السبت, يونيو 14, 2025
Dawen APP
الرئيسيةريفيوهاتالرواية التي لا تُنسى.. قراءة في "الاختباء في عجلة هامستر"

الرواية التي لا تُنسى.. قراءة في “الاختباء في عجلة هامستر”

إسراء باهي نقلا عن جروب مكتبة وهبان

كان هناك في التسعينات برنامج شهير يُدعى “حدث بالفعل”، وللأسف لا أذكر حلقاته ولا حتى تتر البداية، لكنه كان يُعرض على التلفزيون، ولا يزال عنوانه في الذاكرة، لكونه ضمن عدة برامج تمثل جزءًا كبيرًا من طفولة جيلي.

وقد تناول هذا البرنامج قصصًا واقعية وغريبة في آنٍ واحد، ورواية “الاختباء في عجلة هامستر” للكاتب عصام الزيات، والصادرة عن دار دوّن للنشر والتوزيع، تندرج ضمن هذه النوعية بشكل كبير.

وكما أن هناك “حدث بالفعل” قديمًا وحديثًا، و”حدث في مثل هذا اليوم”، فهناك أيضًا من ابتكاري: “حدث أن قرأت”. وقد حدث فعلًا أن قرأت في العام الماضي رواية بعنوان “الكلب الذي رأى قوس قزح”، وبرغم غرابتها، إلا أنها علقت بذهني، كما علق اسم المؤلف، حتى عدتُ ورأيتُه على غلاف رواية أخرى، وسريعًا ما وضعتها ضمن خطة القراءة.

وهنا كانت المفاجأة! لقد فاقت سابقتها جمالًا وصدقًا. ولم أضع في اعتباري كتابة مراجعة عنها في وقتها، ولكنّي، رغمًا عني، دوّنت أقل من القليل أثناء القراءة. وبعد فترة، وأنا أدور بين كتاباتي، وجدتُ أنها تستحق المزيد.

 فدوّنتُ شبه رسالة إلى قارئ آخر مجهول الهوية، فحواها:
مخطئٌ أنت إن ظننت أن الرواية وشخصياتها ستخرج من تفكيرك بضغطة زر، تلقائيًا، بمجرد أن تصل إلى كلمة “تمت”.

عصام الزيات رواية الاختباء في عجلة هامستر

وللعلم، حين وصلتُ إليها، وجدتني غير راغبة في الرحيل. مخطئٌ أيضًا إن ظننت أن بدء قراءة عمل آخر هو الحل المثالي لنسيان ما سبق، فبعض الأعمال، بعد قراءتها، تترك ندبة في الروح لا تمحوها الأيام.

أجل، ذكرتُ في مراجعات سابقة أن هناك بعض الأعمال كُتِبت لتبقى في الذاكرة، ولكن لنقل إنني هنا أزيد البيت شعرًا كي أصل إلى اليقين.

تدور أحداث العمل ما بين القاهرة والأقصر، عن شخصيتين من المفترض ألا تتشابك حياتهما، ولكنها الحياة وألاعيبها غير المتوقعة التي تفاجئنا. فتتوالى فصول العمل ما بين عجايبي، الطالب الذي تمنى الالتحاق بكلية الهندسة، وانقلبت حياته رأسًا على عقب، وبين عِمران، الطبيب النفسي الذي تم نقله للعمل كطبيب عام.

تقبلتُ كقارئة انتقالات السرد ما بين الماضي والحاضر، وما بين عجايبي وعِمران. ويُعد من نقاط القوة في العمل الفصل بين الشخصيات، لكنه، في واقع الأمر، لم يفصل بين الأزمنة بأي شيء مادي، لكن عقلي تمكّن من الفصل بينهم، وكأنه رسم خط غرينتش وهمي بين الأزمنة؛ الخط الذي لا يوجد إلا على الخرائط، ولن نراه على الأرض.

تميّز أسلوب العمل بـالسهل الممتنع، وبالسلاسة التي يبذل المؤلف مجهودًا عظيمًا كي تصل للقارئ ببساطة. فأحداث العمل تُشبه أمواج البحر في تنوّعها، فتارة ترفعني، وتارة أخرى تأتي أكثر هدوءًا، وأجمل ما في البحر أن كليهما ممتع.

تمكّن المؤلف بنجاح من ضبط حبكة العمل، رغم أنها قد تبدو للبعض قصة اعتيادية تحدث للكثير، لكن قدرته على وصف المشاعر الإنسانية المعقّدة هي ما جعلت العمل متميّزًا، وأيضًا جودة اختياره لفكرة عجلة الهامستر وبلورتها داخل الأحداث ببراعة.

جاءت نهاية العمل صادمة للغاية، وفي ذات الوقت واقعية حد الألم. فلا يمكن رفضها أو استبدالها بنهاية أخرى أفضل.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات