السبت, نوفمبر 23, 2024
Dawen APP
الرئيسيةمقالاتالمهرجانات الثقافية.. بين الجهود الذاتية ومحاولة خلق أفق جديدة للإبداع

المهرجانات الثقافية.. بين الجهود الذاتية ومحاولة خلق أفق جديدة للإبداع

حالة من الانتعاشة تشهدها الساحة الأدبية في مصر خلال العشرة سنوات الأخير، خاصة في الفعاليات الثقافية والمعارض التي انتشرت في محافظات عدة، وصاحبها اهتمام كبير بالقراءة وتغيرات متسارعة في سوق الكتب وصناعة النشر، وتزايد المنصات الثقافية المعنية بخلق حلقات وصل بين أطراف العملية القرائية الثلاثة (الكاتب – الناشر – القارئ).

نرشح لك: بالأرقام.. حصاد الدورة الأولى لمهرجان دواير الثقافي

خلال السنوات الماضية أصبحت المهرجانات الأدبية حاضرة بقوة في المشهد الثقافي المصري، وتنوعت اهتماماتها وأهدافها، وتباين تأثيرها على الحياة الثقافية في مصر وعلى الحالة الإبداعية بشكل عام، وفي هذا التقرير نرصد أبرز المهرجانات الثقافية التي أقيمت في مصر خلال السنوات الماضية.

مهرجان القراءة للجميع

يعد أبرز المشاريع الثقافية التي أطلقت في مطلع التسعينيات، حيث ولدت فكرة المهرجان خلال مؤتمر الاتحاد الدولى للناشرين الذي عقد في لندن عام 1991 حيث نوقشت به ظاهرة مكتبات الأطفال في مصر والدور الاجتماعى والثقافى الذي يمكن أن تلعبه في حياة الطفل، تحولت الفكرة إلى مشروع ماجستير للسيدة سوزان مبارك بعد أن تنبتها بنفسها.

كان أول احتفال لهذا المهرجان عام 1991 في مكتبة عرب المحمدى وتحت شعار «القراءة للجميع»، وفي عام 1992 ومع عام «طفل القرية» إنطلق المهرجان ليأخذ بعدا جديدا من الاهتمام بأطفال مصر عموما سواء بالمدن أو القرى، وافتتح المهرجان بقرية البراجيل وبدأت تجربة المكتبات المحمولة. وتحولت الفكرة إلى مشروع ماجستير للسيدة سوزان مبارك، قرينة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، بعد أن تنبتها بنفسها، ليتحول المهرجان إلى أهم وأكبر مشروع ثقافى تشهده مصر خاصة بعد افتتاح مئات المكتبات في محافظات مصر المختلفة مثل المكتبات المتنقلة ومكتبات الشاطئ لتوفير أكبر عدد ممكن من المكتبات العامة لكل أفراد الأسرة.


وفي عام 1994 قررت اللجنة العليا لمهرجان القراءة للجميع، إنشاء مكتبة الأسرة، ليحدث طفرة في فكرة وقوة المهرجان حيث دخلت الحملة القومية للقراءة للجميع مرحلة نشر الكتاب وعدم الاكتفاء بعرضه للقراءة في المكتبات العامة، وذلك بإصدار عدد من الكتب في مختلف المجالات وبأعداد لم تسبق في تاريخ النشر المصري، حتى يشيع مناخ جيد في الثقافة العامة المصرية، وقد ساهم هذا في توسيع نطاق المهرجان ليشمل الشباب والأسرة إلى جانب الطفل.

حقق المهرجان نجاحات كبيرة في التشجيع على القراءة والاطلاع بين جموع الشباب والمواطنين، وتوفير الكتب وإتاحاتها بشكل أكبر لكل أفراد الأسرة المصرية، كذلك نشر الوعي بالتراث العربي والإسلامي وذلك من خلال تقديم أعمال التراث. وكذلك تقوية الانتماء لدى الشباب بتعريفهم بمختلف مراحل التاريخ المصري، فضلا عن التعريف بثقافات وآفاق جديدة بعد ترجمة آلاف العناوين من لغات مختلفة إلى العربية. ووفر المشروع الأعمال الكاملة لرواد النهضة المصرية، أعمال رفاعة الطهطاوى (فى 5 مجلدات) وأعمال الأستاذ الإمام محمد عبده (فى 5 مجلدات)، وقاسم أمين (فى مجلد واحد)، هذا فضلًا على طباعة ونشر الموسوعات ذات الطبيعة النوعية، والأعمال الفكرية والتاريخية والثقافية الكبرى ذات الأجزاء المتعددة؛ منها على سبيل المثال أيضًا: «قصة الحضارة» لديورانت (فى 44 جزءًا)، وموسوعة «وصف مصر» لعلماء الحملة الفرنسية (فى 33 جزءًا شاملة مجلدات الرسومات واللوحات والخرائط)، وموسوعة «مصر القديمة» للأثرى الكبير سليم حسن (فى 18 مجلدًا بما فيها الجزءان المخصصان للأدب المصرى القديم وهما من أهم ما كتب فى هذا الموضوع)، وكذلك «الخطط التوفيقية الجديدة» لعلى مبارك (21 مجلدًا)، و«الأغانى» لأبى الفرج الأصفهانى (فى 24 مجلدا)، وغيرها من الأعمال لكبار الأدباء والمفكرين أمثال طه حسين ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس وغيرهم.

لم يكن تأثير مهرجان القراءة للجميع منحصرا فقط على مصر، بل اتنتقلت الفكرة لبلدان عربية شقيقة مثل الأردن والسعودية والإمارات بمسميات وأفكار مختلفة، لكن منذ عام 2010 ومع الاضطرابات السياسية التي شهدتها مصر وما تبعها من ثورتي 25 يناير و30 يونيو، توقف مهرجان القراءة للجميع وتم إهماله لسنوات، إلا أن هناك دعوات ومحاولات عدة لإعادة إحياء مهرجان القراءة للجميع بصورة عصرية تتناسب مع التغيرات التي طرأت على صناعة الكتاب في مصر.

مهرجان النشر الجماعي

بعد ما يقرب من عام من تأسيسها، أطلقت دار دوِّن للنشر والتوزيع، مهرجان النشر الجماعي، وذلك بالتعاون مع مركز التكعيبة الثقافي عام 2009، وذلك في محاولة لمساعدة للأدباء الشباب، الذين لم يسبق لهم النشر في مجالات الرواية والقصة القصيرة والشعر بفرعيه الفصحي والعامية لنشر أعمالهم، ومحاولة إعطاء الفرصة لظهور أسماء وتجارب أدبية جديدة.

الفكرة جاءت نتيجة المعاناة التي يواجهها كثير من الشباب في نشر اعمالهم الادبية، وذلك بعد تعنت بعض دور النشر ورفضها لنشر أعمال لأسماء جديدة، واقتصارها على نشر أعمال كبار الأدباء وأصحاب الجماهيرية الكبيرة، حيث تطلب بعض دور النشر من الكاتب الشاب أن يقوم بدفع جزء من تكلفة الكتاب، وهو ما كان يشكل معوقا أمام هذه المواهب، ليأتي مهرجان النشر الجماعي، لتخطي تلك المعوقات وحل بعض الازمات الناتجة عنها.

وشكل المنظمون للمهرجان سواء مركز التكعيبة الثقافي، كممول للمهرجان وتكلفة النشر للأعمال الفائزة، ودار دوِّن كناشر لهذه الأعمال، لجنة قراءة للأعمال المقدمة يرأسها الكاتب الراحل الدكتور نبيل فاروق، لتكون مهمتها الاولي توجيه الكتّاب الشباب إلى بعض أخطائهم لتفاديها في الكتابات المقبلة، فضلا عن اختيار الأعمال الفائزة والتي سيتم نشرها تحت رعاية المهرجان.

مهرجان تبادل الكتب

في عام 2009 أطلقت دار دوّن للنشر والتوزيع بالتعاون مع ساقية الصاوي بالزمالك، معرض تبادل الكتب المستعملة، والذي يعد الأول من نوعه في الوطن العربي، وكان الهدف منه تشجيع القراء على استبدال الكتب وعدم سجنها في المكتبات الخاصة، والمساعدة في نقل المعرفة من شخص لآخر، من خلال إتاحة الكتب بنظام المقايضة، بين المشاركين.

لم يقتصر المهرجان على تبادل الكتب بين الأفراد فحسب، بل شارك في المهرجان عدد من دور النشر، بتقديم كتب بعروض وأسعار مخفضة للقراء، فضلا عن إقامة العديد من الندوات وحفلات التوقيع على هامش المهرجان.

امتد المهرجان لمحافظة الإسكندرية بعد تبني مكتبة الإسكندرية للمهرجان، وإقامته داخل قاعاتها، بمشاركة عدد من دور النشر المصرية، فضلا عن عرض مجموعة من الكتب النادرة التى نفدت طبعاتها من الأسواق ولم تعد متوافرة فى المكتبات، وتنظيم مسابقات على هامش المهرجان.

شارك في المهرجان العديد من كبار الكتاب والأدباء والفنانين، من بينهم الدكتور نبيل فاروق وإبراهيم عبد المجيد والدكتور عمار على حسن وعمر طاهر والفنان خالد الصاوى، وغيرهم، وسط حضور جماهيري كبير.

مهرجان شباب الأدباء

في خطوة فريدة من نوعها تهدف لإتاحة الفرصة أمام شباب المبدعين، والتحرر من القيود والتغلب على التقليدية، نظمت دار دوِّن للنشر والتوزيع في مايو 2013، مهرجانًا ثقافيا بالتعاون مع ساقية الصاوي، وبمشاركة العديد من الكتاب والفنانين ودور النشر.

المهرجان بمثابة ملتقى للأدباء والمبدعين وصناع النشر يقام خلاله العديد من المناقشات والمحاضرات التي تهدف إلى دعم شباب المبدعين وتبادل الخبرات وإيصال صوتهم ومواهبهم لصناع النشر والمهتمين بالشأن الثقافي، يتخلله عدد من حفلات توقيع الكتب، كما يتم توزيع العديد من النسخ من الكتب والأعمال الأدبية الصادرة حديثًا بالمجان للحضور.

حاز المهرجان إشادات عدة من المهتمين بالمشهد الأدبي، وأتاح الفرصة للتعرف على عشرات من الأصوات الأدبية الشابة المميزة، خلال دوراته الثلاثة، كما شارك في المهرجان أسماء لامعة على رأسهم الأديب الكبير الراحل بهاء طاهر، والراحل الدكتور أحمد خالد توفيق، والكاتب والمستشار أشرف العشماوي والناشر شريف بكر وغيرهم من الأدباء والفنانين، كما تضمن برنامج المهرجان مشاركة العديد من الفرق الغنائية والحفلات الشعرية.

مهرجان دواير الثقافي

فعالية مصرية مستقلة أطلقت هذا العام بالتعاون بين مكتبة ودار تنمية، ونظيرتها ديوان، وتهدف إلى خدمة القارئ وسد احتياجه للمعرفة، وتم إطلاقها برعاية عدد من الشركات المصرية، وهي شركة “مدينة مصر” للتطوير العقاري، وشركة الإسماعيلية للاستثمار العقاري المتخصصة في ترميم المباني التراثية في وسط البلد، وفندق فيرمونت نايل سيتي، بالإضافة إلى مؤسسة “ستار كير إيجيبت” غير الربحية المختصة بتوفير المساعدة الغذائية والرعاية الطبية والتعليم للأطفال والمحتاجين.

أقيمت فعاليات الدورة الأولى من المهرجان في الفترة من 6 يوليو 2023 واستمر المهرجان لمدة 10 أيام، وانتهت فعالياته 15 يوليو الماضي، وذلك في سينما راديو بوسط البلد. وكانت رسوم الدخول للمهرجان 20 جنيها، بينما دخول الأطفال أقل من 12 عاما مجانا. وشاركت أكثر من 25 دار نشر عربية ومصرية وما يزيد عن 25 فعالية ثقافية، شارك فيها عدد من أبرز المبدعين المصريين والعرب، من العراق والمغرب والكويت وسوريا والسعودية. إذ شارك في الفعاليات الشاعر والروائي العراقي سنان أنطون، والباحث والكاتب المغربي عبد الإله بن عرفة، والكاتبة الكويتية بثينة العيسى، والمخرج السعودي علي سعيد والكاتب والناقد السعودي طارق الخواجي، والكاتب السوداني حمور زيادة. فضلا عن عدد من أبرز الكتاب والمبدعين المصريين المشاركين في الندوات منهم الأديب الكبير إبراهيم عبد المجيد وعزت القمحاوي وعبلة الرويني ومنصورة عز الدين وميرال الطحاوي ومحمد عبد النبي وإيمان مرسال وأحمد فوزي صالح وكريم جمال وفيروز كراوية وأسامة الشاذلي وساندرا سراج ونهى داود وبلال علاء ومحمد شوشة ود. نبيل القط.

تضمن المهرجان معرضًا للكتاب الأصلي، بالإضافة إلى معرض موازي للكتاب المستعمل يضم ما يزيد عن 3000 كتاب في مختلف المجالات. وشهد إقبالًا على الكتب سواء الصادرة حديثًا أو المستعملة، حيث وفر المهرجان تخفيضات وصلت إلى 50% على بعض الكتب.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات