الأحد, ديسمبر 22, 2024
Dawen APP
الرئيسيةمقالاتمن تحديدات الانطلاق إلى الاعتراف الدولي.. تاريخ معرض أربيل الدولي للكتاب

من تحديدات الانطلاق إلى الاعتراف الدولي.. تاريخ معرض أربيل الدولي للكتاب

إسراء إبراهيم

على الرغم من سقوط بغداد على يد الغزو الأمريكي في عام 2003، وتدهور الأوضاع الأمنية في العراق، إلا أن هذا الغزو صاحبه حرية أكبر للكتاب وصناعة الكتاب في العراق، التي كانت منبرا دائما للعلوم على مدار التاريخ.

كانت الأوضاع السياسية قبل عام 2003، تتسم بالتضييق على المفكرين وصناعة الكتب، وكانت أغلب الحكومات تضيق الخناق على الكتابة وصناعها، ورغم الأوضاع الصعبة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي أصابت العراق، إلا أنه كان هناك انفراجة في عالم صناعة الكتاب، وبدأ الكتاب العراقيين يكتبون ما يريدون ويعبرون عن أفكارهم بحرية أكبر عما سبق. ومع هذا الانفتاح الفكري اتجه المفكرون العراقيون لتنمية الثقافة في بلادهم فبدأ الاهتمام بإقامة معارض الكتاب، وبعد 3 سنوات في 2006 نشأت فكرة إقامة معرض للكتاب في أربيل.

الفكرة وتحديات البدايات

انطلقت أول دورة في المعرض 8 مايو عام 2006، وكان الهدف من المعرض تغيير الحياة داخل إقليم كردستان العراق، وإحداث حركة نهضوية حضارية وثقافية في المجتمع. وأن يساهم في تغيير حالة التناحر من خلال زيادة الوعي المجتمعي، وتقديم شكل جديد لمحتوى معاصر بمعرض الكتاب.

أقيمت الدورة الأولى بدعم وتمويل من حكومة إقليم كردستان العراق، واستمرت الحكومة في دعم المعرض على مدار عامين. إلى أن تولت مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون تنظيم المعرض من دورته الثالثة عام 2008، بمشاركة الدعم من حكومة إقليم كردستان العراق ووزارة الثقافة والجهات الحكومية الأخرى.

أقيم المعرض في دورته الأولى على مساحة 3600 متر مربع، وعرض فيها أكثر من 21 ألف عنوان مختلف في معظم المجالات، كما تضمن 36 ألف عنوان لمجلات علمية دورية يمكن الإطلاع عليها عبر الإنترنت، إضافة إلى 3000 عنوان للكتاب الإلكتروني. وكان ذلك هو التجمع الأول من نوعه في العراق في هذا المجال منذ 25 عاما، وأصبح مقر المعرض الدائم بأرض المعارض الدولية في “بارك سامي عبد الرحمن” وسط مدينة أربيل.

ويهدف المعرض إلى إعادة الاعتبار للثقافة بصفتها حركة توعية واستنهاض، وتحويل معارض الكتاب إلى مناسبة تساهم في نشر الحراك الثقافي والتوعوي، بالإضافة إلى كونه يفتح بابا تشجيعيا للناشرين والمؤسسات الثقافية على توسيع حركة النشر والترجمة، لتواكب ما بلغته مثيلاتها في العالم. وتحقيق أكثر أشكال التعاون بين الناشرين والمعنيين بالثقافة والكتاب.

فرصة كبيرة للكتاب العراقي

فتح المعرض مجالا لبيع الكتب العراقية الصادرة عن دور نشر محلية، إذ ظلت الكتب العراقية ممنوعة لسنوات من التصدير بسبب فقدان الكتاب العراقي الصادر عن دور نشر محلية منذ تسعينيات القرن الماضي فرصة التسويق في الأسواق العربية والأجنبية والمشاركة في المعارض الدولية، لأن الإصدارات العراقية لا تحمل “الرقم الدولي” الذي يمنح البضائع ومنها المطبوعات.

كانت عشرات الكتب التي تصدرها دور النشر المحلية تُطبع شهريا في مطابع عمان ودمشق وبيروت، ثم تشحن إلى الأسواق العراقية، حتى تجد فرصتها للتسويق والانتشار، ومع ظهور معرض أربيل سمح بتداول وبيع الكتب بحرية أكبر، خاصة مع مشاركة العديد من البلدان العربية والأجنبية ومنحه الصفة الدولية.

كما كانت الكتب الكردية ممنوعة من التداول بحرية، ومنحها المعرض فرصة أكبر لزيادة أعدادها المشاركة في معرض أربيل الدولي للكتاب.

يشترط المعرض على دور النشر المشاركة تقديم خصومات على أسعار الكتب لزواره لا تقل عن 25%، ويمنع عرض الأعمال التي تدعو إلى الفتنة الطائفية أو المذهبية بين أبناء الشعب العراقي والشعوب العربية والإقليمية.

الاعتراف الدولي

بعد 10 سنوات من استمرار فعاليات المعرض، أعلن الاتحاد العام للناشرين العرب عن اعتماد معرض أربيل الدولي للكتاب كمعرض معترف به عربيا ودوليا وذلك في 2016.

كانت تلك هي المرة الأولى في تاريخ العراق الثقافي أن يعتمد معرضا للكتب دوليا، ويعد المعرض حتى الآن واحدا من أكبر المعارض المعنية بشؤون نشر وطباعة الكتب والترويج لها في العراق.

حضور عربي بارز

يشارك عدد كبير من الضيوف العرب كل عام في معرض أربيل الدولي للكتاب، وعلى مدار سنوات حضر مجموعة من كبار الكتاب العرب للمشاركة من فعاليات المعرض، منهم الكاتب المصري والناقد طارق إمام والروائي المصري يوسف زيدان، والكاتب الصحفي والإعلامي المصري إبراهيم عيسى، والكاتب السوري فراس السواح والقاص الكويتي طالب الرفاعي والكاتب السعودي عزيز محمد والمترجم المغربي محمد آيت حنا والكاتب العراقي عبد الخالق الركابي، والكاتبة الكويتية بثينة العيسى، والكاتب الكويتي سعود السنعوسي، بالإضافة إلى عشرات السياسيين والفاعلين في الشأن الثقافي إقليميا ودوليا.

منع كتب التطرف الديني

دأبت حكومة إقليم كردستان على منع الكتب والمنشورات التي تحرض على العنف والتطرف والكراهية وذلك في الفترة التي أعقبت ظهور داعش. وفي الدورة الرابعة عشر للمعرض مُنع بيع نحو 38 كتابا في المعرض، معظمها كانت محلية وجُلبت إلى المعرض من داخل الإقليم. ووصل عدد الكتب التي مُنعت في تلك الدورة نحو 100 كتابا جميعها عربية التأليف والنشر، لاحتوائها على فطر ديني وسياسي متطرف. وفي الدورة الثالثة عشر من عمر المعرض منعت حكومة إقليم كوردستان تداول 200 كتابا في المعرض.

وبعد حالة الجدل التي أثيرت في السنوات الأخيرة حول منع الكتب خاصة الدينية بمعرض أرببل الدولي للكتاب، أوضحت إدارة المعرض في دوراته سابقة أن أكثر الكتب التي تُباع داخل المعرض هي الكتب الإسلامية مقارنة بغيرها، وفي أعقاب ظهور داعش عام 2014، سعت حكومة إقليم كوردستان إلى تكثيف جهودها لمكافحة الإيديولوجيات المتطرفة. ورصدت بعض التقارير الصحفية أن هناك تزايد على شراء الكتب الدينية السلفية وكتب ابن تيمية في المعرض.

عودة بعد 3 سنوات

عاد المعرض بعد 3 سنوات غياب بسبب ظروف فيروس كورونا التي اجتاحت العالم كله وتسببت في إغلاق أغلب الفعاليات التي تحتوي على تجمعات، إذ أُقيمت النسخة الـ14 في 2019.

ظروف انتشار الوباء أجبرت المعرض على التوقف للمرة الأولى منذ تأسيسه، ورغم كل الظروف الاقتصادية وظروف الحرب وظهور داعش في العراق، لم يثني إدارة المعرض عن إقامته، فظل المعرض يُقام كل عام في شهر إبريل لمدة 10 أيام إلا أن الظروف الأمنية في عام 2018 اضطرتهم إلى إقامته في شهر أكتوبر، وخالف هذا العام إقامته في شهر إبريل وبدأ في 8 مارس الجاري.

تفاصيل الدورة الحالية

تقام حاليا فعاليات النسخة الـ15 من معرض أربيل الدولي للكتاب، التي انطلقت في 8 مارس وتستمر حتى 18 مارس الجاري. وذلك في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، وافتتح المعرض رئيس إقليم كردستان السابق مسعود بارزاني، وشخصيات سياسية وثقافية رفيعة.

يشارك في الدورة المقامة حاليا 350 دار نشر محلية وأجنبية، من 13 دولة سواء عربية أو أجنبية، وأكثر من مليون عنوان كتاب. كما تشهد الدورة أكبر حضور لدور نشر عن كل الدورات السابقة، ما يعكس الاهتمام الدولي الكبير بالمعرض الذي يتطور كل عام عما يسبقه.

حضرت مراسم افتتاح الدورة الـ15، ممثلة الأمم المتحدة في العراق جنين هينيس-بلاسخارت، وعدد من المسؤولين والسياسيين، بجانب افتتاح مسعود برزاني رئيس إقليم كردستان العراق السابق للمعرض، ورعايته الكاملة له. ويشمل برنامج فعاليات المعرض تسع ندوات يومية إضافة إلى جلسات حوارية ومعارض فنية وأمسيات شعرية وحفلات فنية.

ومن أبرز ضيوف المعرض هذا العام الروائي التونسي شكري المبخوت، والصحفي المصري والكاتب إبراهيم عيسى، والكاتب السوري هاشم صالح، والروائية الإماراتية ريم الكمالي.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات