الأحد, ديسمبر 22, 2024
Dawen APP
الرئيسيةمقالاتسمير درويش يكتب: "لعبة البيت".. محاولة لتحطيم جدران السجن

سمير درويش يكتب: “لعبة البيت”.. محاولة لتحطيم جدران السجن

الكتابة الأدبية -في عمومها- هي موضوعات يتم تقديمها من خلال قالب فني، بحيث يكون السؤال المهيمن على الرؤية النقدية هو ليس “ماذا يقول العمل”، بل “كيف يقول”، وسؤال “كيف” هو الذي يفرِّق بين الأعمال العميقة والأخرى السطحية التي كل هدفها الحكاية.

من هذه الزاوية دخلت إلى عالم رواية “لعبة البيت” لإيمان جبل، فالرواية التي تُحكى بضمير المتكلم للشخصية الرئيسية (ليلى)، تحاول صنع “شكل” ظاهر وغالب، ويظهر ذلك من ملمحين أساسيين:

الأول: تقسيم الرواية إلى أربعة فصول رئيسية، فصلان قصيران في البداية، وفصل قصير في الخاتمة، وبينها (الفصل الثالث) الذي ينقسم إلى عشرة أجزاء، هي الجسد الرئيسي لـ”الرواية”، الفصلان الأوليان تمهيديان يمهدان لاستقبال “الجسد” الرئيسي الكبير، والفصل الأخير ختامي، يرصد امتداد أحوال الشخصيتين المركزيتين ما بعد “الرواية”: ليلى وماتيلد.

للقراءة| فداء الرسول يكتب: “لعبة البيت” بين متاهات الحلم وقيود البيت

الثاني: هو الرواية داخل الرواية، أي هذا الفصل الثالث الذي أشرت إليه بأجزائه العشرة، حيث ستشارك الشخصيتان في كتابة “رواية البيت”، إحداهما “ليلى” ستملي من موقع القوة، كي تُخرج من صدرها مخزون القهر الذي تعرضت له من “سكان” البيت طوال أربعين عامًا: أبيها وأمها وأخيها مراد، خصوصًا أمها السيدة جيهان.. والأخرى ستكتب ما يملى عليها من داخل الغرفة السرية، أو السجن المغلق، مضطرة كي تحرر نفسها، مجنبة تاريخ شرورها الذي لن يفيدها في موقعها هذا.

هذه “الرواية” التي كتبت في “السجن” داخل الرواية الكبيرة، ستكشف للقارئ -تباعًا- سمات أفراد العائلة الأربعة، الذين أشرت إليهم، بالإضافة إلى ثلاث شخصيات أخرى: سارا زوجة مراد، وماتيلد ابنتهما، الشريرة السجينة المشاركة في كتابة الرواية داخل الرواية، وعاصم فريد، حبيب ليلى الذي انتظرها حوالي 23 عامًا كي تتخلص من ثقل الميراث النفسي والعاطفي للبيت السجن، لتذهب إليه في النهاية. غير شخصيات ثانوية أخرى مثل الخدم، وأعضاء “نادي الفواجع السري”، يسرية ومارينا خاصةً.

الحدوتة فانتازية في مجملها، تنتهي -مثل كل الحواديث الخرافية الكبرى- بالكثير من الفواجع: موت مراد حرقًا، موت الأب بعده بخمسة أيام، ثم موت الأم، والكثير من العراك الظاهر والخفي بين ليلى وماتيلد، ابنة أخيها، والذي انتهى بسجن ماتيلد وكتابة “الرواية/ الاعتراف/ التطهر من الماضي”، وصولًا إلى عرض البيت نفسه للبيع، وافتراق الشخصيتين الرئيسيتين، دون أن تهتم إحداهما بمصير ومستقبل الأخرى.

هذه الوقفة القصيرة لا تفي الرواية حقها، ربما هي مقدمة لكتابة أوسع..

فقط في النهاية أود أن أشير إلى أنه، بمتابعتي لأعمال كثيرين وكثيرات من الجيل الشاب، أجد أنهم يميلون إلى القصص الفانتازية، والواقع السحري الذي يختلط فيه الواقع بالخيال بالجنون، عكس كتاب وكاتبات الموجات السابقة الذين استندت كتاباتهم إلى الشخصي والواقعي.. كما أشيد بوعي إيمان جبل بالشكل الجمالي ومقتضياته في كل أعمالها التي قرأتها حتى الآن، في الرواية والقصة القصيرة.. وفي الشعر كذلك.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات