تعاني فلسطين من قسوة الاحتلال.. وسط صرخات ملايين الفلسطينيين دون أن يلتفت العالم، كأن لا آذان له. صمت يقتل قلب فلسطين، صمت يقتل المئات والآلاف.
في شهر يونيو الجاري وبعد مرور 9 أشهر من الحرب على غزة، لا زال الصمت حاضرا.. تسلط مدونة دار دونِّ للنشر والتوزيع الضوء على فلسطين، وفيما يلي مشاركة للكاتبة إيمان جبل عن فلسطين تحكي خلالها عن موقف ذاتي تعرضت له في طفولتها ربط اسمها بفلسطين، وكانت قد نشرت إيمان ذلك الموقف في مقدمة كتاب “وقصص أخرى” عن فلسطين والصادر عن دار كتوبيا، وتعد تلك المرة الأولى التي يُنشر فيها الموقف إلكترونيا:
كانت بدايتي مع فلسطين بدايةً عنيفةً تحاول التحضُّر لتناسب طفلة في المدرسة الابتدائية. أخذتنا المُعَلّمة لقاعة العرض في صمت، شغّلتْ لنا مشاهدًا متتالية لمجازرٍ، عمليات قتلٍ حية، بيوت مُهدَّمة، أحياء مُدمَّرة. كل ذلك مع خلفية موسيقية لأوبريت الحلم لعربي.
ليس بإمكاني نسيان هجمة العنف ومشاعر الهلع التي سيطرتْ على حواسي. حاولتُ إغماضَ عيني، بكيتُ، نظرتُ إلى صديقتي الجالسة إلى جانبي، التقطتُ يدَها، أردتُ العودة إلى ماما، لأرمي عليها هذا الخوف، وأنتظر تحت يديها حتى ترفعهما لربّها وتنزلهما ممتلئتين بمردود الأمان فوق رأسي وظهري. لكن عودتي إلى البيت، إلى أمي ودعائها، لم تُهوِّن أثر العنف.
ربما ظللت لأعوام طويلة أحمل الغضبَ على المُعلمة التي قتلتنا بالصمت العنيف المصحوب بالموسيقى والكلمات الحماسية. المُعلمة التي قالت لي حينما لمحتْ دموعي “اسمك إيمان، وفلسطين مثل اسمك”.
اليوم، بعد كل هذه السنوات لا ألوم المُعلمةَ على طريقتها في تمرير العنف إلينا، في ربطه حتى بأسمائنا.
فالعنف لن يصل إلا بالعنف، على الأقل جمّلته لنا بلحن حماسي. الآن.. ووسط كل هذا الإحباط والخيبة والقهر، وبدون أي موسيقى أعيد ربط فلسطين باسمي، وأقول ماذا يبقى للإنسان بعد أن يفقد هويّته؟
لا أعرف ولا أفهم شيئًا عن سياسات سير العدالة الكونية، ولكن من المهم لي، لهويّتي، لإنسانيتي أن أؤمن بوجود عدالة، أن أعرِّف الحق، وأعيد تعريف نفسي من خلاله.