الأربعاء, نوفمبر 13, 2024
Dawen APP
الرئيسيةمقالاتما حكـــته لي شهرزاد!

ما حكـــته لي شهرزاد!

أحلم بك كل ليلة ، لأنك تسكنين بين تلك الجدران القديمة المهترئة المحيطة بقلبي ..

أحلم بك كل ليلة ، لأنك حبيبتي .. أنت الملاذ والمراد .. أنت النور في العتمة

ها انت ذي طفلة في صورة وعروس في الأخرى ، وهالة فنك تحيط بعبد الحليم حافظ وهدي سلطان في تلك الصورتين الأخرتين ، وجوارك يقف زوجك وأما عن هالة فنه هو فلها دواوين تكتب ! ثم تأتي تلك الصورة الأخرى مع ابنائك ، أمي واخوالي ، وأخيرًا هالة فنك تحيط مرة أخرى بسمير صبري في فرح أبنك الأكبر!

أحلم بك كل ليلة ولأعوام لأنك دومًا بداخلي ..

وقبل رحيلك كنت انت حلم يقظة دائمًا أرتجف فيه من فراقك ..

أنت قد رحلت يا حبيبة العمر دون أقولها لك ابدًا ..

حدثتك عن أحلامي ولم تريها وهي تتحقق بحمدلله وكرمه

لم تريني بينما الله يكرمني وانا أحقق حلم تلو الآخر بعد صراع عشرون عام

لم تريني وانا كاتب في رحلة أحلامه ، رأيتني فقط عندما كنت صعلوك حائر وتائه ..

لكنك تريني الآن اليس كذلك ؟ ارجو الله أنك تريني الآن ..

أنت سبب أحلامي وفني كله ..

رأيتيني وانا اواجه الحياه ، وأقاتلها وبكيت من أجلي ، وظللت متنقل من مكان لآخر بلا غاية، ولم تري عوض الله الجميل عندما أحاطت بي كل رواياتي وحملتني للنجاه في مركب جميل على شاكلة غرفتك التي اعتدي حكاية الروايات والقصص والسينما بها..

أهلوس بأسمك بداخل عقلي عندما يضيق الخناق ، أستيقظ وأصيح باسمك ، للحظتنا تلك ..

أنت أريتني الحب والعطاء والأيثار .. والانسانية .. انت كل شيء وانا بدونك لا شيء ..

ولعمري ولحسرتي اني لم اقل لك هذا وانت على قيد الحياة ..

انت دومًا معي ، ولا اريد سوى لقائك قريبًا مع رب كريم ..

رحمة الله عليك يا من لن يوجد مثله ابدًا

لشدة ما انا بحاجة اليك دومًا ..

علمتيني ان هناك حضارة اغريقية بكل أساطيرهم ، وحدثتيني عن نيرون وطعن.ة بروتس لقيصر ، اجلستيني لاقرأ شكسبير بحب ، اخذتي بيدي الصغيرة لعالم اغاثا كريستي ، وفي الليال الممطرة حكيتي لي عن مصاصي الدماء والمستذئبين ، والجاثوم والنداهة ، وفي الصباح كنا نجلس امام عدة لوح زيتية لكل منهم قصه ، فتلك روميو وجوليوت وهذا مكبث وهذا ذو العينين السوداتين هو راسبوتين اما تلك القلعة فهي تخص فرانكشتاين الذي يوشك على القيام بتجربة غريبة نوعًا ، جعلتيني أشعر ان ديكنز وديستويفسكي من افراد عائلتنا ، وعندما أريتني جرامافون الموسيقى الخاص بجدي الشاعر لأكتشف موسيقى جون ويليامز وانيو موريكون وبيرنارد هيرمان ، الجدي الطبيب الذي كان يسافر الى لندن مخصوص ليبتاع تلك الأسطوانات ويجلس في صمت جوارها ليستمع اليها ، فلا تتعجب من فضلك من هوسي وجنوني بالموسيقى ، وهو الذي دخل فيلم دراكولا مرتين متتالتين ابان عرضه في السينما بالخمسينيات ، كلاهما عاشقي للسينما والفن والرواية ، كلاهما امتلكا أرواح مختلفة ، اه يا جدتي ..كنت تعشقين قصص الغموض ومن فعلها ، بل وتحولين الافلام لقصص روائية وتحكيها لي قبل النوم مثل الفيلم الرقص مع الذئاب والأب الروحي والعظماء السبع وغيره ، كنت تحضرين دومًا في يوم الآباء بالمدرسة حاملة طبق طعامي المفضل ، وتعديني بلفة بالحنطور امام قصر اليكسان لكي أنس أمر المتنمرين ، ولك من مرة ذهبنا للسينما لنشاهد أفلام هوليود سويًا ، هذا مشهد لن تجده كثيرًا ، جدة مع حفيدها في فيلم الرجل الخفي وفيلم الرجال اكس والنافذة السرية وغيرة ولشدة ما كانت تحب افلام ستيف مكوين وتشارز برونسون وبروس ويليز وسلسلة ميل جيبسون وجلفر الشهيرة ، ويا لطريقتك في وصف المسرح وكاليجولا وغضبة نيرون وما الذي حدث لأودوسيوس ، وعندما أريتني هتشكوك وجيمس ميسون والفس برسلي وبوجارت للمرة الأولى ، ومحاولتك في تسبيط رواية دكتور زيجافو لطفل في الابتدائية ، ومكافأتي بعدها كانت رواية البؤساء وقصة مدينتين وكوخ العم طوم.. عرفت منها الآرواح الآثمة التي كانت حبسية صندوق بندورا كالحقد والغيرة اللذان اتلفوا قلب عطيل ، في تلك اللحظة اكتسبت عادة ربط عوالم أحداث الروايات ببعض !

تعلمت منك الأنسانية ، وورثت عنك تلك الصفة القادمة من الخيال ، وهي القدرة على تقمص وجهة نظر الآخرون العاطفية ، فتشعرين بما يشعرون أخيار كانوا أم لا ، وأنا اعلم انها صفة مرهقة ، ان تري اسرارهم بوضوح بخيالك .. كنت تنبهيني دومًا ان دون كيشوت رجل نبيل ومهذب ، لا يصفع النساء ولا يسبهم ، وجعلتيني اقرأ ذهب مع الريح لكي افهم المرأه وكيف اتعامل معها بشكل راقي مثلما فعل بوجارت في الفعل ، حكيتي لي عن الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة لأمتثل بأنسانيتهم وأفعالهم ..

انت الحلم يا جدتي ، انت الحياة .. ولحين مماتي سيظل قلبي يدمي لأني لم أقل لك أي من هذا الكلام وانت على قيد الحياة ، انت بكيت في لقائنا الأخير قبل أن أسافر ولم أفهم السبب ، ثم وقعت الحادثة المشئومة ، وأتيت انا متأخرًا ملعونًا كعادتي ..

جلست جوارك دامع العينين احاول ان احكي لك ما حكيته انت لي وانا طفل ..رأيتك ترفعي عينك وتنظري لي دامعة عينين !

سامحيني ، لقد حنثت بوعدي اليك ، وعدتك سابقًا بالا ادعك تقضي اللحظة الاخيرة في المستشفي ، لكني لم اكن موجود وهذا ليس بعذري بل لعنتي ، لم أكن موجود لأحافظ على وعدي ، وأودعوك المستشفى ..

فسحًا للسفر وسحقًا للفراق ..

انت دومًا معا ، وعندما يروني اتحدث معك بصوت عال سيقولوا مخبول !

لا يهم ، لأنك بداخلي انا ..

رحمة الله عليك يا جدتي..

يا أنقى قلب امرأه في التاريخ .. انت كل شيء وانا لا شيء بدونك ، يا جدتي..

Khaled Amin
Khaled Amin
خالد أمين: كاتب وروائي مصري مهتم بأدب الرعب والتشويق والجريمة. من مواليد القاهرة عام 1989. يعمل كمحاضر أكاديمي في قطاع الجامعة ومدرب شركات خاصة, اهتم بدراسة الأدب الأمريكي والكتابة السينمائية وأدب الرعب والخيال والجريمة, صدر له رواية "هوس" عام 2012, ورواية "الشبيحة" عام 2013, وسلسلة روايات بعنوان "المجهول إكس" يصدر منها عدة أجزاء سنويًا, كما صدر له رواية "هؤلاء الذين عادوا" عام 2018, ورواية "إنهم يأتون ليلًا" عام 2019, "ليلة ظهور القرين", "زائر منتصف الليل" وتعد رواية "وقريبا سيحل الظلام" هي أحدث أعماله الأدبية.
مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات