الأحد, ديسمبر 22, 2024
Dawen APP
الرئيسيةأخبارخالد أمين يكتب القصة القصيرة: "مارم".. ضمن سلسلة "والآن.. يمكنك الصراخ"

خالد أمين يكتب القصة القصيرة: “مارم”.. ضمن سلسلة “والآن.. يمكنك الصراخ”

خالد أمين يكتب: سلسلة قصص رعب قصيرة بعنوان . وإليكم القصة الأولى بعنوان “مارم”

هل تشعر بأحد يتنفس في عنقك؟  

هل مددت يدك لتضيء قابس النور في الظلام فشعرت بيد باردة على يدك؟  

هل جربت أن تسجل ما يحدث لجسدك النائم في الثالثة صباحًا؟ أو لماذا سموها ساعة الذئب وساعة الشيطان؟  

آه، لا تحاول أن تغمض عينيك عندما تخاف، هناك سبب لخوفك… أنت فقط لن تراه يقترب منك وأنت مغمض العينين.  

كلكم هنا… فلنبدأ إذن.  

كان يا ما كان…

– كف عن التحديق بانعكاسك في المرآة يا مرام، سوف يصيبك الخبال في النهاية!  

قالتها الأم قبل أن تواصل حديثها الهاتفي مع أختها، حديث طويل ومشوق للغاية استمر لساعات بينما الطفلة ذات الفستان الأبيض تجلس القرفصاء أمام انعكاسها على المرآة ذات البرواز الذهبي.    

تواصل الأم حديثها وتتسع حدقتا مرام أكثر وهي تحدق بالانعكاس.. ويحين موعد النوم..  

“يا إلهي يا مرام، أنتِ لازلتِ في نفس الوضعية؟” كذا هتفت الأم وهي تحمل الطفلة قبل أن تنتابها فكرة من نوعية تلك الأفكار التي تنتاب الأمهات فجأة، فغطت المرآة بملاءة عملاقة بعد أن وضعت مرام أرضًا ولوحت لها بغضب تمثيلي: لا مرايا بعد الآن..    

وضعت الطفلة فوق فراشها، نظرت لها بتردد، هذا الصمت المفاجئ، انحنت وطبعت قبلة على جبينها ثم ذهبت لغرفة نومها، وسرعان ما انسلّت للنوم بعد إرهاق اليوم..  

صوت بندول الساعة يتدخل في أحلامها..  

تك.. تك..  

جفناها يتموجان.. نائمة ومرهقة لكن أحلامها تتنفس وتمارس عملها..  

صوت البندول.. تك.. تك..  

“مارم”  

تك تك..  

فتحت الأم عينيها ببطء، كان هذا عندما سمعت الكلمة للمرة الثانية.. “مارم”.. نظرت أمامها بتوجس، طفلتها تقف أمام الفراش لكن الظلال تخفي وجهها، ولا تنطق سوى نفس الكلمة مرارًا وتكرارًا: مارم.. مارم.. مارم..  

بصوت كالهسيس.. بسرعة غريبة.. وعنق يكاد يطلق فحيحًا.. مارم مارم مارم مارم.. تتزايد دقات قلب الأم.. مارم.. تبدأ في الفهم عندما ترى المرآة المنتصبة كشاهد قبر بالملاءة التي تغطيها في الصالة، تواصل الطفلة: مارم مارم مارم مارم..  

تشهق الأم وترفع ذراعها أمامها في رعب كأنها سيحميها، لقد تذكرت وفهمت، عندما ابتاعت قلادة عليها اسم ابنتها ووقفت الأخيرة أمام المرآة بالقلادة، لمحت حينها الأم اسم الطفلة على عنق انعكاس طفلتها، مارم هو اسم مرام بالمعكوس، لا تنطق اسمك بالمعكوس أبدًا أمام المرآة، أرواح الموتى تريد دومًا خطف الأحياء من خلال المرايا! تذكرت المقولة القديمة، وتحركت الطفلة فجأة مقتربة منها وانزاحت الظلال لتكشف عن وجهها.. كان وجه ضبع!  

وصرخت الأم.. صرخت كما لم تصرخ أبدًا من قبل..  

عاد الأب متأخرًا كعادته، هم برمي المفاتيح جانبًا ثم قطب جبينه وأجفل قليلًا عند رؤية المرآة المغطاة  

– سوسن.. مرام.. أين أنتم؟  

لا رد.. صمت خبيث يختلس الضحكات من حوله… عقد حاجبيه واقترب من المرآة.. يمد يده ليزيح الملاءة لكن مفاتيحه تسقط فينحني لالتقاطها بردة فعل تلقائية لنرى الأم والطفلة يقفان خلفه.. يعتدل ناظرًا للمرآة قبل أن يجذب الملاءة مرة واحدة، كحاوي فوق خشبة مسرح يكشف عن مفاجأة العرض..  

كانت تلك هي اللحظة التي شعر بأنفاسهم على مؤخرة عنقه..  

وبيد صغيرة باردة تلامس أنامل يده..  

ثم سمعهم  

– نسوس.. نسوس.. نسوس  

– مارم.. مارم.. مارم..

_ وعلى انعكاس المرآة ظهر كيان ذو هيئة بشرية لكنه بلسان مشقوق وعينين سوداوين زجاجيتين كالثعبان وأقدام جدي، يقف خلف انعكاسه هو شخصيًا، ويمد أظافره الطويلة في ظهر انعكاس الزوج الذي صرخ ألمًا وهناك ألم رهيب يعتصر صدره  

مارم مارم.. نسوس نسوس  

فيما بعد لن يلاحظ أحد الكدمات الزرقاء على ظهر الزوج ولسوف يفترضوا _ مثلما فعلوا عدة مرات من قبل _ أنها نوبة قلبية أودت بحياة الزوج..  

أما مرام وسوسن.. فلقد اختفوا بلا أثر..  

وبعد مرور عام.. في ليلة عاصفة.. فتحت الجدة عينيها في بيت ابنها الراحل، الأم الثكلى التي ورثت ابنها، يا للوعتها وحسرتها، بعد اختفاء حفيدتها.. تفتح عينيها وتعتدل فوق الفراش حيثما اعتاد ابنها النوم، “رائحته لا تزال هنا”، تقولها بشمم وترفض تنظيف الغرفة ممن عرضوا عليها، والآن ها هي ذي، تستيقظ فجأة دون سبب، البرق يدوي ويعقبه هزيم الرعد.. الأمطار تنهمر بالخارج وعويل الرياح يكاد يصم أذنيها، ثم انقطعت الكهرباء في نفس اللحظة التي سمعت فيها الجدة الهسيس، أحدهم يهس جوارها في الظلام المحدق بها، وخيل إليها أنها لمحت انعكاسًا ما من مرآة الصالة وسط الظلال..  

هسسسسسسسسس.. يكاد قلبها يتوقف ذعرًا..  

هل تلك أفعى؟.. تشهق الجدة.. يرتج جسدها في محاولة للاستيعاب والصراخ  

قبل أن يهدر محرك الكهرباء معلنًا عن عودته للعمل، وتعم الإضاءة المكان، وآخر شيء رأته الجدة حينها كان ثلاثتهم وهم يحيطون بها من كل صوب، بعيون أفاعٍ وألسنة مشقوقة، وملامح تشبه من كان ابنها وزوجته، أما الطفلة ذات الفستان الأبيض الجميل ووجه الضبع فقد كانت تهرول باتجاه الجدة لتحتضنها..  

Khaled Amin
Khaled Amin
خالد أمين: كاتب وروائي مصري مهتم بأدب الرعب والتشويق والجريمة. من مواليد القاهرة عام 1989. يعمل كمحاضر أكاديمي في قطاع الجامعة ومدرب شركات خاصة, اهتم بدراسة الأدب الأمريكي والكتابة السينمائية وأدب الرعب والخيال والجريمة, صدر له رواية "هوس" عام 2012, ورواية "الشبيحة" عام 2013, وسلسلة روايات بعنوان "المجهول إكس" يصدر منها عدة أجزاء سنويًا, كما صدر له رواية "هؤلاء الذين عادوا" عام 2018, ورواية "إنهم يأتون ليلًا" عام 2019, "ليلة ظهور القرين", "زائر منتصف الليل" وتعد رواية "وقريبا سيحل الظلام" هي أحدث أعماله الأدبية.
مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات