أصدرت دار “دوِّن” للنشر والتوزيع طبعة جديدة لكتاب “للجنة سور” للكاتبة والأكاديمية مي التلمساني، والتي من المقرر طرحها بالمكتبات خلال أيام.
في كتاب ” للجنة سور”، تنتقل بطلة الحكاية من القاهرة إلى أوتاوا مرورا بمونتريال وباريس. خلال تنقلات المؤلفة تقوم بتوثيق المدن والحكايات من خلال حكايات السفر والطرائف والمدونات. كما تتأمل أيضا على طول الطريق في معنى الحركة، والحاجة إلى إعادة ابتكار الذات، وترصد التغيرات الاجتماعية التي تحدث للجميع.
أحد أهم محاور “للجنة سور” محور الغربة وعدم الاستقرار بين هنا وهناك، بين مصر هناك وكندا هنا، أو بين كندا هناك ومصر هنا. الرحلة بين هنا وهناك واستغراب الأماكن والناس والأحداث هي أهم ملامح الغربة، والناس والأحداث هي أهم ملامح الغربة.
في الكتاب نقرأ عن النفس المهاجرة، كيف يهاجر الإنسان ويظل قلبه معلقاً بالوطن، ولماذا تدفعنا الحياة للسفر؟! حكايات بين الارتحال والغربة والبحث عن الأحلام والغرق في الذكريات. تسرد الأديبة المصرية مي التلمساني تفاصيل ومشاهدات ذات أثر عميق في نفسها عن رحلتها منذ أن كانت “هنا” تبحر في عالمها، وتفتش عن الأفضل وتتابع أحلامها تكبر، كذلك تسرد رحلتها نحو “هناك” حيث تتوقف قليلاً الرحلة المكانية وتبدأ رحلة نفسية جديدة، غير أن الإنسان مهما ارتحل يظل يجمع “هنا” و”هناك” معاً في قلبه المتأمل.
تحرص “التلمساني” في كتابها على الابتعاد عن الصور الشائعة النمطية عن المهاجر وحنينه للوطن وعذاباته في المهجر. ولو حضرت هذه الصور في المقالات التي يضمها الكتاب فلكي تعيد مناقشتها، وتكشف الكيفية التي تختزل بها تلك الصور حياة المهاجر أو حياة الإنسان بشكل عام. الأفكار المسبقة سواء في مصر أو كندا هي ما تحاول تلك المقالات التخلص منها أو الصراع معها. وتعايش بدلا منها اللحظة الحالية. وتبدأ الكتابة من وسط علاقة ما مع أماكن أو أشخاص. دائما الكتابة من وسط مشهد ثم تتبع ما يتكشف من صلات مع مفردات ومعالم هذا المشهد: في المقهى، الطائرة، المطار، الطرق في كندا أو مصر، في بيتها هنا أو هناك. في مقال ”الحركة” تترجم مي عن جيل دلوز “لم يعد مهمًّا البدء من نقطة والوصول إلى نقطة. فلقد أصبح السؤال هو: ما الذي يحدث بين؟“.
مي التلمساني كاتبة وروائية مصرية من مواليد القاهرة. تعمل أستاذاً للدراسات العربية والسينمائية في جامعة أوتاوا بكندا. نشرت لها أربع روايات هي “دنيا زاد” (1997)، “هليوبوليس” (2000)، “أكابيللا” (2012) و”الكل يقول أحبك” (2021)، وثلاث مجموعات قصصية. ترجمت روايتها “دنيا زاد” إلى ثماني لغات وحازت على جوائز في مصر وفرنسا. نشرت أبحاثها الأكاديمية في مجالات السينما والفنون والثقافات الشعبية. في عام 2021 حصلت على وسام الآداب والفنون من الحكومة الفرنسية برتبة فارس، اعترافاً بجهودها بمجالات الثقافة والفنون والآداب.