الأحد, مارس 9, 2025
Dawen APP
الرئيسيةمقالات“الاختباء في عجلة هامستر”.. نجاة أم خطيئة؟!

“الاختباء في عجلة هامستر”.. نجاة أم خطيئة؟!

شيماء مصطفى (نقلا عن موقع نقد X نقد)

ببنية نصية اعتمدت على السرد المقارن يشاركنا عصام الزيات منجزه الأحدث ” الاختباء في عجلة هامستر” الصادر عن دار دوّن للنشر والتوزيع 2025 .

تدور أحداث الرواية حول جريمة قتل في قرية صغيرة بمحافظة الأقصر تسمى “عزبة جهنم ” حيث قتل زوج يدعى عجايبي زوجته إنچي بعد ضبطها في حالة تلبس أثناء التقاطها صورة لها بوضعية نصف عارية ، وفي الجانب الآخر من السرد يتواجد عمران الذي يعمل طبيبًا نفسيًّا ، إذ تم انتدابه من طنطا للعمل في مستشفى عزبة جهنم فيكون له الحضور الطاغي على الأحداث.

استند عصام الزيات في تأطير الرواية على المرجعية الواقعية، إذ ينتمي العمل للأدب الاجتماعي والزمن الآني حتى ولو لم يحدده بشكل صريح، كما أن شخصياته أناس عادية من لحم ودم ، يقضون حياتهم في كد وسعي لتوفير قوت يومها، أناس نصادفهم في الواقع يشبهوننا ونشبهم،
فعجايبي الشاب الجامعي المجتهد، والأول على دفعته في كلية الهندسة تعرض للاضطهاد على يد أحد الأستاذة الجامعيين ليفصل نهائيًّا من الجامعة، ثم تتابع عليه اللعنات فينتهي مصيره كسائق ميكروباص، قبل أن يتحول إلى قاتل.
وعمران الطبيب النفسي الذي ترك زوجته وصغاره في طنطا للعمل في عزبة جهنم ما هو إلا آلة صرف بالنسبة لزوجته .
يدور الصراع ببؤرته المركزية بين الشهوة بكل مستوياتها وبين النفس البشرية المتعطشة للوصول لمنطقة آمان، فنجد انتصار شهوة السلطة في صراع عجايبي وأستاذه الجامعي الذي استغل نفوذه فتسبب في فصله من الجامعة فقط لأنه نام في محاضرته من فرط الإرهاق والتعب، فكان العقاب أكبر من الفعل، وانتهكت أحلامه وأحلام أسرته عبثًا.

للقراءة| رواية أشباح مرجانة.. مزيج الواقعية والرمزية لمواجهة تحديات الأجيال المتعاقبة


وانتصار شهوة السلطة والمال متمثلة في السبع والغروباي والعقيلي في المستشفى على المستضعفين من مرضى وعاملين، فاغتصبت أجسادهم ورواتبهم.
وشهوة الأمومة متمثلة في الأستاذة إيناس التي تسبب هوسها بنجلها لوضع اسم عمران في قائمة المنتدبين لعزبة جهنم بدلًا عن آخر فقط لأنه يحمل اسم ابنها.
وانتصار شهوة عمران على مهنيته كطبيب حين تمادى مع الحالة بدلًا من تقديم الدعم لمريضة دفعها للولوچ لباب الخطيئة ، فكانت حياتها الثمن، وشهوة التطلع لحياة مثالية دفعت نسرين زوجة عمران للتعامل معه كآلة مصرفية تقدم لها المال متى احتاجت، وشهوة حب الألقاب جعلت أسرة عجايبي وعمران ينفقون أموالهم ويضاعفون ساعات عملهم من أجل أن يسبق اسم ابنهم بلقب طبيب أو مهندس، وكأن اللقب يعصم ابنهم من الخطيئة والعوز ، لا يعلمون أن من بين الأطباء والمهندسين من هم فاسدون كالعقيلي والغروباي والسبع والأستاذ الجامعي.

” كبـركان من الحُب مغلّـفٌ بالخجَل.. وأنها سـتكون أعظم زوجةفي العالم لو كان حظها في زوج يعرف كيف يستخرج هذا الجمال منهـا، وأن شـفتيها شـهيتان، تبـدوان …..”

رسم عصام الزيات من خلال بطليه عجايبي وعمران لوحة فنية لواقع مرير تغتصب فيه الأحلام قبل الأجساد ، ويدفع فيه الأبناء ضريبة تطلعات الآباء، ورغم ذلك لا يمكنك بدقة أن ترصد من الجاني ومن الضحية، فالجاني في منطقة هو ضحية في منطقة أخرى.

ولعل أخطر ما تم طرحه في العمل يكمن في أن القاتل كان يومًا ما شخصًا مُسالمًا ، والقتيلة نفسها لم تكن إلا فتاة بسيطة وزوجة عادية من بيئة محافظة ، حتى عمران نفسه لم يظهر منه أي سلوك يوشي بانحرافه، لكنهم جميعًا وقعوا في الغواية في الوقت نفسه .

فقد استعرض الزيات من خلال الخلفية الاجتماعية والتعليمية للبطلين الفساد في بعض المؤسسات الحكومية.

القارىء لـ ” الكلب الذي رأى قوس قزح” و ” الاختباء في عجلة هامستر” سيجد أن هناك تواشج واضح بين العملين.
حيث أوشى الزيات من خلال عدة رموز وعلامات بوجود رابط بين عمله الأول ” الكلب الذي رأى قوس قزح” وعمله الجديد ” الاختباء في عجلة هامستر”


إذ حمل الغلافين عدة مفارقات فالسيد عزت بطل روايته الأولى يدير ظهره للمرآة فيظهر بجسد رجل ورأس غراب، أدار ظهره ولم تظهر المرآة انعكاس لظهره بل انعكاس لفراشة وهي تحمل في مدلولها رمزية للحرية، فظل السيد عزت أسير لأفكاره، مشتتًا بين أزمة النسب وأزمة الهوية ، أما غلاف الاختباء في عجلة هامستر فقد تضمن قفصًا للهامستر مفتوح لكنه دون عجلة، أما عن المرآة فإذا دققنا النظر يبدو الرجل في صورته الحقيقية وبلون بشرته الناتج عن الطبيعة الجغرافية والمناخ القاسي في الجنوب نتيقن أنه عجايبي لكن إذا نظرنا لانعكاس الصورة سنجده عمران إذا ما رفعنا بصرنا تجاه منطقة الرأس ، إذ أن عمران وحده الذي استخدم نظرية عجلة الهامستر وخرج بها من إطار النظرية لمغامرة التطبيق، فكانت النتيجة أن عجايبي بنى حياة كاملة مع إنچي بأفكار عمران، أو بالأدق كذب عمران، ولهذا كان منطقيًّا أن ينظر عجايبي في المرآة فنرى عمران وليس عجايبي، ولزيادة التلاعب الذي يجعلنا نشك أن عمران من يقف بالصورة، البدلة التي يرتديها، ولكن لون البشرة يوشي بأنه عجايبي.
أما عن الشيزلونج  ـ وإن كان لا يتسق مع كون المستشفى الحكومي لا يوجد به شيزلونج ـ والطائر الصغير ما هو رمزية لإنچي زوجة عجايبي والتي تم متابعة حالتها في البيت لا في المستشفى، التي راحت ضحية أهلها وعادات وتقاليد بيئة قبل أن تكون ضحية أكاذيب واستغلال عمران وعجايبي.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات