الأحد, ديسمبر 22, 2024
Dawen APP
الرئيسيةمقالاتباسم شرف: ولدت زمالكاويا في أسرة أهلاوية فكتبت عن الوحدة

باسم شرف: ولدت زمالكاويا في أسرة أهلاوية فكتبت عن الوحدة

باسم شرف: ولدت زمالكاويا في أسرة أهلاوية فكتبت عن الوحدة

الكتابة عن الألم صادقة وأقرب للقلب وسريعة التأثير في النفس

فكرت كثيرا في اعتزال مهنة الكتابة وكل مرة لا أستطيع .. هناك صوت داخلي يدفعني للأستمرار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الكاتب باسم شرف صنع لنفسه عالم خاص من تأملاته في فلسفة الوحدة .. باسم الذي أصبح أيقونة حقيقية لوسط المدينة في القاهرة .. الكاتب الذي يقضي جزء من يومه بلا انقطاع على مدار سنوات طويلة بين أروقة المباني العتيقة وجدران الشوارع وفي ثنايا حكايات المقاهي التي تضج بالصخب وتجعل القاهرة لا تتوقف عن الحياة ليل صباح، هو نفسه الكاتب الذي برع في وصف الوحدة والتغزل فيها .. ربما لو رأيت باسم شرف جالساً بين أصدقائه من الكتاب والشعراء في مقهى “غزال” بوسط البلد بالقاهرة .. ورأيت كل ذلك الحديث والمزاح والضحكات وأصوات ايقاع “كركرة الشيشة” مع رنين أكواب الشاي و”الصواني المعدنية” تقاطع بعض أبيات الشعر من أحد الشعراء، لن تصدق أنه هو نفسه الكاتب الذي سرد في معزوفة حزينة أثر الوحدة على الأنسان معتبرا الوحدة “مزاج الأنبياء” على حد قوله.. 

نحن أمام تجربة جميلة في عالم كتابة خاص، متحرر من القيود والحسابات والمعايير .. 

في ظل حظر التجوال الإجباري الذي وقع فيه كوكب الأرض كله بسبب انتشار فيروس كورونا .. لم أستطع مقابلة باسم شرف في مقهى “غزال” أو أي مقهى آخر .. لكن سنحت لي الفرصة محاورته أون لاين .. وكان حوارا شيقاً .. 

الكاتب باسم شرف، مبدأيا أنا ممتن لفرصة الحوار معك .. تجمعنا صداقة وود طويل، أريد أن أسألك أولا عن شيء ربما لا يعرفه عنك القراء .. لو طلبت منك تقديم نفسك بطريقة مختلفة عن التقديم المعتاد المعروف .. كيف ستقدم نفسك؟

 اسمي باسم شرف .. كاتب .. زمالكاوي في أسرة كلها أهلاوية .. تعودت الخسارات لذلك اغلب ما كتبت كان عن الخيبات .. انا موبينيل في أسرة كلها فودافون .. احب كتابة الادب لانه الشئ الوحيد الذي أملك فيه حريتي .. شاركت في كتابة حلقات مسلسل تامر وشوقية، وراجل وست ستات، وعالم سمسم .. ثروتي هي خمس كتب تمثلني كما أنا

ابتسم له وأسأله .. ولكن لو كان البيت كله زمالكاوياً أو انت كنت أهلاوي .. أقصد لو كانت ثقافة الاختلاف عن الآخرين لم تتوفر بالشكل الكافي في مرحلة مبكرة .. هل كانت اهتمامتك  ستتغير ؟  أو اختياراتك في الكتابة ؟ هل ربما كنت كتبت عن شيء غير الخيبات .. أدب بوليسي مثلا ؟  

– في الحقيقة أنني انتظرت من باسم المرواغة في إجابة هذا السؤآل .. لكن يبدو أنه كان واضحاً جدا مع نفسه لذلك لم تتأخر الإجابة وجاءت تلقائية وسريعة

يولد الإنسان وفي قلبه فريقه .. ولدت وفي قلبي الزمالك .. أسرتي حتما كانت ستكون أهلاوية .. لأنهم نمطين مثل باقي الأسر المصرية .. ابي لم يعترف بكوني كاتب او فنان الا عندما عينت في مبني التلفزيون .. وكنت قد قدمت اسمي كسينارست في أعمال ناجحة … عرفت لماذا افكر في كوني مختلف .. انا لم أكن شخصا ملتزما الا لطموحي .. لا يهمني ما يقال .. يهمني ما انوي تحقيقه .. أما عن الأدب البوليسي قريبا سيقدم للجمهور مشروع بوليسي مع كتاب صوتي .. انا كتبت للاطفال والكوميدي والاجتماعي .. لكن يستهويني الكتابة عن الخيبات، هي أقرب للقلب .. وسريعة التأثير في الكلمات ..

في كتبك الخمسة التي تعتبرها إرثك وإنتصارك .. حكيت عن الألم والخيبات والوحدة .. كيف تحول الكسر إلى خمس انتصارات لباسم شرف ؟

في البداية أنا اكتب لكي اعبر عن نفسي أولا .. لا افكر أن شخصا آخر سيقرأ ما اكتب .. افكر بلا قيود .. حتي استطيع ان اكون حر . لا اعرف أن الكتاب هذا سينتصر ويقرأه أناس مختلفون .. لا اعرف لماذا نجح كتاب معين .. الي الآن انا افشل في تقيم عملي وذوق القراء .. مثلا كتاب يا سلمي لم يكن كتابا سهلا بالمرة .. وجدته منتشرا بين القراء .. ووجدت جملا محفوظة منه ويرددها البعض مرة بالصوت ومرة بالكتابة .. انا قادر على تقيم اعمال كثيرة لغيري أما أنا فاشل تماما في تقيم ذاتي 

كنت اقصد من السؤال .. هل الألم كان دافع لتحقيق انجاز كبير زي انجازتك في الخمس كتب ؟ هل الألم الصادق ممكن يبقى الحافز الأكبر للكتابة ؟ 

بالظبط .. الصدق هو سبب الوصول .. الالم به ذاكرة مشتركة مع الجميع .. نحن ابناء الم جمعي .. بالتالي كان الدافع لكي اكتب

باسم شرف: في البداية انا اكتب لكي اعبر عن نفسي اولا ..

لا افكر أن شخصا آخر سيقرأ ما اكتب .. افكر بلا قيود .. حتي استطيع ان اكون حر

كتابك الأول “جزمة واحدة مليئة بالاحداث” كان عمل مسرحي .. هل  تعتبر إنه كان امتداد لعملك كسيناريست أو لعملك في الميديا ؟

أنا أعتبر كتابة المسرح مثل باقي أنواع الكتابة الأدبية. انا بدأت مسرحيا اعمل في فن المسرح كتابة وإخراج وتمثيل ثم كتبت الدراما . قديما كنت اعتقد اني لن اترك المسرح ولن اكتب دراما نهائي بسبب ايماني بفن المسرح .. وعندما كبرت وأصبحت لي متطلبات توجهت للدراما فورا ..من أجل لقمة العيش

أحسست وكأن باسم لم يكن مرتاحا لإجابته الأخيرة .. انتظرته عدة دقائق طويلة ليرد على السؤال السابق .. يبدو وكأنه واجه نفسه بحقيقة لا يحبها في جملته الأخيرة .. لذلك تجاوزت السؤال المعد ورحت أسأله عن المسرح وأكل العيش 

ممم هل تقصد إن المسرح “مبيأكلش عيش” ؟ في رأيك الفن عموما ممكن يتحول إلى مهنة المبدع الوحيدة ؟ الكتابة مثلا ممكن تصبح مهنتك الوحيدة ؟

بالفعل كما ذكرت أنت ..المسرح مبيأكلش عيش .. من الممكن بالفعل أن أعيش ككاتب وتصبح مهنتي، أنا بالفعل أعيش هكذا .. لكن القضية في أن تتحمل السقوط مثلما تتحمل العلو .. حياتك مرة تصبح مستقرة مادية ومرة تصبح علي “الحميد المجيد”  هو رهان، قد تربح حينا وتخسر حينا .. مرات كثيرة أشعر باني يجب أن أترك هذه المهنة ولا استطيع .. لا اعرف أن أفعل شئ آخر غير الكتابة .. مهنة الكتابة المقصود بها كتابة سيناريو أو اعلانات او مقالات أو برامج كلها تحت بند الكتابة التي تجلب النقود من أجل الحياة


نحن نرى في انجلترا واوربا وأمريكا أسماء لامعة لكتاب متفرغين للكتابة تماما .. لكن في بلداننا العربية أغلب الكتاب يضطروا للعمل في مهنة أخرى لتأمين متطلبات الحياة .. والكتابة بالنسبة لهم هي موهبة تمارس على هامش الحياة .. هل تظن لو اتيح لعدد كبير من الكتاب مساحة التفرغ ربما يؤثر ذلك على نوع وشكل المحتوى المقدم منهم ؟ 

سؤال صعب وذكي .. اعتقد ان الكتاب في مصر يقدمون أعمالهم كما لو أنهم متفرغون تماما للكتابة .. التأثير الاهم هو شعور الكاتب براحة .. ذهنه صافيا في الكتابة .. وبدلا من أن يكتب العمل في عامين يكتبه في نصف عام ويتمتع بباقي العام في السفر والخبرات .. المحتوي أعتقد أنه سيظل كما هو .. اقول لك سر … لو توفرت الرفاهية للكتاب في مصر أغلبهم لن يكتب .. هنا في مصر عجينة الابداع من الالم والحيرة والقلق .. انا عندما كنت في النرويج كنت مرفها جدا .. هناك من يدير الوقت لي .. من سيحجز لي طاولة العشاء مع صديقة عرفتها في نفس اليوم .. لم أمر بمشاكل الشوارع نظيفة .. وجدتني اكتب كتابة تافهة عن أن السماء صافية وبها النجوم واضحة .. ورجعت لمصر فأنا ابن هذه البيئة .. وقال لي مرة عم خيري شلبي اياك والرفاهية الزائدة ستميت خيالك والمك وقدرتك علي الكتابة

اجابتك أثارت عندي سؤال مهم .. انت تقول إن الكاتب إبن البيئة التي يعيش فيها .. في حين نجد أغلب الأعمال الأكثر رواجا بين الشباب هي الروايات المعتمدة على فكرة غريبة عن البيئة .. فكرة فانتازية مثلا .. والراحل دكتور أحمد خالد توفيق كان نموذج معبر عن ذلك ؟ تفتكر إن الكاتب إبن البيئة التي ينتمي اليها،  لكن القاريء مولع بما هو غريب عن البيئة ؟

انواع الكتابة متعددة. كتابة البوب ارت بكل انواعها لا تعتمد علي خبرات حياتية عميقة .. الكتابة يجب أن تكون سهلة وبسيطة وسريعة .. ده من أهم شروطها .. هناك كتابة معتمدة علي الحياة وما يحدث فيها .. منها من يستخدمها بعمق ومنها ماهو سطحي ومباشر .. ادب الناشئة مهم أن يكون بسيط وسريع التأثير .. لكن لن يكون كاتبي المفضل في المراهقة هو نفس كاتبي المفضل بعدما كبرت .. فلذلك كل الانواع يجب أن تتجاور

باسم شرف اسم قريب من الجوائز الأدبية وعالم الترجمة .. عملك المسرحي الأول فاز بجائزة وتم ترجمته .. لو اتيحت لك فرصة منح جائزة أدبية جديدة تقدم لأول مرة .. أي نوع فن  ستشجعه ؟

– ربما أنه لم يتردد لحظة ، رغم كونه كاتب أدب وروايات وله عمل مسرحي واحد، لكن يبدو أن حنينا قديما لازال هو المسيطر على الوجدان، لذلك جاءت اجابته 

أحب أن اقدمها لكاتب مسرحي .. فهذا فن كبير من يكتبه يستطيع أن يكتب كل الانواع وانا أتمني أن أعود لكتابة المسرح .. هذا الفن عظيم ومناسب جدا لهذه الفترة لانه يعتمد على الحوار والجمهور يحب الحوار

في روايتك “لو قابلتك من زمان” تنتصر لشخص وحيد يحصل على التعويض المناسب من الحياة .. هل تعالج شيء افتقدته في كتابك “يا سلمى أنا آلان وحيد” .. أو هل مملت الوحدة التي اعتبرتها “مزاج الأنبياء” في كتاباتك ؟

ملحوظة مهمة ..  في رواية لو قابلتك من زمان بالفعل حاولت أن انتصر للوحيد مرة الذي وثقت حياته في أربع كتب قبل هذه الرواية .. هناك سر في هذه الرواية أقوله لأول مرة معك .. كانت هناك نهاية أخري كتبتها ووجدت أنها حزينة جدا واعدت كتابة بعض الفصول لاني وجدته وحيد تماما حتي في النهاية فوجدت نهاية أخري مرسومة ومكتوبة دون أن أشعر لتخرج للجمهور بنهاية سعيدة كما لو اني اكتبها لنفسي واتمني نفس النهاية

يسكت لحظات ثم يستطرد 

بعد هذه الأحداث التي نمر بها وستترك تأثيرا كبيرا علينا في الحياة والأدب لفترة كبيرة وجدت أن الوحدة الإجبارية التي نعيشها مرضية ومتعبة ولن نتحملها .. وأصبحت الوحدة مزاج الكرونا للاسف

سؤال أخير،  خمس كتب منهم ثلاث كتب مع دار دوّن للنشر .. هل تشعر أن عملك مع ناشر شاب من سنك مر بتجارب وخبرات  تشبه ما مررت به ، خلق حالة من التفاعل  بينكم ؟ وفي النهاية ما هي نصيحتك الأولى لأي كاتب شاب جديد ؟ 

تجربتي مع دار دون كانت من أهم خطوات حياتي الأدبية .. التعامل مع دار نشر طموحة لديها مشروع ومن نفس جيلي جعلت أشعر براحة وانا اكتب .. عندما نشرت يا سلمي انا الآن وحيد كنت قادما من أرضية قراء مختلفة .. لها طابع خاص .. اما دار دون قدمتني لجمهور مختلف عني وجديد علي .. تجربتي مع دار دون جعلتني اكتب بحرية دون أن أفكر في التسويق والانتشار .. فهي تقدم لي مشروع متكامل مع نشر الرواية تجعلني اتحمس أن أكتب كما يحلو لي .. وانشغل بالكتابة فقط .. والاستشارات التي يقدمونها لي مهمة وفي صالحي .. انشر مع دار دون وانا مسنود علي مؤسسة كبيرة .. رهاني عندما تعاونت معها مكسب كبير لي .. فأنا لدي مشروع اعمل عليه في كتاباتي والدار لديها مشروع أنها تصبح مؤسسة كبيرة وليست دار نشر فقط وقد نجحت والدار نجحت أيضا ..

انصح الكتاب الشباب أولا أن يثقون بأنفسهم قبل اي احد .. والثقة تأتي بالقراءة والعمل المستمر .. ولا تنتظر النجاح اسعي له مرة ومرتان وعشرة فهو اتي قد يتأخر ولكنه سيأتي .. وإذا نجحت في عمل ليس بالضرورة انك ستنجح في باقي الأعمال .. كل عمل تقدمه هو أول عمل لك دائما والبقاء للي يستمر وليس للاقوي

كان هذا حوارنا مع باسم شرف لموقع دار دوّن للنشر، وحاولنا أن نحصل منه على سر لا يعرفه أحد .. لكنه رد إجابه تبدو دبلوماسية لكن بالتمعن فيها نجد أنها تحتوي الكثير من الصدق والتلقائية “مممممم .. ليست لدي اسرار تصلح للكتابة والقراءة .. فالسر اري أنه يجب أن يكون مخجل لذلك لا أتحدث عنه .. لكن اتمني للجميع السلام النفسي المطلوب .. وسنكون بخير ..” 

انتهى حوارنا مع باسم شرف الكاتب الذي ينتظر بشغف أن يرجع العالم إلى سيرته الأولى، لكي يعيد لحياته صخبها المعتاد .. ذلك الصخب الذي ربما ينقذه من تأملات الوحدة .. ونحن أيضاً ننتظر من باسم عودة جديدة وعمل أدبي جديد.

 

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات