الجمعة, نوفمبر 22, 2024
Dawen APP
الرئيسيةمقالات”تقبل الذات في عصر مواقع التواصل الاجتماعي“، بقلم دكتور إيريك بيري وترجمة...


”تقبل الذات في عصر مواقع التواصل الاجتماعي“، بقلم دكتور إيريك بيري وترجمة دينا المهدي

بقلم دكتور إيريك بيري، استشاري ودكتوراه في الطب النفسي

ترجمة دينا المهدي

الوقت الذي ستقضيه لكي تكون مثل شخص آخر، ما هو إلا مضيعة لوقتك الخاص.~ مارلين مونرو

نحن نعيش في عالم؛ حيث يمكننا خلق نوع من أنواع التواجد في الواقع الافتراضي على كثير من مواقع التواصل الاجتماعي. ففي الوقت الحالي، لدينا حسابات على مواقع اليوتيوب والإنستجرام وسناب شات والفيسبوك والعديد من وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاته المتاحة لنا. وكثير منا يستخدم هذه التطبيقات على سبيل الترفيه لفترات طويلة. تشير الأبحاث الحالية إلى أن نسبة مستخدمي تطبيقات التواصل الاجتماعي الذين يتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا 88%، وتحديدًا 78٪ يتراوح أعمارهم من 30 إلى 49 عامًا، و64٪ من بين أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و64 عامًا، و37٪ بين الأمريكيين تبلغ أعمارهم 65 عامًا فما فوق. وتشير التقديرات إلى أنه سيصل عدد مستخدمي تلك المواقع إلى 2.67 مليار مستخدم بحلول عام 2018. وفقًا لهؤلاء المستخدمين القادرين على الحفاظ على علاقة صحية ومسئولة مع تواجدهم عبر الإنترنت، تعد تلك المواقع وسيلة رائعة للتواصل مع الآخرين. كما تفتح نافذة على الثقافات الأخرى في جميع أنحاء العالم تمكننا من رؤية الأشياء التي ربما لن نكون قادرين على رؤيتها في حياتنا اليومية.

لكن للأسف، بعض مَن لديهم حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تصيبهم حالة قلق قهري (تُعرف باسم الخوف من فوات الشيء أو فومو (بالإنجليزية: Fear of missing out التي تُختصر بـ FoMO) وذلك خوفًا من فوات حدثٍ ما لا يُشاركون فيه—وخصوصًا عند رؤية النجاحات المفترضة التي يعلن عنها الآخرون على تلك المواقع. فيصبحون منغمسين—بشكل مبالغ فيه—في تقمص وخلق “الشخصية البديلة”، مما يدفعهم إلى قضاء وقت زائد على هذه المنصات. وسرعان ما تُستهلك حياتهم الحقيقية؛ بسبب عدم قدرتهم على الابتعاد عن هذا الواقع البديل. بعض المشكلات النفسية التي قد تنشأ من إدمان التواجد على وسائل الإعلام الاجتماعية هي الأرق، والقلق، والاكتئاب، والتأخر في الدراسة الأكاديمية والعمل، وفقد السيطرة على الغضب.

في هذا العالم الخيالي، هناك تركيز مفرط على المظهر والممتلكات المادية. غالبًا ما يؤدي القلق القهري إلى مراقبة حياة شخص آخر ومقارنة حياتنا به من خلال الصور التي يتم نشرها. فجميعنا نتعرض لصور “المشاهير” على وسائل التواصل الاجتماعي التي تبدو في بعض الأحيان مصطنعة وغير حقيقية، إلا أن وقع هذه الصور وتأثيرها على بعض الأفراد في الواقع يجب أن يؤخذ على محمل الجد. فالبعض يستوعب ما يراه ويبدأ في الاعتقاد بأن هذا هو المعيار الحقيقي للجمال أو للسعادة أو للحب. فعلى سبيل المثال، أصبحت تعبيرات وجه بعض المشاهير وتفاصيل أجسامهم بسبب عمليات التجميل أكثر تشوهًا لدرجة أنها تكاد تبدو هزلية. إلا ان بعض الفتيات تبدأ في الاعتقاد بأن أنفها أكبر بكثير من وجهها، وأن شفاهها ليست كبيرة بالقدر الكافي بالإضافة إلى العديد من معايير الجمال غير الحقيقية الأخرى القائمة على ما نراه في الواقع الافتراضي. كل هذا قد يولد شعور القلق من افتقارنا لمقومات الجمال المصطنعة مقارنة بأشخاص آخرين نراهم في عالم ما وراء فلاتر الصور ومعالجتها.

ومن خلال خبرتي العلاجية، أقوم بتدريب مرضاي على الخطوات الخمس التالية لمساعدتهم على تخفيف استعمال وسائل الإعلام الاجتماعية:

1. التقبُّل

من المهم معرفة ما إذا كانت مواقع التواصل الاجتماعي تؤثر سلبًا على حياتك أم لا. إذا كنت تقضي معظم الوقت تكتسب خبرات في الحياة من خلال هاتفك أو الكمبيوتر الخاص بك، فمن المهم أن تصبح أكثر وعيًا بذلك.

2. الإدراك أن وسائل التواصل الاجتماعي مجرد وهم

يجب أن نخوض الحياة بجميع حواسنا. أي يجب أن نراها بأعيننا، ونشمها بأنوفنا، ونتذوقها بأفواهنا، ونلمسها بأيدينا، ونسمعها بآذاننا. فوسائل التواصل الاجتماعي تقدم لنا عالمًا معالجًا من جميع الشوائب وخاليًا من جميع العيوب؛ حيث لا توجد فيه مخاوف أو هموم. وبما أن المشاهير لا تشوبهم شائبة ودائمو الشباب أمام ملايين المتابعين دون الاكتراث لما يظنه العالم، فمن السهل أن نقع تحت تأثير الوهم أنه إذا كنا أصغر سنًّا أو أنحف أو أكثر نجاحًا أو إذا كان لدينا أصدقاء أكثر لأصبحنا أكثر سعادة. فلنفكر لحظة في الأموال الطائلة التي يتم إنفاقها على التسويق فقط لإقناعنا بأننا بحاجة إلى شيء ينقصنا. الحقيقة أنه ربما لم نصل بعد إلى الحال الذي نريد أن نكون عليه، لكنني متأكد أن معظمنا أفضل حالاً مما نعتقد.

3. التوقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي

هذه الخطوة هي في الغالب الأصعب. ووفقًا لأبحاث تم إجراؤها في 2018، ارتفعت أعداد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين سيصعب عليهم التخلي عن وسائل التواصل الاجتماعي بنسبة 12% مقارنة بالدراسة الاستقصائية التي أجريت في أوائل عام 2014. وفي الوقت الحالي، صرح 41٪ من الأشخاص الذين خضعوا لاستطلاع الرأي أنهم لن يكونوا قادرين على التوقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وبما أن ذلك يتم الإبلاغ عنه ذاتيًّا، فأعتقد أن العدد الفعلي قد يكون أكبر وسيستمر في الازدياد بانتظام. لذلك من المهم التحرر من الجهاز بشكل مؤقت أو دائم.

4. وضع الحدود

بعد مرور فترة بعيدًا عن جميع وسائل التواصل الاجتماعي، يمكنك البدء في مرحلة إعادة الاستخدام المشروط لتلك المواقع. من المهم أن تكون قد استعادت السيطرة على أي إكراه لتكون باستمرار على وسائل الإعلام الاجتماعية. يجب وضع حدود سليمة ومتابعتها ويجب أن يكون هناك شكل من أشكال المساءلة. عن طريق السماح لصديقك أو أحد أفراد عائلتك بمعرفة مخاوفك بشأن تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن يساعدك في الالتزام بأهدافك.

 5. البحث عن أشكال بديلة لتقبل الذات والطمانة

من الطبيعي أن نحتاج إلى تقبل الذات والطمأنة. لكن لا يجب أن يأتي هذا من الغرباء في وسائل التواصل الاجتماعي. فكثيرًا ما أتفاجأ بما ينشره كثيرون في بعض مواقع التواصل الاجتماعي. غالبًا ما تدفعهم الحاجة المستمرة إلى تقبل الذات إلى نشر صور وعبارات شخصية (غير لائقة ومناسبة للنشر على تلك المواقع) لمجرد تأكيد حالة معينة أو ترسيخ صورة في أذهان الجميع. ينبغي للمرء أن يسعى للحصول على تقبل الذات والطمأنة من الأحباء والأسرة ولكن بشكل صحي بلا ضغوط. علاوة على ذلك، لا يجب أن يكون مصدر تقبل الذات والطمأنة فقط من خلال مظهر الشخص أو ممتلكاته.

إذا كنت قد عايشت نوعًا من أنواع الإدمان لوسائل التواصل الاجتماعي وترغب في المشاركة بما ساعدك في الحصول على التقبل الذاتي، فيرجى مشاركة أفكارك في قسم التعليقات.

المقالة الأصلية باللغة الإنجليزية على مدونة دكتور إيريك بيري:

Original article available in English on Dr. Eric Perry’s Blog: https://wordpress.com/read/blogs/106156040/posts/12613

Dina Al-Mahdy
Dina Al-Mahdyhttps://dinaalmahdy.com
مترجمة وكاتبة مستقلة في العديد من المجلات والصحف المحلية والدولية، وفي العديد من دور النشر داخل مصر وخارجها، وتعمل حاليًا كرئيس وحدة تنسيق المشروعات، بمكتبة الإسكندرية.وإلى جانب شغفها للقراءة والتدوين المصوّر، فهي أيضًا عضو بالرابطة الدولية لعلم النفس الإيجابي (IPPA)، وعضو الجمعية الأمريكية لمترجمي الأعمال الأدبية (ALTA)، والرابطة الدولية للمترجمين التحريريين والفوريين (IAPTI)، والرابطة الدولية للترجمة والدراسات متعددة الثقافات (IATIS) ومنظمة مترجمون بلا حدود (TWB).
مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات