذاته عن الزمن والجيل والماضي

للقراءة| “نعمة الألم”.. ذات منفعة وسط ضجيج العالم

أحيانًا يتجلى التضمين بتقديم موازى يحقق تأويل النص، كرواية “الكرنك” لنجيب محفوظ، المذكورة فى النص كدليل للوصول للحكم الناصري، وكأنها تجلى النص عن ذاته فى تضمينها لعمل فنى موازي، “الكرنك”، ببنائهم الدلالى الموحد، عن مفهوم السلطة والتمرد والزمن، وكذلك بطرح سيمائى للوحة “الثعلب السجين”، بما تمثله من بناء دلالي، وما تطرحه من مروية موازية للبنية الدرامية للنص، وهى مروية توازى دلالات النص، حيث الطبقية ومركزية السلطة فى مواجهة الحرية والهامش، وحيث الجمود، كسؤال فني.

تلك الثلاثية المشتركة فى النصين، والمشوبة بثنائية الماضى والحاضر، حيث الشخصية مثقف من جيل الستينيات، يقطن مرابض السلطة والعلاقات، يقرر بعد عدة عروض رفضها لإقامة ندوة فى جامعة إقامة واحدة فى جامعة القاهرة.

خالقاً النص مشهد تقطنه البنية المسرحية، بإفصاح ترميزى عن الشخوص وحركة درامية سينمائية، وبنية قصصية، بتكثيفها وترميزها ولنقطة الدهشة، متخذًا من فعل الترميز تحقيق لبنية النص الدلالية.

يحمل المشهد ثنائية السلطة والتمرد فى براثن الماضى والحاضر، أيضاً، يقف شاب بشعر مشعث، على هيئة متمردى جيل السبعينيات، كرمز للمعنى المجرد للتمرد، خلف المنصة، التى تخفى معظم جسده، كإشارة تتم سيموطيقيا المشهد بإخفاء تمرده وراء السلطة، سلطة المسرح والجزء الأول من ثنائية الماضى والحاضر.

كما يفصح النص عن توتر فى ذلك المشهد، ينم عن إعداد مدير الندوة لسؤالين، كترميز موازى لسلطة تهيمن على النص، ويكتمل المشهد بطرح سينمائى لإمساك الطالب بالميكروفون، “أمسك برأس الميكروفون بعد أن حرره من القاعدة المعدنية” كإشارة توازى المشهد بهامشيتها للتمرد.

ثم يخفى الشاب المنضدة الجالس عليها ضيف الحلقة، ابن الماضى والسلطة، ليكتمل الترميز القصصى بوصفه كأحد الواقفين على نواصى الحارات، كأنه اقتفاء هامشى للهامش، كخلفية مجردة للتمرد والحرية، كباعث للشباب، ذلك المفهوم الرابض بالنص الموازى “الكرنك”، المذكور بفعل التضمين كبنية دلالية تضفر بتوازيها مع الفضاء الدلالى ل”تاريخ سرى للعنقاء”.

هكذا يكوّن مشهد الندوة افتتاح موازى للنص، تفصح بعده المروية عن الذاكرة، متخذة من التأريخ الرمزى عنوانًا للبنية الروائية، فالتة من التخييل بالتركيز المفهوم المجرد، وتناوله بين ثنائية الخاص/العام..

فتبدأ الذاكرة بتجلى السلطة الأبوية عند ضرب الأب للابن فى سن صغير، ثم ترميز للسلطة عند طرد الطفل من المدرسة لشكواه من معلم، ثم التأريخ الرمزى لعلاقة الإنسان بالسلطة، متجلية فى فعل الذاكرة ومفعول الزمت، فى التمرد الجامعى على “الرئيس المؤمن”، وفعل التأريخ، وطرح نص تسجيلى ترميزي، يتمثل فى الترميز للسلطة، بشكل عام، والانفتاح وأثر الرأسمالية بشكل خاص، وهو ما يظهر من بداية النص عند ذكر الطالب البوهيمى لبدلة المثقف الكبير، رمز السلطة، بالأزرق البيبسي..

ويتجلى الانفتاح كترميز خاص، والسلطة كترميز عام، بشخصية “سلطان”، المساعدة لعبد المهيمن، القاطن اسمه ترميز لتلك الهيمنة، باعثًا فى البنية الروائية للنص عنصر إضافى هو التأريخ الرمزي.

هكذا يمارس النص فعل التعرية، بممارساته المباشرة وفعل الترميز، ليس كثنائية، لكن كأساسات للبنية يتضفروا، ليهبوا النص عدة رؤى تحقق البنية الدلالية، تعرية المجتمع هنا تتجلى فى ثنائية الخاص والعام حيث ثنائية السلطة والحرية، وتعرية المجتمع بطبقات دلالية تستقرأ مفاهيم المجتمع، فالمجتمع فى معناه المجرد يقهر شخوصه من بداية النص، فينادى أبناء بلدة البطل باسم أمه، كإهانة، ولا يجد إلا الخيال كانتقام، والخيال والانتقام مفاهيم إنسانية خاصة.

كما يستنطق النص المجتمع بتعريته، فيطرح مروية عن أحد تجار الدين، وأبناء الرأسمالية والتجارة الدينية، وناشرى الأصولية والدوجمائية، الجمود الفكرى الديني، وهو ما يتجلى بطرح مباشر للفضاء الدلالي، وطرح سيمائى ترميزى لها.. فعل التعرية يظهر فى بنية النص الروائية منذ بدايته، على مستوييه الاستقرائيين بين الخاص/ العام، فيصل التعرية إلى اقتفاء الهامش، من بداية النص، سواء فى المتن، أو هامش النص ذاته.
يحاكى النص ذاته بفعل التعرية، المنبثقة فى سردية ضمير الأنا، وكتابة المذكرات، كأنه يحقق ذاته بتحقق جملة سردية ذكرت من الصوت السردى للراوي:

« حين يظن الكائن أن تلك الآلة السحرية ستمسك بتلابيبه من الداخل وتعريه، يتملكه بعمقٍ شعور الفضيحة، فتتجلى، فى جزء من الثانية، حيله جميعها فى محاولة متعجلة لإخفاء ما يخشى، وإظهار ما يحسبه مبهرًا أو مدعاة للفخر.»

ذلك الترميز يظهر، أيضاً، فى محاولة للاستنطاق التجريب كتابع لبنية الشخصية، فالبنية الروائية للنص تتسم بفعل التشظي، مبعثرًا كلاسيكية البناء الدرامى بمستويات عدة لاستقراء التجريب، بداية من تشظى المروية، حتى تداخل الأصوات السردية، والإفصاح بفعل التعرية فى تصور مادى له بكتابة صفحات بخط اليد.

التشظى يتبع بنية شخصية تمثل ثنائية السلطة والتمرد فى تحقق ذاتها، بين صوت ذاتى يراودها كمرآة الفصح تمثل مرآة سردية وحوارية، صوت يتمثل فى أجزاء من النص فى تشظى بنية الأحلام عند شخصية “مراد”، وأحيانا فى صوت سردى موازى للصوتين السرديين، الراوى العليم وضمير الأنا، ويتحول لمونولوج حوارى يهب النص بناء دلالى أكثر مباشرة.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات