الخميس, نوفمبر 14, 2024
Dawen APP
الرئيسيةمقالاتحسين عبد البصير يكتب: "الرجل الذي أراد أن يكون" رواية البحث عن...

حسين عبد البصير يكتب: “الرجل الذي أراد أن يكون” رواية البحث عن النجاح

تدور رواية “الرجل الذي أراد أن يكون” للكاتب المبدع المستشار وائل السيد علي، والصادرة عن دار “دوّن” الرائعة في عام 2024، حول شاب طموح يدعى “رائف”، يحلم بالنجاح وإثبات ذاته في عالم لا يمنحه الراحة. 

يكره رائف الروتين بكل تفاصيله، وينفر من فكرة العيش حياة تقليدية. يسعى دائمًا إلى تحقيق شيء أكبر من نفسه، ولكنه يعاني من الشعور بالاختناق بسبب عمله الروتيني الذي لا يرى فيه أي تحدٍ أو معنى. يجد نفسه عالقًا بين طموحاته ورغبته في كسر هذا الروتين القاتل وبين ما يفرضه الواقع عليه من التزامات ومسؤوليات.

يبدأ رائف رحلته الروائية من داخل جدران مكتبه، حيث يعمل في دراسة القضايا الاجتماعية التي تحيلها محكمة الأحوال الشخصية إلى المكتب الذي يعمل به. تأخذه تلك القضايا إلى عمق مشاكل المجتمع، مما يدفعه إلى التفكير العميق في حياته الخاصة. يرى في كل قضية يتناولها انعكاسًا لما يعيشه من تحديات وضغوط، ويبدأ رويدًا رويدًا في ملاحظة أوجه الشبه بين مشاكل الآخرين وما يعانيه هو شخصيًا.

للقراءة| سمر عبد العظيم تكتب: الآلهة لا ينقشون على الحجر

رواية الرجل الذي أراد أن يكون

يفشل رائف في الحفاظ على علاقته بحبيبته التي كانت تمثل له ملاذًا من الواقع الصعب. يسعى للحفاظ على الحب الذي يربطه بها، ولكن تصادمه الدائم مع الروتين الذي يطارد حياته يمنعه من تقديم ما يكفي للحفاظ على تلك العلاقة. يجد نفسه في صراع دائم بين العمل الذي يمقته وبين الرغبة في الحب، مما يدفعه إلى اتخاذ قرارات متسرعة تؤثر على مستقبله العاطفي.

في الوقت الذي يفشل فيه في حب حياته، يجد نفسه مغمورًا في العمل الذي كان يكرهه. تتوالى عليه القضايا، وتتزايد المسؤوليات، حتى يصل إلى نقطة يكتشف فيها أن هذا العمل الذي طالما اعتبره بلا معنى، قد غيّر حياته بشكل لم يتوقعه. يبدأ في رؤية عمله من منظور جديد، حيث يلاحظ أن كل قضية درسها قد ساعدته في فهم الحياة بشكل أعمق، وفهم مشاعر الناس واحتياجاتهم، وكذلك فهم نفسه.

من خلال هذا الاحتكاك اليومي بمشاكل الآخرين، يكتشف رائف شيئًا مهمًا عن نفسه وعن معنى النجاح. يدرك أن النجاح ليس بالضرورة تحقيق الأحلام الكبيرة والبعيدة عن الواقع، بل قد يكمن في الأشياء الصغيرة التي نغفلها في حياتنا اليومية. يكتشف أن سعادته الحقيقية لم تكن مرتبطة بمقدار المال أو المنصب الرفيع، بل بالقدرة على التأثير في حياة الآخرين بطريقة إيجابية.

يجد رائف نفسه في تلك الرحلة العميقة، ويتعلم كيف يحكم على الأمور بواقعية أكبر. يتعلم كيف يوازن بين طموحاته الشخصية وما يتطلبه منه الواقع. يدرك أن النجاح ليس طريقًا واحدًا، بل هو مجموعة من الطرق المتفرعة التي يمكنه السير فيها إذا تعلم كيف يتقبل تحديات الحياة ويستغلها لصالحه.

تُظهر الرواية كيف يمكن للإنسان أن يجد النجاح في الأماكن التي لم يكن يتوقعها، وكيف يمكنه أن يعيد تشكيل حياته بناءً على التجارب التي يعيشها. من خلال معاناة رائف، نتعلم كيف يمكن للحياة أن تكون معقدة وغير متوقعة، ولكنها تحمل دائمًا فرصًا للنمو والتغيير إذا كنا مستعدين لرؤية الأمور من زاوية مختلفة.

يمر رائف بتجربة فقدان عزيز عليه، وهو الحدث الذي يقلب حياته رأسًا على عقب. يتأرجح بين اليأس والرغبة في المضي قدمًا، ولكنه يجد في داخله القوة التي تجعله يستمر. يدرك أن الفقدان جزء من الحياة، وأنه يمكن أن يكون دافعًا لتحقيق الذات وليس عائقًا.

في النهاية، تسرد الرواية قصة تحول رائف من رجل ناقم على الحياة إلى شخص قادر على رؤية نجاحه الحقيقي في تفاصيل حياته اليومية. يفهم أن النجاح ليس فقط في الهروب من الروتين، بل في القدرة على التعامل معه بذكاء وإيجابية. يتعلم أن السعادة ليست بالضرورة في تحقيق الأحلام الكبيرة، بل في القدرة على إيجاد الرضا في كل ما يقوم به.

تسلط الرواية الضوء على فكرة أن السعادة والنجاح ليستا محددتين بنمط حياة معين، بل هما تجربتان شخصيتان تختلفان من شخص لآخر. ومن خلال قصة رائف، تدعونا الرواية إلى إعادة التفكير في مفهوم النجاح والسعادة، وكيف يمكن لهما أن يتجليا بطرق غير متوقعة.

تظهر الرواية أيضًا كيف يمكن للحياة اليومية أن تكون مليئة بالمعاني والدروس إذا كنا مستعدين لاستخلاصها. تتناول مشاكل العلاقات الشخصية، والضغوط المهنية، والتحديات النفسية التي يمر بها الإنسان في حياته العادية، وتعرض كيفية التعامل معها بطريقة تمكنه من النمو والتطور.

من خلال تطور شخصية رائف، نتعلم أهمية التكيف مع الواقع والقدرة على إعادة تقييم ما نعتبره فشلًا أو إخفاقًا. الرواية تشجع القارئ على البحث عن النجاح في تفاصيل حياته، وعلى التعامل مع تحديات الحياة كفرص للتعلم والتغيير.

في النهاية، تبقى رسالة الرواية واضحة: الحياة ليست سهلة، ولكنها مليئة بالفرص لمن يملك الشجاعة للنظر إلى الأمور من زاوية مختلفة.

شكرًا جزيلاً للكاتب المبدع المستشار وائل السيد علي، ولدار “دوّن” الرائعة على هذه الرواية الجميلة، التي نفتقدها، هي وشخوصها وعالمها ومفرداتها، بشدة في عالم الرواية المصرية والعربية في عالمنا المعاصر.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات