نهى عاصم
في رواية “واحترقت أوراق القضية” للكاتب والمستشار محمد عبد العال الخطيب، والصادرة عن دار دوِّن للنشر والتوزيع، يُبرز غلاف الكتاب صورة صحيفة محترقة الأطراف، مع مانشيت عريض متآكل يتحدث عن حريق القاهرة في عام 1952، مما يوحي بأن الحريق لم يترك حتى الصحف التي كتبت عنه سليمة.
الغلاف الخلفي للرواية يعرض قصصًا عن مصر وحادثة حريق القاهرة، مع حكاية شاب يدعى “واصل” الذي جاء إلى القاهرة آملًا في تحقيق أحلامه، وكأنه يحمل جزءًا من اسمه “وله حظ من اسمه” في حل ألغاز المدينة.
تدور أحداث الرواية حول واصل، الشاب الفقير القادم من سوهاج عام 1951، بملابس بالية، مستلقيًا على سطح القطار لأنه لا يملك ثمن التذكرة، إلا أنه يحمل في قلبه إيمانًا بأن هذا القطار سيقوده إلى الجنة، إلى مصر! عمل واصل في أول يوم له في جراج بجوار فندق شبرد، يغسل السيارات ويحرسها ليلاً، ليحصل على مكان للعمل والمبيت.
واصل يتجول في القاهرة، يتعرف على أصدقاء جدد، ويستمع إلى حديث الشيف سليمان عن حقوق العمال والنقابات واستغلال الأجانب والإنجليز، وسلطة الأغنياء والأحزاب السياسية، مما يُغني معرفته ويغير من شخصيته. يصل واصل في تجواله إلى كازينو بديعة رغم تحذيرات عم عبده الذي نصحه قائلًا: ❞ بالليل بتظهر الجنيات وشياطين الإنس، خش نام يا “واصل”، ولو في يوم ظهرت لك الجنية، اوعى تشرب معاها ميه. ❝
تتناول الرواية عوالم غريبة عن مصر، وتذكرنا بروايات نجيب محفوظ، حيث تعرض حكايات عن قبضايات، وخطف فتيات أجنبيات وبيعهن في مزاد، وإتاوات تُفرض عليهن وعلى الراقصات.
نرشح لك| أكرم محمد يكتب: تاريخ سري للعنقاء.. سرديات موازية للتجريب
يُسلط الكاتب الضوء على حريق القاهرة الذي التهم الكثير من ذكريات المدينة والغموض الذي ما زلنا نعيشه حتى اليوم، مع استنتاجات حمدي بك الخطيب. كما يقدم شخصية أحمد حسين، الشخصية المصرية الغامضة التي تدفع القارئ للتساؤل عما إذا كان قد كُتب عنها من قبل.
ورغم أحداث الرواية المثيرة، إلا أن الكاتب لا ينسى جمال الكلمة، فنجد جملًا رشيقة مثل: ❞ نهض عم عبده منتفضًا بطريقه تتنافى مع حضرة النوم التي كان في رحابها. ❝
نشكر الكاتب على هذه الرواية التي قدمت رؤية جديدة لأحداث تاريخية لم نعشها، وإن تم تضليلنا بشأنها كثيرًا، فالتاريخ مليء دومًا بأوراق قضايا محترقة.