صدر حديثا كتاب “وانتصرنا.. وثائقي حرب أكتوبر المجيدة“، عن دار دَوِّن للنشر والتوزيع، للكاتب والباحث أيمن عثمان، بالتزامن مع احتفالات ذكرى انتصار 6 أكتوبر 1973، يضم أرشيف صحفي متنوع من كافة الصحف المصرية.
الكتاب وثائقي من واقع أرشيف الصحافة المصرية عن الفترة من 4 أكتوبر عام 1973 وحتى يوم 26 أكتوبر عام 1973. يحتوي الإصدار على الأرشيف الصحفي الثري الذي تم نشره في تلك الفترة والذي يكشف عن بطولات خالدة وأيام لا تنسى. ويوفر مادة مهمة للباحثين وللأجيال الحالية.
للقراءة| كنوز دوِّن (1).. نرشح لك 10 أعمال في الفكر والأدب وكتب التراث
وفي ذلك السياق، تحدثنا مع الكاتب والباحث أيمن عثمان بشأن كواليس كتابة “وانتصرنا”، وكيف بدأت الفكرة، وغيرها من الموضوعات، وفيما يلي أبرز التصريحات:
– صاحب الفكرة كان د. أحمد مهنى، وتم التنسيق معي من خلال د. أحمد سلامة. في البداية، كان من الصعب علي أن أشارك في مشروع قائم على أفكار شخص آخر، لكن ثقتي الكبيرة في د. أحمد مهنى ود. أحمد سلامة جعلتني أقبل التحدي. اهتمام د. مهنى بالموضوع كان نابعا من كون والده أحد أبطال حرب 1973، وهذا كان الدافع الأساسي بالنسبة له. أما بالنسبة لي، فقد تأثرت لأن والدي أيضًا كان من أبطال أكتوبر، حيث كان في سلاح المشاة، فشعرت أن هذه فرصة لأرد الجميل لكل الأبطال.
– الجمهور المستهدف من الكتاب ليس فئة عمرية محددة، بل أجيال لم تعش أحداث الحرب أو لم تعرف عنها سوى من خلال بعض الأفلام الدرامية. تفاصيل الحرب كانت بعيدة عنهم، لذا كان من الضروري توثيق المعركة قبل أن تضيع التفاصيل من الذاكرة وتصبح مجرد نوستالجيا. كان من المهم لنا أن نكون نحن من يسرد حكايتنا، وليس الكيان الصهيوني الذي قد يحرف الحقائق ليجعل هزيمتهم تبدو انتصارًا أو على الأقل تعادلًا.
– قررنا أن نحكي قصتنا، قصة انتصارنا في حرب 1973. الصحافة كانت في ذلك الوقت الشاهد الأساسي على المعركة، وكانت تمثل الجزء الأساسي في توثيق الخطة الاستراتيجية قبل بدء المعركة. لذا اعتمدنا على الصحف لتوثيق الأحداث، نظرًا لاحتوائها على شهادات عالمية، وسير المعركة خطوة بخطوة، والبيانات الرسمية. وكان من المهم أن يكون التوثيق متنوعًا من خلال عدة صحف، وليس من مدرسة صحفية واحدة، لذا اعتمدنا على صحف مثل الأخبار، الأهرام، والجمهورية.
– اعتمدنا في التوثيق على عدة صحف، مثل الأخبار، الأهرام، والجمهورية. صحيفة الجمهورية ركزت بشكل أساسي على الحراك السياسي وتداعياته من الصفحة الأولى إلى الأخيرة، بالإضافة إلى توثيق الحراك الاجتماعي والشعبي والمقاومة، التي كانت من السمات البارزة. أما صحيفة الأخبار، فقد كانت مسؤولة عن رصد البيانات العالمية، وتوثيق كيفية مشاهدة العالم للمعركة وردود الأفعال العالمية.
– كان لي الشرف، بالتعاون مع دار دوّن للنشر والتوزيع، من خلال د. أحمد مهنى ود. أحمد سلامة، أن نشارك في إنتاج أول كتاب وثائقي عن حرب 1973. يُعد هذا الكتاب الوثائقي الأول من نوعه في المكتبة العربية، وهو إنجاز أعتز به كثيرًا. رغم أنني قد أصدرت أعمالًا ناجحة سابقة، إلا أن هذا الكتاب “انتصارنا” هو الأكثر أهمية في حياتي. أشعر أن تأثيره سيمتد إلى العديد من الإصدارات المقبلة. لأنني أتخيل أنه سيغير من بعض الإصدارات خلال الفترة المقبلة، كما أنه انتصار جديد في الكتابة، وسنرى خلال الفترة المقبلة انتشار الكتاب الأرشيفي.
– أتذكر عندما عملت في عامي 2018 و2019 على مشروع “تراث مصري” بالتعاون مع دون نشر، حيث قدمنا فكرة جديدة مستوحاة من أعمال أستاذنا الكبير صلاح عيسى، لكن بمنظور جيلنا الخاص. هذا الأسلوب في الكتابة بدأ ينتشر بين دور النشر الأخرى، وازداد الاهتمام بإحياء التراث المصري بنفس النهج.
– كان من الصعب جدًا الوصول إلى المواد المستخدمة، حتى مع امتلاك بعض الجهات الحكومية إصدارات منها، إلا أن حالتها للأسف لم تكن مناسبة للاستخدام أو الاستفادة منها. لذلك كان من الضروري الحصول على النسخ الأصلية من الصحف المصرية، وهو ما تطلب جهدًا كبيرًا واتصالات مكثفة مع كل من يهتم بجمع الأرشيف المصري من الصحافة، لرصد الأحداث من قبل المعركة وحتى نهايتها. كنا بحاجة إلى مواد بجودة معينة تساعدنا على الطباعة، حيث جاءت فكرة أن يظهر الكتاب بحجم أكبر من الكتاب التقليدي وأصغر قليلاً من الصحيفة. هذا الحجم يعطي شعورًا وكأنك تمسك صحيفة وتتصفحها، حتى وإن كانت صحيفة صغيرة، مما يخلق حالة من الانسجام بين المحتوى وتجربة القراءة.
– كتاب “وانتصرنا” هو كتاب يمكنك قراءته في أي وقت، سواء كنت جالسًا في مقهى أو بين الأصدقاء، حيث يمكنك قراءة وتكرار العناوين الرئيسية التي كانت مطبوعة في الصحف، مما يخلق حالة استحضار لأجواء تلك الفترة. هذا الانسجام انعكس حتى على طريقة الطباعة نفسها.
– الكتاب مختلف لأنه ليس مجرد تجميع للأرشيف وعرضه، بل هو أكثر من ذلك. أرى أن الإخراج جزء أساسي من القصة نفسها، حيث تم التعامل مع الصحافة بطريقة تختلف عن إخراج أي كتاب آخر. يمكننا القول إن الكتاب هو بمثابة بطل يجسد الفكرة، فهو يجمعها ويقدمها بشكل فني. كأنك تعملين على فيلم وثائقي، وكل فرد في الفريق ساهم بدوره، بإمكانياته وإبداعه الخاص، مما أدى إلى إنتاج هذا الكتاب المميز. الكتاب عبارة عن رؤية وإعداد وإخراج، وكتاب “وانتصرنا” يكاد يكون أشبه بفيلم وثائقي مكتوب.