السبت, يونيو 14, 2025
Dawen APP
الرئيسيةريفيوهاتنور كموج البحر.. بين ألم الماضي والتعايش مع الحاضر والزهد في المستقبل

نور كموج البحر.. بين ألم الماضي والتعايش مع الحاضر والزهد في المستقبل

زهراء إسماعيل نقلا عن جروب مكتبة وهبان

في روايته الأحدث “نور كموج البحر” الصادرة عن “دار دون للنشر والتوزيع” يناقش معنا الكاتب محمود عبد الشكور، العديد من الموضوعات الإنسانية بشكل مركز وسريع للغاية، ففي روايته متعددة الأبطال والأصوات كانت الأسئلة دوماً حاضرة، ولكن هل تعطينا الحياة كل الإجابات المشتهاة؟ لا أظن أن أحدنا يملك هذا الحظ؟

“دفعت تمن تجاربي كاش يا كرمة، كانت روحي تنزف طوال الوقت، ولكني أدرك الآن أن الحياة صراع بين ما نحلم به وما تسمح به أقدارنا، هذا خلاصة ما تعلمته من الضباب”

يستيقظ الكاتب “زهدي الشاعر” الكاتب يوماً فيكتشف أن الحياة أصبحت باللون الأسود، هكذا وبدون أي مقدمات حكم عليه بالعمى المؤقت، كرد فعل تلقائي من شخص قليل الأصدقاء ووحيداً إذ لم يسبق له الزواج، استعان بصديقه “حمام بهجت” صديقه الوحيد تقريباً، الذي سرعان ما استنجد بصحفي شاب “بيتر مجدي” في محاولة لمعرفة سبب العمى المفاجئ للصديق القديم.

في اتجاه موازي تسعى “كرمة رأفت” للتعرف عن قرب على “زهدي” الذي يقابل المحاولة اللطيفة بجفاء وقسوة غير مبررة، في الوقت نفسه الذي يستميت الصديقان “حمام و بيتر” في رأب الصدع ومحاولة تقريب وجهات النظر، تكتشف كرمة أن الأمور أعقد بكثير مما تصورت، وأن الغضب ليس موجهاً لشخصها على الإطلاق، ترى.. ما القصة؟ ولم تدفع “كرمة” فاتورة أفعال لا تخصها؟

“عليك أن تقاتل في أخر معارك العمر، لا اختيار ولا مهادنة، لا هروب إلى الوراء، ولا معنى أن تظل في هذه السن أسير نداء الطفولة من أمك (تاتا خطي العتبة)”

بهذه المرارة يصف “زهدي” حياته في أواخر رحلة العمر، فجأة يجد نفسه في مواجهة قاسية مع أكبر صدمات شبابه والتي ظن أنه تجاوزها بالفعل، حتى ظهرت “كرمة” وانفتح الجرح الأكبر، بدأت محاولات التأقلم من جديد.

يمثل “زهدي” بالنسبة لي ولقراءتي للعمل مأساة جيل كامل، جيل حكم عليه بالصعود بالأدب إلى مستوى جديد، في نفس الوقت تجرع مرارة الفقد والأمنيات المستحيلة والمتحولة إلى سراب كامل أمام عيون أغلبهم، يرى زهدي أحلامه محققة على يدي غيره، أمنياته مرهونة بظروف شخصية مجبر على تحملها، فكان الزهد في كل شيء، حتى الأحلام.

“نحتاج إلى بعض التواضع كي نستمتع بالحياة، نشعر أكثر، نفكر أقل كما قال شابلن المهرج الحكيم”

“كرمة” التي ما أن تجاوزت الرفض الأول، بمساعدة “بيتر وحمام” كان اللقاء الثاني والدافئ للغاية مع “زهدي”، تجد كرمة نفسها فجأة مسؤولة معنوياً عن هذا الثلاثي الغريب، و وسط كل هذا الجنون، تجد نفسها أخيراً، تتعرف على أحلامها من جديد.

تكتشف كرمة مع الوقت مآساة حياة شكري، كما تكتشف أن حياتها تبدو من الخارج مبهرة ومفعمة بالألوان والأمنيات، بينما تشعر هي بالخواء الكامل، تعيش أياماً بلا هدف وبدون حتى محاولة الحلم، حتى ظهر الثلاثي وبدأت حكايتها من البداية.

أجاد الكاتب التلاعب بأحداث العمل والشخصيات على طول الرواية، فلم أحب زهدي في البداية مطلقاً بل وتعجب من كونه بطل الرواية بكل هذه الكآبة غير المبررة والتصرفات غير السوية، ثم ما لبثت أن أشفقت عليه مع تطور المرض والوحدة الشديدة التي يعيشها، ثم أحببته من كل قلبي وشعرت بالحزن مع انتهاء صفحات الرواية، براعة شديدة من الكاتب.

أما كرمة فكانت شخصية أيقونية، أحببت للغاية صراعها مع نفسها ثم مع المجتمع لإثبات ذاتها والعيش وفقاً لطريقتها الخاصة، خاصة مع عدم التسبب في أذى لشخص آخر…مجرد أنها أصبحت نفسها وكفى.

جاءت شخصية حمام بهجت دافئة للغاية، شخصية تبدو للوهلة الأولى عادية بل ومملة، ولكن ما تلبث إلا أن تقع في حبه بكل الطيبة والزهد وإيثاره لصديقه، شخصية ربما تراها بشكل اعتيادي حولك، ولكن قل من يجدها بحق.في المجمل.. نحن أمام عمل إنساني، يناقش قضايا جيل مهم ومؤثر، ويناقش العديد من القضايا الإنسانية والنفسية بتركيز مدهش.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات