إسراء باهي
في البداية.. لو سبق لك قراءة رواية “فتاة من الشرق” فأنت على علم تام بكل ما حدث، يحدث وسيحدث. ولو أن هذه الرواية “أيام ميري الشركسية” -الصادرة عن دار دوِّن للنشر والتوزيع للكاتبة نوران خالد– هي أولى قراءتك، مثل ما حدث معي، فأنت أمام صفحة من صفحات التاريخ الاجتماعي.
حِقْبة تاريخية مكتظة بالأوراق الثقيلة، أخف ما في وزنها ما حدث للمهاجرين من مذابح وعنف وأثقل ما في وزنها ما بعد الاستقرار. بعد الحرب لا يعود المرء كما كان أبدًا، أخف ما فيه جسده، وأثقل ما فيه قلبه.
للقراءة| “أيام ميري الشركسية”.. حين تتعدد أوجه الحرب والضحية واحدة
خواء القلوب ما بعد الفقد يؤلم ويضيق علينا العزلة، والعطاء الذي ينصب علينا ربما كان شفقة، والشفقة ما هي إلا داء فوق داء. ثم تعرف أن الأوطان لا تُقاس بالأموات إنما بالعطاء، والعطاء هنا رحمة.
هكذا كنتِ أنتِ يا ميري.. دواء، عطاء، ورحمة. من الإرهاق أن تعلق في منتصف الأشياء، أن تكون خير الدنيا وشرها، تعود منتصرًا بعدما قررت الانسحاب، تسعى في أمر لا تريده، وتريد أمرًا لا تسعى إليه.
من الإرهاق ألا تعرف من تكون.. هكذا أنت يا محمود؛ خير محارب للشر، تنسحب وأنت على عهد قوة، تسعى للخير ويأتي لكَ ما هو أفضل.
“وتروَّح بلدك يا غريب، وتلاقي على البر حبيب”
ختمت الكاتبة نهاية حكايتها وصوت محمد قنديل يتردد أمامنا في الأفق الواسع، وأشعر أنا أن تلك الكلمات هي البداية. كلنا غرباء في الحب، غارقون في فوضى قلوب خالية لا يشغلها شيء أبدًا ثم نقع في الحب، ندخل بلاده سلامًا آمنين، نُعزّز أماكننا، نوطد ملكيتنا ونستقر على البر، في قلوب ممتلئة ساكنة.
لشراء الرواية من هنــــــــــــــا