الأحد, ديسمبر 22, 2024
Dawen APP
الرئيسيةمقالاتعبد الوهاب المسيري.. محطات في حياة المفكر الموسوعي صاحب "اليد الخفية"

عبد الوهاب المسيري.. محطات في حياة المفكر الموسوعي صاحب “اليد الخفية”

إسراء إبراهيم

حالة استثنائية شكلها المفكر الكبير الدكتور عبد الوهاب المسيري، من خلال فلسفته ورؤيته النقدية والشمولية، والتي جعلته أحد أبرز المجددين في الفكر العربي والإسلامي، وتقديم مشروع فكري حضاري يرتكز بالأساس على الإنسان ويبحث في هويته ودوره في الحياة.

حب “المسيري” والإخلاصه للمعرفة، وقراءاته الغزيرة في مجالات شتى، وقدرته على الجمع بين المنهج العلمي والأكاديمي ونظرته للإنسان كروح ومادة، أهله كل ذلك لأن يكون من هؤلاء القلة في ذلك الزمان التي يمكن أنطلق عليهم لقب “موسوعيين”، لنجده يكتب في الآداب والفلسفة والتاريخ والأخلاق، وغيرها من دروب المعرفة التي تهتم بالإنسان وصراعاته وما يمكن أن نصل إليه.

النظرة النقدية للبيئة المحيطة

بدأت رحلة حياة عبد الوهاب المسيري في مدينة دمنهور عاصمة محافظة البحيرة في 8 أكتوبر 1938، لأسرة عامرة بالأبناء تكونت من 9 أفراد، أب وأم و7 إخوة.

يقول “المسيري” عن كثرة أعداد أسرته: “كنا أسرة نووية، جزءا من أسرة ممتدة ونعيش في نفس العمارة”. اعتبر المفكر الراحل أن تلك النشأة ساهمت في تكوينه الشخصي، إذ ذلك العدد من الأبناء في الأسرة يعطيه المزيد من الحرية وتجعله محافظا على مسافة بين أبويه نظرا لوجود أشخاص آخرين اعتبرهم مثله الأعلى كان من بينهم خاله الذي كان رئيسا لحزب الوفد في طفولته، وكذلك زوج شقيقته الذي كان يعمل كمدرس للغة العربية.

تلك النشأة جعلته ينظر لوالديه بنظرة نقدية، فبدأ يرى والده الذي كان يعمل كتاجر كبير للأقمشة، ولم يكن له علاقة بالثقافة أو السياسة. فرأى أن والده رجل رأسمالي، ووالدته كانت لا تحب الثروة على الإطلاق، بينما كانت أسرته ككل جزءا من البرجوازية الريفية التي فسرها بأنها تختلف عن البرجوازية الحضارية في أنها جزء من المجتمع المصري بعكس الأخيرة، لأن الناس في تلك الطبقة ابتعدوا عن الأصول المصرية.

تلك النظرة النقدية واختلاف الرأي والفكر حول المال بين والديه ساهم في تكوينه وطور من فكره. واستمرار تفكيره النقدي في حياة والده محمد أحمد المسيري كان شهيرا باسم “الحصافي” نسبة إلى الشيخ الحصافي أحد شيوخ الطريقة الحصافية بدمنهور، ورغم أنه كان يرى والده حريصا وليس بخيلا، لكن والده كان يغدق على شيخ الطريقة الحصافية عندما يأتي لزيارتهم، فيراه يقيم الموائد ويقبل يد الشيخ، ما لعب دورا في تفكيره.

سماه والده عبد الوهاب نسبة إلى الشيخ عبد الوهاب الحصافي أحد شيوخ الطريقة الحصافية، وكان كعادة أبناء التجار في ذلك الوقت، يشارك في العمل مع والده خلال فترة الصيف. وعندما بدأ الكتابة ويظهر اسمه في الصحف كان والده يفخر كثيرا به وكان يناديه في الفترة التي يعمل فيها معه “الأستاذ عبد الوهاب” بدلا من “الولد عبد الوهاب”. لم يكتفي “المسيري” بنظرة الفخر التي كان يراها في عيون والده، بل استغلها أسوء استغلال -كما وصفها- إذ كان يجعل زملائه من المُفلسين ماديا يكتبون عنه أخبارا في الصحف عن تأليف كتب جديدة، ويجعل والده يرى تلك الأخبار فيسعد بها ويعطيه تعبيرا عن تلك السعادة 10 جنيهات وكان مبلغا كبيرا في وقتها، كان يأكل به هو وزملائه “كباب”.

رحلة إلى الجذور

بدأت رحلة المفكر الكبير عبد الوهاب المسيري من مدينة دمنهور التي نشأ وتربى بها حتى وصل إلى المرحلة الثانوية، الحياة العامرة في دمنهور واختلاف الطبقات بها كانت منبعا لفكر “المسيري” الذي كان يتساءل عن كل ما حوله، وعندما كبر فهم تأثير نشأته على تكوين فكره مما كان يراه في حياته اليومية.

كان تأثير المدينة جليا على “المسيري” إذ كانت مدينة عامرة بالصناعة، وكانت وقتها من أكثر المدن تصنيعا في العالم بسبب محالج القطن. يقول في وثائقي عن حياته عن دمنهور إنها مدينة تحتوي على عبق التاريخ تعني مدينة الإله حورس في أصلها الفرعوني. كما كانت المدينة جزءا رئيسيا من تكوين فكره الناشئ في ذلك الوقت، إذ كان هو من طبقة الرأسماليين بينما يصاحب زملاء من أبناء الموظفين، ما كان يجعله يفكر في تلك الفروق الاجتماعية.

توافر الحياة السياسية وسهولة الانضمام إلى الأحزاب السياسية، التي جرب فيها “المسيري” كل التوجهات على اختلافتها في وقت مبكر، جعلت دمنهور عنصرا فعالا في تكوينه الاجتماعي والفكري. تأثير دمنهور ظل ممتدا حتى في كتبه التي كان دوما يرجع فيها جزءا إلى نشأته بدمنهور أو ما كان يراه بها.

انتقل عام 1955 من دمنهور إلى الإسكندرية للالتحاق بالجامعة، والتي كانت صدمة حضارية بالنسبة له لأنها كانت مدينة أوروبية بالكامل. وفي مرحلته الجامعية بدأ الانتباه لخطورة الفكر الغربي في تلك الفترة بسبب انفصال زملائه في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب عن واقعهم وحضارتهم. ومن هنا قرر في كل مقال استرجاع ذاكرته التاريخية، وكانت ثقته في ذاته وحضارته كانت مصدرا لإبداعه.

عند عودته من أمريكا أول مرة انتقل للقاهرة عام 1969، وتعرف على حي العطارين. الذي أثر في حبه للأنتيكا وكل ما هو قديم، فكان يحب الاحتفاظ بكل ما هو قديم.

بدأ اهتمامه بالعمارة والفنون التشكيلية بعد عودته من أمريكا عام 1979، حيث اتخذذ من مصر الجديدة محل إقامته وزوجته، ويقول عن ذلك: “كنت أسحر من المعمار الإسلامي البلجيكي في الكوربة، وكان التراث الإسلامي يقف جنبا إلى جنب مع التراث الغربي، وحاولنا أن يكون منزلنا على التراث الإسلامي الجديد، وأقتني العديد من اللوحات لكبار الفنانين من العالم”.

من الرسوب إلى الدكتوراه

تعلم عبد الوهاب المسيري” بمدرسة دمنهور الابتدائية الأميرية عام 1944 وحصل على الشهادة الابتداىية عام 1949، وانتقل بعدها إلى مدرسة دمنهور وحصل منها على شهادة الثقافة وهي شهادة ألغيت بعد حصوله عليها سنة 1954.

لم يكن متفوقا على الإطلاق في بداية تعليمه، ففي 4 ابتدائي دخل امتحانات الدور الثاني وكان الطالب الوحيد الذي رسب في الرسم. وكانت مكتبة البلدية بدمنهور نقطة تحول بالنسبة له تعرف منها على عالم القراءة لأن أبناء التجار كانوا لا يعرفون عن الكتب سوى الكتب المدرسية بعكس أبناء الموظفين، ومن المكتبة تعرف على كامل الكيلاني، وتعرف على مفاهيم عميقة عن وحدة الوجود وقرأ للرافعي.

عقب ذلك حصل على التوجيهية من قسم أدبي فلسفة عام 1955، وهنا كانت نقطة تحول في نظرته لنفسه إذ كان أحد مدرسيه في الثانوية يدعمه ويقول لزملائه من الطلاب “المسيري شخص عبقري فريد، لا تقيسوا أنفسكم به”. أوضح “المسيري” أن تلك الكلمات ذهلته وجعلته يبذل أقصى جهدا ليتفوق ويصل إلى التوجيهية، وساهم في تنمية تفكيره الدكتور إيميل جورج أستاذه في التوجيهية.

في السنة الأخيرة من التوجيهية طلبوا منه موضوع إنشائي عن “حديقة منزله”، لكنه كان قد سئم من الإنشاء والجمل المحفوظة فكتب “لا نمتلك حديقة في منزلنا، ودمنهور مليئة بالأحياء الفقيرة”، فاتهمه الأستاذ بالشيوعية وأعطاه صفرا في الموضوع.

عام 1955 انتقل من دمنهور إلى الإسكندرية للالتحاق بالجامعة بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، حتى يطلع على العالم خاصة الفلسفة التي عشقها، وكانت تجربة ثقافية مهمة ومختلفة في حياة “المسيري”، فكان زملائه أكثر قدرة على التحدث بطلاقة باللغة الإنجليزية، ولكنه كان أكثر منهم فكرا لكن لا يستطيع مجاراة ما يحدث بسبب عائق اللغة، ما دفعه للاعتكاف للمذاكرة حتى تمكن من اللغة.

تخرج عام 1959 وكان من الطلبة المتوفقين، وتم تكريمه في عيد العلم من الرئيس جمال عبد الناصر، وعام 1960 تم تعينه كمعيد وحصل على بعثة لجامعة كاليفورنيا.

سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1963 ليلتحق بجامعة كولمبيا بنيويورك، لكن ططببيعة الحياة باهظة الثمن دفعته للذهاب إلى جامعة “رجرتر” وحصل منها على الدكتوراه بعد 5 سنوات.

كانت رسالة الدكتوراه عن الشعر العربي الإنجليزي -ومن هنا جاءت فكرة كتابه نهاية التاريخ- وخلال المناقشة أسقط الدراسة على الصراع العربي الإسرائيلي. وحصل عام 1969 على الدكتوراه بعد رفضها لأن الأساتذة رأوا أن الرسالة معادية للولايات المتحدة وأنه عبر خطوط حمراء، ولولا أستاذه الذي كان يدعمه في مرحلته الجامعية ما كان حصل على الدكتوراه. وأجاز الأساتذة رسالته لكنهم لم يصافحوه فمضوا على الأوراق ثم أداروا ظهورهم وخرجوا.

عام 1969 عندما عاد من من أمريكا درّس هو وزوجته الدكتورة هدى حجازي في كلية البنات، لكن زوجته كان عليها أن تحصل على الدكتوراه، فعاد مرة أخرى إلى أمريكا ولم يرجع لمصر حتى 1979.

تحولات فكرية وسياسية كبرى

كان اشتراك المفكر الإسلامي الكبير عبد الوهاب المسيري، في الأحزاب السياسية امتدادًا لحياة سياسية عامرة، وبدأت تربيته السياسية مبكرة جدا، وذلك بسبب انتشار وجود الأحزاب، حتى أنه كون جمعية سرية للدفاع عن دمنهور في حال دخول الإنجليز دمنهور، وانضم إلى حزب مصر الفتاة عدة أسابيع، وفي سن 12 عام انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، وفي الوقت ذاته تبحر في الدين لدرجة أن البعض كان يسأله عن الفرق في الوضوء بين الحنابلة والشافعية واستمرت تلك الحالة لسن 14 عاما، بعدها بدأت تنمو لديه أسئلة ذات طابع فلسفي فلم يجد من يجيبها بالطريقة التي ترضيه، فبدأت من هنا مرحلة الشك والتخبط بشأن الإيمان، بل ووصل إلى حافة الإلحاد على حد وصفه.

انتقل فيما بعد للحزب الشيوعي عام 1955 وفي وقتها حصل اتحاد بين كل الأحزاب الشيوعية وسمي الحزب الشيوعي المتحد، واستمر اتحادهم 6 أشهر وانقسموا بعدها إلى 13 فريقا، وحدث خلاف بينه وبين الحزب لأنه كان يرى من الناحية الأمنية أنهم غير دقيقين، فاستقال على الفور وكان ذلك من حسن حظه لأن بعدها بعدة شهور تم القبض عليهم.

وعندما سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية انضم لحركة اليسار الجديد، وأسس مع صديق له جماعة ماركسية تسمى المنتدى الاشتراكي، كان هو الرئيس وصديقه الوكيل، وكانا هما الاثنان الأعضاء الوحيدين، لكنهما نجحا في إعطاء محاضرة كل أسبوع، مهما كان موضوعها تنتهي بالربط بين الصراع العربي الإسرائيلي، وهو الأمر الذي كان جديدا على الجمهور الأمريكي.

نشاط “المسيري” السياسي استمر حتى قبل وفاته، وتسبب في اعتقاله أكثر من مرة. وفي 2004 انضم لحزب الوسط الإسلامي ليصبح من أوائل المؤسسين وقبل وفاته شغل منصب المنسق العام لحركة كفاية، التي تأسست في نهاية 2004 للمطالبة بإصلاح ديمقراطي في مصر، ونظمت سلسلةً مظاهراتٍ احتجاجاً على إعادة انتخاب الرئيس المصري محمد حسني مبارك لولاية خامسة في 2005.


في يناير 2007 تولى منصب المنسقِ العام للحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) وهي الحركة التي عارضت في تلك الفترة حكم مبارك وسعت لإسقاطه من الحكم بالطرق السلمية ومعارضة تولي ابنه جمال مبارك الحكم من بعده.

قصة حب كادت السياسة أن تقتلها

علاقة حب كبيرة جمعت المسيري بزوجته الدكتورة هدى حجازي، أو “هدهد” كما كان يناديها، وقرر خطوبتها بشكل سريع، وعندما قرر الزواج منها ذهب إلى مسؤول بالحزب الشيوعي وسأله عن زواجه منها وهل يشكل ذلك الزواج نجاحا في المستقبل؟ ليخبره المسؤول أن أنماطهم الفكرية مختلفة فهي برجوازية وهو بُرُوليتاريّ، وهنا ظهرت حاجته لنصيحة من والدته فذهب وسألها عن زواجه من هدى فوجهت له والدته سؤالا وقتها “عندما تراها ألا يبتهج قلبك؟” عندما سألته والدته ذلك السؤال وصل لنتيجة إتمام الزواج، واستمر الزواج حتى وفاته.

تعرف “المسيري” على حبيبته الدكتورة هدى حجازي عام 1958 في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية جامعة الإسكندرية، كان وقتها في سن العشرين من عمره بينما كانت “حجازي” في عمر الـ16 عاما.

ويصف المفكر الكبير علاقته بزوجته بأن لها كان عميق الأثر في تكوين شخصيته، وأخرجت منه الجانب الرومانسي والحالم، فكانا يقضيان أوقاتهما في المناقشة والحديث باستمرار في القطارات، لدرجة أن “الكمسري” حينما كان يتغيب أحدهما كان يسأل عنه، وذلك بحسب ما ذكره “العسيري” في لقاء معه.

الكتابة عن اليهود

نشأ عبد الوهاب المسيرى في بيئة دينية محافظة، وتبلورت لديه العديد من الأسئلة الفلسفية والفكرية على مدار سنوات حياته عن الكون والدين وغيرها من الأشياء، ولم يجد من يُجيبه عنها، ما دفعه لاستكشاف تلك العوامل بنفسه، حتى وصل واتجه أخيرا للإسلام كعقيدة ورسالة للكون.

يقول في وثائقي عن حياته: “لا يوجد أحد قاوم الإيمان الديني أكثر مني، واستغرقت العودة من 1956 وحتى 1974، وظلت مرحلة التساؤل في الولايات المتحدة حتى دخلت عالم الإيمان بين عامي 1979- 1980”.

عندما عاد من أمريكا عام 1969 قدمه صديقه أسامة الباز للكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل، الذي كان يشغل وقتها منصب وزير الإرشاد، فعينه مستشارا له ثم نقله كخبير لمركز الدراسات التاريخية والاستراتيجية، ومن تلك اللحظة التي انتقل بها في عمله الجديد كانت بدايته للتخصص في اليهود والصهيونية التي كتب عنها عشرات الكتب والمقالات، وجعلته واحدا من أبرز المفكرين الإسلاميين في العالم العربي.

كانت علاقته باليهود قد بدأت منذ مرحلة الطفولة، عندما كان يلتقي بصبي يُدعى موريس داوود مالح بدمنهور وهو عمره 11 عاما، وكان يذهب برفقته إلى مولد أبو حصيرة الذي وصفه بأنه كان لا يختلف عن الموالد الأخرى سواء إسلامية أو غيرها، وهنا تعلم الفرق بين اليهودية والصهيونية.

كانت هناك نقطة تحول في علاقته ومفهومه عن اليهود، عندما تعرف في الولايات المتحدة الأمريكية على يهودي عراقي، حدثه عن خوفه من نهاية إسرائيل، إذ أن اليهودي العراقي كان يخشى انتهاء دولة إسرائيل لأن العالم لن يرحمهم ويقبلهم كيهود، وسماعه لأول مرة عن نهاية اليهود كان أمرا محببا إلى نفسه ودفعه للمزيد من المعرفة عنهم.

يرى أن اليهود ليس لديهم معمار خاص بهم، حتى أن نجمة داوود من وجهة نظره رمز روماني ومسيحي، ويظهر في الزخارف الإسلامية.

من أبرز أعماله عن اليهود والصهيونية: الصهيونية وخيوط العنكبوت، الموسوعة الموجزة: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، التجانس اليهودي والشخصية اليهودية، البروتوكولات واليهودية والصهيونية، الصهيونية والحضارة الغربية الحديثة، في الخطاب والمصطلح الصهيوني، الإدراك الصهيوني للعرب والحوار المسلح، انهيار إسرائيل من الداخل، مقدمةٌ لدراسة الصراع العربي- الإسرائيلي: جذورُه ومسارُه ومستقبُله، الصَّهيونية والعنف من بداية الاستيطان إلى انتفاضة الأقصى، الجماعات الوظيفية اليهودية: نموذجٌ تفسيريٌّ جديد، الأكاذيب الصهيونية من بداية الاستيطان حتى انتفاضة الأقصى، اليهود في عقل هؤلاء، اليَدُ الخفية: دراسةٌ في الحركات اليهودية الهدَّامة والسرية، نهاية اليهود. وغيرها من العديد من الأعمال الكتب والدراسات .

دوّن تُحيي كتابات عبد الوهاب المسيري

مع التأثير الكبير الذي حققته كتابات عبد الوهاب المسيري، وقدرته على الوصول بفكره لأجيال عديدة، ونظرته الفلسفية الموسوعية، أرادت دار “دوّن” للنشر والتوزيع، أن تنقل هذه الرؤى وتلك الأفكار للأجيال الجديدة التي لم تتعرف على المسيري وسيرته بشكل كافٍ، لذا قامت بإحياء أعمال المفكر الكبير ليُعاد قراءتها من الجيل الجديد خاصة الشباب، وفي ذكرى وفاته العاشرة طرحت الدار 4 أعمال هي “الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان” و”نهاية التاريخ.. دراسة في بنية الفكر الصهيوني”، و”الصهيونية والحضارة الغربية” و”الإنسان والحضارة”، والتي حظيت باهتمام كبير من القراء وتصدرت قوائم الأكثر مبيعا مرة أخرى، وأصبح هناك اهتمام لدى شريحة كبيرة من القراء بإرث المسيري واسهاماته الفكرية.

يمكنك إقتناء أعمال المسيري من هنا 

“باربي” دفعته لكتابة للأطفال

كان غريبا على كاتب ومفكر يتحدث عن موضوعات معقدة فكريا وتاريخيا أن يكتب للأطفال، وهو ما استغربه الناس ففي عامي 1954-1955، ظهرت العروسة الشهيرة باربي وكانت جنسية استهلاكية وتروج للفكر الغربي من وجهة نظره، فجاءت باكورة كتاباته للأطفال من ذلك المنطلق، إذ أراد حماية ابنته من تلك الأفكار.

استعان “المسيري” في كتاباته للأطفال بـ”الجمل” الذي اختاره ليكون رمزا للبيئة والحضارة العربية، فكان يرى أنه من الغريب أن يقرأ ويقتني الأطفال العرب حيوانات كلعب لا تعبر عن حضارتهم مثل الدب أو الخنزير الذي نرفضه دينيا وغير ملائمين لبيئتنا المجتمعية.

على مدار عقود تنوعت كتابات عبد الوهاب المسيري لتعبر عن نفس الرؤية الإنسانية الإسلامية، بإن الإنسان استخلفه الله في الأرض لذلك الفلسفات المادية تقضي عليه. كتب عن الصهيونية والفلسفة والأدب والأطفال والعديد من الموضوعات الفكرية الهامة.

نظرته للموت ورثاء غريب لوالديه

كان “المسيري” صاحب نظرة خاصة في الموت، وكان يرى أن الموت ما هو إلا محطة يعبرها الإنسان إلى حياة جديدة، لكنه كان لا يحب لحظات الوداع أو حضور الجنائز وكان يكتفيىبإرسال تلغرافات للعزاء، وحين مات والده وكان يدرس وقتها بأمريكا، رثاه بطرقة غريبة، فعندما لم يستطع البكاء عندما علم بالخبر لكنه قرر رثائه بطريقة فريدة، فذهب لحضور مسرحية “القاعدة والاستثناء” للكاتب الأماني برتولت بريشت، وكانت تحكي عن رأسمالي يقهر كل شيء، وكانت المسرحية تشبه حياة والده في بعض النواحي. وبعد 4 سنوات من وفاة والده عاد إلى مصر وزار قبر والده وانفجر أمامه في البكاء.

عندما توفيت والدته قرر إجراء “المراثي” والعزاء، وقرر شراء بعض الأعشاب التي كانت تحبها والدته في حياتها كي تكون جزءا من مراسم العزاء الذي يقيمونه. ذكر “المسيري” أنه كان لم يكن قريبا من والدته في حياتها كثيرا، لكنه عندما تأمل علاقته بها وجد أنه متأثر بها بشكل كبير. ويقول عن ذلك في قصة طريفة: “ولما تزوجت زوجتي الدكتورة هدى كنت متصور أنها عكس أمي طول الخط، لكن تاني يوم الفرح قولت يا لهوي دي زي أمي بالضبط!”.

رحلة المرض
لم يزر المرض جسد “المسيري” إلا بشكل مفاجئ فلم يصبه أي مرض قبل سن الـ60، ويصف تلك الرحلة بالغريبة، حيث شعر بألم مفاجئ في ظهره ليكتشف بعدها إصابته بشلل نصفي بسبب وجود ورم ضاغط على النخاع الشوكي، وإصابته بـ”المايلوما” إحدى أنواع سرطانات الدم.

مرض “المسيري” عدل من نظرته للموت بشكل عام، إذ كان لا يشارك في جنازات بل يرسل العديد من التلغرافات، وكان يخبر زوجته أنه عند وفاته لن تجد الكثير لكن العديد من التلغرافات، وكان يتندر بأن عليها أن تخرج تلك التلغرافات للناس ليعلموا أنه كان محبوبا. فرسمت رحلة المرض مسارا جديدا في تعامله مع العزاء فبدأ المشاركة في مراسم الجنازات والذهاب إلى العزاء.

توفي فجر يوم الخميس 3 يوليو 2008 بمستشفى فلسطين بالقاهرة عن عمر ناهز 70 عامًا بعد صراع طويل مع مرض السرطان، وكأن القدر أراد أن يقضى حياته في الدفاع عن القضية الفلسطينية وأن يموت في مستشفى تحمل الاسم نفسه. وشيعت جنازته ظهرا من مسجد رابعة العدوية بمدينة نصر بالقاهرة. وشارك في صلاة الجنازة آلاف المصريين، إضافة إلى عشرات العلماء والمفكرين، ودفن في مدينه دمنهور.

الجوائز
– نال المسيري عدة جوائز من بينها جائزة أحسن كتاب في معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2000 عن موسوعة ”اليهود واليهودية والصهيونية”، ثم عام 2001 عن كتاب ”رحلتي الفكرية”.

– جائزة العويس عام 2002 عن مجمل إنتاجه الفكري.

– كما حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب لعام 2004.

درجات علمية ومناصب تقلدها
– ليسانس آداب -أدب إنجليزي- جامعة الإسكندرية (1959).

– ماچستير في الأدب الإنجليزي والمقارن -جامعة كولومبيا- الولايات المتحدة الأمريكية (1964).
– دكتوراه في الأدب الإنجليزي والأمريكي والمقارن -جامعة رَتْجَرز- الولايات المتحدة الأمريكية (1969).

– رئيس وحدة الفكر الصهيوني وعضو مجلس الخبراء بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام (1970 ـ 1975).

– المستشار الثقافي للوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى هيئة الأمم المتحدة بنيويورك (1975 ـ 1979).

– أستاذ الأدب الإنجليزي والمقارن جامعة عين شمس (1979- 1983)، وجامعة الملك سعود (1983- 1988)، وجامعة الكويت (1988- 1989).

– عمل أستاذاً غير متفرغ بجامعة عين شمس (1988- 2008). كما عمل أستاذاً زائراً بجامعة ماليزيا الإسلامية في كوالالامبور وبأكاديمية ناصر العسكرية.

– المستشار الأكاديمي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن (1992- 2008).

– عضو مجلس الأمناء لجامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية في ليسبرج في فيرچينيا بالولايات المتحدة الأمريكية (1993- 2008).

– عمل مستشارًا لتحرير عدد من الحَوْليات التي تصدر في مصر وماليزيا وإيران وأمريكا وإنجلترا وفرنسا.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات