كتب: يوسف وديع
كثيرا ما يجد البعض دراسة وفهم التاريخ عملا شاقا، بل ومملا في بعض الأحيان. وكثيرا ما يعتقد البعض أن قراءة التاريخ أمرا مقتصرا على الباحثين والدارسين المتخصصين فقط. ولكن أن تجد عملا يتناول تاريخ مصر القديمة، بكل ما فيه من أحداث ومراحل، دون ملل، أو دون الشعور بالنفور من المعلومات الأكاديمية، هذا هو المختلف في الأمر.
ففي كتابه الجديد “أسرار الملوك والملكات في مصر القديمة” الصادر حديثا عن دار دوّن للنشر، يكسر عالم الآثار والروائي المصري دكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، هذه القاعدة.
فيبدأ الكاتب بعد مقدمة قوية عن أهمية دراسة الحضارة المصرية القديمة، في سرد حكايات وبطولات وأمجاد أجدادنا العظماء، قدماء المصريين. من كتبوا التاريخ بأيديهم، ثم علموه للعالم شكلا وموضوعا. فيصنع بذلك مرجعا مصغرا وميسرا للمهتمين بالتاريخ الفرعوني.
وفي هذا التقرير تستعرض مدونة “مكتبة وهبان” أبرز الأسباب التي تدفعك لقراءة كتاب “أسرار الملوك والملكات في مصر القديمة”، وذلك فيما يلي:
1- في قالب قصصي وبأسلوب أدبي سلس أشبه بفن الرواية، يسرد الدكتور “عبد البصير” تاريخ مصر القديمة بدءًا من عصر الأسر الأولى والدولة القديمة، مرورا بعصر الدولة الوسطى والانتقال الثاني، ثم الحديث عن الدولة الحديثة بأسرها، انتهاء بالعصر المتأخر والعصر البطلمي، فيجعل الكاتب من رواية التاريخ أحجية تستفز حواسك لمتابعة المزيد منه.
2- يتضمن الكتاب عشرات الوثائق والصور النادرة عن الحياة الفرعونية القديمة، وأهم المعابد والاكتشافات الأثرية الهامة، والتي تثري القارئ بعشرات من المعلومات الهامة وتأخذه في رحلة داخل معالم مصر القديمة.
3- يستعرض الكتاب أيضا العديد من الحكايات التي قد تكون جديدة على البعض، مثل قصة محاولة هدم الأهرامات! فيسرد الكتاب أنه في نهاية القرن الثاني عشر الميلادي، كيف حاول الملك العزيز عثمان بن يوسف، نجل ووريث السلطان الناصر صلاح الدين، هدم الأهرامات بدءا من هرم منكاورع. وظلَّ العمال الذين جُنِدوا لهدم الأهرامات في عملهم لمدة ثمانية أشهر، لكنهم وجدوا أن التدمير يكاد يكون باهظ التكلفة مثل البناء. ونتيجة لهذه المحاولة أحدثوا شق رأسي كبير في واجهته الشمالية، موجود حتى الآن.
4- لا يقتصر الكتاب على سرد الأحداث التاريخية، بل يسلط الكتاب الضوء على بعض الأعمال الأدبية التي تأثرت بالحضارة المصرية القديمة، مثل الأعمال التاريخية لأديب نوبل نجيب محفوظ، كرواية (عبث الأقدار) التي وضح الكتاب أنها مستوحاة من أحداث كُتبت على بردية تدعى (وستكار)، تم اكتشافها وحفظها في متحف برلين، والتى تتناول نهاية حكم الأسرة الرابعة، وأيضا يحكي الكتاب تاريخ الملكة (نيتوكريس) التي استلهمها محفوظ في روايته (رادوبيس).
5- يتناول الكتاب الحديث عن أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في تاريخ الحضارة الفرعونية، مثل الملكة (حتشبسوت) التي ابتدعت أكذوبة “ولادتها الإلهية”، وأيضا عن الملك (أخناتون) وحربه مع كهنة آمون، والملك (توت عنخ آمون) وحياته الدرامية، وغيرهم ممن غيروا مجرى التاريخ، وكانوا وظلوا حتى الآن مثار غموض وإثارة للباحثين والدارسين.
6- نتعرف أيضا من خلال الكتاب على الجانب المظلم من بعض الشخصيات التي حكمت مصر في التاريخ الفرعوني، أو الشخصيات المحيطة بالعرش، فنعرف منه مثلا قصة الملكة (تي) الفاضلة و(تي) الخائنة، اللتين كانتا زوجتين للملك (رمسيس الثالث)، إحداهما كانت خائنة شاركت في مؤامرة لقتل زوجها ووضعها ولدها بدلاً منه على العرش، والأخرى فاضلة وقفت إلى جوار زوجها وولدها، وتحملت صدمة قتله، وكافئها القدر بتولي ابنها، ولي العهد الشرعي الذي اختاره أبوه الملك، حكم البلاد.
7- يعتمد الكتاب على عشرات المراجع التاريخية والأثرية الهامة، سواء العربية أو الأجنبية، والتي تعد من أهم عناصر البحث العلمي، وتفتح للقارئ آفاقا معرفية جديدة.
8- الكتاب لا يقتصر فقط على سرد قصص وسير الملوك والملكات الذين حكموا، بل يعتبر تأريخا كاملا عن الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مع ذكر مفصل للإرث الأثري لكل ملوك مصر القديمة.