فداء الرسول
سبق لي أن قرأت للدكتورة نشوى صلاح “قهوة صباحية مع النفس”، أتذكر حينها إعجابي بالسمات الخاصة بكتابتها التي يظهر عليها الهدوء والأناة وكأنها حقيقةً تُشاركنا في رحلاتها مع النفس، فيصبح كل واحدٍ منّا مُخاطَباً بأنه المعني بالأمر والمُلزم بالحالة التي يقرأها، رُبما لأننا جميعاً نتحد في نفس الصفات البشرية بكل تضادها وعمقها وغموضها.
لا يختلف أحد أن أكبر مُعلِم للإنسان بعد الحياة هي التجربة بكل مُحيطاتها ومُشتملاتها، ولكن لا تجارب تنتهي دون ألم ومشاعر سلبية والأولى بالإنسان دائماً أن يكون مُدركاً لطبيعة مشاعره وأن يفهمها على نحو جيد لأنها ستكون مرحلة أولى يليها أن يتعامل بشكل دقيق مع هذه المشاعر وآلامها.
لذلك بدأ كتاب “نعمة الألم” للكاتبة نشوى صلاح، والصادر عن دار دوِّن للنشر والتوزيع، بعرض فكرة أن الألم في حد ذاته نِعمة، وأنهُ لولا الألم لما أجاد أُناس كثيرون في فهم دوافعهم ولما تغيروا بعد ذلك على نحو أفضل يجعل التقدم والتطور والنجاح دائماً مُتجذر في قاموسهم الشخصي.
اختارت الدكتورة موضوعات مُهمة عامة، حتى وإن احتفظت الحكايات دائماً بخصوصية تفاصيلها إلا أنها تُشارك الكثير من البشر في إطارها العام.
في أربع فصول مهمة لأمراض مزمنة شائعة جداً في وقتنا الحالي، تحدثت “صلاح” عن جلد الذات والقلق وألم الغضب وألم التعلق، عُرِفَ كُل منهم بمنظور سهل ومُبسط وتسلسل هذا الحكي قصصاً حقيقية لمن يُعانون هذه الآلام، ثُم بعد ذلك أُتبع التعليق بعلامات هذه الآلام وكيفية التعافي منها علي نحو صحيح وبأسلوب سليم.
كان الأمر أشبه بمُناقشة ودية سلسة وأسلوب التقييم سواء لتحديد مدى تأثرنا بمقدار الألم أو مدى تعافينا منه بعد تطبيق نصائح التعافي، جعل من الكتاب صديقاً ودوداً ومؤنِساً يصلح لأن يكون عُطلة ذات منفعة وسط ضجيج العالم المُتلاحق.