الأحد, مارس 9, 2025
Dawen APP
الرئيسيةريفيوهات"ليلة في ضيافة الكونت".. عندما يبعث خالد أمين أسطورة دراكولا من جديد

“ليلة في ضيافة الكونت”.. عندما يبعث خالد أمين أسطورة دراكولا من جديد

إسراء عادل نقلا عن مكتبة وهبان

“مرحبا بك في ترانسلفانيا.” بهذه الجملة اللافتة يختتم التمهيد في رواية ليلة في ضيافة الكونت للكاتب خالد أمين، والصادرة عن دار دَوِّن للنشر والتوزيع. تمر أمام عينيّ ذكريات قراءتي لرواية دراكولا لبرام ستوكر منذ سنوات عديدة، بينما أبدأ في تفريغ محتويات حقيبتي في غرفة الفندق بترانسلفانيا.

وهنا تبدأ رحلتي مع عمل جديد لخالد أمين، بعد أن قرأت أغلب أعماله. لذا، حين التقيت ناردين، كاتبة الرعب المعروفة التي ظهرت في أكثر من عمل سابق له، شعرت بألفة معها، رغم أنني لم أقرأ له منذ فترة طويلة. وبمجرد أن قرأت أنها كاتبة متخصصة في الرعب والماورائيات، تذكّرتها على الفور.

بدأت القراءة، فشعرت بعبق قلم أحمد خالد توفيق بين السطور، وكأن قلمه مرّ من هنا ذات يوم أو خلّف أثرًا بطريقة ما. المهم أنني شعرت بوجوده. وفجأة، التقيت برفعت إسماعيل من داخل عقل ناردين الصباغ. لم أفزع بالطبع، بل أحببت تلك اللحظة، أولًا لأن نظريتي كانت صحيحة منذ البداية، وثانيًا لأن خالد أمين أعاد إحياء ذكرى رفعت إسماعيل بداخلنا.

للقراءة| “عابرون”.. رحلة بين الحياة والموت حيث لا شيء كما يبدو

بدأ الفصل الأول برسالة يكتبها عزت يحيى، لكن للأسف لا أذكر ظهوره في روايات سابقة، رغم أنه ذكر أنه كان في بلد بها تماثيل شمع وقصر، مما أيقظ جزءًا معينًا من ذاكرتي، لكنني لم أتمكن من تحديد موقعه. أما ناردين، ذات الاسم المميز، فتذكّرت ظهورها، وكذلك صلاح، الذي ربما التقيته سابقًا في أحد أعمال الكاتب، وربما لم يحدث ذلك.

في رسالته إلى ناردين، تخيّل عزت أنها تستمع إلى موسيقى كابوسية لفيشوكي كيلار، وسريعًا ما بحثت عنها وأدرتها في الخلفية أثناء القراءة وتدوين الملاحظات. وللحق، كانت مرعبة بالفعل، وقد علمت أنها خاصة بفيلم مقتبس عن رواية دراكولا لبرام ستوكر. وبينما كنت أعيش في أجواء الرعب التي فرضتها الرواية، وجدتني أتوق لقطعة شوكولاتة تذوب في فمي.

من الجدير بالذكر أن الرغبة العارمة في البحث عن كل شيء عادة ما تكون في حالة خمول في أوقات أخرى. فأحيانًا، حين أجد اسم مقطوعة موسيقية أو أغنية في عمل أدبي، أكتفي بتظليل اسمه وكأنني بهذا منحته حقه. لكن الحقيقة أنني بمجرد انتهاء القراءة، نادرًا ما أعود إليه، مما يجعل التظليل غير كافٍ على الإطلاق.

تدور أحداث الرواية بعد قراءة رسالة عزت، التي كتبها ولم يرسلها إلى ناردين، والتي تشير إلى بانسيون كارفاكس أبي في الإسكندرية، قبل أن تختفي أخباره. وللمرة الثانية، وضعت الكتاب جانبًا، مدفوعةً بفضول القارئ، وكتبت هذا الاسم في محرك البحث، متمنيةً أن أجده حقيقة، وألا يكون مجرد اختراع من عقل المؤلف. لكنني لم أعثر عليه كاسم لبنسيون في الإسكندرية، رغم أن بحثي لم ينفِ علاقته بدراكولا، فقد قرأت أنه موقع خيالي في رواية برام ستوكر، حيث كان ديرًا مهجورًا بالقرب من لندن وقاعدة عمليات لدراكولا.

جاءت المفاجأة في الفصل الثاني، عندما قالت ناردين بنفسها إنه لا يوجد بنسيون بهذا الاسم في الإسكندرية، فابتسمت وقلت لها: “أعلم ذلك بالفعل!”. ولا يمكن إنكار أن ناردين – الشخصية الرئيسية في الرواية – كاتبة رعب ومحللة نفسية، تتحدث مع رفعت إسماعيل وفان هلسنج وغيرهما في خيالها، بينما كنت أنا أتبادل الأفكار معها. يا له من جنون!

وللمرة الثانية، توافق حديث ناردين مع ما توصلت إليه في بحثي، إذ لم أجد أي دليل يؤكد أن قلعة بران هي قلعة دراكولا الحقيقية. كما أنني بحثت عن قلعة بويار، التي ذُكرت في الرواية، ولم أصل إلى أي نتيجة، مما جعلني أعتقد أنها القلعة المنشودة.

شغلني اسم ناردين الصباغ حتى كتبته في مؤشر البحث، فاكتشفت أن خالد أمين كتب يومًا ما رسالة لشخصية خيالية تحمل هذا الاسم، شخصية رسمها خياله، لكن يبدو أنهما أصبحا صديقين بشكل ما، حتى إنه كتب لها بعض الأحرف، بادئًا بـ: “إلى عزيزتي ناردين الصباغ”. كما وجدت مقالًا له بعنوان أنا وناردين وما يفعله الفن بصحتنا النفسية، اقتبس منه:
“كدت أن أقول لها إنها واحدة منهن، لكني عدلت عن ذلك، لأنها – ببساطة – ليست واحدة منهن.. إنها ناردين الصباغ بعد كل شيء.”


ما أجمل أن يقرأ المرء حوارًا بين مؤلف وشخصيته بعد أن يقرأ رواية قامت ببطولتها! أما عن الأحداث، فكان من الطبيعي أن يذهب الأبطال خلف عزت للعثور عليه، بعد أن شعروا بالخطر الذي يحيط به. ومن هنا، تصاعدت وتيرة التشويق والإثارة، حتى وجدت نفسي ألهث وأنا أتابع سباق الشخصيات من الإسكندرية إلى ترانسلفانيا، على متن الباخرة، ثم إلى قلعة فلاد، حيث كتبت ناردين بعض تفاصيل الرحلة في رسالة.

تسابقت الأنفاس، وتسارعت الأحداث، وظهرت شخصيات ثانوية في محلها، لكن بعض التفاصيل التبست عليّ، ما جعلني أعود إلى بداية الرواية للتأكد منها، قبل أن أستأنف القراءة. وهكذا، استمرت الحرب بين الخير والشر حتى النهاية، تاركة القارئ يتساءل: “هل هناك موت حقيقي للكونت، أم أن الحياة لن تستمر إلا باستمرار استيقاظه كل مساء؟”.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات