الأربعاء, نوفمبر 20, 2024
Dawen APP
الرئيسيةمقالات75 عاما على النكبة.. كيف تطور تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي في فلسطين؟

75 عاما على النكبة.. كيف تطور تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي في فلسطين؟

إسراء إبراهيم

شهدت الأيام الماضية تصعيدا خطيرا في الصراع بغزة بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلية، التي شنت حربا على الشعب الفلسطيني ردا على عملية “طوفان الأقصى”، التي استهدفت مستوطنات إسرائيلية السبت الماضي. لتكون أكبر عملية عسكرية في الداخل الإسرائيلي منذ حرب 1948.

ويستمر الاحتلال الإسرائيلي في استخدام قوته الغاشمة تجاه أهل غزة، الذين يواجهون من إبادة جماعية يقوم بها المحتل الذي يسعى لتنفيذ مخططاته الاستعمارية، والذي راح ضحيته حتى الآن ما يزيد عن 7000 شهيدا، وأكثر من 17000 جريحا. وسط غطاء ودعم عالمي لإسرائيل في حربها على قطاع غزة.

تتزامن تلك الحرب مع مرور 75 عاما على نكبة 1948، ومع محاولات الغرب تزييف الصورة الحقيقية لما يدور في فلسطين، لذا تُقدم مدونة دوٍّن هذا الملف حول القضية الفلسطينية وتاريخها.

للقراءة| بعد الحرب على غزة.. تعرف على أبرز الأعمال الأدبية التي تناولت القضية الفلسطينية

ونرصد في التقرير التالي تاريخ الصراع الفلسطيني والعربي مع الكيان المحتل إسرائيل، على مدار عقود وسنوات ممتدة، ارتكبت فيها قوات الاحتلال جرائم لا إنسانية لا تُغتفر في حق الشعب الفلسطيني والعرب. استخدمنا الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية، من إعداد مؤسسة الدراسات الفلسطينية ضمن مشروع مشترك مع المتحف الفلسطيني، كمرجع معلوماتي أساسي في توثيق الأحداث، إذ تتبع الموسوعة تاريخ فلسطين الحديث منذ نهاية الحقبة العثمانية حتى عام 2019.

– في سنة 1516، تحركت الإمبراطورية العثمانية  – التي أسّسها رجال القبائل التركية في الأناضول  وأقاموا عاصمتهم في القسطنطينية على أنقاض الإمبراطورية البيزنطية – ضد حكم المماليك في بلاد الشام ، فهزمت قواتها جيوش المماليك واحتلت بلاد الشام، بما فيها فلسطين، لتبدأ بعدها حقبة امتدت أربعة قرون حَكَمَ خلالها العثمانيون فلسطين بلا انقطاع تقريباً، وتميّز حكمهم بإدماج النخب المحلية في شبكات سلطة الدولة (لاسيما من خلال نظام الضرائب)، وبتأسيس المؤسسات الدينية والخيرية ودعمها. 

– في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، كان لعدد من التطورات على الصعيدين الإقليمي والعالمي دور مؤثر في مسار الأحداث في فلسطين، وكان لثلاثة منها تأثير خاص، وهي: قيام العثمانيين بسلسلة من الإصلاحات الإدارية التي سعت بشكل أساسي إلى إعادة صوغ العلاقة بين الدولة ورعاياها، وتحولات دولية منحت قوى أوروبية نفوذاً متزايداً على الدولة العثمانية المتهالكة، وصعود الحركات القومية، بما في ذلك تنامي الصهيونية في أوروبا والقومية العربية والفلسطينية في الأقاليم العربية من الإمبراطورية العثمانية. 

– تميّزت سنة 1876 بوصول السلطان عبد الحميد الثاني  إلى الحكم، وبكونه بداية لمرحلة دستورية أولى أطلقها صدور “القانون الأساسي” العثماني، الذي سعى إلى إعادة تكوين العلاقة بين الدولة العثمانية ورعاياها، من خلال صوغ هوية سياسية عثمانية واحدة تطبَّق بالتساوي على جميع رعايا الإمبراطورية، كما تأسس البرلمان العثماني  وفقاً لهذا القانون، ومَثَّل مدينةَ القدس فيه يوسف ضياء الدين باشا الخالدي . ولكن بعد عامين فقط، أمر السلطان عبد الحميد بتعليق “القانون الأساسي”، منهياً بذلك المرحلة الدستورية الأولى، وليحكم بعدها كملك مطلق الصلاحية على مدى السنوات الثلاثين التالية، التي رعى خلالها بعض مشاريع التحديث الناجحة (مثل الإصلاحات البيروقراطية وإنشاء سجل السكان وتشييد سكة حديد الحجاز )، بينما كانت الإمبراطورية تفقد سيطرتها على العديد من المناطق (في أوروبا خصوصاً)، نتيجة ائتلافات بين حركات تحرر محلية وقوى خارجية. 

– دفعت تلك الخسائرُ القوى الخارجية إلى استغلال الضعف النسبي الذي أصاب الإمبراطورية العثمانية وفرض تنازلات اقتصادية وسياسية عليها، من خلال اتفاقيات أعطت الرعايا الأجانب على الأراضي العثمانية وضعاً متميزاً، مثل إعفائهم من الضرائب والملاحقات القضائية المحلية على سبيل المثال. وعلى رغم أن الاتفاقيات هذه، والمعروفة بـ”الامتيازات الأجنبية”، كانت أُعدت منذ استيلاء العثمانيين على بلاد الشام، إلاّ أن ترنّح الإمبراطورية دفع القوى الأوروبية إلى توسيع امتيازاتها وإعطائها إلى وكلاء محليين، فاستغلت الحركة الصهيونية ومؤيدوها الأوروبيون هذا الوضع الجديد من أجل تشجيع هجرة اليهود إلى فلسطين، على الرغم من المعارضة المحلية لذلك. 

– لم تكن فلسطين تمثّل وحدة إدارية في تلك الفترة، وكانت التسمية (“فلسطين”) تُستخدم لوصف منطقة جغرافية، وبعد عمليات إعادة التنظيم الإداري في السبعينيات والثمانينيات من القرن التاسع عشر، تم تقسيم المنطقة التي عُرفت لاحقاً باسم “فلسطين الانتدابية ” الى ثلاث وحدات إدارية: سنجق القدس ، وتتم إدارته من الآستانة مباشرة، وسنجقا نابلس وعكا  في الشمال، ويرتبطان إدارياً بـ ولاية بيروت . وتشير السجلات العثمانية إلى أن عدد سكان هذه السناجق الثلاثة بلغ 462,465 نسمة سنة 1878، منهم 403,795 مسلماً و43,659 مسيحياً و15,011 يهودياً (لا تشمل الأرقام حوالى 10,000 يهودي كانوا يحملون جنسيات أجنبية، وعدة آلاف من البدو أو الأجانب الذين أقاموا في فلسطين). كانت يافا ونابلس أكبر المدن الفلسطينية وأكثرها حيوية اقتصادياً، في حين أن معظم اليهود في فلسطين –مع ملاحظة أن اليهود الأرثوذكس كانوا يتعاملون بشكل محدود جداً مع الصهيونية- عاشوا في أربع مدن ذات أهمية دينية، وهي: القدس والخليل وصفد وطبريا.

–  كانت الصهيونية في ذلك الحين تتبلور في أوروبا، وعلى وجه الخصوص في أوروبا الشرقية . كان المفكرون الصهاينة، المدفوعون بالمد الكولونيالي خارج أوروبا، والذين كانت تحركهم التيارات الأيديولوجية القومية والظروف القمعية التي يتعرض لها اليهود الأوروبيون، يبحثون عن أرض يمكن الاستيلاء عليها لإقامة دولة يهودية ذات سيادة تمثل إنجازاً قومياً ووسيلة للخلاص، فبدت فلسطين لهم المكان المنطقي الأمثل، لأنها مكان نشوء اليهودية، على رغم أن بعض المفكرين الصهاينة الأوائل أرادوا الأخذ بعين الاعتبار مواقع بديلة. 

– يؤسّس اليهود المقدسيّون مستعمرة بيتح تكفا  (بوابة الأمل) على ساحل قرية ملبّس الفلسطينيّة (قرب يافا )، ولكن سرعان ما يتم إخلاؤها بسبب الملاريا والجوع. وسوف يعودون إلى استيطانها مرة أخرى في سنة 1882، كأول مستوطنة صهيونيّة لهم وللمهاجرين الذين سيَقْدِمون إلى فلسطين ضمن الموجة الأولى من الهجرة اليهوديّة (1882-1903). بالإضافة إلى بيتح تكفا (التي يعاد توطينها سنة 1882)، يتم إنشاء 4 مستعمرات يهودية في سنجق القدس : ريشون لتسيون ونيس تسيونا (1882)؛ عكرون وغديرة (1884). يتم إنشاء ثلاث مستعمرات أُخرى في سنجق نابلس (ضمن ولاية سوريا ): زخرون يعقوف وروش بينا (1882)؛ يسود همعلا (1883).

– تأسست أول مستعمرة في فلسطين سنة 1878، ووصلت الموجة الأولى من المهاجرين الصهاينة سنة 1882. وقد قام الثريّان اليهوديان الأوروبيان، البارون إدموند دي روتشيلد  والبارون موريس دي هيرش ، بتمويل أنشطة الاستيطان الأولى، في حين نشر اليهودي المجري تيودور هرتزل ، كتاب “الدولة اليهودية”، وهو أطروحة تضمّ الأفكار الصهيونية السائدة وتضع برنامجاً لتنفيذها. دعا هرتزل إلى عقد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل – سويسرا  سنة 1897، وأسّس المنظمة الصهيونية ، وهي الإطار المؤسساتي للدبلوماسية الصهيونية والنشاطات اللاحقة، كما أقيم الصندوق القومي اليهودي  سنة 1901، من أجل الحصول على أراض فلسطينية لإقامة المزيد من المستعمرات اليهودية. وبحلول سنة 1914، كانت هناك حوالى ثلاثين مستعمرة صهيونية، وبلغ عدد اليهود في فلسطين  حوالى ستين ألفاً، أكثر من نصفهم من المهاجرين الوافدين حديثاً. 

– تبدأ الموجة الأولى من الهجرة اليهوديّة إلى فلسطين، ويبلغ عدد المهاجرين القادمين من أوروبا الشرقية فقط، 25,000 تقريباً خلال عشرين سنة. بفضل المساهمات الماليّة الضخمة لليهود الأوروبيّين الأثرياء، وأبرزهم البارون إدموند دي روتشيلد ، والبارون موريس دي هيرش ، ينشئ المستوطنون مشاريع زراعيّة في فلسطين. 

– يتصاعد التوتر بين عرب فلسطينيين من قرية اليهودية ومستوطنين يهود من مستعمرة بيتح تكفا في نزاع على ملكية أراضٍ وحقوق الرعي والمرور. يبلغ التوتر ذروته بمهاجمة المستعمرة وقتل مستوطن يهودي. يأسر الجنود العثمانيون نحو 30 فلسطينياً وينقلونهم إلى يافا حيث تطالب القنصليات الأوروبية، التي تمثل معظم المستوطنين اليهود، بمحاكمتهم. لكن الحادثة تنتهي بمساومة بين أهل القرية والمستعمرة خارج القضاء.

– يبلغ العثمانيون الدول الأوروبية أن جوازات سفر اليهود “يجب أن تنص صراحة على أنهم ذاهبون إلى القدس لأداء فريضة الحج، وليس لغرض ممارسة التجارة أو الإقامة هناك”، وذلك كي يحصلوا، لدى وصولهم إلى فلسطين، على تصريح إقامة لمدة ثلاثة أشهر صادر عن سلطات الموانئ. ترفض بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة شروطاً كهذه. في 4 تشرين الأول/ أكتوبر، تتراجع الحكومة العثمانية وتبلغ الدول الثلاث أن هذه اللوائح تنطبق فقط على مجموعات اليهود المهاجرة بأعداد كبيرة وأنه لن يتم وضع أي عقبات في طريق الأفراد اليهود.

– على الرغم من اللوائح العثمانية، يتم إنشاء 9 مستعمرات يهودية في فلسطين في تسعينيات القرن التاسع عشر. في سنجق القدس ، يتم إنشاء: رحوفوت (1890)، موتسا (1894) هرطوف (1895) بئير طوفيا (1896). في سنجق عكا (ضمن ولاية بيروت )، يتم إنشاء: مشمار هيردين (1890)، خضيرة والشفية وعين زيتيم (كلها سنة 1891)، المطلّة (1896).

– في يونيو 1891، وجهاء القدس يطالبون في التماس إلى إسطنبول بحظر هجرة اليهود الروس إلى فلسطين وشراء الأراضي هناك.

– في سبتمبر من نفس العام يؤسس البارون الألمانيّ موريس دي هيرش جمعية الاستعمار اليهودي  في لندن ، من أجل المساعدة على “إنشاء مستعمرات [يهودية] في أنحاء مختلفة من الأمريكيتين وبلدان أخرى لأهداف زراعية وتجارية وأهداف أخرى.” ستبدأ الجمعية بمساعدة المستعمرات اليهوديّة في فلسطين سنة 1896.

– بين عامي 1892 و1893، الحكومة العثمانيّة تحظر بيع الأراضي الميري (الأرض التي تكون الرقبة فيها للدولة والانتفاع للأشخاص الذين يستثمرونها) إلى كلّ اليهود، عثمانيّين وغير عثمانيّين. ولكن، وبعد الشكاوى الأوروبيّة، يعلن العثمانيّون أنّ اليهود الأجانب الذين يقيمون في فلسطين بشكل قانونيّ، يمكنهم شراء الأراضي.

– بعد أن حارب الهجرة اليهودية وشراء الأراضي من جانب اليهود منذ أوائل ثمانينيات القرن التاسع عشر، يترأّس مفتي القدس، محمد طاهر الحسيني ، لجنة جديدية للتدقيق في طلبات نقل ملكية أراضٍ في سنجق القدس . تنجح اللجنة في إيقاف جميع عمليات الشراء من جانب اليهود من سنة 1897 حتى سنة 1901.

– تقام ست مستعمرات يهودية في سنجق عكا : سجيرة ومحنايم (1899)، مسحة وملحمية  ويفنيئيل (1902)، وبيت جان (1904). يتم تغيير اسم مستعمرة مسحه إلى كفار تافور في سنة 1903 لتمييزها عن القرية العربية التي أقيمت على أرضها. تقام مستعمرتان في سنجق القدس : بئير يعقوف (1906) وبن شيمن (1907).

– تصدر الحكومة العثمانيّة في إسطنبول تشريعات مدمجة بشأن  إقامة اليهود في فلسطين وشرائهم الأراضي فيها، على أن تصبح سارية المفعول في 28 كانون الثاني/ يناير 1901. لليهود الأجانب “المقيمين لفترة طويلة” في فلسطين (يشمل ذلك ضمناً اليهود المقيمين بصورة غير قانونية) ولليهود “الذين لا تكون إقامتهم محظورة” التمتع بالحقوق ذاتها التي يتمتع بها الرعايا العثمانيون، ويسمح لهم بشراء الأراضي الميري (الأرض التي تكون الرقبة فيها للدولة والانتفاع للأشخاص الذين يستثمرونها) والبناء عليها، وفقاً لقانون الأراضي، يتم أيضاً إصدار تعليمات لضمان عدم تجاوز الحجاج اليهود فترة الإقامة المسموحة لهم في فلسطين وعدم شرائهم الأراضي. كما تشكل في القدس “لجنة خاصة لمنع المهاجرين اليهود من الاستيطان في فلسطين”. تأمل الحكومة العثمانية، من خلال تسوية الانتهاكات السابقة المتعلقة بالإقامة وبشراء الأراضي، بأن القيود التي تعيد التأكيد عليها ستنفذ في نهاية الأمر. ومع ذلك، سوف يثبت أن القيود لن تكون أكثر فعالية من تلك التي صدرت سابقاً منذ سنة 1881.

– مناقضاً تعليماته السابقة بالذات، يمنح مجلس الوزراء العثماني الضوء الأخضر لمشروع بيع عقاري إلى يهودي فرنسي رئيس جمعية الاستعمار اليهودي (JCA) يدعى نارسيس ليفين ، بحجة أن هذا الأخير يستحق كأجنبي شراء أراضٍ، شرط أن يقدم ضمانات بأنه لن ينصّب عليها يهوداً أجانب. وهكذا يستحوذ ليفين على 31.500 دونم بالقرب من طبريا من عائلة سرسق البيروتية. يقوم فلاحون فلسطينيون من مستأجري الأرض (من قريتي لوبيا والعباديّة ) بالتحرش بمسّاحين تابعين لجمعية (JCA) في عدة مناسبات. ويحظى احتجاج الفلاحين على عملية البيع على دعم قائمقام طبريا أمين أرسلان . يؤدي الاضطراب الناجم عن البيع إلى إلغائه من جانب السلطات في إسطنبول . (ترفض إسطنبول أيضاً محاولات مماثلة يقوم بها ليفين لشراء أراضٍ في سنجق القدس سنة 1901.). لكن على الرغم من ذلك، يستمر التوسع الاستيطاني في منطقة طبرية بين سنتي 1901 و1904 متسبباً في مزيد من المواجهات مع الفلاحين الفلسطينيين.

– عام 1903، شركة الأنجلو – فلسطين (شركة تابعة لـ صندوق الائتمان اليهودي للاستعمار ، لندن )، هي أول منظمة صهيونية تسعى إلى التأسيس في فلسطين (تموز/ يوليو). تدرك السلطات العثمانية في القدس وإسطنبول أن البنك مرتبط بالحركة الصهيونية ويهدف إلى تنفيذ برنامجه. يحاول الباب العالي عرقلة ترخيص عمليات شركة أنجلو – فلسطين في فلسطين. لكن نتيجة ضغوط السفارة البريطانية في إسطنبول (في تشرين الثاني/ نوفمبر) يسمح الباب العالي للشركة “بالقيام بأعمالها من دون عوائق طالما اقتصرت عملياتها على الأمور التجارية”. يتم افتتاح أول فرع للشركة في يافا.

– الموجة الثانية لهجرة اليهود تدوم حتى سنة 1914، وتشهد قدوم حوالي 40,000 مهاجر، يتميز العديد منهم بالتزام أيديولوجيّ قوي بـ الصهيونية وبرفع شعارَي “احتلال الأرض” و”احتلال العمل” العنصريَّيْن ضد العرب، اللذين تجلَّيا في طرد الفلاحين من المستعمرات التي كانوا يعملون فيها، ما سوف يؤدي إلى مفاقمة النزاعات في فلسطين بين المستعمرات اليهودية والجماعات الريفية العربية المجاورة بشأن ملكية الأراضي وحقوق استئجارها.

– في ذلك الوقت، كانت المشاعر القومية العربية والفلسطينية تتنامى في فلسطين، بالتزامن مع تزايد معاداة الصهيونية. وكثيراً ما كانت تندلع نزاعات فلسطينية – صهيونية بشأن ملكية الأراضي أو استئجارها. وفي سنة 1908، أدّت “ثورة تركيا الفتاة ” إلى إعادة الدستور، وبشّرت بعهد الحريات الصحافية، وتم انتخاب مندوبين من القدس ويافا ونابلس وعكا وغزة إلى البرلمان العثماني المعاد تشكيله سنتي 1908 و1912، وازدهرت صحافة فلسطينية تعبّر عن القلق المتزايد إزاء المطامع الصهيونية في فلسطين، وتُفْرِد المساحة لرؤى متعددة ولتعبير قومي عربي أو عثماني أو سوري (نسبة إلى سوريا الكبرى) أو فلسطيني. وأدى اندلاع الحرب العالمية الأولى واحتلال القوات البريطانية فلسطين، إلى تقليص الإمكانات التي توخاها الفلسطينيون، وإلى انتزاع حقهم في التحكم بمستقبلهم السياسي، مع ظهور وعد بلفور الذي أكد أن المشروع الصهيوني سيمضي قدماً ضد إرادة السكان الفلسطينيين الأصليين. 

– عام 1907، يصدر الوالي العثمانيّ في القدس تقريراً عن كيفية الاحتيال على الأنظمة المعمول بها في عملية الهجرة الصهيونيّة وشراء الأراضي. وفي نفس العام يجتمع يهود من القادمين إلى فلسطين ضمن موجة الهجرة الثانية في منزل يتسحاق بن تسفي (الذي سينتخب في سنة 1952 رئيساً ثانياً لدولة إسرائيل) في يافا ويؤسسون مجموعة سرية شبه عسكرية تحت اسم مجموعة بار غيورا (نسبة إلى قائد يهودي شارك بحسب الرواية العبرية في الثورة ضد الرومان في القرن الأول). يتبنى أعضاء المجموعة الشعار التالي: “سقطت يهودا بالنار والدم؛ بالدم والنار ستنهض يهودا”. ويدعون بصورة خاصة إلى إقامة مواقع أمامية لحراسة المستعمرات اليهودية والرد بقوة على ما قد يعتبرونه تعدياً عربياً.

– عام 1907 تنفيذاً لقرار اعتمده المؤتمر الصهيوني الثامن (المنعقد في تموز/ يوليو 1907)، تفتتح المنظمة الصهيونية مكتباً لها في يافا . سيكرّس مكتب فلسطين كل طاقاته لتملك الأراضي وإنشاء المستعمرات اليهودية، وسيمركز مبادرات الاستعمار المتعددة، سواء أتت من جمعيات خيرية، أو من جمعيات مهاجرين.

– إنشاء ست مستعمرات يهودية في فلسطين بين سنتي 1908 و1910. تقام خمس مستعمرات يهودية في سنجق عكا : عتليت ، دغانيا ، كنيرت ، مغدل، ميتسباه. ويتم إنشاء مستعمرة خُلدة في سنجق القدس.

للقراءة| محمد عبد العال الخطيب يكتب: خلف المنصة (8).. كلمة ناقصة غزة

– عام 1908، تندلع اشتباكات في يافا بين عشرات الشبان اليهود والعرب تُستخدم فيه أسلحة نارية، فتخلف 15 جريحاً. تتدخل الشرطة المحلية إلى جانب العرب وتدخل فندقين يقيم فيهما يهود، معظمهم أتى من بروسيا مؤخراً. وتقرر الحكومة في إسطنبول ، بسبب ضغوط يمارسها عليها قادة يهود وقناصل أوروبيون، عزل قائمقام يافا من منصبه. يحدث العنف اليهودي – العربي  في إطار مديني لأول مرة في فلسطين. حتى ذلك الحين، كانت النزاعات تندلع في المناطق الريفية بشأن ملكية الأراضي أو استئجارها، أو حق المرور.

– في 1909، تم تأسيس تل أبيب. وفي نفس العام، في الوقت الذي يبحث النظام العثماني الجديد عن طرق لإصلاح وضع الإمبراطورية المالي، تقدم جمعية الاستعمار اليهودي (JCA) في آذار/ مارس عرضاً لشراء نحو نصف مليون دونم من أراضي الجفتلك (أراضٍ تحت اسم السلطان عبد الحميد الثاني ) في منطقة أريحا . في الشهر ذاته، يقدم البارون إدموند دي روتشيلد عرضاً لشراء نحو مليون دونم في بيسان . (كان البارون أحد داعمي (JCA) وكان قد نقل إليها في سنة 1899 أراضي المستعمرات اليهودية المقامة بمبادرته في فلسطين حتى ذلك الحين). في تموز/ يوليو، ترفض إسطنبول هذه المساعي الصهيونية للحصول على الجفتلك في فلسطين.

– عام 1909، يلتقي مؤسسو مجموعة بار غيورا ، التي تم إنشاؤها في سنة 1907 كمنظمة سرية، في مستعمرة كفار تافور (مسحة سابقاً) في قضاء طبريا ويقررون إنشاء منظمة جديدة بشكل علني والاندماج فيها. يسمّون المؤسسة الجديدة هاشومير (الحارس). أمّا الغرض منها، فهو حماية المستعمرات اليهودية في فلسطين، وتزويد الحراس بالتدريب اللازم. تتقدم هاشومير، بعد موافقة جمعية الاستعمار اليهودي ، بطلب الترخيص من السلطات في طبريا لتشكيل وحدة من 10 حراس يهود مسلحين. يُمنح الترخيص مع الإذن بزيادة العدد إذا لزم الأمر. يعتبر المؤرخون الإسرائيليون هاشومير نواة الهاغاناه والجيش الإسرائيلي.

– يوجّه حافظ السعيد ، نائب من يافا ، استجواباً إلى رئاسة مجلس المبعوثان العثماني يسأل فيه عما إذا كانت الصهيونية تتماشى مع مصالح الإمبراطورية ويطالب بإغلاق ميناء يافا أمام المهاجرين اليهود. وفي مقابلة مع صحيفة عبرية مقدسية “هاتسفي “، تُنشر في 1 تشرين الثاني/ نوفمبر، يعلن سعيد الحسيني ، النائب من القدس ، أنه يؤيد هجرة اليهود إلى الإمبراطورية بصورة عامة، لكنه يعارض دخولهم الجماعي إلى فلسطين. محمد روحي الخالدي النائب الآخر من القدس، يعرب للصحيفة نفسها في اليوم التالي، عن معارضته تأسيس مستعمرات في فلسطين، ونظراً إلى القدرة المالية للأشكناز، عن خوفه من “شرائهم الكثير من الأراضي وتهجيرهم للفلاحين العرب من أرضهم وميراث آبائهم”.

– عام 1911، بعد أن يثير المندوبون الفلسطينيّون في مجلس النواب العثمانيّ (من بينهم محمد روحي الخالدي من القدس وحافظ السعيد من يافا ) مسألةَ الصهيونية ، ويتهمون الصهاينة بأنّهم يهدفون إلى إقامة دولة يهوديّة في فلسطين، ويدعون إلى إصدار تشريع ضد الهجرة الصهيونيّة الجماعيّة إلى فلسطين، يعقد المجلس أول نقاش رئيسي حول الصهيونيّة.

– في عام 1912، الدول الأوروبيّة تجدّد الضغط على الحكومة العثمانيّة لتسهيل التملك الصهيونيّ للأراضي في فلسطين.

– عام 1915، خلال الأشهر التاليّة لانطلاق الحرب العالمية الأولى ، تؤثر سلسلة من الأحداث المهمّة في مستقبل الإمبراطورية العثمانية ، ففي أيلول/ سبتمبر، يقرّر العثمانيّون إلغاء الامتيازات التي كانت منحت القوى الأوروبيّة وضعاً خاصاً داخل الإمبراطوريّة، وفي تشرين الثاني/ نوفمبر، يدخل العثمانيّون الحرب رسميّاً إلى جانب ألمانيا ، أما في كانون الأول/ ديسمبر، فتضمّ بريطانيا قبرص وتعلن مصر محميّةً، وبحلول شباط/ فبراير 1915، تبدأ حملة غاليبولي بإقحام الأراضي العثمانيّة في وطيس ميدان المعركة الإمبرياليّة.

– بين عامي 1917 و1918، بريطانيا تبدأ “حملة فلسطين” ضد العثمانيّين في آذار/ مارس 1917. يتم احتلال القدس في شهر كانون الأول/ ديسمبر، بينما يتم احتلال المتبقي من فلسطين في أيلول/ سبتمبر 1918.

– في عام 1917، وزير الخارجية البريطانيّ آرثر جيمس بلفور يرسل رسالة (معروفة باسم وعد بلفور) إلى البارون ليونيل وولتر دي روتشيلد يتعهّد فيها بالدعم البريطانيّ لإقامة وطن قوميّ لليهود في فلسطين. يعدّ وعد بلفور، الذي التزمت فيه بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى بتأييد إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، من دون أدنى شك أحدَ أكثر الوثائق السياسية تأثيراً في القرن الماضي، فإدراج هذا الوعد ضمن صك انتداب بريطانيا من عصبة الأمم على فلسطين، يعني بشكل أو بآخر أنّ القانون الدولي يضمنه، وبالتالي أصبح وعد بلفور المبدأ التوجيهي للحكم البريطاني للبلاد خلال السنوات الثلاثين التالية، ليتمّ تنفيذه النهائي مع قيام إسرائيل في سنة 1948، ما غيّر  وجه الشرق الأوسط وتاريخه.

– كان الوعد على شكل رسالة قصيرة بتاريخ 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1917 موجّهة من وزير الخارجية البريطاني اللورد آرثر جيمس بلفور إلى رئيس الجالية اليهودية في بريطانيا اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد ، بعد موافقة مجلس الوزراء البريطاني على الوعد، الذي أتى نصّه على النحو التالي: “إنّ حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل أقصى جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يُفهم جلياً أنّه لن يُؤتى بأيّ عمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر”. كان وعد بلفور ثمرة جهود مناصري الصهيونية داخل الحكومة البريطانية (بمن فيهم بلفور، ورئيس الوزراء ديفيد لويد جورج ، وعضو مجلس اللوردات هربرت صموئيل ) وخارجها. وقد لعب حاييم وايزمن ، رئيس الاتحاد الصهيوني البريطاني منذ شباط/ فبراير 1917 والمتحدث الصهيوني الحيوي والمقنع جداً، دوراً بالغ الأهمية في تلك الجهود، إذ كان على علاقة وثيقة وطويلة الأمد مع كلّ من بلفور ولويد جورج وونستون تشرتشل والشخصيات النافذة الأخرى من النخبة السياسية.

– عام 1918، يعترف البريطانيون رسميّاً بـ”اللجنة الصهيونية ” التي يقودها حاييم وايزمن “هيئةً استشاريّة للسلطات البريطانيّة في فلسطين في الشؤون كافة المتعلّقة باليهود أو التي يمكن أن تؤثّر في إقامة وطن قوميّ للشعب اليهوديّ”.

– بين أعوام 1919 و1923 تبدأ الموجة الثالثة لهجرة اليهود إلى فلسطين، الموجة الثالثة لما يربو عن 35,000 من المهاجرين الصهاينة تبدأ، وذلك في أعقاب رحيل نحو ثلث السكان اليهود إلى خارج فلسطين بين العامين 1914 و1918.

– في 1920، تأسيس الهاغاناه، المنظمة اليهودية شبه العسكرية. وتشَكَّل “حكومة مدنيّة” لتحلّ محلّ الإدارة العسكريّة البريطانيّة. ويعَيَّن هربرت صموئيل مفوّضاً سامياً.

– تزامناً مع إعادة فتح مكاتب السجل العقاريّ عام 1920، والتي كانت أُغلقت في تشرين الثاني/ نوفمبر 1918، يسن البريطانيّون المرسوم الذي يسمح بانتقال الأراضي ولكن ضمن شروط صارمة، بهدف الحدّ من المضاربة على الأراضي وحماية ملاّك الأراضي والمستأجرين من خسارتهم إياها. غير أنّ هذه الأحكام ستثبت عدم نجاعتها في مواجهة مخطّطات التحايل المتعدّدة التي وضعتها المؤسسات الصهيونيّة.

– في 1920 عندما كانت الأراضي المحلولة (الأراضي الميري التي لم تتم زراعتها منذ أكثر من ثلاث سنوات أو توفي صاحبها من دون ورثة) تحت الحكم العثمانيّ كان يمكن منحها بسهولة لأي طرف معنيّ، لكن “مرسوم الأراضي المحلولة” اعتبر هذه الحيازة غير قانونيّة وخاضعة لعقوبات شديدة، وأجاز فقط تأجير الأرض المحلولة لشاغليها، وهو تحوّل جذري في وضعية الأراضي يشكل جزءاً من الهدف البريطانيّ العام المتشابك مع المصالح الصهيونيّة لإخضاع المقدار الأكبر من الأرض لسيطرة الدولة الحصريّة. 

– عام 1920، قادة الصهاينة في فلسطين يؤسّسون الهستدروت (“الاتحاد العام للعمال في أرض إسرائيل”) في حيفا. وفي 1921 في مواجهة الاستياء العارم لكلٍّ المنظّمات، عربيّة وصهيونيّة، من مرسوم نقل ملكيّة الأراضي لسنة 1920، يقرّر البريطانيّون إزالة جميع القيود المفروضة على التصرّف بالأراضي، وتستثنى من ذلك أحكام المرسوم الهادفة إلى ضمان احتفاظ “المستأجر الشاغل” بما يكفي من الأرض له ولأسرته. ومع ذلك، سيلجأ البائعون والمشترون على السواء في العقد التالي، إلى أساليب غير قانونيّة وبشكل منهجي وبنجاح، من أجل الالتفاف على حماية المستأجر.

– عام 1922، يظهر التعداد البريطاني الأول للسكان في فلسطين، ويظهر التعداد أنّ مجموع السكان يبلغ 757,182، منهم 78% مسلمون، و11% يهود، و9,6% مسيحيّون. وعام 1923 يبدأ الانتداب البريطاني الرسمي على فلسطين.

– بين عامي 1924 و1928 تبدأ الموجة الرابعة من الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ويصل فلسطين ضمن هذه الموجة أكثر من 67,000 مهاجر صهيونيّ.

– في 1925، تهبّ المظاهرات، وتعمّ الإضرابات العامة، في جميع أرجاء فلسطين، وذلك احتجاجاً على وصول اللورد آرثر جيمس بلفور إلى فلسطين في زيارة  للمشاركة في حفل افتتاح الجامعة العبرية في القدس . يقاطع الزعماء الفلسطينيون، بالإجماع تقريباً، الحفل الذي يقام في 1 نيسان/ أبريل.

– عام 1926، بالتراجع عن التشريع الذي تمّ تمريره في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 1918، تقرّر السلطات البريطانيّة منح الاعتراف القانونيّ، بأثر رجعيّ، بالأراضي التي تم بيعها أو التفاوض على بيعها خلال فترة الحظر (1918-1920) والقبول بصلاحيّة السجلّات غير الرسميّة التي تستخدمها المؤسسات الصهيونيّة.

– عام 1928، تطلق السلطات البريطانيّة، بتطبيق سياستها في الاستحواذ الإمبرياليّ على المستعمرات، والتي تم تطويرها بداية في أستراليا ، عمليّة تسوية للأراضي ترمي إلى تحسين جباية الضرائب وتوفير مقدار أكبر من الأمن على ملكيّة الأراضي وتحديد أراضي الحكومة وتسجيلها. تشمل عمليات التسوية تقسيم الأراضي من خلال المسح العقاري، والتحقيق القضائي حول جميع حقوق الملكيّة والرهونات العقارية التي تتعلق بقطعة معيّنة وتسجيلها لاحقاً في سجلات جديدة للأراضي. وعلى الرغم من عدم إعلان ذلك هدفاً رسميّاً، كان من شأن عمليّة التسوية تسهيل استحواذ الصهاينة، منظمات وأفراداً، على الأراضي.

– بين عامي 1929 و1939، تبدأ الموجة الخامسة للهجرة اليهودية. ويصل فلسطين ضمن هذه الموجة أكثر من 250 ألف مهاجر يهودي، وهو ما يعني ازدياد عدد السكان اليهود في فلسطين بنسبة 30 بالمئة.

– عام 1931، يصدر البلاط الملكي في لندن مرسوماً ملكياً يتضمن إطار عمل يخوّل المندوب السامي وضع أنظمة “لتأمين السلامة العامة والدفاع عن فلسطين” في أوقات الطوارئ. والمجالات التي قد تشملها أنظمة الطوارئ عديدة جداً: الرقابة على المطبوعات ووسائل الاتصال وقمعها؛ الاعتقال والاحتجاز والإبعاد؛ مراقبة المرافئ والموانئ والمطارات؛ التجارة والاستيراد والتصدير والإنتاج؛ الاستيلاء على الممتلكات والتصرف فيها… وينص المرسوم على إنشاء محاكم عسكرية قد تصدر أحكاماً بالإعدام كما لو أن الجاني “كان شخصاً خاضعاً لقانون الجيش أو سلاح الجو” وارتكب الجريمة المنصوص عليها في ذلك القانون. كما ينص المرسوم على أنه “سيكون نافذاً من حين إلى آخر”. ولكي يكون المرسوم ساري المفعول، يتوجّب على المندوب السامي إصدار منشور يعلن من خلاله وضعه موضع العمل في تاريخ محدد، ومن ثم يحق له إصدار أنظمة الطوارئ إلى أن يُصدر منشوراً آخر يعلن فيه وقف العمل بالمرسوم. وسوف يصدر المندوب السامي، بناء على هذه السلطة، منشور “بدء” العمل بالمرسوم بتاريخ 30 تشرين الأول/ أكتوبر 1933 (متوقّعاً تصاعد الاحتجاجات الفلسطينية بعد الإضراب العام في 27 تشرين الأول/ أكتوبر)، ويسنّ أنظمة الطوارئ في اليوم نفسه. وسوف يُصدر منشور “إيقاف” العمل بالمرسوم في 16 شباط/ فبراير 1934 (بعد نشر تقرير موريسون وتهدئة الاحتجاجات).

– وعام 1931، تعداد بريطانيّ ثانٍ للسكّان في فلسطين يظهر أن مجموع السكان قد بلغ 1,035,154؛ من بينهم 73,4% هم من المسلمين، و16,9%  من اليهود، و8,6% من المسيحيّين.

– بين عامي 1933 و1935، مع صعود النازيّين إلى السلطة في ألمانيا ، تتزايد الهجرة اليهوديّة بشكل كبير، حيث بلغت 180,000 ما بين 1933 و1935. من بين المهاجرين الجدد، ومعظمهم من بولندا وألمانيا، ينتمي الكثيرون إلى الطبقة الوسطى ويساهمون بالتالي بشكل كبير في الثراء المادي للجالية اليهوديّة في فلسطين.

– في 1933، تدعو اللجنة التنفيذية العربية  لإضراب عام في فلسطين يوم 13 تشرين الأول/ أكتوبر احتجاجاً على الهجرة اليهودية والسياسة البريطانية الموالية للصهيونية. كما يتقرر أيضاً تنظيم تظاهرات في كل من القدس ويافا . تشتبك تظاهرة القدس، التي تنطلق في 13 تشرين الأول بقيادة موسى كاظم الحسيني ، مع الشرطة البريطانية، الأمر الذي يؤدي إلى عدد محدود من الجرحى. غير أنه، خلال تظاهرة يافا التي تنظم في 27 تشرين الأول، تطلق الشرطة النار على المتظاهرين، فتقتل حوالي 20 فلسطينياً، فيما يصاب موسى كاظم الحسيني، وهو في سن الثمانين، بجرح جرّاء ضربة عصا في جبهته من خيالة البوليس البريطاني. ثم تعمّ الاضطرابات المدن الرئيسيّة، وخصوصاً نابلس (في اليوم ذاته)، وحيفا (27 و28 تشرين الأول)، والقدس مرة أخرى (28 و29). يُقتل في المجموع أكثر من 30 فلسطينياً بالرصاص الحي ويجرح 200. يتقرر بعدها تعيين لجنة تحقيق (لجنة موريسون ).

– عام 1935، يتم اكتشاف كمية كبيرة من الأسلحة مشحونة لحساب الهاغاناه في ميناء يافا. ويتم الإعلان عن تشكيل حزب الكتلة الوطنية في نابلس بمبادرة من عبد اللطيف صلاح (الذي يُنتخَب رئيساً للحزب)، وعبد الفتاح طوقان، وآخرين من بينهم حمدي الحسيني، وسعيد الفاهوم، وشفيق عسل. وكان صلاح وطوقان قد دعيا في نيسان/ أبريل إلى تأسيس “كتلة محايدة” تعمل على توحيد جبهة الدفاع عن الوطن، وتضم المخلصين الذين لا يدينون إلاّ “بدين الوطن”. ويدعو الحزب إلى الحفاظ على عروبة فلسطين، ومقاومة تأسيس الوطن القومي اليهودي، وإلغاء الانتداب البريطاني، وضمان استقلال فلسطين، ويرى أن السبل العملية إلى ذلك تتطلّب إنعاش الصناعة والزراعة والتجارة، والتركيز على عنصر الشباب في العمل الوطني.

– في 1935، الشيخ عز الدين القسّام، إمام أحد جوامع حيفا، الذي لجأ إلى فلسطين سنة 1920 هرباً من قمع سلطات الانتداب الفرنسي في سوريا بعد أن شارك في المقاومة المسلحة ضدها، وكان يدعو في خطبه إلى مقاومة الاستعمار البريطاني والحركة الصهيونية، يعلن الجهاد في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر ليلاً في حيفا. ثم يتجه إلى أحراش قرية يعبد في قضاء جنين ، برفقة أحد عشر من أتباعه. في 20 تشرين الثاني، يقع في كمين نصبته له قوة بريطانية، فتدور معركة غير متكافئة تدوم أكثر من ست ساعات، ويسقط قتيلاً مع 4 من رجاله. في اليوم التالي، يشارك في تشييعه آلاف الفلسطينيين في حيفا. ويشكّل مقتله إحدى الشرارات التي ستفجر الثورة الفلسطينية الكبرى سنة 1936.

– في 1935 يقدم ممثلو الأحزاب الفلسطينية الست مذكرة مشتركة إلى المندوب السامي البريطاني يطلبون فيها ما يلي: (1) إقامة حكومة ديمقراطية وفقاً لـميثاق عصبة الأمم والمادة 2 من الانتداب على فلسطين؛ (2) تحريم نقل ملكية الأراضي العربية إلى اليهود، وسن قانون مشابه لقانون خمسة الأفدنة في مصر (الذي صدر سنة 1912 بهدف حماية الفلاحين المصريين الذين يملكون أقل من خمسة أفدنة، أي ما يوازي 21 دونم تقريباً)؛ (3) (أ) الوقف الفوري للهجرة اليهودية وتشكيل لجنة مختصة لتحديد القدرة الاستيعابية للبلاد ووضع مبدأ يحكم الهجرة، (ب) تشريع يلزم جميع المقيمين الشرعيين بالحصول على بطاقات الهوية وحملها؛ (ج) التحقيق الفوري والفعال في الهجرة غير المشروعة.

 – بين عام 1936 و1937، تبدأ المرحلة الأولى من الثورة الفلسطينية الكبرى. يهاجم ثوّار فلسطينيّون قافلة من الشاحنات على الطريق من نابلس إلى طولكرم ويقتلون ثلاثة سائقين يهود. في اليوم التالي، يقتل أعضاء من الإرغون  عاملين فلسطينيين وهما نائمان في كوخ خارج بيتح تكفا ، ويترتّب على ذلك في الأيام التالية اضطرابات دمويّة في تل أبيب ويافا . اعتباراً من 19 نيسان/ أبريل وقبل نهاية الشهر، يتم تشكيل لجان قوميّة في البلدات الفلسطينيّة والقرى الكبيرة كافة، ويتم إطلاق دعوات متتالية إلى الإضراب العام.  وفي 7 أيار/ مايو، يجتمع مؤتمر لجميع اللجان القوميّة في القدس ، تحت شعار “لا ضرائب بدون تمثيل”، ويتم الإعلان عن إضراب عام في أرجاء البلاد كافة.

– يصدر المندوب السامي منشوراً يعلن فيه وضع المرسوم الملكي للدفاع عن فلسطين لسنة 1931 موضع العمل. ويصدر بعد ذلك أنظمة الطوارئ التي تمنح السلطات البريطانية صلاحيات استثنائية، مثل: احتلال المباني وفرض حظر التجول والرقابة على المواد المكتوبة والإبعاد والاعتقال من دون مذكّرة توقيف. وسيتم سن أنظمة إضافية خلال الأسابيع التالية. وتشكّل الأحزاب الفلسطينيّة الستة الكبرى (الحزب العربي الفلسطيني، حزب الدفاع الوطني، حزب الاستقلال، حزب الكتلة الوطنية، حزب الإصلاح، مؤتمر الشباب العربي) اللجنة العربية العليا برئاسة الحاج أمين الحسيني، كإطار قيادي لـ الثورة الفلسطينية الكبرى. وتبدأ المقاومة المسلّحة في المناطق الريفيّة بصورة متقطّعة، ومع الوقت، تصبح أكثر تنظيماً واتصالاً بالمدن. وسيكون خط أنابيب شركة بترول العراق هدفاً مبكّراً ومستمراً للثّوّار.

– البريطانيّون يرسلون عدداً كبيراً من القادة الفلسطييّين إلى معسكر للاعتقال في عوجا الحفير في صحراء النقب ، كما يقومون بعمليات تفتيش مكثّفة في قرى فلسطين كافة بحثاً عن الأسلحة والثّوّار، ويهدمون ما بين 220 و240 مبنى في البلدة القديمة في يافا كإجراء عقابيّ، تاركين ما لا يقل عن 6000 فلسطينيّ بلا مأوى. والسلطات البريطانيّة تأتي بتعزيزات عسكريّة من مالطا ومصر ، وتشكّل وحداتٍ يهوديّةً مسلّحة ومجهّزة بمركبات مدرّعة للعمل كشرطة مساعِدة، وبهذا تُمنح صفة الشرعية لمنظمة الهاغاناه ، وكذلك يُشرَّع تشكيلُها وحداتِ حراسةٍ خاصة لحماية المستعمرات اليهودية (تعرف بشرطة المستعمرات اليهودية) سيبلغ عدد أفرادها في نهاية المرحلة الأولى من الثورة ثلاثة آلاف عنصر، أخذوا يشاركون في حملات قمع الثورة. في أيلول/ سبتمبر 1936، تصل تعزيزات بريطانيّة إضافيّة إلى فلسطين من أجل القيام بعمليّات عسكريّة موسّعة ضد الثورة الفلسطينيّة، ومع نهاية سنة 1937، سيكون هناك 20,000 جندي بريطانيّ تقريباً على أرض فلسطين، من أجل وضع حد للمقاومة العربيّة.

– كما لو أن السلطات الممنوحة للمندوب السامي في المرسوم الملكي للدفاع عن فلسطين لسنة 1931 لم تكن كافية لإخماد التمرّد الفلسطيني، فيُصدر البلاط الملكي في لندن مرسوم الأحكام العرفية (الدفاع عن فلسطين) لسنة 1936، الذي يجري تعديلات على المرسوم السابق (دون أن يلغيه) ويشدّد أحكامه. وعلى وجه التحديد، يمنح المرسوم المندوب السامي سلطة سنّ الأنظمة التي تُجيز تدمير الملكيات “كتدابير تأديبية، سواء أكان في الإمكان معرفة المجرمين الحقيقيين، أم لم يكن”. كما ينصّ المرسوم الجديد على أنه “لا يجوز البحث في صحة الأحكام الواردة فيه أمام أية محكمة، أو على أي وجه آخر من الوجوه”، سواء صدرت تلك الأنظمة قبل وضع المرسوم موضع العمل أو بعده. 

– اللجنة العربية العليا (هي الهيئة السياسية الفلسطينية العليا، التي أنشأتها الأحزاب الفلسطينية الستة في نيسان/ أبريل 1936 لتنسيق المقاومة ضد السياسات البريطانية الميالة إلى الصهيونية. وكان الحاج أمين الحسيني، مفتي القدس، رئيسها. حظر البريطانيون هذه اللجنة في سنة 1937، ونفوا معظم أعضائها. ولم يُسمح لها بمعاودة نشاطها إلّا في سنة 1945، لكن المفتي نفسه لم يُسمح له بالعودة إلى فلسطين في الفترة المتبقية من عهد الانتداب) توافق على وقف الإضراب العام والمثول أمام لجنة بيل، وذلك في أعقاب تدخّل ملكي السعودية والعراق ، وأمير شرق الأردن.

– تضع مجموعة من الصهيونيين في منطقة بيسان خطة لإنشاء مستعمرة محصّنة تتكون من ثكنات محمية بجدران خشبية وبرج مراقبة؛ وتخطّط المجموعة لوضع مواد البناء وتحضيرها في مستوطنة قائمة، ونقلها إلى منطقة معينة، ثم حشد عشرات المتطوعين لبناء الموقع بين عشية وضحاها. وهكذا، يتم إنشاء مستعمرة تل عمال (التي ستسمّى لاحقاً نير ديفيد) بعد موافقة القيادة الصهيونية. وستتبنّى الأخيرة هذا الأسلوب في ربيع سنة 1937 وتشرف على تأسيس عشرات المستعمرات بين سنتي 1937 و1939. وستحظى الاستراتيجية الصهيونية، المعروفة باسم “سور وبرج”، بموافقة ضمنية من السلطات البريطانية التي ستتذرع بقانون عثماني قديم يسمح ببقاء المباني قائمة بمجرد بناء السقف، حتى لو لم تكن مرخصة.

– بين عامي 1937 و1938، تبدأ المرحلة الثانية من الثورة الفلسطينية الكبرى. وتصدر لجنة بيل التي شكلها البريطانيون لتقصي أسباب الثورة الفلسطينية الكبرى تقريرها في تموز/ يوليو. يتضمن التقرير أول اقتراح بريطاني لتقسيم فلسطين إلى دولة يهوديّة ودولة عربيّة (على أن يتم ضمّها إلى إمارة  شرق الأردن )، وقطاع تابع مباشرة للانتداب البريطانيّ. ويدعو إلى الترحيل القسريّ -إذا لزم الأمر- للسكّان الفلسطينيّين خارج الدولة اليهوديّة. ترفض اللجنة العربية العليا مقترح لجنة بيل للتقسيم، وتطالب بدولة فلسطينيّة موحّدة ومستقلّة “مع حماية جميع الحقوق المشروعة لليهود والأقليات الأخرى، وتوفير حماية للمصالح البريطانيّة المعقولة”. الثورة الفلسطينيّة تشتد.

– عام 1938، تقوم القيادة الصهيونية بإنشاء مستعمرة هانيتا كجزء من استراتيجية “سور وبرج”، على الحدود مع لبنان، على بعد 8 كلم من البحر الأبيض المتوسط، وسط منطقة لا يسكنها إلاّ العرب. ويهدف إنشاؤها هناك إلى إيجاد موطئ قدم قوي في الجليل الغربي الخالي من أي مستعمرة يهودية، والذي، مع ذلك، خصصته لجنة بيل للدولة اليهودية. تستثمر القيادة الصهيونية وسائل لوجستية وقوى بشرية كبيرة (مئات الأشخاص، بمن فيهم أفراد من الشرطة اليهودية التي أنشأها البريطانيون خلال الثورة العربية) لتأمين بناء المستعمرة.

– بين عامي1938 و1939، تبدأ المرحلة الثالثة من الثورة العربية. و1939 يبدأ اندلاع الحرب العالميّة الثانية.

– عام 1940، يخوِّل الكتاب الأبيض (الذي أصدره ماكدونالد في أيار/ مايو 1939) المندوب السامي البريطانيّ فرضَ قيود مشدّدة على حيازة اليهود المزيد من الأراضي. يجري تقسيم فلسطين الانتدابية منطقتين: المنطقة “أ” (تشكل حوالى 63% من فلسطين) والمنطقة “ب” (حوالى 32%). في المنطقة “أ”، يحظر انتقال الأراضي أو رهنها لليهود، وفي المنطقة “ب” يطبَّق حظر مماثل إلا إذا وافق المندوب السامي على الصفقة، أما في الـ 5% المتبقّية من البلاد، أو “المنطقة الحرة” (وهي الأكثر خصوبة)، فلا قيود مفروضة. وعلى رغم الطابع المتشدد لهذا الإجراء غير المسبوق، سيتم كشف حالات متعدّدة من التحايل في السنوات التي سبقت انتهاء الانتداب.

– وفي عام 1942، أعضاء من الكونغرس الأمريكي ومن مشاهير الشخصيّات الأميركيّة يقدّمون مذكرة إلى الرئيس فرانكلين د. روزفلت يدعمون الطلب الصهيونيّ لإنشاء جيش يهوديّ. وعام 1943 البريطانيّون يكشفون شبكة كبيرة متصلة بـ الهاغاناه ، تعمل على سرقة الأسلحة والمتفجّرات من المنشآت العسكريّة البريطانيّة.

– مهلة السنوات الخمس للهجرة اليهوديّة (المتوقّع انتهاؤها في نيسان 1944) المنصوص عليها في الكتاب الأبيض  الذي أصدره ماكدونالد  عام 1939، يتم تمديدها من بريطانيا، نظراً إلى أنّ هناك 31,000 تأشيرة دخول لا تزال غير مستخدمة، من أصل 75,000 تأشيرة دخول سمح بها الكتاب الأبيض. وتوصي لجنة تابعة لحكومة الحرب التي يرأسها تشرتشل  بالتقسيم كسياسة بريطانيّة رسميّة. (وكان تشرشل قد طلب من اللجنة البحث عن بدائل عن الكتاب الأبيض الذي أصدره ماكدونالد  عام 1939، وذلك في أعقاب الحملة الصهيونيّة في الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى ضده).

– عام 1944، حزب العمال البريطاني يعتمد قراراً يوصي فيه بـ”تشجيع” الفلسطينيّين على مغادرة فلسطين لإفساح المجال للمهاجرين اليهود. وصدور بروتوكول عن اجتماع ممثلي 5 دول عربيّة (مصر والعراق ولبنان وسوريا و شرق الأردن ) في الإسكندرية. يعلن البروتوكول عزم المجتمعين على تأسيس جامعة الدول العربية ، ودعمهم استقلال فلسطين والحقوق المشروعة للعرب في فلسطين، ويدعو إلى التمييز بين الصهيونية “والويلات والآلام التي حلّت باليهود على يد بعض الدول الأوروبيّة الدكتاتوريّة”. يشارك في الاجتماع موسى العلمي ممثلاً عن الفلسطينيين.

– 1945 مجلس النواب الأمريكي يقرّر أنّه على الولايات المتحدة تسهيل الهجرة اليهوديّة غير المحدودة إلى فلسطين بهدف إعادة بناء البلد ككومونولث يهوديّ. ويوقع ممثلو الدول العربية الخمس التي كانت قد أعلنت بروتوكول الإسكندرية في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 1944، مع انضمام ممثلي المملكة العربية السعودية واليمن إليهم، ميثاق جامعة الدول العربية في 22 آذار/ مارس 1945. ينص الميثاق، المؤلف من 20 مادة، على أن “الغرض من الجامعة توثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها، وتنسيق خططها السياسية، تحقيقاً للتعاون بينها وصيانة لاستقلالها وسيادتها،”. يعدد الميثاق مجالات التعاون بين أعضائها: الشؤون الاقتصادية والمالية، المواصلات، الجنسية والجوازات، الشؤون القضائية، الشؤون الاجتماعية، الصحة. الميثاق لا يتناول قضية فلسطين (بخلاف بروتوكول الإسكندرية)، إنما يعالجها في ملحق خاص. لا يؤكد الملحق على حقوق عرب فلسطين. إنما يكتفي بالإشارة إلى ميثاق عصبة الأمم (1919)، كأن الأمر مجرد شأن تاريخي، ويستخلص من الميثاق ومن معاهدة لوزان (1923) أن وجود فلسطين “واستقلالها الدولي من الناحية الشرعية أمر لا شك فيه، كما أنه لا شك في استقلال البلاد العربية الأخرى”. وتؤكد الدول التي وقعت الميثاق بأنه “نظراً لظروف فلسطين الخاصة، وإلى أن يتمتع هذا القطر بممارسة استقلاله فعلاً، يتولى مجلس الجامعة أمر اختيار مندوب عربي من فلسطين للاشتراك في أعماله.”

– الرئيس هاري ترومان يطلب من رئيس الوزراء البريطانيّ كليمنت أتلي أن يسمح بهجرة 100,000 يهوديّ إلى فلسطين، ما يؤشر إلى بداية التدخّل الأميركي المباشر في التعامل البريطانيّ مع القضية الفلسطينيّة.

– بموجب السلطة المستمدة من المرسوم الملكي للدفاع عن فلسطين لسنة 1937، يصدر الانتداب البريطاني أنظمة الدفاع (الطوارئ) التي تعادل الأحكام العرفية. وتتضمن الأنظمة (وهي عبارة عن نصّ شامل يتكون من 147 بنداً) أحكاماً تسمح بما يلي: إنشاء المحاكم العسكرية؛ تقييد الحركة؛ حظر النشر؛ عمليات التفتيش والاحتجاز الإداري؛ مصادرة الأملاك وهدم المنازل؛ إغلاق المناطق؛ فرض حظر التجوّل… وتستهدف هذه الأنظمة كلاً من العرب واليهود في فلسطين. وستواصل إسرائيل، بعد قيامها، تطبيق هذه الأنظمة كأداة عسكرية للسيطرة على الفلسطينيين داخل أراضيها، وسوف تعتبرها لا تزال سارية في الضفة الغربية وقطاع غزة، في أعقاب حرب 1967. وسوف يلغي القانون الأساسي الفلسطيني، الذي سيصادق عليه المجلس التشريعي في 1997، (بصيغته الصادرة في 2002، والمعدّلة في 2003) أنظمة الدفاع (الطوارئ) الصادرة عن الانتداب البريطاني.

– خوفاً من عدم تحقيق العمل الدبلوماسيّ مع البريطانيّين نتائج مرضية (ولا سيما إلغاء الكتاب الأبيض الذي أصدره ماكدونالد عام 1939)، ولأنّ ناشطين من الهاغاناه سينضمّون إلى الإرغون وليحي-عصابة شتيرن ، يقرّر ديفيد بن غوريون الانضمام إلى المجموعتين الأخيرتين في تنفيذ عمليات ضغط على البريطانيّين. يتمّ تنظيم هجرة صهيونية غير قانونيّة كبيرة إلى فلسطين، وبقوة السلاح إن لزم الأمر، وسيتمّ تنفيذ عمليات تخريبيّة في فلسطين نفسها، وعلى سبيل المثال في 31 تشرين الأول/ أكتوبر، تقوم الهاغاناه والإرغون وليحي، في عملية مشتركة، بتخريب شبكة السكك الحديد البريطانيّة في 153 موقعاً، ويدمرون القاطرات.

– عام 1946 الوكالة اليهودية تطالب بدولة يهوديّة في فلسطين، في المنطقة التي أوصت بها لجنة بيل لسنة 1937، بالإضافة إلى كامل أرض النقب . في 14 آب/ أغسطس يوجّه الرئيس هاري ترومان خطة إلى القادة البريطانيين لتقسيم فلسطين بما يتوافق مع الخطوط التي طالبت بها الوكالة اليهوديّة. يشير الموقف الأميركي ليس فقط إلى نهاية الحل الفدرالي الذي اقترحته خطة موريسن- غرادي ، بل أيضاً إلى نهاية أي حل بريطاني- أميركي مشترك.

– عام 1947، البريطانيّون يحيلون رسميّاً قضية فلسطين إلى الأمم المتحدة، وذلك كي تقوم الجمعيّة العامة “بتقديم التوصيات، بموجب المادة 10 من الميثاق، بشأن الحكم المستقبلي في فلسطين”. الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة تفتتح دورة خاصة حول القضية الفلسطينيّة. في 9 أيار/ مايو، يخاطب هنري كتن ، محام فلسطيني وخبير القانون الدولي، لجنة الجمعية العامة الأولى باسم العرب الفلسطينيّين.

– وزير المستعمرات البريطانيّ آرثر كريتش جونز ، يعلن قرار بريطانيا إنهاء الانتداب على فلسطين، وتسليم الأمر إلى الأمم المتحدة. وتشكّل الجمعية العامة لجنة خاصة مكلّفة بقضية فلسطين لدراسة تقرير (يونسكوب ). يحق لأي دولة عضو في الجمعية العامة أن تتمثل في اللجنة الخاصة. وتشكّل اللجنة الخاصة لجنة فرعية أولى لمتابعة التوصية التي قدمتها غالبية أعضاء (يونسكوب)، ولجنة فرعية ثانية “لدراسة الاقتراحات العربية المختلفة ودمجها بشأن دولة فلسطينية مستقلة موحدة”. يتضح عدم التوازن بين اللجنتين الفرعيتين من خلال قرار رئيس اللجنة الخاصة تعيين دول غير عربية وغير إسلامية معظمها مؤيد للتقسيم في اللجنة الفرعية 1، وتعيين دول عربية وإسلامية فقط (باستثناء كولومبيا ) في اللجنة الفرعية 2. تتسلّم اللجنة الخاصة تقارير اللجنتين الفرعيتين في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر، وترفض بعد يومين اقتراحاً بإقامة دولة موحدة في فلسطين، واقتراحاً آخر بالتوجه إلى محكمة العدل الدولية لاستصدار قرار بشأن قضية فلسطين من وجهة نظر قانونية. في 25 تشرين الثاني، توافق اللجنة الخاصة على توصية (يونسكوب) مع بعض التعديلات، وتحوّل توصيتها إلى الجمعية العامة.

– الهيئة العربية العليا تعلن رفض خطة لجنة (يونسكوب ) للتقسيم، وتدعو إلى إضراب عام لثلاثة أيام. من جهة أخرى، تعلن الوكالة اليهودية قبولها التقسيم، لكنّها تعترض على استبعاد القدس والجليل الغربيّ من الدولة اليهوديّة المقترحة. والولايات المتحدة الأميركيّة تؤّيد التقسيم، وبعد يومين يتبعها الاتحاد السوفييتي فيؤيد التقسيم.

– توصي الجمعية العامة باعتماد خطة تقسيم فلسطين وتنفيذها بأغلبية الثلثين (بنسبة 33-13 صوتاً، وامتناع 10 عن التصويت). ينص القرار على قيام دولتين مستقلتين، عربيّة ويهوديّة، ونظام دوليّ خاص لمدينة القدس ، على أن يدخلا حيز الوجود بعد شهرين من جلاء قوات الانتداب المسلّحة، وفي موعد لا يتجاوز 1 تشرين الأول/ أكتوبر 1948. كما تقرر الجمعية العامة إنشاء لجنة ستعمل تدريجيّاً على إدارة المناطق التي يتم إخلاؤها وتسليم مسؤولياتها إلى الدولتين الجديدتين. تسند الجمعية العامة في الخطة 55.5 في المائة من فلسطين إلى الدولة اليهوديّة. وفي حين يشكل اليهود ضمن حدود الدولة العربيّة المقترحة 1 في المائة من السكان، يشكّل الفلسطينيّون 46 في المائة من سكان الدولة اليهوديّة في حدودها المقترحة.

– معتمدة على المكاسب الدبلوماسيّة والسياسيّة التي يقدّمها القرار 181 إليها، تستعدّ الهاغاناه للمرحلة العمليّة على الأرض، فتضع الخطة (ج) التي صيغت في أيار/ مايو 1946، موضع التنفيذ، وهي الخطة التي صمِّمت لزعزعة استقرار السكان الفلسطينيّين واحتلال مواقع استراتيجيّة في البلاد. تدعو الهاغاهاه جميع اليهود في فلسطين الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و25 سنة إلى التسجيل في الخدمة العسكرية، فيتم استنفار ما يقدّر بـ 80,000 من أفراد مليشيات الهاغاناه.

– الفلسطينيّون يبدؤون إضراباً عاماً لثلاثة أيام احتجاجاً على خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين . مصادمات فلسطينية – صهيونية تودي بحياة 11 يهوديّاً و13 فلسطينيّاً.

عام 1947، في 6 كانون الأول/ ديسمبر الأرغون تهاجم ضاحية أبو كبير في يافا . في 12 كانون الأول تقوم بخمس هجمات على المناطق السكنية الفلسطينيّة في القدس ويافا وقرية الطيرة (قضاء حيفا )، تسفر عن مقتل 21 مدنيّاً وجرح 67 آخرين. بعد خمسة أيام، قوات الهاغاناه تغزو ليلاً قرية الخصاص في الجزء الشماليّ من سهل الحولة ، وتفجّر المنازل وتقتل 15 قرويّاً. في 28 كانون الأول تنفّذ الإرغون هجوماً على لفتا (القدس الغربيّة)، وفي 20-21 كانون الأول هجوماً آخر على قزازة ودير أيوب (قضاء الرملة ). في 29 كانون الأول تهاجم الأرغون بالقنابل اليدويّة حشداً فلسطينيّاً في باب الساهرة في القدس، فتقتل 17 مدنيّاً. وطوال كانون الأول، تبدأ وحدة خاصة من الهاغاناه (“هاشاحار”، تتألّف من يهود متنكّرين بلباس العرب) بالتوافق مع الأرغون، بهجومات منسقة على الأحياء العربيّة في حيفا، وتبلغ هذه الهجومات ذروتها في 30 كانون الأول، عندما يهاجم أعضاء الهاغاناه العمال الفلسطينيّين في مصفاة حيفا، فيقتلون 6 ويصيبون 42. وانتقاماً لذلك، يقتل العمال الفلسطينيّون 41 من عمال المصفاة اليهود. وبعد ذلك، الهاغاناه يهاجمون بلد الشيخ قرب حيفا، ويقتلون أكثر من 60 فلسطينيّاً.

– بريطانيا توصي الأمم المتحدة بإنهاء انتدابها على فلسطين في 15 أيار/ مايو 1948، على أن يعقب ذلك إنشاء دولتين مستقلتين، يهوديّة وفلسطينيّة، بعد أسبوعين. الجامعة العربية ، المجتمعة في القاهرة ، تعلن أن تقسيم فلسطين غير شرعيّ، وتقرّر أن تضع تحت تصرّف اللجنة العسكريّة الفنيّة 10,000 بندقية، و3,000 متطوّع (من بينهم 500 فلسطينيّ)، و1,000,000 جنيه إسترلينيّ إضافيّ.

– عام 1948 اللجنة العسكريّة الفنيّة لـ جامعة الدول العربية تنظّم قوة من المتطوّعين العرب غير النظاميّين تسمى جيش الإنقاذ العربي تحت قيادة فوزي القاوقجي ، بهدف مساعدة الفلسطينيّين في مقاومة قرار التقسيم. يصل أوائل متطوعي جيش الإنقاذ، ويعدّون 330، شمال فلسطين في 8 كانون الثاني/ يناير، ويشتبكون مع القوات البريطانيّة عند مهاجمة مستعمرتيْ دان وكفار سولد في اليومين التاليين.

– في 14 كانون الثاني/ يناير، ينهي مبعوثو الهاغاناه  إبرام صفقة أسلحة مع تشيكوسلوفاكيا تشمل 24,500 بندقية، 5,000 رشاش خفيف، 200 رشاش متوسط، 54 مليون طلقة ذخيرة و25 طائرة “مسرشميتس”. في 18 شباط، الهاغاناه تدعو الرجال والنساء الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و35 سنة إلى الخدمة العسكريّة، وبعد يومين تصل سفينة “إندبندنس” إلى تل أبيب وعلى متنها 280 متطوّعاً تحت القَسَم لخدمة الهاغاناه.

– الوحدة الثانية (من 360 مجاهداً) من جيش الإنقاذ العربي تصل إلى فلسطين. وسيتبعها بعد أسبوع فرقة ثالثة من 400 متطوّع لجيش الإنقاذ. والقوات البريطانيّة تحبط هجوماً لمتطوعي جيش الإنقاذ العربي على مستعمرة عين زيتيم ، وتصدّ بعد أربعة أيام الهجمات التي يشنّها الفلسطينيّون غير النظاميّين على حي مونتيفيوري اليهودي في القدس.

– يتولى فوزي القاوقجي قيادة وحدات جيش الإنقاذ في المناطق الوسطى من فلسطين. وحدتان من جيش الإنقاذ، تضم كل واحدة منها 360 متطوّعاً، تدخلان يافا لنصرة المقاومة. الفلسطينيّون يفجّرون مقر الوكالة اليهودية في القدس ، فيقتلون 12 مدنيّاً يهوديّاً ويجرحون 86. في 16 آذار/ مارس، يغلقون الطريق إلى المستعمرات الصهيونيّة في النقب عند قرية برير (قضاء غزة )، وبعد يومين ينصبون كميناً لقافلة من الهاغاناه عند قرية عرطوف (قضاء القدس) بالقرب من اللطرون ، فيقتلون 11 عضواً من الهاغاناه. في 21 آذار، فلسطينيّون غير نظاميّين يفجّرون سيارة مفخّخة في شارع الميناء في حيفا ، موقعين 20 ضحية يهوديّة. في 24 آذار، تتعرض مستعمرة عطروت شمال القدس، لهجوم فلسطيني. في 27 آذار، ينصب المناضلون الفلسطينيّون كميناً لقافلة من الهاغاناه في طريقها إلى غوش عتصيون قرب الخليل ، فيقتلون 70 من أعضائها، كما ينصبون كميناً آخر بالاشتراك مع قوات جيش الإنقاذ لقافلة من الهاغاناه على طريق يحيعام في الجليل الغربيّ، فيقتلون 45 من عناصرها، فتهبّ القوات البريطانيّة لنجدة القافلة. في 31 آذار، ينصب مناضلون فلسطينيّون كميناً لقافلة من الهاغاناه في قرية خُلدة شرق الرملة.

– أبريل 1948، أبريل، تستلم الهاغاناه الدفعة الأولى من صفقة الأسلحة التشيكيّة. في 25 نيسان، خمسة وعشرون قطعة مدفعيّة على متن الباخرة ريزوريكسيو تصل تل أبيب . في 2 أيار/ مايو، ثلاث طائرات محمّلة بالأسلحة تصل إلى الهاغاناه من فرنسا . في 12-14 أيار، دفعتا الأسلحة الثانية والثالثة القادمتان من تشيكوسلوفاكيا إلى الهاغاناه تصلان فلسطين جوّاً، كما تصل 50 قطعة مدفعيّة و24 قذيفة هاون ثقيلة على متن الباخرة بوريا.

– يبدأ اليهود في تنفيذ الخطة (د)، وتنفذ عملية نحشون الصهيونية، التي تشكل المرحلة الأولى من ” الخطة (د) “، وتهدف إلى فتح وتأمين طريق تل أبيب – القدس . تبدأ العملية بالهجوم على قرية القسطل غرب القدس واحتلالها. في 5 نيسان/ أبريل، يتم الهجوم على قريتي خُلدة ودير محيسن شرق الرملة والاستيلاء عليهما، وفي اليوم التالي يفشل الفلسطينيّون في تنفيذ هجوم مضاد. في 8 نيسان، يُقتل عبد القادر الحسيني في هجوم مضاد في القسطل. في اليوم التالي، تستعيد  الهاغاناه القسطل، فيما تهاجم الإرغون وليحي-عصابة شتيرن دير ياسين وتنفذ فيها مجزرة بحق ما يزيد عن 100 مواطن من سكانها . في 11 نيسان، تدمر الهاغاناه قرية قالونيا بالقرب من القسطل. في 15 نيسان، تختتم عملية نحشون، وتشنّ الهاغاناه عملية هرئيل بين 16 و21 نيسان، يتم خلالها الهجوم على قرى بدّو ، وبيت سوريك ، وساريس ، وصوبا (قضاء القدس) وتدميرها.

– فوزي القاوقجي يهاجم مستعمرة مشمار هعيمق جنوب شرقي حيفا في 4 نيسان/ أبريل، ولكنه يوافق في اليوم التالي على وقف لإطلاق النار لإخلاء النساء والأطفال. أما الهاغاناه ، فتهاجم وتحتل قرى جعارة (9 نيسان)، وأبو شوشة (10 نيسان) والكفرين ، وأبو زريق (12 نيسان)، جنوب شرقي حيفا، كجزء من عملية ميسبارايم (المقص)، والمقصود قطع مدينة حيفا عن المناطق المحيطة بها. في 10 نيسان، تقوم الهاغاناه بهجوم مضاد ضد قوات القاوقجي حول مشمار هعيمك، وتحتل في 13 نيسان القرى المجاورة: النغنغيّة ، والمنسي ، واللجّون . في 14 نيسان، تهاجم الهاغاناه، بدون نجاح، القريتين الدرزيتين الفلسطينيتين هوشة وخربة الكساير ، بالقرب من حيفا. ثم تستأنف هجماتها في 16 نيسان، فتحتل القريتين وتصد هجوماً مضاداً تشنّه قوات درزيّة في اليوم ذاته. وفي حيفا نفسها، في 21 نيسان، يخلي البريطانيّون بشكل مفاجئ الأحياء السكنيّة، مزيلين المنطقة العازلة التي كانت تمنع الهاغاناه من مهاجمة كامل أرجاء المدينة. يتم الاستيلاء على المدينة في 22 نيسان (عملية بيعور حميتس )، وينزح عنها سكّانها الفلسطينيّون.

– تنفّذ الإرغون وليحي-عصابة شتيرن مجزرة بحق ما يزيد عن 100 مواطن من سكان قرية دير ياسين ، الضاحية الغربيّة لمدينة القدس ، تبعد حوالي 5 كم عن القسطل . بعد يومين، تحتل الهاغاناه دير ياسين.

– الإرغون والهاغاناه تمهدان ضمن عملية حميتس، هجوماً ضد مدينة يافا بقصف ثقيل بقذائف الهاون متبوعاً بتقدّم المشاة. في 28 نيسان/ أبريل، يتدخل البريطانيون لوقف الهجوم، إلا أن الهاغاناه تستولي على قرى في ضواحي يافا: سلمة ، ويازور ، وتل الريش ، وجباليا ، فتعزل يافا عن المناطق المحيطة. ويهرب سكان المدينة المتبقّون من طريق البحر يوم 29 نيسان. غير أن وحدة من جيش الإنقاذ بقيادة ميشيل عيسى ومتطوّعين آخرين، تنجح في تأمين طريق لهم إلى يافا وكسر حصار الهاغاناه للمدينة والحفاظ على المقاومة فيها. في 4 أيار/ مايو، تنجح وحدات من الإرغون في احتلال قرية العباسيّة بالقرب من يافا. في اليوم التالي، تنسحب وحدة جيش الإنقاذ من يافا، وبذلك تنتهي مقاومة المدينة. في 10 أيار، تدخل قوات الهاغاناه المدينة، وفي 13 أيار، يوقع وجهاء يافا وثيقة الاستسلام للهاغاناه.

– الهاغاناه تطلق عملية ييفوسي لغزو القدس بأكملها، بما فيها الأحياء السكنية الفلسطينية غرب المدينة وشرقها، خارج البلدة القديمة ، وكذلك القرى الواقعة في الضواحي الشرقية والشمالية للمدينة. في 26 نيسان/ أبريل، تهاجم الهاغاناه حي الشيخ جرّاح  في القدس الشرقية ، إلا أن القوات البريطانيّة تتدخل ضد الهاغاناه، كما أن محاولات الهاغاناه لقطع القدس عن أريحا تفشل. في 29 نيسان، تحتل الهاغاناه حي القطمون السكنيّ في القدس الغربية . في اليوم التالي، الهاغاناه تحتل جميع الأحياء السكنيّة في القدس الغربية، وتطرد سكانها.

– بعد أن احتلت طبريا قبل عشرة أيام، تشن الهاغاناه في 28 نيسان/ أبريل هجوماً واسعاً (في إطار عملية يفتاح التي كان قد جرى إطلاقها في 15 نيسان بدون نجاح) بهدف طرد الفلسطينيّين من الجليل الشرقيّ (من روش بينا إلى نهر الأردن ) والجليل الأوسط، والاستيلاء على صفد (التي كان البريطانيون أخلوها في 16 نيسان/ أبريل)، كما تهاجم وتستولي على قرى عين الزيتون (عين الزيتون هي القرية التي ستكون أساس رواية إلياس خوري “باب الشمس”)، وبيريّا شمال صفد، وسمخ جنوب بحيرة طبريا. السكان يغادرون المدينة في 6 أيار/ مايو، تكثّف الهاغاناه هجومها لاحتلال صفد، وتهاجم وتحتل قرية الشجرة والقرى المجاورة لـ جبل طابور ، وتطرد السكان خارج قراهم. وتبدأ الهاغاناه عملية جدعون في 10 أيار/ مايو، لاحتلال القرى في حوض الحولة – الجليل الشرقيّ الأعلى، فتحتل صفد والقرى المحيطة في 11 أيار، وبيسان في اليوم التالي، كما تحتل قرى عولم، وحدثة، ومعذر (قضاء طبريا – الجليل الأسفل). وأخيراً، يتم احتلال قرية الخالصة في 25 أيار.

– بعد أن نزح عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى الدول العربية المجاورة، ومع توقع الانسحاب البريطاني التام من فلسطين في 15 أيار/ مايو، تنظر الدول العربية في إمكان التدخل في فلسطين بعد هذا التاريخ. في 30 نيسان/ أبريل، يدعو زعماء دول الجامعة العربية  رؤساء أركان جيوشهم إلى الاجتماع في عمان وتقييم الوضع العسكري في فلسطين للمرة الأولى. في اليوم التالي، يقرر لبنان وسوريا إرسال قوات إلى فلسطين، وفي 2 أيار/ مايو، يرسل العراق قوات إلى مدينة مفرق في الأردن. في 10 أيار، يلتقي رؤساء هيئات الأركان العرب في دمشق لمدة يومين. في 12 أيار، يوافق البرلمان المصريّ على إرسال قوات إلى فلسطين، وتعلن حالة الطوارئ في جميع البلدان العربيّة، ويمنع الرجال الفلسطينيّون الأصحاء الأجسام من دخولها.

– 14 مايو 1948 يوقع أعضاء من “مجلس الدولة المؤقت”، في اجتماع يعقدونه في تل أبيب، وثيقة “الإعلان عن إقامة دولة إسرائيل”، التي تتضمن “إقامة دولة يهودية في أرض إسرائيل [فلسطين الانتدابية] هي دولة إسرائيل” ويذكرون القرار الذي اتخذته الجمعية العامة في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1947 والذي دعا إلى إقامة دولة يهودية في ما أسماه الإعلان “أرض إسرائيل”. غير أنهم يمتنعون عن الإشارة إلى أن القرار دعا إلى تقسيم فلسطين وإقامة دولة عربية، وحدد حدود الدولة اليهودية.

– بمناسبة إعلان القادة الصهيونيين قيام دولة إسرائيل، يصدر البيت الأبيض بياناً للرئيس ترومان: “أبلغت هذه الحكومة بأنه تم الإعلان عن دولة يهودية في فلسطين، وقد طلبت حكومتها المؤقتة أن يتم الاعتراف بها. إن الولايات المتحدة تعترف بالحكومة المؤقتة باعتبارها سلطة الأمر الواقع لدولة إسرائيل الجديدة.”. لا يذكر البيان الرئاسي صراحة إن كان اعتراف الولايات المتحدة بدولة إسرائيل هو اعتراف قانوني أم لا، في مقابل اعترافها بحكومتها كأمر واقع.

– جامعة الدول العربية تصدر بياناً بمناسبة دخول الجيوش العربية إلى فلسطين. أولى طلائع القوات المصريّة النظاميّة تعبر الحدود إلى فلسطين. وتهاجم مستعمرات كفار داروم ونيريم وياد مردخاي في النقب . ثلاثة ألوية من الفيلق العربي في شرق الأردن  تعبر نهر الأردن إلى فلسطين، وتصل ضواحي شمال القدس ، ما يؤدي إلى إخلاء المستعمرتين الصهيونيّتين عطروت والنبي يعقوب وتصل إلى اللطرون وتعزّز الحصار على الطريق المؤدية إلى القدس (في 8-10 حزيران/ يونيو، في إطار عملية يورام ، سيحاول الجيش الإسرائيلي احتلال اللطرون دون جدوى). الجيش اللبنانيّ النظاميّ يعاود الهجوم على القريتين اللبنانيّتين المالكيّة وقَدَس (على الحدود اللبنانيّة)، اللتين كانت الهاغاناه هاجمتهما واحتلتهما. قوات سوريّة تتقدّم باتجاه البلدة الفلسطينيّة سمخ إلى الجنوب من بحيرة طبريا ، التي كانت الهاغاناه احتلتها سابقاً، وتستعيدها وتحتل المستعمرتين الصهيونيّتين شاعر هجولان ومسعدة.

– الاتحاد السوفييتي يعترف اعترافاً قانونياً بدولة إسرائيل وهو أول دولة تعترف بإسرائيل اعترافاً قانونياً.

– الحكومة الإسرائيلية الجديدة تسن مرسوم المناطق المهجورة الذي يهدف إلى السيطرة على أملاك الفلسطينيين الذين طردوا أو اضطروا إلى مغادرة بلداتهم بسبب الأعمال القتالية. يعرّف المرسوم المناطق المهجورة بأنها “كل منطقة أو مكان احتلته القوات المسلحة، أو استسلم لها، أو هجره سكانه أو قسم من سكانه، وأُعلن عنه بموجب أمر أنه منطقة مهجورة”. يمنح المرسوم الدولة سيطرة واسعة على “مناطق مهجورة” بكاملها، وليس فقط على أملاك أُفرغت من ساكنيها. إسرائيل ستنشئ في الشهر التالي مكتب “حارس الأملاك المتروكة ” (حارس أملاك الغائبين فيما بعد) بغية الاستيلاء على الأرض.

– في انتهاك للهدنة، ينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية داخل خطوط الهدنة أو على مقربة منها لهدم القرى الفلسطينية وطرد سكانها. في 24-26 تموز/ يوليو، في إطار عملية شوتير ، يهاجم الجيش الإسرائيلي قرى عين غزال وجبع وإجزم في المثلث الصغير جنوب حيفا ويحتلها. في 24-28 آب/ أغسطس، في إطار عملية نِكايون (التطهير)، يحتل المنطقة الساحلية غرب يبنة وشمال إسدود . في الفترة بين أواخر آب وأواسط تشرين الأول/ أكتوبر، يطرد الجيش الإسرائيليّ  البدو وسكان القرى في النقب.

– إسرائيل تعلن القدس مدينة محتلّة. يصدر ديفيد بن – غوريون، بصفته وزيراً للدفاع، منشورين عسكريين. ينصّ الأول على تطبيق القانون الإسرائيلي على “المنطقة التي تشمل معظم مدينة القدس، وجزءاً من أطرافها وضواحيها الغربية، والطرق التي تربط القدس بالسهل الساحلي”. وفي المنشور الثاني، يعيِّن بن – غوريون حاكماً عسكرياً للمنطقة. ويشكّل المنشوران رداً على الكونت برنادوت، وسيط الأمم المتحدة، الذي كان قد اقترح تجريد القدس من السلاح، خلال الزيارة التي قام بها إلى فلسطين في 26 تموز/ يوليو. وبعد أن ضمن القادة الإسرائيليون ممراً بين القدس والساحل، وسيطروا على المناطق الفلسطينية حول القدس الغربية، وأفرغوها من سكانها، شعروا بأنه بات في إمكانهم فعلياً معارضة تدويل القدس، على النحو المنصوص عليه في خطة التقسيم.

– يُنشئ ديفيد بن – غوريون، بصفته وزيراً للدفاع، حكماً عسكرياً رسمياً، ليحلّ محلّ الإدارات الموقتة التي كان الجيش قد أقامها في المناطق التي لا تزال موطناً لعدد كبير من الفلسطينيين. والغرض من الحكم العسكري هو فرض أكبر قدر ممكن من القيود على الحياة اليومية للفلسطينيين، ومنع عبور اللاجئين الخطوط العربية-الإسرائيلية عائدين إلى منازلهم، وتسهيل الاستيلاء على الممتلكات الفلسطينية. وسوف يقوم الحكام العسكريون مباشرة، بتطبيق مادتين من أنظمة الدفاع (الطوارئ) لسنة 1945، الصادرة عن الانتداب، وذلك في المناطق الخاضعة لسيطرتهم: المادة 124، التي تسمح لهم بفرض حظر التجول في أي منطقة، ولأي مدة زمنية؛ المادة 125، التي تسمح لهم بمنع أي شخص من دخول، أو مغادرة، أي منطقة تم إعلانها منطقة مغلقة، إن لم يكن في حوزته تصريح بذلك.

– في إطار تنفيذها لـ عملية يوآف ، القوات الإسرائيلية تحتلّ قرية الدوايمة، وتقتل المئات من أهاليها، وتطرد الباقين. ربما يشكّل ذلك أوسع مذبحة خلال حرب فلسطين. وفي نوفمبر، وبعد تحضيرات مكثّفة، وحظر تجوّل لمدة 7 ساعات تم إعلانه مسبقاً، يدخل مئات موظفي التعداد بيوت العرب واليهود الواقعة ضمن المناطق التي تسيطر عليها الدولة الجديدة، ويتحققون من المعلومات التي تم جمعها خلال الأسابيع السابقة، بحضور جميع أفراد الأسرة. ويهدف هذا التعداد إلى أمرين: معرفة عدد السكان لأغراض إحصائية؛ تسجيل الذين تمّ عدّهم كمواطنين محتمَلين (الأمر الذي يعني ضمناً استبعاد اللاجئين الفلسطينيين). ويصل عدد الفلسطينيين الذين تم إحصاؤها إلى 69,000. لكن هناك عشرات آلاف الفلسطينيين الموجودين في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية لم يتم احتسابهم (وبهذا يحتمل عدم حصولهم على المواطنة، أو ربما يبُعَدون). وهؤلاء الفلسطينيون ينتمون إلى الفئات المتداخلة التالية: (أ) النازحون داخل المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية؛ (ب) اللاجئون الذي عبروا الخطوط الإسرائيلية عائدين من لبنان، أو من المناطق الخاضعة للسيطرة الأردنية؛ (ج) الذين ظلوا في المناطق التي احتلتها إسرائيل، والواقعة خارج الأراضي المخصصة لها وفق خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين (بما في ذلك جيب الجليل الأعلى والأوسط، الذي تم الاستيلاء عليه قبل 8 أيام في عملية حيرام)، ويتراوح عدد هؤلاء ما بين 30 و40 ألفاً؛ (د) ما بين 13 إلى 15 ألف بدوي؛ (ه) من 5 إلى 8 آلاف فتى ورجل، تتراوح أعمارهم بين خمسة عشر وستين عاماً، والذين تم اقتيادهم إلى معسكرات العمل والسجون.

– الحكومة الإسرائيليّة تصدر “أنظمة الطوارئ بشأن أملاك الغائبين”. يهدف التشريع إلى مصادرة ممتلكات جميع الفلسطينيّين الذين تركوا منازلهم خلال الحرب ولو عادوا. بالمقارنة مع مرسوم الأملاك المتروكة، يهدف التشريع الجديد إلى تحويل التركيز القانوني من الملكية إلى المالك بحيث يشتمل مفهوم “الغائب” على مجموعة واسعة من الأشخاص ليسوا لاجئين بحسب المفهوم المتعارف عليه لكلمة لاجئ. في الوقت نفسه، يحل تعبير “حارس أملاك الغائبين ” مكان “حارس الأملاك المتروكة”.

 – في ختام مناقشات مجلس الأمن بشأن طلب إسرائيل الانضمام إلى عضوية الأمم المتحدة (الذي تقدمت به في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر)، يفشل  الطلب في الحصول على دعم الأصوات السبع الضرورية. يصوّت 5 أعضاء (بمن فيهم  الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي ) لمصلحة التوصية بقبول العضوية، وتصوّت سوريا ضدها، فيما يمتنع 5 أعضاء (بمن فيهم الصين وفرنسا والمملكة المتحدة ) عن التصويت. وكان مجلس الأمن قد عقد الجلسة الأولى بشأن الموضوع في 2 كانون الأول/ ديسمبر، وقرر حينئذ إحالة الطلب إلى لجنة العضوية في مجلس الأمن. أفادت اللجنة في تقريرها في 6 كانون الأول، أنه “لم يكن لديها في الوقت الحاضر المعلومات الضرورية التي تمكنها من التوصل إلى أي قرار. وعلى وجه الخصوص، جرت الإشارة في اللجنة إلى أن الجمعية العامة نفسها لم تتوصل بعد إلى أي استنتاج بشأن قضية فلسطين ككل”. وبما أن الجمعية العامة تبنت في 11 كانون الأول القرار رقم 194 (III)) الذي أنشأت بموجبه لجنة الأمم المتحدة للتوفيق بشأن فلسطين ، فقد رأى عدد من أعضاء مجلس الأمن أنه من المستحسن عدم تعريض الجهود التي من المنتظر أن تبذلها لجنة التوفيق مع الطرفين العربي والإسرائيلي للخطر.

– تقرر إسرائيل، في 20 كانون الأول/ ديسمبر، البدء بنقل المؤسسات الحكومية إلى القدس الغربية، وذلك بهدف تعزيز قبضتها السياسية على الجزء الذي تسيطر عليه من القدس، ومنع احتمال تدويل المدينة. وكانت في وقت سابق (14 أيلول/ سبتمبر) قد أنشأت هناك مقر المحكمة العليا. وفي 25 كانون الثاني/ يناير 1949، يشارك سكان المدينة في انتخابات أول كنيست. ويصدر ديفيد بن – غوريون، بصفته وزيراً للدفاع، بياناً في 2 شباط/ فبراير يحلّ فيه الحكومة العسكرية في القدس، ويعلن إنشاء إدارة مدنية، أسوة بباقي المناطق الإسرائيلية. يعقد الكنيست المنتخَب حديثاً دورته الأولى في القدس، في 14 شباط، وينتخب بعد ذلك بيومين الرئيس الأول للدولة، حاييم وايزمن الذي يؤدي اليمين الدستورية في القدس في اليوم التالي. لكن الكنيست سوف يعقد جلساته في تل أبيب، لغاية كانون الأول/ ديسمبر 1949، وسيكون مقر إقامة الرئيس في رحوفوت، حتى وفاة وايزمن في تشرين الثاني/ نوفمبر 1952.

– الجيش الإسرائيليّ يبدأ بتنفيذ عملية حوريف لطرد المصريّين من الشريط الساحلي الجنوبي والنقب . ويتم احتلال عسلوج والعوجة . القوات الإسرائيليّة تتحرك باتجاه سيناء ولكنّها تنسحب تحت الضغط البريطانيّ.

– يأذن رئيس الحكومة، ووزير الدفاع، دافيد بن – غوريون للجيش بإقامة مناطق مسموح إطلاق النيران فيها على طول الخطوط العربية – الإسرائيلية، من أجل التصدي للعدد المتزايد من اللاجئين الفلسطينيين الذين يعبرون الخطوط متجهين إلى قراهم. وفي سنة 1949 وحدها يُقتل أكثر من 1,000، معظمهم مدنيون. وتشير التقديرات إلى أن ما بين 2,700 و5,000 شخص قد قُتلوا حتى سنة 1956. وتتخذ إسرائيل إجراءات أُخرى، مثل زرع الألغام على خطوط وقف إطلاق النار، وإجراء تفتيش مفاجئ للهويات على الطرقات، وفرض حظر التجول على القرى وتفتيشها بيتاً بيتاً، أو حشد سكانها وتفتيشهم من أجل أن تحدد (عشوائياً في أغلب الأحيان) أولئك الذين لا يملكون الأوراق الملائمة، ليتم طردهم خارج الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية. ويقدّر عدد الفلسطينيين الذين يُطردون بين سنتي 1949 و1956 بنحو 20,000، بالإضافة إلى 17,000 بدوي من النقب. وعلى مستوى استراتيجي أعلى، تقوم إسرائيل بهدم القرى “المهجورة” بشكل منهجي، لثني “العائدين” المحتمَلين عن العودة، وإنشاء مستوطنات جديدة بالقرب من القرى الفلسطينية، وعلى طول خطوط وقف إطلاق النار. لكن على الرغم من هذه السياسة، ينجح عشرات الآلاف (تتراوح التقديرات ما بين 30,000 و90,000) في عبور الخطوط، بحماية الأقارب أو الأصدقاء، أو باستخدام إيصالات تسجيل إسرائيلية مزوّرة، ويبقون في الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل.

– يناير 1949 الولايات المتحدة تعترف اعترافاً قانونيّاً بإسرائيل. ويأتي الاعتراف الفرنسي بعد تبادل رسائل بين فرنسا وإسرائيل، معروف بتبادل شوفيل – فيشر (جان شوفيل، أمين عام وزارة الخارجية الفرنسية، وموريس فيشر، ممثل إسرائيل في باريس) بين 6 أيلول/ سبتمبر 1948 و24 كانون الثاني/ يناير 1949. ويتضمن تبادل الرسائل القبول الإسرائيلي بالامتيازات التي تتمتع بها المؤسسات الفرنسية بموجب اتفاقيات ميتيليني (1901) والقسطنطينية (1913). سوف تعترف فرنسا بإسرائيل اعترافاً قانونياً في 20 أيار/ مايو 1949.

– فبراير 1949، يقضي القانون بأن يسجِّل جميع السكان أنفسهم في مكتب التسجيل للحصول على شهادة هوية. وفي صيف سنة 1949، سيصل العدد الإجمالي للفلسطينيين إلى 156,000، بمن فيهم أولئك الذين تم إحصاؤها في التعداد، وأولئك المسجلين في مكاتب التسجيل. وفيما يتعلق بالجنسية، سوف يحدّد قانون الجنسية الإسرائيلي، المؤرخ في 1 نيسان/ أبريل 1952، مصير المجموعة الأخيرة (الغائبون-الحاضرون، والفلسطينيون الآخرون الذين سيعبرون خطوط وقف إطلاق النار عائدين باتجاه الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية).

– يصدر الملك عبد الله قانوناً ينصّ على أنه يجوز لأي شخص عربي فلسطيني، يحمل جنسية فلسطينية، الاستحصال على جواز سفر أردني، بموجب قانون جوازات السفر لسنة 1942. يتم توقيع اتفاقية الهدنة المصرية الإسرائيلية في رودس . وعلى رغم أنّ خط الهدنة يشكّل خطاً عسكريّاً فقط بانتظار تسوية مسألة فلسطين، إلا أنّه يضع رسميّاً قطاعاً من أرض فلسطين (والمعروف الآن باسم قطاع غزة ) تحت الحكم العسكريّ والإداريّ المصريّ. وتتضمّن الاتفاقية عودة القوات المصريّة المحاصرة في جيب الفالوجة إلى مصر.

– أبريل 1949، الوحدات الإسرائيليّة تروّع 2,000 إلى 3,000 قرويّ وتدفعهم إلى مغادرة جيب الفالوجة ، في انتهاك لاتفاقية الهدنة المصرية – الإسرائيلية. وتستكمل احتلال النقب حتى أم الرشراش (إيلات ).

– بغية ضمّ الضفة الغربية إلى المملكة، يصدر الأردن، في 16 آذار/ مارس، قانون الإدارة العامة في فلسطين، الذي يستبدل الحكومة العسكرية في المناطق الفلسطينية الخاضعة لسيطرته، بإدارة مدنية يرئسها موظفون مدنيون، يقدمون التقارير إلى وزراء الحكومة الأردنية وفقاً لنطاق اختصاصهم (مباشرة، أو عن طريق الحاكم الإداري العام). ويجري تعديل على القانون، في 1 كانون الأول/ ديسمبر، تُنقل بموجبه إلى ملك الأردن جميع الصلاحيات المتعلقة بالمناطق الفلسطينية التي يسيطر عليها الأردن، والتي كانت منوطة بملك بريطانيا والمندوب السامي في فلسطين. ويلغي التعديل الثاني، في 16 كانون الأول/ ديسمبر، نظام الإدارة المدنية. ويستكمل التعديل الثالث، في 19 تموز/ يوليو سنة 1950، إجراءات ضم الضفة الغربية إلى الإدارة الأردنية. ليس في تلك الإجراءات التشريعية الأربعة ما يعطي مكانة خاصة للقدس الشرقية أو للبلدة القديمة. وهكذا، يَعتبر الأردن القدس الشرقية جزءاً لا يتجزأ من أراضيه، على غرار الموقف الإسرائيلي من القدس الغربية، لكنه لا يتجه نحو إعلانها عاصمة له، خلافاً لإسرائيل التي ستتخذ تدابير عملية في هذا الاتجاه (مثل نقل الكنيست، والوزارات الحكومية إلى القدس الغربية).

– يتم توقيع اتفاقية الهدنة اللبنانية الإسرائيلية في رأس الناقورة . إسرائيل تنسحب من معظم الأراضي اللبنانيّة. وتؤكّد اتفاقية الهدنة الأردنية الإسرائيلية على الوضع القائم في القدس . الأردن يسيطر على مثلث “نابلس – جنين – طولكرم ” الذي كان بحوزة القوات العراقية، لكنّه يتنازل عن المنطقة المحيطة بـوادي عارة ، الأمر الذي يسمح بسيطرة إسرائيلية على طريق خضيرة – عفولة . سيتسبب تسليم أراض إلى إسرائيل بوقوع اشتباكات في نابلس ومنطقة جنين في 7- 12 أيار/ مايو.

– يضع ديفيد بن – غوريون، بصفته وزيراً للدفاع، أنظمة الطوارئ (المناطق الأمنية)، على أساس قانون أنظمة السلطة والقضاء (أيار/ مايو 1948)، مع أن هذا يأتي بعد افتتاح الكنيست الأول في شباط/ فبراير. تحدّد الأنظمة “منطقتين محميّتين” على طول خطوط وقف إطلاق النار: منطقة بعرض 25 كيلومتراً جنوب خط العرض 31 (تمثل الجزء الأكبر من منطقه النقب)؛ منطقة بعرض 10 كيلومترات شمال خط العرض 31. وتخوّل الأنظمة وزير الدفاع تحديد كامل المنطقتين المحميّتين، أو أجزاء منهما، كـ “مناطق أمنية”، ومنع الدخول إلى منطقة أمنية من دون رخصة، وإخلاء أي شخص منها مع ممتلكاته المنقولة أو من دونها. وتشمل خريطة المناطق المحمية أكبر عدد ممكن من المواقع الفلسطينية، وتستبعد أكبر عدد ممكن من المستوطنات اليهودية. وفي 27 تموز/ يوليو، يوسّع الكنيست صلاحية الأنظمة، ويعدّلها بإضافة عدد من التفصيلات إليها، مثل إنشاء مجلس استشاري لكل منطقة أمنية، وتحديد إجراءات الطرد الواجب اتباعها. وبحلول نهاية سنة 1950، ستكون الأنظمة قد أعطت غطاء “قانونياً” لتحويل معظم القرى والنواحي الفلسطينية إلى “مناطق مغلقة”، وطردِ سكان ما لا يقل عن 11 قرية فلسطينية.

– توقيع اتفاقية الهدنة السورية الإسرائيلية. إنشاء مناطق منزوعة السلاح حول عين غيف ودردارة. ووزير الحربية والبحرية المصري يصدر قراراً يخول الحاكم الإداري العام للمناطق الخاضعة لرقابة القوات المصرية في فلسطين جميع السلطات والاختصاصات التي كانت مخولة للمندوب السامي البريطاني.

– نظراً إلى أن عشرات آلاف الفلسطينيين غير مشمولين بتعداد السكان الذي جرى في تشرين الثاني/ نوفمبر 1948، أو يحملون شهادات غير موثوقة صادرة عن الشرطة، أو الحكومة العسكرية، أو أحد أجهزة الأمن الإسرائيلية، تقرر إسرائيل إصدار تصاريح إقامة مؤقتة حمراء (البطاقات الحمراء). ويهدف القرار إلى تمكين السلطات من تحديد الأشخاص الذين سيحصلون على البطاقات الحمراء، وأولئك الذين لن يحصلوا عليها (وبالتالي يمكن ترحيلهم). ويشكّل ذلك محاولة جديدة لتجميد الوضع من الناحية الديموغرافية (عن طريق منع عودة مزيد من اللاجئين)، من دون الحاجة إلى اتخاذ قرار، في هذه المرحلة المبكرة، بشأن حق حامل البطاقة الحمراء في الحصول على بطاقة الهوية الزرقاء (الممنوحة لليهود ومعظم الفلسطينيين المشمولين بالتعداد). ومن الناحية العملية، فإن منح البطاقات الحمراء، أو بطاقات الهوية، أو حجبها، سيعطي الحاكم العسكري الوسائل الكفيلة بتهديد الفلسطينيين وابتزازهم.

للقراءة| 9 أسباب لقراءة كتاب “تاريخ اليهود في مصر والعالم العربي” لـ ياسر ثابت

– يصدر الكنيست، في 23 كانون الثاني/ يناير، إعلاناً ينص على أنه “مع قيام دولة إسرائيل، عادت القدس لتكون عاصمتها”. وكان الكنيست قد قرّر، في 13 كانون الأول/ ديسمبر 1949، نقل مقره، ومقر الوزارات الحكومية، إلى القدس، وذلك رداً على قرار الجمعية العامة رقم 303 (IV)، الذي أكد مبدأ إنشاء نظام دولي في المدينة المقدسة. وينتقل المقر الرسمي للرئيس إلى القدس، في كانون الأول/ديسمبر 1952، مع انتخاب يتسحاق بن تسفي، بعد وفاة حاييم وايزمن . ومن ناحية أُخرى، يكتمل نقل الوزارات الحكومية في نهاية سنة 1951، باستثناء اثنتين: وزارة الدفاع، التي يُتخذ قرار بإبقائها في تل ابيب لأسباب أمنية مزعومة؛ وزارة الخارجية، التي يتأخر نقلها بسبب المعارضة الأميركية، لكنه يتم أخيراً في 13 تموز/ يوليو 1953.

– مارس 1950 في أعقاب النكبة، السلطات الإسرائيليّة تسعى إلى “تقنين” مصادرة الممتلكات التي خلّفها اللاجئون الفلسطينيّون، الداخليّون والخارجيّون. يحل القانون محل “أنظمة الطوارئ بشأن أملاك الغائبين لسنة 1948 ” التي صدرت في كانون الأول/ ديسمبر 1948. يصاغ القانون بطريقة تؤدي إلى تعريف أيّ عربيّ غادر مقر إقامته- بصرف النظر عما إذا كان عاد أو لا في مرحلة لاحقة- أثناء الحرب كـ”غائب”، ويتم بالتالي نقل أملاك الغائبين (المنقولة وغير المنقولة) بشكل آليّ إلى “حارس أملاك الغائبين “، والذي بدوره يخوَّل ببيع هذه الأملاك إلى سلطة فريدة، “سلطة التطوير”.

– أبريل 1950، الحكومة البريطانيّة تعترف اعترافاً قانونيّاً بإسرائيل. وفي مايو إسرائيل تقوم بطرد فلسطينيّين من منطقة الخليل، القوات الإسرائيليّة تطرد 12,000 فلسطينيّ من قريتين، في الوقت الذي كان هناك 55,000 دونم جاهز للحصاد في الخليل.

– يوليو 1950، الكنيست يقرّ “قانون العودة “: الذي ينصّ على أن لكل يهودي الحق في الاستقرار في إسرائيل كمهاجر (أو بشكل أكثر دقة، كشخص “صعد” إلى إسرائيل). ووفقاً للقانون، فإن من “صعد” إلى إسرائيل هو أيضاً كل يهودي هاجر إلى “البلد” قبل بدء العمل بهذا القانون، أو ولد، أو سوف يولد، في “البلد” (يعني فلسطين الانتدابية). وبموجب البند الأول، يمنح القانون المهاجرين اليهود حقوقاً تلقائية لا يمكن أن يتمتع بها المهاجرون المحتمَلون الآخرون من غير اليهود. وبموجب البند اللاحق، الذي يعتبر جميع اليهود الإسرائيليين أشخاصاً “صعدوا” إلى إسرائيل، يمنح القانون القاطنين اليهود حقوقاً غير مشروطة كمواطنين، لا يمكن لغير اليهود (أي الفلسطينيين العرب) التمتع بها. وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الحكومة، بن – غوريون، كان  قد أرجأ أي دراسة جدية لقانون المواطنة إلى أن يتم وضع نص شبه دستوري (قانون العودة) يكرّس الوضع المتميز لليهود الإسرائيليين في الدولة الجديدة. وسوف يسهل سنّ قانون العودة نقاش الكنيست بشأن قانون المواطنة بشكل فعّال، وسوف يمكن من اتخاذ ما يبدو أنه قرار “موضوعي” بشأن من سيحظى بحق المواطنة من  الفلسطينيين العرب الموجودين في إسرائيل، ومن سيُحرم منه.

– سبتمبر 1950، توقّع مصر والأونروا اتفاقية تتعلّق بالوضع الدبلوماسي للأونروا في مصر والمنطقة الخاضعة للسيطرة المصرية في جنوب فلسطين (قطاع غزة). تتناول الاتفاقية الامتيازات، والحصانات والتسهيلات، والرسوم والضرائب، الممنوحة للأونروا، والخدمات المقدمة إلى اللاجئين الفلسطينيين. وتشير الاتفاقية إلى نية مصر وضع قوائم اللاجئين التي بحوزتها تحت تصرف الوكالة، وتنص على أن تتم إضافة الأسماء الجديدة إلى القوائم بالاتفاق المتبادل، في حين تقوم السلطة المصرية وحدها بحذف الأسماء من القوائم. وتوضح الرسائل المتبادلة القيود المتعلقة بعمليات الحذف. وفي مارس 1951 يوقّع الأردن والأونروا اتفاقية تتعلق بالوضع الدبلوماسي للأونروا، وامتيازاتها، وحصاناتها وتسهيلاتها، ورسومها وضرائبها، في الأردن. وتحدد الاتفاقية مسؤوليات كل جانب فيما يتعلق بإنشاء المخيمات، وتقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين. يوقّع مدير الأونروا، جون بلاندفورد، في البداية النسخة الإنكليزية فقط من الاتفاقية، لأن الترجمة العربية تؤكد، في المادة السابعة، أنه يجوز للأونروا تعديل جدول اللاجئين (استبعاد أو إضافة مستفيدين) “بالاتفاق مع” الجانب الأردني، بينما لا يتطلب الأمر في النص الإنجليزي أكثر من استشارة الجانب الأردني. ومع ذلك، يوقّع بلاندفورد النسخة العربية في 20 آب/ أغسطس، ويبعث رسالة إلى الحكومة الأردنية يقول فيها إنه يفعل ذلك “على الرغم من الاختلافات بين النصين الإنجليزي والعربي فيما يتعلق بإجراءات تعديل قوائم الإعاشة”، ويشدّد على أن “أموال الوكالة غير متوفرة لمواجهة المشكلة الخطيرة المتمثّلة في المحتاجين من غير اللاجئين.

– الكنيست يقرّ “قانون الجنسية لعام 1952 “. وفقاً للقانون، يتم الحصول على الجنسية الإسرائيلية (أو بشكل أدقّ المواطنة الإسرائيلية) عن طريق العودة، أو الإقامة في إسرائيل، أو الولادة فيها، أو التجنّس. فيما يتعلق بالعودة، يَعتبر القانون إسرائيلياً ” كل من ’صعد’ إلى إسرائيل بموجب “قانون العودة  لسنة 1950.” وهذا يعني أن جميع اليهود الذين أقاموا في فلسطين بتاريخ 14 أيار/ مايو 1948 (سواء كانوا مسجَّلين كمواطنين فلسطينيين تحت الانتداب أو لم يكونوا) يُعتبَرون إسرائيليين. ويتوجّب على الشخص الذي يمكن الاعتراف به كإسرائيلي بموجب الإقامة (أي ضمناً العربي الفلسطيني) أن يستوفي عدة شروط: (1) أن يكون مواطناً فلسطينياً بتاريخ 14 أيار /مايو 1948، ولم ينطبق عليه وضع “الصعود” إلى إسرائيل (أي أنه ليس يهودياً)؛ (2) أن يكون مسجلاً قبل تاريخ 1 آذار/ مارس 1952، كمواطن بموجب قانون تسجيل السكان الصادر سنة 1949؛ (3) أن يكون من سكان إسرائيل يوم دخول القانون حيز النفاذ (14 تموز/ يوليو 1952)؛ (4) أن يكون قد عاش بصورة مستمرة في الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل من 15 أيار 1948 ولغاية 14 تموز 1952، أو دخل إسرائيل خلال هذه الفترة بصورة قانونية. ويُستثنى من حق المواطنة عن طريق الإقامة كل عربي فلسطيني لم يستوفِ إحدى تلك المتطلّبات الأربعة، حتى لو وُلد في الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل بين سنتي 1948 و1952. والحصول على الجنسية بالميلاد مشروط بكون أحد الوالدين حاملاً للجنسية الإسرائيلية. جميع السكان الآخرين بحاجة إلى تقديم طلب للتجنّس مع تحقيق عدد من الشروط. وستكون هذه حالة آلاف الفلسطينيين الذين لا يستوفون شروط الإقامة الأربعة، بمن فيهم أزواج الفلسطينيين المعترف بهم كمواطنين بموجب القانون الجديد. وتجدر الإشارة إلى أنه بفضل قانون العودة لسنة 1950، سينجح واضعو قانون الجنسية الإسرائيلي في تجنّب استخدام مصطلحات مثل اليهود، أو العرب، أو أي إشارة إلى طائفة دينية.

– أغسطس 1952، الكنيست يسنّ قانون الدخول إلى إسرائيل، ويشكّل هذا القانون أول أداة قانونية نظامية إسرائيلية (أي أنه لم يُعتمد كقانون طوارئ) لترحيل الأشخاص الذين يدخلون الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل دون إذن من وزارة الداخلية الإسرائيلية. لا يميّز القانون بين الدخول عن طريق البحر، أو البر، أو الجو، ولا بين الأجانب و”العائدين” الفلسطينيين المحتمَلين. ولا يظهر في القانون مصطلح “التسلل” المستخدَم لوصف محاولة الفلسطينيين للعودة. سوف يثبت القانون عدم كفايته كأداة قانونية للتعامل مع محاولات العودة، وسيوفر قانون منع التسلل لسنة 1954 تلك الأداة.

– بالإضافة إلى أملاك “الغائبين”، فقد استولت إسرائيل على عددٍ كبيرٍ من الأراضي في غياب وجود أيّ أساس قانونيّ. ويرمي هذا التشريع إلى إضفاء الشرعيّة على هذه المصادرات، وبأثر رجعي، فضلاً عن منع أيّ لجوء قانونيّ من قبل “الغائبين الحاضرين”. كما ينصّ القانون على قانونيّة المصادرة في حال لم تكن الأرض في حيازة صاحبها في 1 نيسان/ أبريل 1952 وتم استخدامها لأغراض تنمويّة ضروريّة أو الاستيطان أو لأغراض أمنيّة بين 14 أيار/ مايو 1948 و1 نيسان/ أبريل 1952. يضع القانون الأراضي المصادرة تحت سيطرة سلطة التطوير.

– 1953، تتفق مصر والأونروا على هدف تحسين الظروف المعيشية للاجئين الفلسطينيين وجعلهم يعتمدون على أنفسهم، “دون المساس برغبة اللاجئين في العودة والتعويض”، وتبدي مصر استعدادها للبحث عن مشروعات عملية في شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة، بعد تسريع إجراء دراسات اقتصادية وهندسية في هاتين المنطقتين. وتوافق وكالة الأونروا على تخصيص نحو 30 مليون دولار لتنفيذ مشاريع تنموية فور انتهاء الدراسات.

– عام 1953 تبلغ وزارة الخارجيّة السفارات والمفوضيّات الأجنبيّة أنّها ستنقل مكاتبها من تل أبيب إلى القدس في 12 تموز/ يوليو، تأكيداً لادّعائها القدس عاصمة إسرائيل.

– مارس 1954، هجوم إسرائيليّ على قاعدة الفيلق العربي بالقرب من قرية نحالين (قضاء بيت لحم )، ينتهي بتدمير منازل وقتل مدنيّين في القرية.

– ديسمبر 1954، يأسر الجيش السوري من دون قتال قوة إسرائيلية خاصة مكونة من 5 أفراد وهي تقوم بعملية استخباراتية داخل سورية. في 12 كانون الأول/ ديسمبر، يعترض سلاح الجو الإسرائيلي طائرة سورية مدنية فوق البحر الأبيض المتوسط ويجبرها على الهبوط في الأراضي الإسرائيلية بهدف تحرير عناصر القوة الخاصة المعتقلين في سوريا. تشكل هذه العملية الاختطاف الأول في تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي. في 14 كانون الأول،  يأمر رئيس الحكومة الإسرائيلية موشيه شاريت، تحت ضغط دولي مكثف، بإعادة الطائرة وركابها.

– 1955، إسرائيل تشن هجوماً مفاجئاً على موقع عسكري مصري بالقرب من مدينة غزة وتقتل 38 جندياً. يأتي الهجوم بعد عمليات قام بها شباب فلسطينيون (إحداها نفذتها خلية نظمها خليل الوزير، في 25 شباط/ فبراير)، علماً بأن مصر كانت قد حاولت تجنب مثل هذه العمليات. سيشكل الهجوم الإسرائيلي فاصلاً في سياسة الدفاع المصرية تجاه إسرائيل. فيتم تشكيل كتائب من الحرس الوطني الفلسطيني وتدريبها بقيادة ضباط مصريين، وذلك لحراسة حدود غزة، في حين يتلقى العشرات من الفلسطينيين (بادئ الأمر)، المعروفين باسم الفدائيين، تدريباً مصرياً خاصاً للقيام بعمليات ضمن الأراضي الإسرائيلية. إضافةً إلى ذلك، تجري مصر مفاوضات سرية للحصول على أسلحة متطورة من الكتلة السوفييتية. من جهته، يقترح وزير الدفاع الإسرائيلي دافيد بن-غوريون على مجلس الوزراء في 3 نيسان/ أبريل غزو قطاع غزة. وعلى الرغم من فشله في إقناع الأغلبية، فإن عودته إلى رئاسة الحكومة (ليحل مكان موشيه شاريت) بعد سبعة أشهر ستوفر الفرصة للتخطيط للحرب ضد مصر في سنة 1956.

– مايو 1955، الحكومة المصريّة تصدر قانوناً بشأن “القانون الأساسيّ للمنطقة الخاضعة لسيطرة الجيش المصريّ في فلسطين” (قطاع غزة )، ليحل محل “دستور فلسطين” الانتدابي. ينشر القانون في الجريدة الرسمية المصرية بعد ثلاثة أيام من إصداره، بيد أنه يجب الانتظار حتى 25 شباط/ فبراير 1958 كي يتم نشره في الجريدة الرسمية الخاصة بقطاع غزة ووضعه موضع التنفيذ. 

– أغسطس 1955، يثير حادث إطلاق نار طفيف على خطوط الهدنة المصرية-الإسرائيلية توغلاً إسرائيلياً وهجوماً على موقع مصري، وهو ما يسفر عن سقوط عدد من الضحايا المصريين. وبعد أربعة أيام ، يزرع فدائيون فلسطينيون ألغاماً في الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل، الأمر الذي يتسبب في مقتل نحو 15 جندياً ومدنياً إسرائيلياً، ويؤدي إلى مزيد من الاشتباكات. في ليلة 31 آب – 1 أيلول/ سبتمبر، يشن الجيش الإسرائيلي غارة على خان يونس ويقتل 72 جندياً مصرياً وفلسطينياً. يتوصل مراقبو الأمم المتحدة إلى تجديد وقف إطلاق النار في 4 أيلول.

 – أكتوبر 1955 مصر وسوريا توقعان اتفاقية دفاع مشترك، تؤكد الدولتان المتعاقدتان “حرصهما على دوام الأمن والسلام واستقرارهما وعزمهما على فض جميع منازعاتهما الدولية بالطرق السلمية.” وتعتبران “كل اعتداء مسلح يقع على أية دولة منهما أو قواتها اعتداء عليهما” ولذلك فإنهما “تلتزمان بان تبادر كل منهما إلى معونة الدولة المعتدى عليها وبأن تتخذ على الفور جميع التدابير وتستخدم جميع ما لديها من وسائل بما في ذلك استخدام القوة المسلحة لرد الاعتداء ولإعادة الأمن والسلام إلى نصابهما.”

– تشن إسرائيل غارة على الأراضي السورية بهدف أسر جنود سوريين لاستبدالهم بالقوة الخاصة الإسرائيلية المحتجزة في دمشق منذ 8 كانون الأول/ ديسمبر 1954، وأيضاً من أجل اختبار فعالية اتفاقية الدفاع المصرية السورية. في 26 تشرين الأول/ أكتوبر، تختار مصر إظهار التزامها تجاه سوريا بشن هجوم مفاجئ في منطقة العوجا منزوعة السلاح، وهوما يسفر عن مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخر وأسر اثنين. في ليلة 27-28 تشرين الأول ، ينفذ مظليون إسرائيليون عملية انتقامية في منظقة كونتيلا، فيقتلون 10 جنود مصريين ويأسرون 29، بينما يتكبدون قتيلين. في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر، يستأنف الجيش الإسرائيلي هجومه، فيشن عملية كبيرة في قطاع العوجا تسفر عن مقتل 70 جندياً مصرياً واعتقال 49، في حين يوقع المدافعون 6 قتلى و30 جريحاً في صفوف المهاجمين الإسرائيليين.

– ديسمبر 1955، إسرائيل تهاجم موقعاً سورياً خلال الليل، ما يتسبّب بمقتل 56 سورياً وإصابة 7 وأسر 30. إسرائيل تزعم أنّ هجومها كان رداً على الاعتراض السوري لقوارب الصيد الإسرائيليّة، إلا أنّه وفقاً لـهيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة ، فإنّه لم يتم إطلاق النّار على أيّ قارب صيد إسرائيلي منذ بداية موسم الصيد، وأنّ الحادث الذي يُزعم أنّه استدعى “انتقام” إسرائيل، ضمّ “زوارق إسرائيليّة وليس قوارب صيد” (كان من المعروف أنّ إسرائيل ترسل سفن دورية مسلّحة تسليحاً ثقيلاً بالقرب من الشاطئ السوري).

– حرب العدوان الثلاثي على مصر 1956، يتمّ إنزال المظليّين الإسرائيليّين شرق قناة السويس، بالقرب من ممر متلا. في المراحل الأولى من الاحتلال، تدخل القوات البريّة الإسرائيليّة سيناء على امتداد ساحل خليج العقبة، وتضع نفسها في موقع لاحتلال شرم الشيخ . يقدّر عدد الضحايا المصريّين ما بين 1,000 و3,000 قتيل و4,000 جريح؛ ويقدّر عدد الضحايا الإسرائيليّين بـ 231 قتيلاً و899 جريحاً.

– في اليوم الذي تقوم إسرائيل بغزو مصر، فإنّها تعلن حظر التجول على جميع القرى الفلسطينيّة على امتداد خط الهدنة مع الأردن. يبدأ حظر التجوّل الساعة 5 مساء، لكنّ الأمر لا يصل إلى معظم القرى حتى فترة ما بعد الظهر، بالإضافة إلى أن العديد من القرويّين كانوا يعملون بعيداً من قراهم. يتمّ توجيه الأوامر إلى وحدات حرس الحدود المكلّفة بإنفاذ نظام حظر التجوّل، بإطلاق النار فوراً على كل مَن يخرقه من القرويين. في كفر قاسم ، تطلق وحدة حرس الحدود المكلّفة فرض نظام حظر التجوّل، النار وتقتل 49 مدنيّاً فلسطينيّاً لدى عودتهم من العمل، ومن بينهم نساء وأطفال، غير مدركين أنّ حظر التجوّل كان فرض على قريتهم.

– القوات الإسرائيليّة، تدعمها سفن حربيّة فرنسيّة، تهاجم رفح وتعزلها عن سيناء. بعد تراجع القوات المصريّة نحو منطقة القناة ، تسيطر إسرائيل على رفح، وتقتل أكثر من 100 لاجئ. القوات الإسرائيليّة تتقدّم نحو مدينة غزة وتستولي عليها بحلول منتصف نهار يوم 2 تشرين الثاني/ نوفمبر. في 3 تشرين الثاني، وبعد معركة ضارية بين لواء المدرّعات الإسرائيليّة السابع والثلاثين واللواء الفلسطينيّ السادس والثمانين خارج مدينة خان يونس ، تخترق القوات الإسرائيليّة الصفوف وتسيطر على المدينة، بعد التحامها في قتال شوارع مع الجنود المصريّين وجنود فلسطينيّين غير نظاميّين. بعد سقوط مدينة خان يونس، القوات الإسرائيليّة تعتقل وتقتل 275 فلسطينيّاً (وفقاً لما جاء في تحقيق أجرته الأونروا ). في 12 تشرين الثاني، يقتل 111 فلسطينياً في رفح. في 16 تشرين الثاني، يتمّ قتل نحو 50 فلسطينيّاً وجرح أكثر من 25 في أثناء اضطرابات بسبب الغذاء. حتى نهاية احتلاله في 7 آذار/ مارس 1957، سيقوم الجيش الإسرائيليّ بإجراء “عمليات تحرٍّ وفحص” بحثاً عن رجال مشاركين مع الفدائيين: وسيتم قتل ما بين 930 و1200 فلسطينيّ، نصفهم من غير المقاتلين.

– في حفل حاشد لـ حزب ماباي الحاكم، تعلن وزيرة الخارجيّة الإسرائيليّة غولدا مئير أنّ قطاع غزة هو “جزء لا يتجزأ من إسرائيل”. في 25 كانون الأول/ ديسمبر 1956، وفي بيان أكثر غموضاً أمام الكنيست ، يعلن رئيس الوزراء الإسرائيليّ ديفيد بن غوريون أنّ إسرائيل لن تسمح لـ مصر بالعودة إلى قطاع غزة، معلّلاً ذلك بضرورة إنهاء نشاط الفدائيّين المنطلق من غزة والمدعوم مصريّاً. في خطاب لها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 17 كانون الثاني/ يناير 1957، تشير غولدا مئير إلى حلّ لقطاع غزة يشمل “استمرار الإجراءات الإداريّة الحالية، والعمل مع ممثلين عن السكان المحليّين والأونروا ، واتصال وعلاقة مناسبين مع الأمم المتحدة”، الأمر الذي يعني ضمناً اقتراح إدارة مشتركة لغزة بين إسرائيل وقوات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة قد تتضمن “انسحاباً لقوات عسكريّة إسرائيليّة”.

– مارس 1957، إسرائيل تضطر أخيراً إلى الاستجابة لمطلب الولايات المتحدة والأمم المتحدة، فتنسحب من غزة في 7 آذار/ مارس، وتنهي انسحابها من سيناء في 8 آذار، ويشعر القادة الإسرائيليّون بأنّهم، في ما يخصّ خليج العقبة ، حققوا “ما هو قريب جداً من ضمانات حرية المرور”. غير أن تطور الأحداث في قطاع غزة يجري عكس ما كانوا يأملون. في 10 آذار/ مارس، ينظّم الفلسطينيّون في غزة تظاهرات عارمة ضد تدويل القطاع، ويطالبون بعودة مصر . بعد ذلك بيومين، تستأنف رسميّاً السيطرة المصريّة على غزة.

– سبتمبر 1957، بوحي من الخبرة المكتسبة تحت الاحتلال الإسرائيليّ لقطاع غزة خلال حرب سنة 1956، يبحث شباب فلسطينيّون ناشطون خارج فلسطين عن وسيلة لإشراك الفلسطينيّين في غزة في المقاومة المسلّحة ضد إسرائيل، ودعم المقاومة الشعبيّة داخل قطاع غزة. مجموعة صغيرة من الناشطين، تضمّ ياسر عرفات ، وخليل الوزير ، وعادل عبد الكريم ، وعبدالله الدنان، ويوسف العميرة ، وتوفيق شديد ، تشكّل الخلية الأولى لحركة التحرير الوطنيّ الفلسطينيّ، المعروفة – بعد عكس الاسم المختصر – بحركة “فتح “. هؤلاء المؤسّسون يقومون بصياغة وثيقتين – هيكل البناء الثوريّ والبيان الحركيّ – ويبدؤون بتجنيد ناشطين فلسطينيّين آخرين للمجموعة.

– مارس 1959، مجلس وزراء جامعة الدول العربية  يوصي بـ”إنشاء جيش فلسطينيّ في الدول العربيّة المضيفة” و”إعادة تنظيم الشعب الفلسطينيّ والدفع به إلى الأمام باعتباره كياناً… من خلال ممثلين يختارهم الشعب الفلسطينيّ”. وفي مايو من نفس العام ممثلو الدول العربيّة العشر الأعضاء في الأمم المتحدة يقدّمون رسالة مشتركة إلى الأمين العام يعربون فيها عن “القلق البالغ” بشأن “هجرة اليهود إلى الأراضي الفلسطينيّة التي تحتلها إسرائيل”.

– في 1959 تعبيراً لتنافسه مع الرئيس جمال عبد الناصر، يقترح رئيس العراق  الجنرال عبد الكريم قاسم إقامة “جمهوريّة فلسطينيّة” تفرض سيادتها أولاً على الضفة الغربية وقطاع غزة ، ومن ثم تتوسع لتضمّ الأراضي الفلسطينيّة المحتلة في سنة 1948. وفي 1960 الحكومة العراقيّة تعلن عن تشكيل “فوج التحرير الفلسطينيّ”.

– يوليو 1960، تسن إسرائيل تشريعا، والذي تم منحه مكانة دستوريّة، ينشئ “أراضي إسرائيل”، التي تمثّل فئة قانونيّة جديدة تضمّ جميع الأراضي المملوكة – حتى حينه – للدولة ولسلطة التطوير والصندوق القومي اليهودي . علاوة على ذلك، يحدّد القانون – بطريقة مشابهة للأراضي التابعة للصندوق القومي اليهودي – أن أراضي إسرائيل “لا يجوز نقل ملكيّتها، إن عن طريق البيع أو بأيّ طريقة أخرى”. وعقب سنوات من المناقشات الداخليّة والمفاوضات، يقرّر الكنيست الإسرائيليّ إنشاء إدارة أراضي إسرائيل ، وهي الهيئة المركزيّة المكلفة بإدارة الأراضي وتخطيط السياسات. ويناط إلى دائرة أراضي إسرائيل السيطرة الكاملة على “أراضي إسرائيل” (وفق تعريف القانون الأساسيّ: أراضي إسرائيل). بالإضافة إلى ذلك، ينشئ القانون مجلساً يحتل نصف مقاعده تقريباً ممثلون عن الكيرن كييمت ليسرائيل (الصندوق القومي اليهودي) ، ما يضمن التركيز الحصري لدائرة أراضي إسرائيل على المصلحة اليهودية، على حساب الشعب الفلسطينيّ.

– يوليو 1967 يطلب الرئيس جمال عبد الناصر سحب قوات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة (UNEF) من شبه جزيرة سيناء ، وتنتشر القوات المصريّة في شبه الجزيرة. في 18 أيار/ مايو، يأمر الأمين العام للأمم المتحدة، يو تانت، قوات الطوارئ إخلاء مواقعها من سيناء. في 22 أيار/ مايو، تعلن مصر أن مضيق تيران سوف يكون مغلقاً أمام “جميع السفن التي ترفع أعلاماً إسرائيليّة أو تحمل مواد استراتيجية” اعتباراً من اليوم التالي. 

– يُعلن في إسرائيل عن تشكيل حكومة “وحدة وطنية” يشارك فيها، لأول مرة، مناحيم بيغن ، زعيم حزب حيروت اليميني، وينضم إليها الجنرال موشيه دايان وزيراً للدفاع. إدارة الرئيس الأميركي ليندون جونسون  تحث الرئيس المصري جمال عبد الناصر على “تجنب أعمال القتال”، بينما تواصل إمداد إسرائيل بالأسلحة الحديثة وترسل إليها إشارات بأنها لن تعارض هجوماً تشنه قواتها على مصر .

– من يونيو إلى ديسمبر 1967، ترحيل وتشريد ما بين 350,000 و400,000 فلسطينيّ من الضفة الغربية ، نصفهم للمرة الثانية، وذلك نتيجة للأعمال العسكريّة العدائيّة والطرد. كما أنّ نحواً من 60,000 فلسطينيّ كانوا خارج البلاد أثناء الحرب، لم يسمح لهم بالعودة. بالإضافة إلى ذلك، يتم تشريد وطرد 75,000 فلسطينيّ من قطاع غزة ، من بينهم آلاف من مقاتلي جيش التحرير الفلسطيني ّ. كما يتم منع ما بين 25,000 و50,000 من سكان غزة، ممن كانوا خارج البلاد أثناء الحرب، من العودة.

– تأمر إسرائيل بإخلاء حارة المغاربة ، في البلدة القديمة في القدس ، فتدمّر135 مسكناً وتطرد سكّانها الفلسطينييّن (حوالي 650). تهدف تسوية الحارة بالأرض إلى إنشاء ساحة أسفل الحائط الغربي. ويسلم الأردن  إلى إسرائيل طلبات لأكثر من 20,000 لاجئ يريدون العودة إلى ديارهم في الأراضي المحتلة. مع ذلك، وفي 19 تشرين الأول/ أكتوبر، يُعلِم المفوّض العام لـ الأونروا لورنس مايكلمور ، الجمعيةَ العامة للأمم المتحدة بأنّ إسرائيل لم تسمح بالعودة سوى لـ”جزء بسيط” من لاجئي الضفة الغربية المحتلة.

– بعد صدمة حرب عام 1967، ومع تصاعد نشاط المجموعات المسلّحة الفلسطينيّة، تجري محاولات لتنظيم وإعادة تنظيم هذه المجموعات. في 11 كانون الأول/ ديسمبر، يؤسّس جورج حبش الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين . في 24 كانون الأول/ ديسمبر، يقدّم رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد الشقيري، استقالته فيخلفه يحيى حمّودة موقّتاً. تجتمع في القاهرة من 17 إلى 19 كانون الثاني/ يناير 1968، وبناء على دعوة من “فتح “، 8 منظمات بهدف وضع استراتيجية سياسيّة وعسكريّة موحّدة. بيد أنّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير و”الجبهة الشعبية” ترفضان الحضور، على أساس أنّ منظمة التحرير الفلسطينيّة هي إطار الوحدة الفلسطينية.

– مجموعة من الإسرائيليّين بقيادة الحاخام موشيه لفينغر، تصل إلى فندق بارك في الخليل للاحتفال بعيد يهوديّ، ومن ثمّ ترفض الرحيل، فتحصل على دعم من الحكومة الإسرائيليّة، ويتم تشجيعها في الشهر التالي على الانتقال إلى مبنى الحكم العسكريّ في المدينة ريثما يتم بناء مستوطنة قريبة (كريات أربعة ). في 16 حزيران/ يونيو، يوافق مجلس الوزراء على بناء أول مبنى في كريات أربعة. وستنتقل الأسرة الأولى إلى المستوطنة الجديدة في 19 أيلول/ سبتمبر 1971.

– أبريل 1968 اللجنة المركزية لفتح تعيّن ياسر عرفات  ناطقاً رسمياً باسم الحركة وممثلاً لها.  ونفس العام تصدر “فتح ” بياناً تصف فيه هدفها بأنّه إقامة “مجتمع منفتح، وغير طائفي، وغير عنصري، وحرّ في فلسطين”. وتعلن أنّها لا تقاتل اليهود كونهم يهوداً، أبناء ديانة، ولكنها تحارب الصهيونية  كحركة استعماريّة.

– من 1969 إلى 1970، اشتباكات عند قناة السويس كانت مصر بدأتها، تشتد وتتطوّر إلى حرب استنزاف. سيتبادل الجانبان القصف والهجمات المدفعيّة، بما في ذلك هجمات قوات خاصة خلف مواقع الطرفين. سوف تسفر العمليات الإسرائيليّة والقصف الجويّ في عمق الأراضي المصرية عن سقوط عدد هائل من الضحايا المدنيّين.

– مارس 1969 غولدا مئير تصبح رئيسة وزراء إسرائيل خلفاً لـ ليفي إشكول، الذي توفي في 26 شباط/ فبراير 1969. وفي مايو الجيش الإسرائيليّ يرد على العمليات الفدائية الفلسطينية وينفّذ أول هجوم واسع له في منطقة العرقوب في جنوب لبنان.

– في أغسطس 1969، أستراليّ يعمل في كيبوتز إسرائيليّ يضرم النار في المسجد الأقصى  في القدس ، ما يتسبّب بأضرار بالغة. يفرض حظر التجوّل على البلدة القديمة يوماً كاملاً.

– ديسمبر 1969 يعلن وزير خارجية الولايات المتحدة  وليام روجرز مقترحاته (مشروع روجرز ) للتسوية في الشرق الأوسط . وبينما تأتي الخطة عامّة وغامضة بشأن الانسحاب من الأراضي المحتلة خلال حرب عام 1967 ومسألتَي اللاجئين والقدس ، فإنها تتعامل بشكل أساسي مع الوسائل والإجراءات الكفيلة بتحقيق اتفاق سلام بين مصر وإسرائيل. سيتم رفض المقترح من مصر لأنّه ينطوي على تسوية منفصلة على حساب الجبهات العربيّة الأخرى.

– فبراير 1970، الوزير الإسرائيلي بدون حقيبة شمعون بيريس يرسم خطة لمخيمات اللاجئين التي تقع ضمن سيطرة إسرائيل. تدعو الخطة إلى إعادة توطين اللاجئين بشكل دائم خارج مخيماتهم إذا رغبوا في ذلك، أو تحسين أوضاع المخيمات.

– سبتمبر 1971، الأردن يطلب من مجلس الأمن الدوليّ عقد اجتماع عاجل يطلب فيه النظر في التدابير والإجراءات الإسرائيلية غير القانونيّة في القدس التي تمثّل تحدّياً لقرارات مجلس الأمن، ولا سيّما أنّ إسرائيل “تفكر في إصدار تشريع جديد لتوسيع حدود القدس لتشمل 30 من البلدات والقرى العربيّة.

– يوليو 1972، غسان كنفاني، رئيس تحرير “الهدف” وأحد أبرز الروائيين الفلسطينيين والناطق الرسمي لـ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، يُقتل بانفجار قنبلة زرعها عملاء إسرائيليّون في سيارته في بيروت. تُقتل أيضاً ابنة أخته بالانفجار. وفي سبتمبر من نفس العام حيدر عبد الشافي  يؤسّس جمعية الهلال الأحمر لقطاع غزة ، التي ستصبح مركز الحركات الوطنيّة المؤيّدة لـ منظمة التحرير الفلسطينية في القطاع.

– أكتوبر 1972، ممثّل منظمة التحرير الفلسطينية في إيطاليا وائل زعيتر، يُقتل على يد عملاء إسرائيليّين. يصاب محمود الهمشري، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في فرنسا، بجروح بليغة، في منزله، إثر انفجار جهاز ملغوم يتم التحكم فيه عن بعد عبر مكالمة هاتفية. ويفارق الحياة في مشفى في باريس يوم 9 كانون الثاني/ يناير 1973. وفي 1973، يتم اغتيال حسين بشير أبو الخير، ممثل “فتح ” في قبرص ، بواسطة عبوة متفجرة زرعها عملاء إسرائيليون في غرفته في الفندق.

– في أغسطس 1973، عدد من الأحزاب ومن الشخصيات الوطنية يعلن عن إنشاء الجبهة الوطنية الفلسطينية في الأرض المحتلة في الأراضي المحتلة. تعلن الجبهة أن تأسيسها جاء استجابة لدعوة المجلس الوطني الفلسطيني في كانون الثاني/ يناير 1973، وهي تعتبر نفسها جزءاً من الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة ممثّلة بـ منظمة التحرير الفلسطينية.

– 1973، الشيخ أحمد ياسين، زعيم فرع غزة لجماعة الإخوان المسلمين، يؤسّس المجمّع الإسلامي لجمع وتوزيع الصدقات للفقراء وتشغيل المراكز الصحيّة والبرامج التعليميّة.

– أكتوبر 1973، تشن مصر حربا على إسرائيل، وتنتصر فيها مصر على قوات الاحتلال.

– في 1974، الجمعيّة العامة للأمم المتحدة تقرّر بالإجماع، وبناء على طلب من 56 دولة، إدراج قضية فلسطين بنداً مستقلاً في جدول أعمالها، وذلك للمرة الأولى منذ سنة 1952. وستكون قضية فلسطين كل عام بعد سنة 1974، جزءاً من جدول أعمال الجمعية العامة. وتلبية لدعوته إلى مخاطبة الجمعية العامة بوصفه رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والقائد العام للثورة الفلسطينية، يعلن ياسر عرفات أن هدف منظمة التحرير الفلسطينيّة هو “دولة ديمقراطية واحدة يعيش فيها المسيحيّون واليهود والمسلمون، في عدالة ومساواة وإخاء”.

– 1976 السلطات الإسرائيليّة تبذل جهوداً هامة للاستيلاء على الأراضي الفلسطينيّة في إسرائيل، وخاصة في الجليل ، تحت ذريعة إغلاق مناطق لـ “التدريب العسكريّ” (مثل المنطقة رقم 9)، أو لأغراض الاستيطان (مثل مصادرة 20000 دونم  في 29 شباط/ فبراير في إطار “خطة تطوير الجليل”). الفلسطينيّون في البلدات والقرى العربية في إسرائيل (مثل كفر قاسم ، وعرّابة ، وسخنين ، ودير حنّا ، والرينة ، والمكر ، وطمرة …) ينظّمون الاحتجاجات العامّة، عبر المؤتمرات والتظاهرات والاعتصامات، وهذا سوف يتوّج بدعوة من لجنة الدفاع عن الأراضي العربية ” إلى إضراب عام يوم 30 آذار/ مارس (يوم الأرض ).

– استجابة للدعوة التي وجهتها، مطلع مارس 1976، لجنة الدفاع عن الأراضي العربية ، للاحتجاج على حملة المصادرات الكبيرة التي تقوم بها إسرائيل، يحظى إضراب عام وتظاهرات بتأييد كبير في جميع المدن والقرى الفلسطينيّة في إسرائيل، على رغم التدابير الإسرائيليّة المضادة. يؤدي القمع الإسرائيلي على أيدي الشرطة والجيش إلى استشهاد ستة فلسطينيّين وجرح أكثر من 100 واعتقال المئات، كما تنظَّم إضرابات وتظاهرات في قطاع غزة والضفة الغربية والمخيمّات الفلسطينيّة في لبنان .

– في مايو 1976، يسقط مخيم تل الزعتر للاجئين  الفلسطينّيين. أكثر من 2000 فلسطينيّ، معظمهم من المدنيّين، يموتون في الحصار وتداعياته. وكان المخيم، الواقع شرق بيروت ، محاصراً من قبل قوات الكتائب اللبنانية  وحلفائها لمدة تفوق سبعة أشهر.

– 1977، رئيس الولايات المتحدة جيمي كارتر ، الذي بدأ ولايته في 20 كانون الثاني/ يناير، يعلن في 16 آذار/ مارس أنه “يجب أن يكون هناك وطن للاجئين الفلسطينيّين الذين عانوا لسنوات عديدة وعديدة”. وفي 26 أيار/ مايو، يقول إنّ واحدة من “السياسات الملزمة” لحكومة الولايات المتحدة هي “حق الفلسطينيين في أن يكون لهم وطن، وأن يتم تعويضهم عن الخسائر التي عانوا منها”.

– نوفمبر 1977، الرئيس السادات يصل إلى القدس ويصلي في المسجد الأقصى ، ويزور ياد فاشيم (الموقع الإسرائيلي الرسمي لذكرى “المحرقة “)، ويخاطب الكنيست ، ويعقد اجتماعات مع مناحيم بيغن والأحزاب السياسيّة الإسرائيليّة. في نهاية اجتماع طارئ في دمشق في 30 تشرين الثاني/ نومفبر، يصدر المجلس المركزي في منظمة التحرير الفلسطينية بياناً يتضمن إدانة زيارة السادات للقدس ويعبر عن رضاه إزاء موقف الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. وكانت المنظمات والجمعيات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة قد رفضت الزيارة منذ الإعلان عنها، تعبيراً عن الخشية من نتائجها على مصيرهم. زعماء سوريا والعراق وليبيا والجزائر واليمن الجنوبي ومنظمة التحرير الفلسطينية يعقدون اجتماع قمة لمدة 4 أيام في طرابلس ، ويدينون زيارة السادات  لـ القدس. القمة تقرّر تجميد العلاقات مع الحكومة المصريّة، وتشكل -باستثناء العراق- “جبهة الصمود والتصدّي”. ويصدر ممثلو المؤسسات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة بياناً يعبّرون فيه عن موقفهم من زيارة السادات لـ القدس. فيعلنون عدم ارتياحهم لهذه الخطوة بسبب “النتائج والمخاطر المحتمَلة والمترتّبة عليها”، ولأن الرئيس السادات أغفل في خطابه أمام الكنيست منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني. كما يعلنون تأييدهم للموقف الذي اتخذته المنظمة بشأن الزيارة. غير أنهم “من منطلق المسؤولية”، يسجّلون “للرئيس السادات التزامه بعدم اللجوء إلى حل منفرد مع إسرائيل، وإعلانه عن تمسكه بعروبة القدس، وضرورة انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي المحتلة، وعودة اللاجئين إلى ديارهم، وإعطاء الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره وإنشاء دولته المستقلة.”

– ديسمبر 1977، في خطاب أمام الكنيست، رئيس الوزراء مناحيم بيغن يعرض أفكاره لـ”حكم إداريّ ذاتيّ للسكان العرب في يهودا والسامرة وقطاع غزة “: ينتخب “سكان” هذه الأراضي لمدة 4 سنوات مجلساً إداريّاً من 11 عضواً، يكون مقرّه بيت لحم ، ويكون لديهم حرية اختيار الحصول إما على الجنسيّة الإسرائيليّة أو الجنسيّة الأردنيّة. تتبنى لجنة تضم ممثلين عن إسرائيل والأردن والمجلس الإداريّ بالإجماع، قرارات في ما يتعلّق بالقوانين النافذة وقوانين هجرة اللاجئين الفلسطينيين إلى هذه الأقاليم. يُعهد الأمن والنظام العام إلى السلطات الإسرائيليّة. تبقى مسألة السيادة مفتوحة. يكون من حق سكان إسرائيل (أي الإسرائيليّين) حيازة الأراضي والاستيطان في هذه الأقاليم. تتم إعادة النظر في جميع هذه المبادئ بعد فترة خمس سنوات.

– سبتمبر 1978، يلتقي كارتر والسادات وبيغن  في كامب ديفيد خلال 13 يوماً. ينتهي الاجتماع بتوقيع اتفاقيتين: اتفاقية إطار لابرام معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل ، سيتم التفاوض بشأنها في الأشهر التالية، واتفاقية إطار للحكم الذاتي الفلسطينيّ في الضفة الغربية وقطاع غزة . وينص الاتفاق الثاني على ما يلي: تتم دعوة الأردن وفلسطينيّين متّفَق عليهم من الطرفين، للانضمام إلى المفاوضات حول طرائق إنشاء سلطة حكم ذاتي منتخبة لفترة انتقاليّة لا تتجاوز خمس سنوات، إعادة نشر القوات الإسرائيليّة في مواقع أمنيّة محدّدة، تأسيس قوة شرطة محليّة قويّة، البدء بالمفاوضات استناداً إلى قرار مجلس الأمن رقم 242 في موعد لا يتجاوز السنة الثالثة بعد بداية الفترة الانتقاليّة، لتحديد الوضع النهائيّ للضفة الغربية وغزة وعلاقتها مع جيرانها، إبرام معاهدة سلام بين إسرائيل والأردن مع انتهاء الفترة الانتقاليّة. وتجرى اجتماعات شعبيّة تحظى بدعم واسع النطاق تجري في قطاع غزة والضفة الغربية لتأكيد المعارضة لـ خطة كامب ديفيد للحكم الذاتي . في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر، يشكّل قادة فلسطينيّون وطنيّون لجنة التوجيه الوطني في الضفة الغربيّة وقطاع غزة كإطار لعملهم.

– مارس 1979، توقيع معاهدة السلام المصريّة – الإسرائيليّة في واشنطن، إضافة إلى الجوانب الثنائيّة للمعاهدة، فإنّ هناك نقطتين تتعلّقان بالقضية الفلسطينيّة: أولاً، تؤّكد المعاهدة أنّ الحدود بين البلدين هي الحدود بين مصر وفلسطين الانتدابية ، “من دون المساس بمسألة وضع قطاع غزة “. ثانياً، تصاحب المعاهدة رسالة مشتركة إلى الرئيس كارتر من الرئيس السادات ورئيس الوزراء بيغن ، يؤكدان فيها عزمهما على بدء المفاوضات حول إنشاء “سلطة الحكم الذاتيّ” الفلسطينيّة المنتخبة في غضون شهر بعد تبادل وثائق التصديق على المعاهدة، من دون انتظار الأردن للانضمام، وبهدف استكمال المفاوضات خلال عام واحد. ويلتقي وزراء الخارجية والاقتصاد والمالية للدول الأعضاء في الجامعة العربية في بغداد، ويوصون بقطع العلاقات السياسيّة والدبلوماسيّة والاقتصادية مع مصر، وطردها من الجامعة العربيّة، ونقل مقر الجامعة إلى تونس.

– في 1979، الحكومة الإسرائيليّة تلغي الحظر على شراء اليهود الأراضي في الضفة الغربية وقطاع غزة.

– مايو 1980، مع عدم إحراز أيّ تقدّم حقيقيّ في المحادثات، وردّاً على خطاب بيغن في 6 أيار/ مايو، الذي قال فيه إنّ على أيّ شخص يسعى إلى تحقيق السّلام مع إسرائيل أن يقبل حقيقة أنّ إسرائيل سوف تتحكّم دائماً بالأمن في إطار مخطط الحكم الذاتيّ، الرئيس السادات يعلّق المحادثات.

– يوليو 1980، الكنيست الإسرائيلي يسنّ القانون الأساسي: القدس عاصمة إسرائيل. ينصّ القانون على أنّ “القدس الكاملة والموحّدة هي عاصمة إسرائيل” و”هي مقر رئيس الدولة، والكنيست، والحكومة، والمحكمة العليا “. ومصر “ترفض كليّاً” القانون الأساسيّ الخاص بـالقدس ، وتؤكّد أنّها “تنتظر إزالة العقبة التي أوجدتها إسرائيل”. يشكّل سنّ القانون مبرّراً إضافياً لقرار مصر بتعليق المحادثات حول الحكم الذاتي الفلسطينيّ. تلتزم البلاد الثلاثة عشر جميعها، التي احتفظت بسفاراتها في القدس، بقرار مجلس الأمن رقم S/RES/478، الذي دعاها إلى سحب بعثاتها الدبلوماسية من المدينة المقدسة، وهي: هولندا، وبوليفيا، وتشيلي، وكولومبيا، وكوستاريكا، وجمهورية الدومينيكان، والإكوادور، والسلفادور، وغواتيمالا، وبنما، وأوروغواي، وفنزويلا، وهايتي. وكانت الدول الثلاث الأُخرى التي كان لديها سفارات في القدس قبل سنة 1967، قد قطعت علاقاتها بإسرائيل سنة 1973، وهي: ساحل العاج، وزائير، وكينيا. غير أن كوستاريكا ستعيد سفارتها إلى القدس سنة 1982، وستحذو حذوها السلفادور سنة 1984.

– 1981، لبنان يشهد اشتباكات عنيفة بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين على مدى أسبوعين. في 10 تموز/ يوليو، الطائرات الإسرائيليّة تقصف أهدافاً بين صيدا والنبطيّة في جنوب لبنان . بعد 4 أيام، الطائرات الإسرائيلية تسقط مقاتلة ميغ سوريّة تدّعي إسرائيل أنها كانت تحاول التشويش على غارة جوية على جنوب لبنان. في 15 تموز، الهجمات الصاروخيّة الفلسطينيّة على نهاريا وكريات شمونة تؤدّي إلى مقتل 3 وإصابة 17. في 17 تموز، الطائرات الإسرائيليّة تقصف حي الفاكهاني في بيروت الغربية ، فتقتل نحو 300 شخص. في 20 تموز، مقاتلون يقصفون كيبوتس مسكاف عام ، وفي اليوم ذاته، الطائرات الإسرائيليّة تضرب صور ، وقلعة الشقيف ، ومناطق أخرى في جنوب لبنان.

– القائد العسكريّ الإسرائيليّ في الضفة الغربية يصدر الأمر 947 لإنشاء ما يسمى بـ “الإدارة المدنيّة” في الأراضي المحتلة. في 1 كانون الأول/ ديسمبر، يصدر القائد العسكريّ لـ قطاع غزة الأمر 925، بمحتوى مماثل أساساً. ويهدف كلا الأمرين إلى إنشاء نظام إدارة مدنيّة فلسطينيّة تعمل تحت إمرة حكم إسرائيليّ دائم، وإلى فرض المفهوم الإسرائيليّ للحكم الذاتي من جانب واحد، أي خارج المباحثات المصريّة- الإسرائيليّة بشأن هذه المسألة. تنظم تظاهرات عارمة وإضرابات في أنحاء الأراضي المحتلة.

– ديسمبر 1981، يعتمد الكنيست بعجالة على قانون هضبة الجولان، بعد إجراء ثلاث قراءات خلال يوم واحد فقط. تتم المصادقة على القانون في اليوم التالي.

– يناير 1982، تقوم إسرائيل بتحديث نموذجها حول الحكم الذاتي الفلسطينيّ. وهو في جوهره، وإلى حدٍّ كبير، يطابق النماذج السابقة التي عرضتها على الجانبين المصريّ والأميركيّ (كانون الأول/ ديسمبر 1977، كانون الثاني/ يناير 1980). ويتناول الاقتراح السلطة (والتي لا يزال يشار إليها بـ “المجلس الإداريّ”)، وصلاحياتها، ومسؤولياتها، وبنيتها، وحجمها (14 عضواً، بما في ذلك الرئيس ورؤساء 13 دائرة)، وطريقة انتخابها. ولا تزال الصلاحيات الممنوحة للمجلس الإداري محدودة في النطاق والمضمون. يتمثّل التغيير الرئيسيّ في وصف المجلس بأنّه “هيئة منتخبة وتمثيليّة”. ويوضح المقترح أن فترة الـ 5 سنوات الانتقاليّة تبدأ لحظة إنشاء المجلس، أي في غضون شهر واحد بعد الانتخابات.

– أبريل 1982، جندي إسرائيليّ يطلق النار في ساحة الحرم الشريف في القدس، ما يسفر عن مقتل فلسطينيين اثنين وجرح 9. خلال الأيام التالية، احتجاجات عنيفة تعمّ الضفة الغربية وقطاع غزة.

– من يونيو إلى سبتمبر 1982، الجيش الإسرائيلي يجتاح لبنان. تشن الهجوم قوة مكونة من 90,000 جندي موزعة على خمس فرق وعلى وحدتين معززتين بحجم لواءين، بمساندة 1,300 دبابة و600 طائرة مقاتلة. والهدف المعلن للاجتياح دفع القوات الفلسطينية 40 كيلومتراً شمال الحدود مع إسرائيل.

– في 11 و12 حزيران/ يونيو، تحاول القوات الإسرائيلية التقدم من الدامور باتجاه خَلدة، وتصطدم بالقوات السورية والفلسطينية وقوات لبنانية تابعة لحركة أمل وتنظيمات أخرى. وإذ لم تستطع السيطرة على محور خلدة (الذي سيسقط في 17 حزيران/ يونيو فقط)، تلتف عليه من ناحية الشرق آتية من منطقة الشوف باتجاه قصر الرئاسة في بعبدا . في 13 حزيران/ يونيو، تطوّق القوات الإسرائيلية قصر الرئاسة في بعبدا وتتصل بـ قوات الكتائب اللبنانية في بيروت الشرقية ، مستكملة تطويق بيروت الغربية مع مواصلة القصف على المدينة من البر والبحر والجو. لا يحاول الجيش الإسرائيلي اقتحام بيروت فور تطويقه المدينة، مكتفياً بالقصف من حين إلى آخر وتثبيت مواقعه. فيركز عملياته على منطقة الجبل المشرفة على بيروت، أي شملان وعاليه وبحمدون ، ويسيطر عليها تدريجياً بعد مواجهات عنيفة مع القوات السورية بين 21 و25 حزيران/ يونيو، ويضطر إلى التوقف بين بحمدون وصوفر في 26 حزيران مع تثبيت وقف إطلاق النار على هذه الجبهة جراء ضغط أميركي شديد.

– تشكل إسرائيل فريق عمل خاصاً، “السمك المالح”، لاغتيال ياسر عرفات في بيروت خلال اجتياحها لبنان. يتم قصف الأبنية التي يُعتقد أنه يوجد فيها فور وصول معلومات بهذا الشأن للأجهزة الإسرائيلية. في 6 آب/ أغسطس بالتحديد، يتم هدم بناية من 9 طبقات بشكل كامل في حي الصنائع بواسطة قنبلة فراغية تطلق من الجو، بعد ثوان من مغادرته المكان.

– بعد وقف لإطلاق النّار تتخلّله خروقات بسيطة بين 11 و21 تموز/ يوليو، تبدأ إسرائيل 16 يوماً من القصف، بالتزامن مع اثنتين من أضخم العمليات البريّة التي تشنها حتى هذا التاريخ. في 27 تموز، يتم تنفيذ 36 هجمة جويّة، وفي 1 آب/ أغسطس، الجيش الإسرائيليّ يقصف مواقع منظمة التحرير الفلسطينية والمناطق السكنيّة لمدة 14 ساعة (200 طلعة جويّة)، وينجح في احتلال المطار، لكنّه يفشل في إنزال القوات على طول الساحل. في 4 آب/ أغسطس، يشن الجيش الإسرائيليّ هجمات بريّة كبرى في خمس نقاط وتفشل جميعها، باستثناء التقدّم باتجاه السفارة الكويتية جنوب بيروت . في 12 آب/ أغسطس، يقوم الجيش بتنفيذ 9 ساعات من الغارات الجويّة تشمل 220 طلعة جويّة.

– سبتمبر 1982، يتم في بيروت اغتيال بشير جميّل الذي انتخب، تحت حماية الجيش الإسرائيليّ، رئيساً لـ لبنان في 23 آب/ أغسطس. الجيش الإسرائيليّ يخرق التزاماً سبق أن قدّمه لـ الولايات المتحدة بعدم احتلال العاصمة اللبنانية، ويجتاح بيروت الغربية على الفور، ثم يكمل احتلالها في 16 أيلول/ سبتمبر. وسيتم انتخاب أمين جميّل رئيساً بأغلبية ساحقة في البرلمان في 25 أيلول/ سبتمبر.

– في ما يشكل خرقاً جسيماً لـ اتفاق حبيب ، تقوم القوات الاسرائيليّة بتطويق مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين وحي صبرا في بيروت، وتنصب مراكز للمراقبة تطلّ عليهما، ثمّ ترسل قوات الكتائب اللبنانية التي تذبح ما لا يقل عن 3,000 مدنيّ (يتراوح العدد بحسب المصادر بين 2,000 و4,500)، ليس كلهم فلسطينيين، إنما أيضاً لبنانيّون وعرب. كان اتفاق حبيب قدّم ضمانة أميركية لـ منظمة التحرير الفلسطينية في ما يخص حماية المدنيين الفلسطينيين في بيروت، وتطمينات إسرائيلية لـ الولايات المتحدة في هذا الشأن.

– لاحقاً للصدمة والإدانة اللتين تسببت بهما مجزرة صبرا وشاتيلا على الصعيد الدولي، يضطر الجيش الإسرائيليّ إلى الانسحاب من بيروت، وتعود القوة متعدّدة الجنسيّات (تضم 4,000 عنصر) إلى المدينة وضواحيها لحماية مخيّمات اللاجئين الفلسطينيّين.

– 1983، إسرائيل تنشر “تقرير لجنة التحقيق حول الأحداث في مخيمات اللاجئين في بيروت “، (المعروف باسم “تقرير كاهان”)، حول مجزرة صبرا وشاتيلا . يحمّل التقرير قوات الكتائب اللبنانية المسؤولية المباشرة، ويفيد بأنّ القادة المدنيّين والعسكريّين الإسرائيليّين يتحملّون “مسؤولية غير مباشرة” عن المجازر، وأنّ أريئيل شارون ، وزير الدفاع، يتحمّل “مسؤوليّة شخصيّة” لـ”تجاهله خطر إراقة الدماء والانتقام عندما وافق على دخول حزب الكتائب المخيمات، فضلاً عن عدم اتخاذ التدابير المناسبة لمنع سفك الدماء”. وبعد يومين من نشر التقرير، تصوّت الحكومة الإسرائيليّة 16-1 بالموافقة على توصيات التقرير، بما في ذلك إقالة شارون من وزارة الدفاع.

– إسرائيل تعلن عن خطة لبناء 15 مستعمرة عسكرية إضافية في الضفة الغربية وتحويل 8 بؤر عسكريّة قائمة إلى مستعمرات مدنيّة. في 11 نيسان/ أبريل، يعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيليّ أنّه سيتمّ توسيع 68 مستعمرة من مستعمرات الضفة الغربية بغية زيادة عدد السكان اليهود في الأراضي المحتلة من 30,000 إلى 50,000 في الأشهر الـ 18 المقبلة.

– يبدأ انشقاق في “فتح ” في وادي البقاع اللبناني وفي سوريا ، وتدور اشتباكات بين الموالين للحركة ومعارضيها في البقاع. في 18 حزيران/ يونيو يتمّ تأسيس حركة فتح الانتفاضة . في 24 حزيران، تعلن سوريا عرفات شخصاً غير مرغوب به، وتأمره بمغادرة سوريا. في البقاع، تنضمّ الفصائل الفلسطينيّة الموالية لسوريا إلى المنشقين عن عرفات، وتطرد القوات الموالية له بشكل تدريجيّ. القوات الموالية لعرفات تنسحب إلى منطقة الهرمل ، ثم إلى طرابلس في أواسط أيلول/ سبتمبر.

– مارس 1985، تعلن ست منظمات فلسطينيّة في دمشق (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة ، الصاعقة ، فتح الانتفاضة ، جبهة النضال الشعبي الفلسطيني ، جبهة التحرير الفلسطينية ، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ) عن تشكيل جبهة الإنقاذ الوطني الفلسطيني ، التي تعلن أنّها ليست بديلاً من منظمة التحرير الفلسطينية ، ولكنّها تناضل ضد انحراف عرفات وضد اتفاق العمل الفلسطيني – الأردني المشترك (11 شباط/ فبراير)، وتدعو إلى تعزيز التحالف الاستراتيجيّ مع سوريا.

– حركة أمل اللبنانيّة الموالية لسوريا تطلق ما سيعرف بـ “حرب المخيمات”. فتفرض في 19 أيار/ مايو 1985 حصاراً على المخيمات الفلسطينيّة في بيروت (صبرا ، وشاتيلا ، وبرج البراجنة ) في محاولة لاحتلالها. في 8 حزيران/ يونيو، يتمّ إعلان وقف إطلاق النار، لكنّ القتال يستمر بشكل متقطّع وعلى نطاق ضيّق، حتى أيار/ مايو 1986، عندما يتجدّد القتال وبشكل كثيف. في أيلول/ سبتمبر 1986، يمتدّ القتال إلى مخيم الرشيدية قرب صور وإلى صيدا . وسيتسبّب الحصار بخسائر بشرية فادحة، ونقص حادٍّ في الغذاء. ولن يتمّ رفع الحصار حتى 7 نيسان/ أبريل 1987.

– تقرّر الحكومة الإسرائيليّة اعتماد سياسة “القبضة الحديديّة”، والتي ترمي إلى قمع المقاومة الفلسطينيّة ضد الاحتلال. وتشمل التدابير إحياء أنظمة الطوارئ لسنة 1945 (في عهد الانتداب البريطاني)، التي تسمح بالاعتقال الإداريّ، والإبعاد، وإغلاق الصحف، وهدم المنازل. يشتدّ القمع في الأسابيع التالية.

– بعد أن نفّذ مقاتلون فلسطينيّون عملية في لارنكا قُتل فيها ثلاثة إسرائيليّين، تهاجم طائرات إسرائيليّة صباح 1 تشرين الأول/ أكتوبر مقرّ منظمة التحرير الفلسطينية في تونس 1985، ما يسفر عن مقتل 73 شخصاً وجرح المزيد. ينجو عرفات، الذي كان مستهدفاً مع مساعديه الأمنيين، بفارق وقت قصير.

– يصدر عرفات “إعلان القاهرة”، يقول فيه إنّ منظمة التحرير الفلسطينية تعلن إدانتها لجميع أعمال الإرهاب، سواء ارتكبت من قبل دول أو أفراد أو جماعات، ضد الأبرياء والعزل، أينما كانوا. كما يؤكّد عرفات حق الشعب الفلسطينيّ في مقاومة الاحتلال الإسرائيليّ لأرضه بكل الوسائل المتاحة.

– عام 1987، ستة من أعضاء الجهاد الإسلامي يهربون من سجن غزة المركزيّ وينفّذون سلسلة من العمليات ضد أجهزة الأمن الإسرائيليّة. في 2 آب/ أغسطس، على سبيل المثال، ينصبون كميناً لضابط مسؤول عن سجن مخيم الشاطئ للاجئين في غزة ويطلقون النار عليه ويقتلونه. إسرائيل ترد بإغلاق غير مسبوق لقطاع غزة، لمدة 3 أيام. في 1 تشرين الأول/ أكتوبر، تقتل أجهزة الأمن الإسرائيليّة ثلاثة من أعضاء الجهاد الإسلاميّ. في 6 تشرين الأول، ينتهي اشتباك بمقتل أحد ضباط الشين بيت وأربعة من أعضاء حركة الجهاد الإسلاميّ، مثيراً أياماً من الإضرابات وأعمال الشغب في مواجهة الجيش الإسرائيليّ ردّاً على القمع العنيف وهدم المنازل. وستعتبر الحركة هذا اليوم (وليس 9 كانون الأول/ ديسمبر 1987) البداية الحقيقيّة للانتفاضة.

– يطلق شاب مجهول النار على ناجي العلي في لندن، فيصيبه تحت عينه اليمنى. يمكث العلي في غيبوبة في المستشفى حتى وفاته في 29 آب/ أغسطس 1987.

– ديسمبر 1987،  يتسبّب اصطدام ناقلة دبابات تابعة للجيش الإسرائيليّ بسيارات فلسطينيّة شمال قطاع غزة  بمقتل أربعة عمال فلسطينيّين، ما يفجّر في اليوم التالي ثورة شعبيّة كانت أماراتها تتجمع منذ كانون الأول 1986. يعتبر 9 كانون الأول 1987 يوم اندلاع ما سيُصطلح على تسميته بـ”الانتفاضة “، مع أن حركة الجهاد الإسلامي تعتبر 6 تشرين الأول/ أكتوبر 1987 يوم بداية الانتفاضة. ترافق تظاهرات كبيرة جنازات الضحايا في مخيم جباليا للاجئين ، وسرعان ما ستنتشر في جميع أنحاء قطاع غزة والضفة الغربية . تتخذ الانتفاضة أشكال الإضرابات العامة، وتظاهرات إلقاء الحجارة على الجيش الإسرائيليّ، والمتاريس، والإضرابات التجاريّة، ومقاطعة المنتجات الإسرائيليّة، والعصيان المدنيّ. وترد إسرائيل بالغاز المسيل للدموع، والذخيرة الحيّة، وحظر التجوّل، وموجة من الاعتقالات، والإبعاد، وإغلاق المدارس والجامعات.

– ديسمبر 1987، صدور البيان الأول لحركة المقاومة الإسلاميّة (“حماس”)، ويشير البيان إلى تأسيس الحركة (ستُعرف بالاسم المختصر “حماس “) في غزة، ويعلن انتماءها إلى جماعة الإخوان المسلمين في 11 شباط/ فبراير 1988. ويؤشر إطلاق حركة “حماس” المواجهة مع إسرائيل إلى أنّ “الإخوان” الفلسطينيّين استخلصوا الدروس من التعبئة التي أدّت إلى الانتفاضة الناشئة، وإلى أنّها تخطّط لإعادة توجيه استراتيجيتها من التركيز بشكل رئيسي على أسلمة المجتمع، إلى النضال المباشر ضد إسرائيل. ومن بين المؤسسين: أحمد ياسين ، عبد العزيز الرنتيسي ، إبراهيم اليازوري ، صلاح شحادة ، عيسى النشّار ، محمد شمعة ، عبد الفتاح دخان.

– عام 1988، يكرّر ياسر عرفات التأكيد، في مناسبات مختلفة (على سبيل المثال في 3 كانون الثاني/ يناير و5 و13 شباط/ فبراير)، على ضرورة أن تتجنّب الانتفاضة العمل المسلّح.

– مارس 1988، أكثر من 500 من رجال الشرطة الفلسطينيّين، في الضفة الغربية وقطاع غزة ، وغيرهم من الموظفين المدنيّين في الإدارة المدنيّة التي تسيطر عليها إسرائيل، يستقيلون من مناصبهم، بعد أن دعتهم إلى ذلك القيادة الوطنيّة الموحّدة للانتفاضة . في 24 آذار/ مارس، يتحدّى معلّمون وطلاب فلسطينيّون في الضفة الغربيّة أمراً إسرائيليّاً ويحاولون إعادة فتح ست مدارس في رام الله قبل أن يفرّقهم الجيش الإسرائيليّ بالقوة. اعتباراً من 14 آذار يتمّ فرض حظر تجول غير محدود على جميع قطاع غزة ابتداءً من الساعة العاشرة مساءً وحتى الثالثة صباحاً. ويتمّ منع الفلسطينيّين من السفر بين غزة والضفة الغربيّة إلا بتصريح خاص. وفي 15 آذار، يتمّ قطع جميع الاتصالات الهاتفيّة الدوليّة. وفي 29 آذار، يكشف وزير الدفاع يتسحاق رابين  أنّه تمّ القبض على أكثر من 1,000 فلسطينيّ في الأسبوع المنصرم، ليصل العدد الإجمالي للمعتقلين إلى 4,400 على الأقل.

– أبريل 1988، إسرائيل تنفّذ عملية في تونس، وتغتال القائد العسكريّ لـ منظمة التحرير الفلسطينية  خليل الوزير (أبو جهاد). يتمّ إعلان الحداد لمدة ثلاثة أيام في الأراضي المحتلّة وفي مخيمات اللاجئين الفلسطينيّين في لبنان. تقمع إسرائيل التظاهرات في الضفة الغربية وقطاع غزة ، ما يسفر عن مقتل 19 فلسطينيّاً وإصابة أكثر من 100.

– 1988، الأردن يعلن إنهاء خطة تنمية لمدة 5 سنوات بقيمة 1,3 مليار دولار في الضفة الغربية . وبعد يومين، يتمّ حلّ البرلمان (نصف أعضائه يأتون من الضفة الغربية). في 31 تموز/ يوليو، وفي استخلاص للدروس المستفادة من الانتفاضة واستجابةً لنتائج مؤتمر القمة العربية، الجزائر ، الذي عقد في حزيران/ يونيو، يعلن العاهل الأردنيّ الملك حسين عن “فكّ الارتباط القانونيّ والإداريّ بين الضفتين”، وذلك “استجابة لرغبة منظمة التحرير الفلسطينية ، الممثل الشرعيّ والوحيد للشعب الفلسطينيّ، وللتوجّه العربيّ في التأكيد على الهويّة الفلسطينيّة من جميع جوانبها”. في 3 آب/ أغسطس، تعلن منظمة التحرير الفلسطينيّة أنّها سوف تضطلع بمسؤولياتها ممثلاً للشعب الفلسطينيّ. في اليوم التالي، يعلن الأردن أنّه اعتباراً من 16 آب/ أغسطس، لن يستمر في دفع رواتب نحو 21,000 من موظفي الخدمات المدنيّة في الضفة الغربيّة، باستثناء أولئك الذين يعملون في الأوقاف.

– أغسطس 1988، حركة المقاومة الإسلاميّة (“حماس”) تصدر ميثاقها، يؤكّد الميثاق على أنّ “حركة المقاومة الإسلامية هي جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين”، وفي الوقت ذاته، يؤكّد أنّها “حركة فلسطينيّة متميّزة”. ويدعو إلى تحرير فلسطين، ويعلن أنّ “أرض فلسطين هي وقف إسلاميّ… لا يستطيع أحد أن يفرّط بها، أو بجزء منها، أو التنازل عنها أو عن جزء منها”.

– ديسمبر 1988، نظراً إلى رفض الولايات المتحدة منح عرفات تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة بغية إلقاء خطابه في نيويورك، يتمّ عقد الجمعيّة العامة في جنيف. يعرض رئيس منظمة التحرير الفلسطينيّة مبادرة السلام الفلسطينيّة: (1) تشكيل لجنة تحضيريّة للمؤتمر الدوليّ للسّلام في الشرق الأوسط ، (2) اتّخاذ التدابير الآيلة إلى وضع الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة تحت إشراف الأمم المتحدة الموقّت، ونشر قوات دوليّة للإشراف على انسحاب القوات الإسرائيليّة، (3) تحقيق تسوية شاملة في إطار المؤتمر الدوليّ للسّلام في الشرق الأوسط، بالاستناد إلى قرارات مجلس الأمن 242 (1967) و338 (1974)، وذلك من أجل ضمان حق جميع أطراف الصراع في العيش بسلام وأمن.

– بعد وساطة سويدية بين الإدارة الأميركية ومنظمة التحرير الفلسطينية، يقول الرئيس عرفات ، خلال مؤتمر صحافيّ، أنّه يسجل مرة أخرى “أنّنا ننبذ جميع أشكال الإرهاب نبذاً تامّاً ومطلقاً، بما في ذلك إرهاب الأفراد، والجماعات، وإرهاب الدولة”. وفي اليوم نفسه، وعقب المؤتمر الصحافيّ لعرفات، يعلن الرئيس رونالد ريغان فتح حوار موضوعي مع منظمة التحرير الفلسطينية ، معتبراً أنّه قد تمّ استيفاء الشروط الأميركيّة: قبول منظمة التحرير الفلسطينيّة بقراري مجلس الأمن 242 و338، واعترافها بـ”حق إسرائيل في الوجود”، ونبذها الإرهاب. سيعقد الاجتماع الرسميّ الأول بعد يومين في تونس ، بين الإدارة الأميركيّة ممثّلة بالسفير روبرت بلليترو ، ومنظمة التحرير الفلسطينيّة ممثلة بـ ياسر عبد ربه ، عضو اللجنة التنفيذية.

– إنّ الجمعيّة العامة “تعترف بإعلان دولة فلسطين، الصادر عن المجلس الوطني الفلسطيني  في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 1988″؛ و”تقرر أن تستعمل، في منظومة الأمم المتحدة، اسم ’فلسطين’ اعتباراً من 15 كانون الأول/ ديسمبر 1988 بدلاً من تسمية ’منظمة التحرير الفلسطينية ’”.

– يناير 1989، لمّا لم تُظهِر الانتفاضة علامات على التراجع، فإنّ وزير الدفاع الإسرائيليّ يتسحاق رابين يعلن عن إجراءات أكثر صرامة: السماح للجنود بإطلاق النار على المتظاهرين، وزيادة استخدام سياسة هدم وإغلاق منازل ذوي راشقي الحجارة، ومصادرة المزيد من الممتلكات الفلسطينيّة، وإغلاق مدارس راشقي الحجارة.

– مارس 1989، لاحقاً، لمبادرة السلام التي قدمتها منظمة التحرير الفلسطينية وبدء حوارها مع الولايات المتحدة، وبضغط من الأخيرة من أجل طرح أفكار جديدة، رئيس الوزراء الإسرائيلي يتسحاق شامير ووزير الدفاع يتسحاق رابين يقترحان إجراء انتخابات في الضفة الغربية وغزة . في 30 آذار/ مارس، في مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” (منشورة في اليوم التالي)، يوضّح شامير أن هدف الانتخابات هو اختيار ممثّلين فلسطينيين لإجراء محادثات سلام مع إسرائيل. تتبع الانتخابات محادثات على مرحلتين، تكون الأولى من أجل وضع ترتيبات مرحلية للحكم الذاتي لفترة انتقالية. ووفق شامير، بعد حوالى ثلاث سنوات من الحكم الذاتي، تبدأ مفاوضات بخصوص الوضع الدائم. أما في ما يتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية، فيكرر شامير أنها ستُستبعد من المحادثات، حالياً ومستقبلاً.

– يشهد شهر أيار/ مايو 1989 تجدد التظاهرات الفلسطينية في جميع أنحاء الأراضي المحتلة، كما يشهد أيضاً عمليات إطلاق النار على المتظاهرين من قبل الإسرائيليين، وفرض حظر التجول على المدن والقرى. وهكذا، في 7 أيار/ مايو، تفرض إسرائيل حظر التجول على 20 ناحية (يقطنها 450,000 فلسطيني)، كما يطلق الجنود النار على 12 فلسطينياً في غزة و8 فلسطينيين في الضفة الغربية . في اليوم ذاته، يتم العثور في جنوب إسرائيل على جثة جندي مفقود منذ 16 شباط/ فبراير. وفي 16 أيار، تعطي إسرائيل أوامرها إلى جميع فلسطينيي غزة بمغادرة إسرائيل، وتضع القطاع تحت حظر التجول.

– توافق الحكومة الإسرائيلية رسمياً على وثيقة من أربع صفحات توصّل إلى صياغتها رئيس الوزراء شامير ووزير الدفاع رابين بخصوص “مبادرة السلام الإسرائيلية”. تشبه الوثيقة إلى حدّ كبير الأفكار التي طرحها شامير في صحيفة “نيويورك تايمز” (31 آذار/ مارس 1989)، وبنود خطة كامب ديفيد للحكم الذاتي (أيلول/ سبتمبر 1978)، باستثناء أن الانتخابات الفلسطينية ستجرى قبل التوصل إلى اتفاقية مفصَّلة بخصوص الحكم الذاتي الموقت، كي يشارك المنتخَبون بصفة “شريك في إجراء المفاوضات بشأن الفترة الانتقالية”. ترحّب الولايات المتحدة بالمبادرة من دون الموافقة عليها، وترى أنها تقدّم “فرصاً واعدة”. واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ترفض مبادرة السلام الإسرائيلية وتعتبر اللجنة أن المشروع “مخادع” ويتجاهل قرارات الأمم المتحدة، وخاصة قراري مجلس الأمن رقم 242 و338، كما يتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني. وتؤكد اللجنة التنفيذية أن الإطار المناسب لتحقيق السلام العادل هو المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط ، وأن أية أفكار، أو مشاريع مرحلية، يجب أن تكون جزءاً من خطة شاملة.

– مايو 1989، تقوم قوات الاحتلال باعتقال أحمد ياسين إضافة إلى ناشطين إسلاميين، بعد أن تم العثور في 7 أيار/ مايو على جثة جندي مفقود منذ 16 شباط/ فبراير. وسوف يتم الحكم على ياسين بالسجن مدى الحياة في 16 تشرين الأول/ أكتوبر 1991، بتهمة التحريض على اختطاف إسرائيليين وقتلهم.

– من أكتوبر 1989 وحتى يناير 1990، كان اليهود الحاصلون من السلطات السوفييتية على تأشيرة خروج إلى إسرائيل يسافرون إلى فيينا، حيث يأخذون من سفارة الولايات المتحدة الموافقة على الهجرة إلى الولايات المتحدة كلاجئين. وبعد سنوات من الضغط الإسرائيلي، توافق الإدارة الأميركية على إغلاق مسار فيينا ابتداء من 1 تشرين الأول/ أكتوبر، لتصبح هجرة اليهود السوفييت إلى إسرائيل مباشرة. في الوقت ذاته، يخفّف الاتحاد السوفييتي القيود على الهجرة. ثم في 4 تشرين الأول/ أكتوبر، يتقدّم وزير المالية الإسرائيلي شمعون بيريس إلى الإدارة الأميركية بطلب ضمانات قروض إسكان بقيمة 400 مليون دولار من أجل توطين المهاجرين المتوقّع قدومهم، كما يعلن رئيس الوزراء شامير ، في 30 تشرين الأول، أنه يتوقّع هجرة مليون يهودي إلى إسرائيل. وفي 14 كانون الثاني/ يناير 1990، يقول: “الهجرة الكبيرة تتطلّب إسرائيل الكبرى أيضاً”. وخلال عام 1990 ستستقبل إسرائيل 200,000 مهاجر.

– أكتوبر 1990، يجتمع المصلّون الفلسطينيون للدفاع عن الحرم الشريف  بعد إعلان مجموعة يهودية تُدعى “أمناء جبل الهيكل ” عن نيتها الدخول إليه في 8 تشرين الأول/ أكتوبر. يتم إلقاء قنابل مسيّلة للدموع وسط الحشد، فيردّ الفلسطينيون برمي الحجارة. وعندها تبدأ القوات الإسرائيلية بإطلاق النار على المصلين بلا رادع، مستخدمة حتى البنادق الآلية، فتقتل 18 فلسطينياً وتجرح أكثر من مئة. إضافة إلى الإدانة العالمية لسلوك القوات الإسرائيلية، تخشى الولايات المتحدة أيضاً أن يصرف هذا الأمر الانتباه عن احتلال العراق لـ الكويت .

– أبريل 1992، طائرة ياسر عرفات تتحطم في الصحراء الليبية بسبب عاصفة رملية. تعثر طائرة عسكرية ليبية على حطام الطائرة في صباح اليوم التالي، بعد حوالي 12 ساعات من الحادث. وُجد عرفات مصاباً بجرح في رأسه، غير أن الحادث يتسبب في مقتل ثلاثة من بين 13 كانوا في الطائرة. يروى أن مسؤولاً فلسطينياً سعى، من خلال الرئيس السابق جيمي كارتر، إلى الحصول على مساعدة أميركية بواسطة الأقمار الصناعية، وأنه تم العثور على الطائرة قبل أي قرار أميركي بهذا الشأن.

– أغسطس 1993، بعد تدخّل مباشر من رئيس الوزراء الإسرائيلي يتسحاق رابين ، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات ، ووزير الخارجية النرويجي يوهان هولست ، يوقع المفاوضون الفلسطينيون والإسرائيليون بالأحرف الأولى على نص إعلان المبادئ في 20 آب/ أغسطس، تتويجاً للقناة النروجية السرية في أوسلو . وفي 29 و30 آب/ أغسطس، توافق اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وكذلك الحكومة الإسرائيلية، على نص الإعلان. وفي سبتمبر يوقّع شمعون بيريس  (باسم إسرائيل)، ومحمود عباس  (باسم منظمة التحرير الفلسطينية ) إعلان المبادئ بشأن ترتيبات الحكم الذاتي  (اتفاقية أوسلو I)، الذي ينص على الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة ومنطقة أريحا ، وإنشاء مجلس فلسطيني منتخَب لفترة انتقالية لا تتجاوز خمس سنوات، يقود إلى تسوية دائمة على أساس قراري مجلس الأمن 242 (1967) و338 (1973). ينص إعلان المبادئ على أن ولاية المجلس سوف تشمل منطقة الضفة الغربية وقطاع غزة (وينظر إليها على أنها وحدة إقليمية واحدة تجب المحافظة على وحدتها وسلامتها خلال الفترة الانتقالية)، وتستثنى من ولاية المجلس قضايا (القدس ، اللاجئين، المستوطنات الإسرائيلية، المياه، الحدود، الأمن) التي سيتم التفاوض بشأنها خلال مفاوضات الوضع الدائم، في موعد لا يتجاوز بداية السنة الثالثة من الفترة الانتقالية.

– عام 1994، يقدم المستوطن اليهودي باروخ غولدشتاين على قتل 29 من المصلين الفلسطينيين في المسجد الإبراهيمي، قبل أن يلقى حتفه ضرباً على يد ناجين من المجزرة. يضاف إليهم ستة فلسطينيين قتلوا في اشتباكات مع الجيش الإسرائيلي خارج مستشفى الخليل، وخمسة آخرين في أماكن أخرى في الأراضي المحتلة ويُصاب مئات الفلسطينيين، في أكثر الأيام دموية منذ سنة 1967. يتم إغلاق الضفة الغربية وغزة ، ويُفرض حظر تجول في البلدات الرئيسية في اليوم التالي لغاية 1 آذار/ مارس. ولتهدئة الوضع، يُطلق سراح 1,500 معتقل فلسطيني، في حين تعلّق منظمة التحرير الفلسطينية المفاوضات مع الإسرائيليين، وتطالب بالحماية الدولية للفلسطينيين، ونزع سلاح المستوطنين، وتفكيك بعض المستوطنات.

– في أبريل 1994، يقع هجوم بقنبلة يدوية في مخيم الشاطئ للاجئين فيصاب ستة جنود بجروح، وتنفجر سيارة مفخخة في عفولة (تعلن “حماس ” مسؤوليتها عن العملية)، ما يسفر عن مقتل ثمانية وجرح 44. وفي 7 نيسان/ أبريل، يطلق فلسطيني النار على حافلة بالقرب من أشدود (إسدود)، فيقتل مسافراً ويجرح أربعة (الجهاد الإسلامي )، وفي اليوم ذاته يتم طعن إسرائيليَّين في شمال غزة (حماس)، فتفرض إسرائيل إغلاقاً كاملاً على الضفة الغربية وغزة (سيتم رفعه في 17 نيسان/ أبريل). في 13 نيسان/ أبريل، يقع تفجير انتحاري في حافلة في خضيرة (حماس)، يلقى فيه ستة مصرعهم ويُجرح 28.

– أكتوبر 1994، توقيع معاهدة السلام الإسرائيلية – الأردنية قرب العقبة. وتتضمن المعاهدة البنود التالية المتعلقة بالقضية الفلسطينية: في ما يخص الحدود بين البلدين يتم الرجوع إلى الحدود زمن الانتداب البريطاني من “دون المساس بوضع الأراضي التي دخلت تحت سيطرة الحكم العسكري الإسرائيلي عام 1967”. وبالنسبة إلى موضوع اللاجئين، تعترف الدولتان أن المشكلة “لا تمكن تسويتها بشكل كامل على الصعيد الثنائي”، وتؤكدان سعيهما لحلها “وفقاً لأحكام القانون الدولي”، في المنابر الملائمة، بما في ذلك المفاوضات الخاصة بالوضع الدائم للأراضي المحتلة سنة 1967، وعبر برامج دولية تتضمن المساعدة في توطين اللاجئين. وبخصوص القدس ، يعلن الجانب الإسرائيلي أن إسرائيل “تحترم الدور الحالي الخاص لـ المملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن الإسلامية المقدسة”، وأنها “ستولي أولوية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن المقدسة” خلال مفاوضات الوضع الدائم.

– نوفمبر 1994، يسفر إطلاق الشرطة الفلسطينية النار، خلال تظاهرة لـ”حماس ” والجهاد الإسلامي في غزة، عن مقتل 14 متظاهراً وجرح 200. وتأتي التظاهرة احتجاجاً على اعتقال الشرطة الفلسطينية العشرات من الناشطين الإسلاميين عقب سلسلة من هجمات الجهاد الإسلامي ضد أهداف إسرائيلية. يتصاعد التوتر عندما ينزل عناصر “فتح ” إلى الشارع دعماً للشرطة والسلطة الفلسطينية . وتنجح الوساطات في تهدئة الوضع وتحول دون وقوع اشتباكات.

– ديسمبر 1994، منح يتسحاق رابين وشمعون بيريس وياسر عرفات جائزة نوبل للسلام في أوسلو.

– يناير 1995، خلال اجتماع عند الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة ، يخبر يتسحاق رابين  ياسر عرفات أن إقامة مستوطنات جديدة على أراض مصادَرة سوف يتطلّب موافقة الحكومة. في 25 كانون الثاني/ يناير، تقرّ لجنة المراجعة التي شكّلها رابين خطة لبناء أكثر من 3,000 وحدة سكنية، وبيع حوالي 1,000 وحدة سكنية لحوالى 20,000 مستوطن جديد في ثلاث مستوطنات حول القدس . في 1 شباط/ فبراير، توافق لجنة التخطيط والبناء في القدس على تشييد 6,500 منزل في حيّ جديد في جنوب القدس. وسوف تتم مصادرة 2,000 دونم من الأراضي الفلسطينية من أجل المشروع.

– من أبريل وحتى مايو 1995، في أكبر عملية مصادرة أراض في القدس الشرقية منذ 15 عاماً، يوافق مسؤولون إسرائيليون على خطة لوضع اليد على 535 دونماً، أغلبها أراضٍ مملوكة لعرب، من أجل إقامة حي يهودي جديد (335 دونماً في بيت حنينا )، ومقرات للشرطة (200 دونم في بيت صفافا ). وفي 3 أيار/ مايو، يؤكد مسؤولون في وزارة الإسكان الإسرائيلية أن الأراضي المصادرة (535 دونماً) تشكّل جزءاً من خطة لمصادرة 4,400 دونم من الأراضي العربية في القدس من أجل بناء 7,000 وحدة سكنية جديدة، بهدف زيادة عدد السكان اليهود في المدينة بمقدار 10,000 نسمة.

– تدين الحكومات العربية الفيتو الأميركي على مشروع قرار بشأن مصادرة إسرائيل الأراضي في القدس ، وتقول إن هذا الفيتو يضرّ بعملية السلام، ويبطل ادعاءات الولايات المتحدة بالتزامها الحياد. يتم الإعلان عن نية عقد قمة عربية مصغّرة في 27 أيار/ مايو في المغرب . ونتيجة للانتقادات العربية والدولية، تعلّق حكومة رابين في 22 أيار/ مايو قرار مصادرة الأراضي (يتم إلغاء القمة العربية المصغّرة).

– سبتمبر 1995، بعد عام من المفاوضات بين الحكومة الإسرائيلية ومنظمة التحرير الفلسطينية ، يوقع الطرفان بالأحرف الأولى على ما يسمى اتفاقية أوسلو 2 في طابا ، في 24 أيلول/ سبتمبر، ثم يوقعان عليها رسمياً بعد أربعة أيام في واشنطن . تضع الاتفاقية الترتيبات المتعلقة بانتخاب رئيس وأعضاء المجلس (82 عضواً يتمتعون بسلطة تشريعية)، وتنص على توسيع صلاحيات السلطة الفلسطينية المطبَّقة في غزة وأريحا لتشمل الضفة ، باستثناء القضايا التي سيتم الاتفاق عليها في مفاوضات الوضع النهائي (القدس ، المواقع العسكرية، المستوطنات). تقسم الاتفاقية الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق: المنطقة أ (تحت سيطرة السلطة الفلسطينية)، المنطقة ب (سيطرة مشتركة)، المنطقة ج (سيطرة إسرائيلية)، وسوف تبقى إسرائيل المسؤولة عن الأمن الخارجي وأمن الإسرائيليين. لكن إعادة انتشار القوات الأمنية الإسرائيلية في “مواقع عسكرية محددة” سوف تتم على مراحل (من خلال النقل التدريجي لأجزاء من أراضي المنطقة ج إلى المنطقة أ أو المنطقة ب)، وسوف تتم عملية إعادة الانتشار الأولى قبل الانتخابات، وثلاث “عمليات انتشار إضافية” ستجرى في غضون 18 شهراً بعد تنصيب المجلس المنتخب.

– أكتوبر 1995، خلال جلسة الكنيست المعقودة لمناقشة اتفاقية أوسلو 2 (التي تم توقيعها قبل أسبوع) والتصويت عليها، يشرح رئيس الحكومة يتسحاق رابين البنود الرئيسية للاتفاقية الموقتة ويعرض رؤيته للحل الدائم للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني: (أ) “كيان” فلسطيني، أقل من دولة، يكون موطناً لمعظم الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة ؛ (ب) أن تكون حدود إسرائيل أبعد من حدود الرابع من حزيران 1967 ؛ (ج) القدس “الموحدة” تشمل معاليه أدوميم وجفعات زئيف كعاصمة لإسرائيل. (د) أن تقع الحدود الأمنية لإسرائيل في وادي الأردن ؛ (هـ) إضافة غوش عتصيون وإفرات وبيتار عيليت إلى الإقليم الإسرائيلي؛ (و) إقامة كتل من المستعمرات.

– قانون سفارة القدس، الذي يتم تبنيه في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 1995 وإرساله بعد ثلاثة أيام إلى الرئيس للمصادقة عليه، يصبح قانوناً في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر، جرّاء امتناع الرئيس كلينتون من الاعتراض عليه ومن توقيعه على حد سواء. يحدد القانون سياسة الولايات المتحدة بالتالي: “(1) يجب أن تبقى القدس مدينة غير مقسّمة تُحمى فيها حقوق كل مجموعة عرقية ودينية؛ (2) يجب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل؛ و(3) يجب إقامة سفارة الولايات المتحدة لدى إسرائيل في القدس في موعد أقصاه 31 أيار/ مايو 1991.” وفي الوقت نفسه، يمنح القانون الرئيس الحق بأن يُعفى من تنفيذه لمدة ستة أشهر “في حال قرّر وبلّغ الكونغرس مسبقًا بأن هذا الإعفاء ضروري لحماية مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة.” سيلجأ الرؤساء بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك أوباما على التوالي إلى هذا الحق كل ستة أشهر من دون أي انقطاع.

– نوفمبر 1995، اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي يتسحاق رابين؛ وتعيين شمعون بيريس خلفاً له.

– أبريل 1996، بعد يومين من تبادل العمليات الانتقامية بين إسرائيل وحزب الله ، تبدأ إسرائيل في 11 نيسان/ أبريل عملية واسعة النطاق ضد حزب الله وأهداف لبنانية مدنية وعسكرية أخرى، تطلق فيها يومياً ما معدله 3,000-4,000 قذيفة وتنفذ 50-60 غارة جوية. يتم إفراغ أكثر من 100 قرية في جنوب لبنان ، ويضطر حوالى 500,000 لبناني إلى إخلاء منازلهم. يردّ حزب الله بقصف شمال إسرائيل. في 18 نيسان/ أبريل يطلق الجيش الإسرائيلي قذائف مدفعية على معسكر لـ الأمم المتحدة في قانا ، فيقتل 102 مدنياً لبنانياً ويجرح أكثر من 100. يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في 26 نيسان/ أبريل، ويدخل فعلياً حيز التنفيذ في اليوم التالي. ينص “تفاهم وقف إطلاق النار” على التزام جميع الأطراف (“المجموعات المسلحة في لبنان “، وإسرائيل و”المتعاونين معها”) بعدم استهداف المدنيين والأهداف المدنية، وهذا في الواقع سيقيّد حرية تحرك إسرائيل في السنوات اللاحقة.

– سبتمبر 1996، تحت حراسة أمنية مشددة، وفي منتصف الليل، تقوم إسرائيل بخطوة مفاجئة في منطقة درب الآلام، وذلك بافتتاحها مدخل نفق يمتد من الجهة الجنوبية إلى الجهة الشمالية لـ الحائط الغربي وصولاً إلى درب الآلام (“نفق الحائط الغربي”، أو “نفق الحشمونائيم”)، على طول مجمّع الحرم الشريف. ويقع مدخل هذا النفق، الذي تم حفره بإشراف وزارة الشؤون الدينية الإسرائيلية في السبعينيات والثمانينيات، في ساحة الحائط الغربي. يسعى رئيس الوزراء من خلال فتح مدخل للنفق في درب الآلام، أي في قلب الأحياء العربية في البلدة القديمة ، إلى تعزيز السيطرة على المدينة، والقيام بخطوة إضافية لتقويض الوضع الراهن في الحرم الشريف. تندلع خلال الأيام التالية المواجهات بين المتظاهرين ورجال الشرطة الفلسطينيين من جهة وعناصر الجيش والشرطة الإسرائيليين من جهة أخرى، في الضفة الغربية وغزة ، ويُقتل في المواجهات 86 فلسطينياً و15 إسرائيلياً. تفرض إسرائيل حظر التجول، وتقيّد حرية حركة الفلسطينيين في قطاع غزة وبين مدن الضفة الغربية، وسيستمر ذلك لأسابيع.

– فبراير 1997، توافق الحكومة الإسرائيلية على تشييد مستوطنة جديدة في هار حوما / جبل أبو غنيم . الهدف من بناء 6,500 وحدة سكنية لـ 30,000 مستوطن إسرائيلي على أراض غير مستثمَرة بين بيت لحم وأبو ديس ، هو منع الارتباط بين هاتين البلدتين الفلسطينيتين، واستكمال تطويق البلدات الفلسطينية في القدس وما حولها. تعمّ الإضرابات والتظاهرات الضفة الغربية وقطاع غزة ، وعندما تبدأ أعمال البنية التحتية في الموقع في 18 آذار/ مارس، تندلع من حين لآخر اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين الفلسطينيين ورجال الأمن الإسرائيليين، ويستمر ذلك لغاية 4 نيسان/ أبريل، لا سيما في بيت لحم والخليل . يُقتل في الاشتباكات عدد من الفلسطينيين ويُجرح العشرات. وتغلق السلطات الإسرائيلية الضفة الغربية وقطاع غزة. في 21 آذار/ مارس، يفجّر انتحاري فلسطيني عبوة ناسفة في تل أبيب تودي بحياة ثلاثة إسرائيليين، وتصيب 43. على الصعيد السياسي، يعقد المجلس التشريعي الفلسطيني جلسة طارئة في بيت لحم في 31 آذار/ مارس، ويدعو منظمة التحرير الفلسطينية إلى وقف المفاوضات والتنسيق الأمني مع إسرائيل إلى أن تحترم الأخيرة جميع الاتفاقيات.

– مارس 1997، نتيجة للـ “العرض” الإسرائيلي الذي طرح إعادة الانتشار من 2 في المئة فقط، والأنشطة الاستيطانية والمخططات الإسرائيلية في الضفة الغربية ، بما فيها القدس (وبالأخص مشروع هار حوما / جبل أبو غنيم )، وهدم المنازل في القدس (28 أيار/ مايو، 14 تموز/ يوليو) والخليل (23 حزيران/ يونيو)، ونتيجة للاشتباكات بين المتظاهرين الفلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية، والعملية الانتحارية في 21 آذار/ مارس، والإجراءات الانتقامية الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ، ترفض القيادة الفلسطينية استئناف المفاوضات، سواء بخصوص عملية إعادة الانتشار الإضافية أو بخصوص الحل النهائي، ما لم تتوقف أعمال البناء في جبل أبو غنيم. لا تنجح الوساطة التي تقوم بها الولايات المتحدة (رحلات المبعوث الخاص دينيس روس إلى المنطقة في 27-28 آذار، 15-18 نيسان/ أبريل، 8-16 أيار/ مايو)، ومصر (أسامة الباز مستشار الرئيس، 23-31 أيار/ مايو) في تقريب المواقف بين الطرفين. إلا أن المحادثات الفلسطينية – الإسرائيلية تُستأنف في 20 تموز/ يوليو، لتعود وتُعلّق مرة أخرى بعد عملية انتحارية مزدوجة في القدس في 30 تموز. من جهة أخرى، وخلال الفترة نفسها، تقترح الحكومة الإسرائيلية تسريع المحادثات بشأن الحل النهائي مقابل إتمام إعادة انتشار إضافية ثانية (ولكن أخيرة) في غضون ستة أشهر، وهذا يعني ضمناً أن الجزء الأكبر من الضفة الغربية سيبقى ضمن المنطقة ج (أوسع بكثير من “المواقع العسكرية الخاصة” المنصوص عليها في الاتفاقات).

– سبتمبر 1997، تقوم وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت بزيارة إلى الشرق الأوسط في الفترة بين 10 و15 أيلول/ سبتمبر، وتحاول تهيئة الظروف المناسبة لاستئناف المحادثات الفلسطينية – الإسرائيلية، فتطلب من إسرائيل أخذ “فترة استراحة” من توسيع المستوطنات، ومن السلطة الفلسطينية اتخاذ إجراءات صارمة ضد “حماس “. في 13 أيلول، بعد يوم واحد على مغادرتها القدس ، توافق لجنة التخطيط المدني في القدس على خطة لبناء 70 وحدة سكنية في رأس العامود في القدس الشرقية ، وفي 24 أيلول يوافق نتنياهو على خطة لتوسيع مستوطنة إفرات في الضفة الغربية بإضافة 300 وحدة سكنية. ويؤكد، بعد يومين، أنه سيواصل توسيع المستوطنات. وعلى الرغم من هذه الخلفية، يلتقي نتنياهو مع عرفات في 8 تشرين الأول/ أكتوبر ويحاول إقناعه بالتخلي عن عملية إعادة الانتشار الإضافية والبدء بمفاوضات الوضع النهائي بوتيرة متسارعة. وتجري في واشنطن محادثات فلسطينية – إسرائيلية لمدة أربعة أيام، في الفترة بين 3 و6 تشرين الثاني/ نوفمبر، من أجل مناقشة تنفيذ اتفاقية أوسلو 2 ، من دون أن تحرز أي تقدم. ولكن، خلال شهري تشرين الأول وتشرين الثاني، تعقد لجان فنية فلسطينية – إسرائيلية عدة اجتماعات وتحقق نجاحات محدودة بخصوص: الشؤون المدنية، الشؤون الاقتصادية، ميناء غزة ، المعابر الدولية، الشؤون القانونية، الإفراج عن السجناء، مطار رفح والأمن. ويكون التقدم الأكبر من نصيب مطار رفح.

– سبتمبر 1997، يحاول الموساد تسميم خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في عمّان. يهدد الأردن بقطع العلاقات مع إسرائيل، فتوافق الأخيرة على إعطاء الترياق المضاد. ومقابل السماح لعملاء الموساد بالعودة إلى ديارهم، تطلق إسرائيل سراح زعيم حركة “حماس” الشيخ أحمد ياسين، الذي كان في سجن إسرائيلي منذ 19 أيار/ مايو 1989، ويقضي حكماً بالسجن مدى الحياة منذ 16 تشرين الأول/ أكتوبر 1991.

– مايو 1998، ينظّم الفلسطينيون في مخيمات اللاجئين في الأردن وسوريا ولبنان المسيرات في الذكرى الخمسين للنكبة. في الضفة الغربية -بما فيها القدس – وغزة ، تتحول المسيرات إلى مواجهات مع الجيش الإسرائيلي. يقتل الجنود 8 فلسطينيين ويجرحون بين 300 و400، ليكون هذا اليوم هو الأسوأ من حيث العنف منذ “أحداث النفق” في 25 أيلول/ سبتمبر 1996.

– ديسمبر 1998، من أجل التأكيد على دعم الولايات المتحدة الخطوات الصعبة التي يقوم بها ياسر عرفات في سبيل تنفيذ مذكرة واي ريفر ، كان الرئيس كلينتون وافق في واي ريفر على زيارة غزة بمناسبة “المؤتمر الشعبي الفلسطيني ” الذي ينعقد من أجل مناقشة الميثاق الوطني الفلسطيني . بعد لقاء كلينتون القادة الإسرائيليين في 12-13 كانون الأول/ ديسمبر، ينتقل بواسطة مروحية إلى مطار غزة الدولي في 14 كانون الأول. يلقي كلينتون خطاباً في الاجتماع يشيد فيه بالمشاركين، الذين رفعوا أيديهم تأييداً لإلغاء الفقرات من الميثاق لأنهم يختارون السلام. يقول كلينتون، على وجه الخصوص: “أعرف أن الشعب الفلسطيني يقف على مفترق طرق: خلفكم تاريخ من الحرمان والتشتت، وأمامكم فرصة لبناء مستقبل فلسطيني جديد على أرضكم”. غير أن كلينتون يحجم عن الاعتراف بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم.

– من ديسمبر 1998 حتى أبريل 1999، كان الرئيس عرفات ينوي الإعلان، أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 28 أيلول/ سبتمبر 1998، عن عزمه إعلان الدولة في 4 أيار/ مايو 1999 (موعد انتهاء المرحلة الانتقالية، وفق أوسلو 2 )، ولكنه امتنع عن فعل ذلك نتيجة الضغوط الأميركية. في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر، بعد توقيع مذكرة واي ريفر، يعاود التأكيد مرة أخرى على عزمه فعل ذلك، في خطاب ألقاه أمام آلاف الفلسطينيين في نابلس . ولكن في 28 كانون الأول/ ديسمبر1998، بعد الدعوة لانتخابات إسرائيلية جديدة (التي ستجرى في 17 أيار 1999)، يتراجع عرفات عن خطته خوفاً من أن تشكل ذخيرة لـ نتنياهو  في حملته الانتخابية. يواصل عرفات خلال الأشهر التالية الترويج للخطة كأمر يمكن القيام به، كي يضمن تلقّي وعود من زعماء العالم بالاعتراف مستقبلاً بالدولة الفلسطينية (مقابل تأجيل الإعلان)، وكي يحصل على ضمانات بتحديد موعد نهائي جديد لـ الوضع القائم ، بحيث لا يستمر إلى أجل غير مسمى. يعلن عرفات، في المغرب في 23 شباط/ فبراير، أن منظمة التحرير الفلسطينية تعِدّ “صيغة” من أجل الدولة. وخلال الفترة الممتدة من أواخر شباط حتى 25 نيسان/ أبريل، يقوم بجولة عالمية يزور فيها 56 بلداً.

– مارس 1999، من أجل ثني منظمة التحرير الفلسطينية عن إعلان الدولة من طرف واحد، تصدر قمة الاتحاد الأوروبي المنعقدة في برلين بإعضائها الخمسة عشر، بياناً يحثّ الأطراف على الموافقة على تمديد الفترة الانتقالية، ويدعو إلى مواصلة مفاوضات الوضع النهائي بوتيرة متسارعة، بحيث لا تمتد إلى أجل غير مسمى، على أن تُختتم ضمن مهلة لا تتجاوز العام. ويعيد البيان التأكيد على “الحق المطلق للفلسطينيين في تقرير مصيرهم، بما في ذلك خيار إقامة دولة”. ويؤكد أن هذا الحق في إقامة الدولة “غير قابل لأي نقض” وأن “إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، ديمقراطية وقابلة للحياة وسلميّة” سوف تكون “أفضل ضمانة لأمن إسرائيل، ولقبول إسرائيل بها شريكاً مساوياً في المنطقة”. وتشير تقارير صحفية إلى أن بيان الاتحاد الأوروبي كان بالتنسيق مع الولايات المتحدة.

– أبريل 1999، يبدأ كلينتون رسالته بالثناء على عرفات لاتخاذه “قراراً تاريخياً من أجل السلام”. ويذكر أن الولايات المتحدة هي “شريك كامل” مع الفلسطينيين والإسرائيليين في هذا المسعى. كما يعلن أن الولايات المتحدة تدعم “تطلعات الشعب الفلسطيني إلى تقرير مستقبله على أرضه”، متقدماً بذلك خطوة صغيرة عن خطابه في كانون الأول/ ديسمبر 1998 في غزة (حيث أشار إلى “فرصة لبناء مستقبل فلسطيني جديد على أرضكم”)، ولكنه يشدد على أن “المفاوضات هي الوسيلة الوحيدة” لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني. ويناشد كلينتون إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية البدء في مفاوضات متسارعة بعد الانتخابات الإسرائيلية بهدف الوصول إلى اتفاق الوضع النهائي خلال عام واحد، مع عقد اجتماع مرحلي رفيع المستوى في غضون ستة أشهر. ويؤكد أن عملية أوسلو ليست “غير محدودة”، ولكنه يمتنع عن توصيف مدة العام الواحد كـ”موعد نهائي”. وأخيراً، يقول إنه يدرك “مدى الضرر الناجم عن الأنشطة الاستيطانية، ومصادرة الأراضي، وتدمير المنازل بالنسبة إلى مواصلة السلام الفلسطيني ـ الإسرائيلي”.

– أغسطس 1999، في اليوم الذي تطلق السلطة الفلسطينية سراح المتحدث باسم “حماس ” عبد العزيز الرنتيسي، الذي تم اعتقاله من دون تهمة لمدة 15 شهراً، يقوم مسلحون فلسطينيون بإطلاق النار وجرح اثنين من المستوطنين في الخليل. في 7 آب/ أغسطس تعلن “حماس” مسؤوليتها عن العملية. في 8 آب، تعلن السلطة الفلسطينية عن اعتقالها ثلاثة من قادة حماس في غزة . وخلال الأيام التالية، ولغاية 26 آب يتم توقيف 40 ناشطاً من “حماس” في غزة و50 في الضفة الغربية بتهمة التخطيط لهجمات ضد إسرائيل.

– أكتوبر 1999، منذ آخر مرحلة تفاوض في مذكرة واي ريفر (تشرين الأول/ أكتوبر 1998)، وبتشجيع من حكومة نتنياهو ، أقيمت 42 بؤرة استيطانية على تلال الضفة الغربية . في 10 تشرين الأول 1999، يعطي مجلس الوزراء الإسرائيلي السلطة لـ باراك كي يقرر مصير تلك البؤر. وكما لو أنه يعوّض المستوطنين عن احتمال إزالتها، يوافق رئيس الوزراء باراك في 11 تشرين الأول على بناء 2,600 وحدة استيطانية سكنية جديدة قرب القدس ، كما تُطرح مناقصات لبناء 550 وحدة في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر (في أريئيل ) و2 كانون الأول/ ديسمبر (في جفعا بنيامين وألفي مناشي). وبخصوص البؤر الاستيطانية، يصدر أمراً في 11 تشرين الأول يقضي بإزالة 15 بؤرة من أصل 42، ولكن بعد مناقشات مع مجلس المستوطنين في اليوم التالي، يوافق بارك على إزالة 10 فقط، ومن بين تلك الأخيرة التي كان معظمها غير مأهول بالسكان، يتم إخلاء 9، في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر، ونقلها إلى مواقع جديدة لتصبح أحياء قريبة من المستوطنات القائمة. وتتم إزالة بؤرة استيطانية واحدة فقط من الجيش، وسط احتجاج غير عنيف من المستوطنين، وذلك في 10 تشرين الثاني.

– نوفمبر 1999، يُصدر عشرون فلسطينياً، من الأكاديميين وأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني والسياسيين، بياناً شديد اللهجة يندّد بفساد السلطة الفلسطينية ، ويتضمن هجوماً غير مسبوق على رئيسها. ويصف الموقعون وعود عملية أوسلو بالمخادعة. وخلال يومين، يتم اعتقال ثمانية من الموقعين، وتُفرض الإقامة الجبرية على اثنين منهم؛ ويتم تهديد أعضاء المجلس التشريعي الموقعين على البيان برفع الحصانة عنهم. وفي 1 كانون الأول/ ديسمبر، سوف يبادر فلسطينيون في الشتات إلى توزيع بيان يدين هذه الاعتقالات، ويدعو إلى إجراء انتخابات جديدة حرة ونزيهة، يوقع عليه أكثر من 1,500 شخص. يتم الإفراج عن معظم الموقعين الموقوفين في 19 كانون الأول، وفي 6 كانون الثاني/ يناير 2000 يطلق سراح آخر اثنين منهم.

– فبراير 2000، يبدأ المعلمون إضراباً، في 17 شباط/ فبراير، احتجاجاً على إخلال السلطة الفلسطينية بوعدها بزيادة رواتبهم المتدنّية. وتردّ السلطة بإجراءات صارمة (فصل بعض المضربين، نقل آخرين إلى مدارس بعيدة)، الأمر الذي يرغم المعلمين على العودة إلى العمل. وعلى الرغم من الوعود التي تقطعها السلطة الفلسطينية، في 28 شباط، للنظر في مسألة الرواتب، فإن شيئاً من هذا لا يحصل، فيعود المعلمون إلى الإضراب مجدداً في 2 أيار/ مايو، ولكنهم ينهونه بعد أسبوعين تضامناً مع الفلسطينيين الذين أصيبوا في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي في يوم ذكرى  والأيام التي تلته. في 26 شباط، يرشق طلاب جامعة بيرزيت رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان بالحجارة بسبب وصفه عمليات حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان بالإرهابية. فتعتقل السلطة الفلسطينية 69 طالباً على الأقل، وتطلق سراحهم في 5 آذار/ مارس. وفي 9 أيار، يلغي مجلس نقابة المحامين الفلسطينيين (الذي عيّنه عرفات سنة 1997) اعتمادَ 37 محامياً من العاملين في مجال حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية. غير أن المحكمة العليا الفلسطينية تلغي القرار بتاريخ 18 أيار.

– مايو 2000، مع اقتراب يوم النكبة ، الذي سبقه إحياء ذكرى يوم الأرض في 30 آذار/ مارس في إسرائيل والأراضي المحتلة، ينظم الفلسطينيون سلسلة من التظاهرات المناهضة لإسرائيل، في مناطق إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة . ففي 10 أيار/ مايو، تتجه مسيرة تضم حوالي 5,000 فلسطيني نحو موقع قرية الدامون المدمَّرة عام 1948؛ كما يحيي 1,000 متظاهر الذكرى في موقع قرية مدمَّرة أخرى هي أم الزينات . في اليوم نفسه، وخلال الأيام ما بين 14 و 20 أيار، يشتبك المتظاهرون الفلسطينيون مع القوات الإسرائيلية عند نقاط التفتيش في الضفة الغربية وقرب المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة. ويطالب المتظاهرون بالإفراج عن المعتقلين، ويحتجّون على مصادرة الأراضي من مالكيها العرب، وعلى توسيع المستوطنات اليهودية. في شهر حزيران/ يونيو، سوف تنتشر العرائض التي تدعو المفاوضين إلى الحفاظ على الحقوق الفلسطينية، بما فيها حق العودة.

– عام 2000، انسحاب إسرائيل الكامل من جنوب لبنان.

– يوليو 2000، يلتقي بيل كلينتون وإيهود باراك وياسر عرفات في كامب ديفيد لمناقشة قضايا الوضع النهائي؛ ولكن تنهار المحادثات بعد أسبوعين. ويتّضح التنسيق الوثيق القائم ما بين الولايات المتحدة وإسرائيل. فيما يخص اللاجئين، يرفض الإسرائيليون الاعتراف بمسؤولية إسرائيل، ويقرّون فقط بمعاناة اللاجئين التي تسببت بها حرب فلسطين ؛ كما يرفضون حق العودة، ويعبّرون عن استعدادهم لاستقبال بضعة آلاف من اللاجئين خلال عشر سنوات على أساس “جمع شمل العائلات”؛ وتتفق الأطراف الثلاثة على مبدأ إنشاء صندوق دولي مخصص للتعويضات. وبالنسبة لموضوع الأراضي، يرغب الإسرائيليون بضم 14% من الضفة الغربية (التي ستنقسم إلى ثلاثة أقسام بسبب إصبعي معاليه أدوميم وأريئيل الممتدّين من الغرب إلى الشرق)، كما يرغبون بالاحتفاظ بـ 10% من الأراضي على طول وادي الأردن طوال السنوات 6 إلى الـ 21 الأولى (مع السيطرة على المعابر). وبخصوص القدس ، تصرّ إسرائيل على إبقاء السيادة الإسرائيلية على كامل القدس الشرقية ، في حين توافق على وصاية الفلسطينيين على الحرم الشريف (وذلك مترافق مع إنشاء مصلى يهودي في الموقع)، وعلى لعب الفلسطينيين دوراً غير محدد في الأحياء المسلمة والمسيحية من البلدة القديمة ، كما توافق أيضاً على حكم ذاتي وظيفي للفلسطينيين في بعض المناطق، مثل الشيخ جرّاح ورأس العامود.

– سبتمبر 2000، بإذن من رئيس الحكومة إيهود باراك ووزير الأمن الداخلي شلومو بن عامي ، وعلى الرغم من التحذيرات الفلسطينية، يقوم رئيس حزب الليكود أريئيل شارون بزيارة الحرم الشريف ، تواكبه قوة كبيرة من الشرطة، بهدف تأكيد السيادة الإسرائيلية عليه. تشعل الزيارة الاحتجاجات داخل الحرم وفي محيطه؛ فيصاب 24 فلسطينياً من بينهم ثلاثة نواب فلسطينيين في الكنيست وفيصل الحسيني ، جراء استخدام الشرطة الإسرائيلية الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع. وتمتد الاحتجاجات العنيفة لتشمل جميع أنحاء القدس الشرقية ورام الله.

– تندلع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (التي تُعرف أيضاً باسم انتفاضة الأقصى )؛ ويعتقد المحللون أنها نتيجة لعوامل متعددة: زيارة أريئيل شارون إلى الحرم الشريف ؛ وفشل عملية أوسلو (عدم وفاء إسرائيل بمتطلبات المرحلة الانتقالية، وخاصة فشلها في إعادة الانتشار في معظم مناطق الضفة الغربية ، وتوسيع المستوطنات، وتقطيع أوصال الضفة الغربية وقطاع غزة ، وتعثّر محادثات الوضع الدائم)؛ ونجاح مقاومة حزب الله في جنوب لبنان . تمتدّ التظاهرات الشعبية والمواجهات مع الجيش الإسرائيلي بسرعة، فتشمل أغلب المدن الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي إسرائيل نفسها، تصل المواجهات العنيفة إلى عكا ويافا والناصرة والبلدات العربية في الجليل . وتردّ إسرائيل على الاحتجاجات الفلسطينية بالتنفيذ الفوري لخطة وضعها الجيش الإسرائيلي قبل بضعة أشهر تقوم على استخدام القوة المفرطة لسحق الاحتجاجات الفلسطينية: فتحرك أسلحتها الثقيلة بما في ذلك الدبابات، والصواريخ المضادة للدبابات، والمروحيات الهجومية، والقنايل اليدوية. وحتى 4 تشرين الأول/ أكتوبر، يُقتل 70 فلسطينياً (من بينهم 11 فلسطينياً من إسرائيل)، وكذلك 4 إسرائيليين، إضافة إلى مئات الجرحى.

– أكتوبر 2000، تواصل إسرائيل إستراتيجية نشر القوات العسكرية الثقيلة، وانتهاج العنف في قمع المتظاهرين مستخدمة الذخيرة الفتاكة، وتبدأ بالرد على أي هجوم ضد المستوطنين أو الجيش الإسرائيلي عبر قصف المناطق السكنية ومراكز تدريب الشرطة واستهداف الناشطين. في 19 تشرين الأول/ أكتوبر، يستمر تبادل إطلاق النار سبع ساعات، قرب نابلس ، بين الجنود الإسرائيليين ومستوطنين مسلحين من جهة والشرطة الفلسطينية ومدنيين فلسطينيين غير مسلحين من جهة أخرى. وفي أيام 21-23 تشرين الأول، يطلق قناصة من بيت جالا النار على مستوطنة جيلو ؛ ويفتح الجيش الإسرائيلي النار على مخيم عايدة للاجئين ، وبيت جالا، وبيت ساحور . وفي 30 تشرين الأول، يطلق فلسطينيون النار على حارسين إسرائيليين في القدس الشرقية ؛ وتستهدف الغارات الجوية الإسرائيلية مقرات تابعة لـ”فتح ” والقوة 17 في البيرة وخان يونس ونابلس. وفي اليوم التالي، يلقي فلسطينيون قنابل مضادة للدبابات على موقع إسرائيلي في غزة ، وفي 1 تشرين الثاني/ نوفمبر، تنفجر قنبلة في القدس الغربية ؛ ويتم إطلاق صواريخ على كازينو أريحا ومصنع للرخام في بيت لحم . يخف التوتر نوعاً ما خلال الأسبوع الأول من تشرين الثاني، حيث من المقرر أن يلتقي ياسر عرفات وإيهود باراك مع بيل كلينتون كل بمفرده.

– ديسمبر 2000، تعلن وزارة الدفاع الموافقة على خطط لإقامة سياج أمني بطول 70 كيلومتراً (جدار إسمنتي، وقضبان حديدية، ومتاريس ترابية) على طول خط عام 1967، يبدأ بالقرب من طولكرم ، ويمتد شمالاً نحو موشاف مي عامي ، وجنوباً نحو اللطرون . وقد كانت فكرة السياج جزءاً من حملة إيهود باراك الانتخابية سنة 1999، وفي 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2000، بعد ثلاثة أسابيع على بداية الانتفاضة الثانية، يعرض نائب وزير الدفاع الإسرائيلي، إفرايم سنيه ، على باراك خطة فصل مفصَّلة. وعلى الرغم مما قيل عن بدء الأعمال التحضيرية في 3 كانون الثاني/ يناير 2001، فإن فوز أريئيل شارون في الانتخابات في 6 شباط/ فبراير، ومعارضته لمبدأ الفصل، سوف يؤخّر اتخاذ قرار سياسي بهذا الشأن.

– يناير 2001، في محاولة أخيرة للتوصل إلى اتفاق الوضع النهائي قبل انتخابات رئاسة الوزراء الإسرائيلية، يفتتح الطرفان محادثات مطوّلة في طابا دون مشاركة الولايات المتحدة . وتتشكل فرق عمل أربعة: القدس ؛ الحدود؛ ضمانات الأمن؛ اللاجئون. يتبادل الطرفان خرائط وأوراق عمل بناء على مقترحات كلينتون . مقارنةً بالمواقف الإسرائيلية في كامب ديفيد (تموز/ يوليو 2000)، يتم إحراز تقدم ملموس في القضايا الأربع، ولا سيما قضية اللاجئين، ولكن يظل هناك العديد من الثغرات بين الجانبين. (سيقوم ميغيل موراتينوس، الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لعملية السلام، بتلخيص مواقفهما الدقيقة في صيف 2001.) ينهي الطرفان محادثاتهما في 27 كانون الثاني/ يناير، ويصدران بياناً مشتركاً يعلن أنه على الرغم من إحراز تقدم كبير، فإنه من غير الممكن إتمام أي اتفاق قبل انتخابات 6 شباط/ فبراير.

– فبراير 2001، يتم انتخاب أريئيل شارون لرئاسة الحكومة الإسرائيلية. وحصيلة القتلى، منذ اندلاع الإنتفاضة الثانية، 364 فلسطينياً من الضفة الغربية وغزة ، و19 فلسطينياً من إسرائيل، و29 جندياً وعنصر أمن إسرائيلي، و18 مستوطناً يهودياً، و11 إسرائيلياً يهودياً، والجرحى أكثر من 11,000 فلسطيني.

– يعلن رئيس الحكومة أريئيل شارون أن “تنازلات” رئيس الحكومة السابق إيهود باراك في كامب ديفيد تُعتبر لاغية وباطلة. في 8 شباط/ فبراير 2001 تتخلى إدارة جورج دبليو بوش الجديدة رسمياً عن مقترحات كلينتون ، وتعلن أن المفاوضات المستقبلية سوف تُترك للإسرائيليين والفلسطينيين، مع حد أدنى من التدخل الأميركي. وسوف توصل إدارة بوش إلى ياسر عرفات رسالة مفادها أنه غير مرحب به في البيت الأبيض إلى أن “يضع حداً للعنف.”

– أغسطس 2001، تتواصل المواجهات بين إسرائيل والفلسطينيين: اكتشاف قنبلة قوية التدمير في القدس الغربية في 21 آب/ أغسطس؛ مسلحون فلسطينيون يطلقون النار على مستوطنين في الخليل ، ودخول الجيش إلى المدينة في 23 آب؛ مقتل 3 جنود في هجوم على موقع للجيش في غزة تنفذه عناصر منتمية لـ الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين ، وكمين لـ”فتح ” يودي بحياة 3 مستوطنين بالقرب من جفعات زئيف في 25 آب؛ سلاح الجو الإسرائيلي يقصف مقرات أمنية تابعة لـ السلطة الفلسطينية في غزة وسلفيت في 26 آب.

– سبتمبر 2001، أعداد الضحايا خلال فترة 12 شهراً التي تنتهي في 28 أيلول/ سبتمبر 2001 متفاوتة: 534-737 فلسطينياً و117-179 إسرائيلياً قُتلوا؛ 10,596-29,000 فلسطيني، و1,800-1,878 إسرائيلياً أصيبوا بجروح؛ تدمير 328 منزلاً فلسطينياً على الأقل؛ اقتلاع 25,000 شجرة؛ تجريف 20,416 دونماً من الأراضي.

– أكتوبر 2001، يعلن جورج دبليو بوش ، لأول مرة منذ تولي منصبه، تأييده إقامة دولة فلسطينية، قائلاً أنها “كانت دائماً جزءاً من رؤيتنا، ما دام حق إسرائيل في الوجود محتَرماً.” وخوفاً من نتائج محاولات الولايات المتحدة إنشاء تحالف مع العرب ضد القاعدة ، يحذّر أريئيل شارون الولايات المتحدة في 4 تشرين الأول/ أكتوبر قائلاً: “لا تحاولوا استرضاء العرب على حسابنا.” ترحب القيادة الفلسطينية بالإعلان، وتبذل جهداً للضغط على الناشطين الفلسطينيين، الخطوة التي يشيد بها بوش وكولن باول في 11 و12 تشرين الأول، على التوالي. وبعد ثلاثة أيام، يستقبل رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ياسر عرفات في لندن ، ويدعو إلى إقامة “دولة فلسطينية قابلة للحياة.”

– نوفمبر 2001، تغتال إسرائيل محمود أبو هنود، أحد قادة كتائب عز الدين القسام التابعة لـ”حماس”، بإطلاق صاروخ من مروحية على سيارة يستقلها قرب نابلس. يصيب الصاروخ أيضاً اثنين من رفاقه، هما أيمن ومأمون حشايكة.

– نوفمبر 2001، يظهر أن اغتيال محمود أبو هنّود هو جزء من توجه إسرائيلي لتصعيد العمليات العسكرية ضد الفلسطينيين والتسبب في إفشال الجهود المتوقعة لـ أنتوني زيني ووليام بيرنز من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار. (في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر، كان الجيش الإسرائيلي قد هدم أكثر من 18 منزلاً في رفح ؛ وكان بعد يومين، قد اعتقل عناصر من قوات الأمن وأغلق مكتب وزارة الداخلية في العيزرية، وتسبب في مقتل 5 تلامذة أطفال في خان يونس جراء انفجار عبوة ناسفة كان قد زرعها، مستهدفاً مناضلين فلسطينيين بحسب اعترافه في 24 تشرين الثاني. وكما هو متوقع بعد اغتيال أبو هنود، يبدأ الفلسطينيون سلسلة من الهجمات المسلحة والتفجيرات الانتحارية تستمر أسبوعين (ما بين 26 تشرين الثاني و12 كانون الأول/ ديسمبر) مما يسفر عن مقتل 40 إسرائيلياً وجرح 300. وترى إسرائيل في الرد الفلسطيني مبرراً للإجراءات التالية: تنكر شرعية السلطة الفلسطينية (بالإعلان أنها “كيان يدعم الإرهاب”، في 3 كانون الأول) وشرعية ياسر عرفات (تصفه بأنه “غير ذي صلة” في 12 كانون الأول، بينما تحذّر الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية عرفات من أي تسامح مع المسلحين، حتى في الوقت الذي يقوم بقمعهم بقوة)؛ تتسبب بفشل مهمة زيني (يلقي زيني اللوم فيه على عرفات)؛ تقوم بحملة واسعة ضد الفلسطينيين، بتأييد من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية (هجمات جوية على مقر عرفات في رام الله ، وحصاره؛ قصف وتدمير مواقع ومبان للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية )، فتقتل أكثر من 70 فلسطينياً في الفترة ما بين 20 تشرين الثاني و15 كانون الأول.

– من يناير 2002 وحتى فبراير، يقتل مسلّحون من حماس أربعة إسرائيليين بالقرب من حدود غزة . فتردّ إسرائيل خلال اليومين التاليين بهدم أكثر من 70 منزلاً، وتخريب أكثر من 120 آخرين في رفح ، تاركة مئات العائلات بلا مأوى. في 14 كانون الثاني/ يناير، يتم في مدينة طولكرم اغتيال رائد كرمي ، الأمر الذي يمهد الطريق أمام سلسلة من الأفعال وردود الأفعال: مقتل 6 إسرائيليين في خضيرة (17 كانون الثاني)؛ تشديد الحصار على مقر ياسر عرفات في رام الله ؛ احتلال طولكرم (19-20 كانون الثاني)؛ التوغل في نابلس (22 كانون الثاني، 11 شباط/ فبراير)؛  تفجيرات انتحارية (25، 27، 30 كانون الثاني؛ 16، 17، 21 شباط)؛ التوغل في بيت حانون ، وبيت لاهيا ، ودير البلح ، ومخيم جباليا للاجئين (13 شباط). وللمرة الأولى، تطلق “حماس” صواريخ قسّام -1 (25 كانون الثاني)، وقسّام -2 (10 و13 شباط) وتدمّر دبابة ميركافا (14 شباط).

– من مارس إلى مايو 2002، تدفع عملية لـ”حماس ” في نتانيا (29 قتيلاً، وأكثر من 100 جريح) إسرائيل إلى استدعاء أكثر من 20,000 جندي احتياط في 29 آذار/ مارس، وإطلاق عملية الدرع الواقي ، وهي عملية اجتياح لكافة مدن الضفة الغربية (باستثناء أريحا والخليل )، ولعدد كبير من القرى والمخيمات. يستمر الاجتياح حتى 21 نيسان/ أبريل، ما عدا رام الله (حتى 1 أيار/ مايو)، وبيت لحم (حتى 6 أيار). وفي كل توغل تتّبع إسرائيل الأسلوب نفسه: دخول فرق الجنود، والدبابات، وحاملات الجند المدرّعة إلى المنطقة من ثلاثة اتجاهات؛ الإعلان أن المكان منطقة عسكرية مغلقة؛ فرض حظر التجول 24 ساعة؛ قطع الكهرباء، والماء، وخطوط الهاتف؛ احتلال المباني المرتفعة وذات الموقع الإستراتيجي (من أجل المراقبة والقنص)؛ عمليات تفتيش صارمة للمنازل منزلاً منزلاً؛ اعتقال المناضلين (أكثر من 5,000 من بينهم مروان برغوثي ، أمين سر حركة “فتح ” في الضفة الغربية، الذي يُعتقل في 15 نيسان). يتم رفع حظر التجول لمدة تتراوح ما بين ساعتين إلى أربع ساعات كل أربعة أيام. ويتعرض العديد من المؤسسات إلى عمليات نهب، وتتم مصادرة، أو إتلاف، ملفات الحواسب وأقراص التخزين الصلبة العائدة لها، بما فيها مكاتب المجلس التشريعي الفلسطيني ؛ ووزارات الزراعة، والشؤون المدنية، والثقافة، والاقتصاد والتجارة، والمالية، والتعليم، والتعليم العالي، والصناعة، والداخلية، والإدارة المحلية، والأشغال العامة، والشؤون الاجتماعية، والتموين، والمكتب المركزي للإحصاء، والعديد من المنظمات غير الحكومية، ومحطات الإذاعة والتلفزيون. يشنّ المقاتلون الفلسطينيون عشرات الهجمات، من بينها 12 تفجيراً ذاتياً.

– تبدأ عملية الدرع الواقي بتشديد الحصار المفروض على مقرّ ياسر عرفات (المقاطعة) في رام الله، وهدم تسعة مبانٍ من أصل مبانيه العشرة. وتسفر المعارك في محيط المقاطعة عن مقتل جنديين إسرائيليين، ومقتل خمسة من عناصر الأمن الفلسطينيين وجرح 50 آخرين، واعتقال 70 عنصراً. ويتم حصر الرئيس عرفات ومساعديه في مكتبين بلا نوافذ، ولا كهرباء، ولا مياه جارية، مع إمكانية التزود المحدود بالطعام والدواء. تسعى إسرائيل إلى رحيل عرفات “طوعاً” إلى بلد ثالث أو إلى غزة ، وتطالب بتسليمها خمسة أعضاء في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (من بينهم أمينها العام أحمد سعدات ) متهَمين بالضلوع في عملية اغتيال رحبعام زائيفي، وفؤاد شوبكي المتهم في قضية السفينة (كارين A). في 21 نيسان/ أبريل؛ ينسحب الجيش الإسرائيلي من رام الله، ولكنه يحتفظ بقواته في محيط المقاطعة لغاية 1 أيار/ مايو، بعدما يتم عقد صفقة برعاية الولايات المتحدة (28 نيسان) يتم بموجبها احتجاز الفلسطينيين الستة المطلوبين في سجن فلسطيني في أريحا تحت إشراف مراقبين من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

– يتسبب الاجتياح بأضرار فادحة في البلدة القديمة في بيت لحم: ساحة المدبَسة التاريخية، والعديد من الواجهات ذات القيمة التاريخية إما تهدّم أو تصاب بأضرار جسيمة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى بعض المباني التي تخصّ جامعة بيت لحم . في بداية المعارك (1-3 نيسان/ أبريل)، يلتجئ إلى كنيسة المهد عدد من المقاتلين الفلسطينيين (ومنهم مَن أُصيب بجروح خطيرة أو قاتلة)، مع بعض المدنيين. فيطبق الجيش الإسرائيلي الحصار حول مجمّع الكنيسة ويقطع المياه والكهرباء، ويمنع توصيل الطعام والمساعدات الطبية إلى داخله مطالباً باستسلام المقاتلين؛ يقتل القناصون الإسرائيليون 10 فلسطينيين ويجرحون 11 آخرين. وبعد ستة أسابيع من المواجهات، يتم التوصل إلى اتفاق (برعاية الولايات المتحدة ، والاتحاد الأوروبي ، والفاتيكان وموافقة ياسر عرفات تحت الضغط) يُنفى بموجبه 13 مقاتلاً إلى بلد ثالث، و26 إلى قطاع غزة.

–  يقتحم الإسرائيليون مخيم جنين للاجئين، فيواجهون على الفور مقاومة من المقاتلين الفلسطينيين الذين يقومون بقنص الجنود وزرع الألغام على طول الطرقات وفي المباني الخالية. وبحلول 8 نيسان/ أبريل، يبلغ عدد القتلى 11 جندياً، ويظهر أن عدد الإصابات في صفوف الفلسطينيين مرتفع منذ البدء. وفي 9 نيسان، يتم تفجير مبنى مفخخ أثناء تواجد جنود بداخله عند قيامهم بعملية تفتيش للمنازل، بينما يقوم قناصة فلسطينيون بإطلاق النار على وحدات عسكرية أخرى قدمت إلى مكان التفجير: تبلغ محصلة القتلى 13 جندياً. في اليوم التالي، تبدأ الجرافات بهدم المنازل على مساحات واسعة في المخيم، وتتردد الأنباء عن دفن جثث الضحايا تحت الأنقاض. وبحلول وقت الانسحاب من المخيم، يكون عدد البيوت التي دُمّرت بالكامل 1,000 بيت؛ ومن بين السكان الذين يبلغ عددهم 13,600 نسمة، يظل في المخيم 3,000 معظمهم من النساء والأطفال. ويبلغ عدد القتلى 53 فلسطينياً على الأقل، يتم انتشال بعضهم من تحت الأنقاض.

– يواجه الاجتياح الإسرائيلي مقاومة شديدة من قبل المقاتلين الفلسطينيين، وخصوصاً في المدينة القديمة. ولكي يتمكن الجيش من النيل من المقاتلين يقوم بهدم المباني لتوسيع الشوارع والأزقة كي تمرّ دباباته، ملحقاً بذلك أضراراً فادحة بالمنطقة الشرقية من السوق التاريخي المسقوف، ودير القديس ديمتريوس للروم الأرثوذوكس، والجامع الكبير، ومصنع كنعان لصابون الزيتون الذي تأسس في القرن التاسع عشر، والحمام العثماني. ويقدّر عدد المنازل المهدمة كلياً بـ 260 منزلاً، إضافة إلى 1,000 منزلٍ تعرّض لأضرار جسيمة و1,500 منزلٍ تعرّض لأضرار متوسطة أو بسيطة؛ ويبلغ عدد القتلى الفلسطينيين 75، معظمهم مدنيّون، أما المصابون إصابات بالغة فيبلغ عددهم 160. ينسحب الجيش من نابلس في 21 نيسان/ أبريل.

– أبريل 2002، بضغط من السعودية والأردن ومصر يلقي الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش ما بات يعرف باسم “خطاب حديقة الورود”، يوجز من خلاله رؤيته الشاملة: “دولتان، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنباً إلى جنب، في أمن وسلام”؛ “يجب أن يتوقف” النشاط الإستيطاني الإسرائيلي؛ “يجب أن ينتهي الاحتلال بالانسحاب إلى حدود آمنة ومعترف بها.” أما بخصوص الأحداث الراهنة، يؤكد بوش على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ويلقي باللوم على ياسر عرفات ، ويدعو “القادة الفلسطينيين المسؤولين” لاتخاذ خطوة إلى الأمام. و”يطلب” من إسرائيل أن توقف توغلها، وأن تبدأ بالانسحاب من الأراضي التي أعادت احتلالها، غير أن تردد الولايات المتحدة في هذا الشأن في الأسابيع اللاحقة يسمح لإسرائيل بإطلاق العنان لعملياتها. في 12 نيسان/ أبريل، يلتقي وزير الخارجية الأميركي كولن باول ، خلال جولته في منطقة الشرق الأوسط (8-17 نيسان)، مع أريئيل شارون ، الذي وصفه البيت الأبيض في اليوم السابق بأنه “رجل سلام،” ويناقش اقتراح الأخير بخصوص مؤتمر سلام على غرار مؤتمر مدريد عند التوصل إلى وقف لإطلاق النار. تنتهي لقاءات باول مع عرفات المحاصَر يومي 14 و17 نيسان من دون اتفاق. يخبو اقتراح مؤتمر السلام في الأسابيع اللاحقة، مع تراجع اهتمام الولايات المتحدة وإسرائيل به.

– أبريل 2002، توافق الحكومة الإسرائيلية على إقامة سلسلة من الأسوار المزوَّدة بأجهزة استشعار، والخنادق، والحواجز، التي سوف تمتد على طول 80 كيلومتراً من حدود عام 1967 . وكانت وزارة الدفاع في حكومة إيهود باراك قد وافقت على خطة مماثلة أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2000. أما أريئيل شارون الذي كان معارضاً للفكرة في بادىء الأمر، فقد وافق عليها سراً في أواخر حزيران/ يونيو 2001، فبدأت الأشغال على طول 28 كم من حدود عام 1967 بين طولكرم وجنين  أواخر أيلول/ سبتمبر 2001. وفي 25 نيسان/ أبريل 2002، يبدأ الجيش الإسرائيلي ببناء “سياج أمني” بطول 7 كم قرب طولكرم على مساحة 8,000 دونم من الأراضي الفلسطينية المصادَرة. وقد أُفيد بأن 60,000 دونم من الأراضي الواقعة غرب جنين قد أُعلنت “مناطق عازلة”.

– مايو 2002، مع انتهاء عملية الدرع الواقي، يحاصر الجيش الإسرائيلي جميع التجمعات السكانية الفلسطينية الرئيسية في الضفة الغربية ، ويمنع التنقل ما بين البلدات والقرى إلا من خلال نقاط تفتيش تخضع لحراسة مشددة. ويتم التوغل في أراضي السلطة الفلسطينية “بحسب الحاجة” (وهذا يلغي عملياً الحدود ما بين المناطق أ، وب، وج)، كما يتم تفتيش المنازل منزلاً منزلاً، وقتل المقاومين، وشنّ حملات اعتقالات واسعة واستجواب كل الرجال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15-45، وإلحاق الضرر في المكاتب والمخازن. تستمر الهجمات الفلسطينية في هذه الفترة، بما في ذلك التفجيرات الانتحارية: ريشون لتسيون (7 و 22 أيار/ مايو)؛ حيفا (8 أيار)؛ بئر السبع (10 أيار)؛ نتانيا (19 أيار)؛ عفولة (20 أيار)؛ مخيم طولكرم للاجئين وتل أبيب (24 أيار)؛ بيتح تكفا (27 أيار)؛ مستوطنة إيتمار (28 أيار).

– مع انسحاب القوات الإسرائيلية من المدن الفلسطينية، يسود الحديث في إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن إصلاح السلطة الفلسطينية وإعادة هيكلة أجهزتها الأمنية. وفي نهاية اجتماع بين أريئيل شارون وجورج دبليو بوش في واشنطن في 7 أيار/ مايو، يعتبر كلاهما أن أي تحرك سياسي يجب أن يأتي بعد إصلاح السلطة الفلسطينية وإعادة بناء الأجهزة الأمنية لتكون بقيادة “شخص واحد” من شأنه محاربة “الإرهاب”. والهدف من هذا التوجه هو إزاحة ياسر عرفات ، أو على الأقل الحد من سلطته وتحويلها إلى سلطة رمزية. في 14 و19 أيار، يلتقي ممثلو اللجنة الرباعية في القدس للعمل على “قائمة” إصلاحات لعرضها على الزعيم الفلسطيني. يستقبل عرفات نائب وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز في 30 أيار، ومدير وكالة المخابرات المركزية جورج تينيت في 5 حزيران/ يونيو. ويبدو أن هذين الاجتماعين اللذين يتم التركيز فيهما على الإصلاح المؤسساتي والأمني، يشكلان آخر اللقاءات المباشرة بين عرفات ومسؤولين أميركيين.

– يونيو 2002، تقوم حركة الجهاد الإسلامي بتفجير انتحاري في مجدّو يسفر عن مقتل 14 جندياً و3 مدنيين إسرائيليين؛ يدفع الحدث إسرائيل إلى شن غارات، على الفور، على الخليل وقلقيلية وطولكرم وجنين . والأهم من الناحية السياسية، هو التحرك الاسرائيلي لتطويق وقصف ما تبقى من مقر عرفات في رام الله في 5-6 حزيران/ يونيو. تفسَّر الخطوة الإسرائيلية بأنها تهدف إلى قتل، أو اعتقال، الزعيم الفلسطيني؛ يتدخل الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش لتهدئة الوضع، في ضوء زيارة الرئيس المصري حسني مبارك لـ واشنطن في الوقت نفسه. في 10-12 حزيران، وبعد مغادرة مبارك واشنطن، يعيد الجيش الإسرائيلي اقتحام رام الله ويفرض حظر التجول فيها، ويشن حملة اعتقالات، ويقوم بتهديم المنازل، وتجريف الأراضي الزراعية، ويقيم نقاط تفتيش صارمة، ويجري تفتيشاً للمنازل منزلاً منزلاً، في مناطق أخرى من الضفة الغربية وغزة. وتتدهور الظروف المعيشية للفلسطينيين بشكل كبير.

– تعلن ثلاث شخصيات فلسطينية، في وقت واحد، عن تأسيس حركة سياسية، “المبادرة الوطنية الفلسطينية”: حيدر عبد الشافي في قطاع غزة، وإبراهيم الدقاق في مدينة القدس الشرقية، ومصطفى البرغوثي في مدينة رام الله. تصف المبادرة نفسها بأنها “حركة وطنية ديمقراطية واسعة مفتوحة لمساهمة ومشاركة كل من يوافق على أهدافها”.

– تقوم حركة “حماس” بتفجير انتحاري في القدس  يسفر عن مقتل 19 إسرائيلياً، وتطلق إسرائيل في أعقابه عملية الطريق الحازم بهدف الاحتفاظ بكل المناطق التي أعادت احتلالها في الضفة الغربية “لفترة طويلة الأمد” (بالمقارنة مع عملية الدرع الواقي التي تمثّلت في “دكّ” مناطق السلطة الفلسطينية ثم الانسحاب). يعاود الجيش الإسرائيلي احتلال منطقة جنين (18 حزيران/ يونيو)، وقلقيلية (19 حزيران)، وبيت لحم (20 حزيران)، ونابلس وطولكرم (21 حزيران)، ورام الله (24 حزيران)، والخليل (25 حزيران)، ويكرِّر ما قام به خلال عملية الدرع الواقي: اغتيال المقاتلين؛ تنفيذ عمليات اعتقال جماعية (في الفترة ما بين 18 و28 حزيران يُعتقل 2,000 فلسطيني)؛ فرض حظر التجول (يتم تخفيفه لعدة ساعات في اليوم، بعد 11 تموز/ يوليو)؛ إقامة عشرات نقاط التفتيش الثابتة و”الطيارة” بين المدن والقرى. وفي قطاع غزة (الذي لم يتعرض للهجوم في نيسان/ أبريل)، يقصف الجيش الإسرائيلي مناطق غزة وخان يونس ورفح . ورداً على العملية الإسرائيلية، ينفّذ مقاتلون من كتائب شهداء الأقصى التابعة لـ”فتح ” تفجيراً انتحارياً في التلة الفرنسية (القدس الشرقية ) يقتل فيه 7 إسرائيليين (19 حزيران)؛ ويقوم مقاتلون من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقتل 5 إسرائيليين في مستوطنة إيتمار (20 حزيران)؛ كما يقوم مسلحون بنصب كمين لحافلة بالقرب من مستوطنة عمانوئيل يودي بحياة 8 إسرائيليين (16 تموز).

– من يونيو 2002 وحتى ديسمبر 2016، يقضي القانون أن تقوم الشرطة بتسجيل وقائع استجواب المشتبه فيهم عن طريق الفيديو، في حال كانوا متهمين بارتكاب جرائم يُعاقَب عليها بالسجن لمدة لا تقل عن 10 سنوات. غير أنه يعفي الشرطة (مدة 5 سنوات) من هذا الشرط في حالات الجرائم الأمنية، وهذا من شأنه أن يفاقم خطر تعرّض المحتجَز للتعذيب وسوء المعاملة، وأن يزيد في احتمال الاعترافات الزائفة. ويتم تجديد مدة الإعفاء المؤقت، عبر تعديلات يقرّها الكنيست: لمدة 4 سنوات في حزيران/ يونيو 2008، ولمدة 3 سنوات إضافية في تموز/ يوليو 2012، ولغاية كانون الثاني/ يناير 2017 في تموز 2015. وفي 12 كانون الأول/ ديسمبر 2016، يجري تعديل للقانون تُعفى الشرطة بموجبه، إلى أجل غير مسمى، من شرط التسجيل في حالة الجرائم الأمنية المشتبه في وقوعها. وينص التعديل الأخير فقط على الإشراف والرقابة، عشوائياً، على الاستجواب.

– من أغسطس إلى أكتوبر 2002، بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي الشكلي من الطريق الرئيسي الممتد من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، (ما سمي “غزة أولاً “، الذي يجب أن يتبعه إعادة انتشار خارج بيت لحم )، تواصل إسرائيل عمليات اغتيال المناضلين وتقوم، في الفترة ما بين 28 آب/ أغسطس و 13 أيلول/ سبتمبر، بشن غارات على بيت لاهيا ودير البلح وخان يونس ورفح ، وتجريف الأراضي الزراعية، وهدم المنازل. في 24 أيلول، يبدأ الجيش عملية توغل كبيرة في مدينة غزة وبيت لاهيا، تسفر عن مقتل 9 فلسطينيين، وهي بداية لحملة كبيرة تستهدف مقاتلي “حماس “. وتشن القوات الإسرائيلية هجوماً على خان يونس، في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فتقتل 10 فلسطينيين وتجرح أكثر من 100.

– في 18-19 أيلول/ سبتمبر 2002، يقوم مسلحون بقتل ثلاثة مستوطنين، ويفجّر انتحاري من “حماس ” نفسه داخل حافلة في تل أبيب، فيقتل 5 إسرائيليين ويجرح أكثر من 50. تطلق الحكومة الإسرائيلية عملية مسألة وقت ، فتعيد فرض حظر التجول 24 ساعة في جميع مناطق الضفة الغربية باستثناء الخليل (وكان قد تم تخفيف حظر التجول أثناء النهار في الأسابيع الأربعة السابقة)، وترسل الدبابات إلى رام الله لتشديد الحصار المفروض على ياسر عرفات وهدم ما يمكن هدمه من المبنى الذي يقيم فيه، بحيث لا تترك له سوى طابق واحد، بهدف جعل ظروف الحياة لا تطاق، وتطالب باستسلام عشرات رجال الأمن المساعدين له والمتواجدين في المكاتب. ينزل الآلاف في رام الله إلى الشوارع احتجاجاً على العملية، على الرغم من حظر التجول المفروض، وسرعان ما يخرق آلاف آخرون حظر التجول في جنين ، ونابلس ، وطولكرم . وتتواصل الاحتجاجات، بما فيها الاحتجاجات في غزة ، حتى 25 أيلول. وتحت ضغط الطلبات المتكررة للإدارة الأميركية (المنشغلة كلياً ببناء تحالفها ضد العراق )، وصدور قرار لمجلس الأمن في 24 أيلول، تجبَر إسرائيل على رفع الحصار في 29 أيلول، لكنها تبقي على قناصيها منتشرين حول مبنى عرفات.

– يناير 2003، تطلق المروحيات الإسرائيلية 11 صاروخاً على ورشة للحدادة في مدينة غزة . ورداً على ذلك، يطلق مقاتلو “حماس ” 3 صوارخ قسام على سديروت . يشكل إطلاق الصواريخ ذريعة كي يبدأ الجيش الإسرائيلي هجوماً لمدة ثلاثة أيام على بيت حانون ، ومدينة غزة، ورفح ، في توغل هو الأعمق في غزة منذ بدء الانتفاضة؛ يُقتل 14 فلسطينياً، ويصاب العشرات بجروح. ويبدو أن التصعيد الإسرائيلي يهدف إلى نسف مبادرة مصرية لوقف إطلاق النار تحظى بقبول جميع الفصائل الفلسطينية،على أن يعلَن عنها قبل الانتخابات الإسرائيلية. يجتمع ممثلو الفصائل في القاهرة في الفترة ما بين 24 و27 كانون الثاني/ يناير، ويفشلون في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

– من فبراير إلى مارس 2003، يجري ممثلو اللجنة الرباعية (ترفض الولايات المتحدة إرسال ممثل لها) محادثات لمدة ستة أيام مع ياسر عرفات حول الحاجة إلى منصب رئيس وزراء في السلطة الفلسطينية . ويصرّون على أن يتم تعيين رئيس للوزراء قبل الضربة الأميركية لـ العراق ، في إشارة إلى أن الفشل في تحقيق ذلك قد يعطي الضوء الأخضر لإسرائيل، من قبل الولايات المتحدة، للإطاحة بعرفات بعد الهجوم على العراق. في 14 شباط/ فبراير، يعلن عرفات أنه يخطط لتعيين رئيس للوزراء. وفي 6 آذار/ مارس، يرشّح محمود عباس ، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، لهذا المنصب.

– يوافق محمود عباس على ترشيح ياسر عرفات له كرئيس للحكومة ووفقاُ لأحكام القانون الأساسي المعدّل، يُعطى مهلة ثلاثة أسابيع (مع إمكانية التمديد لأسبوعين) كي يقوم بتشكيل الحكومة التي يتم الإعلان عنها في 23 نيسان/ أبريل، بعد التوصل إلى تسوية بين عرفات وعباس بخصوص حقيبة وزارة الداخلية. يوافق المجلس التشريعي الفلسطيني على الحكومة الجديدة في 29 نيسان. يعلن عباس في خطاب تنصيبه عدم وجود حل عسكري للصراع مع إسرائيل، كما يعلن نبذه “للإرهاب،” ويتعهد بمصادرة “الأسلحة غير الشرعية،” ويطالب بقيام دولة فلسطينية مستقلة داخل حدود عام 1967 عاصمتها القدس وخالية من المستوطنات اليهودية.

– أبريل 2003، يتم رسمياً عرض النسخة النهائية من “خارطة الطريق إلى حل الدولتين الدائم للنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني ترتكز إلى الأداء” على إسرائيل والسلطة الفلسطينية . كان من المقرر صدورها في كانون الأول/ ديسمبر 2002، غير أن الولايات المتحدة أجّلت الأمر (على الرغم من ضغط أعضاء اللجنة الرباعية الآخرين وبريطانيا ) ثلاث مرات، وذلك من أجل إفساح المجال لإتمام شؤون أخرى (الانتخابات الإسرائيلية، والحرب على العراق ، وتشكيل حكومة محمود عباس ). وتتكون خارطة الطريق من ثلاث مراحل: في المرحلة الأولى (التي تبدأ قبل أيار/ مايو 2003، وهو الموعد النهائي المشار إليه سابقاً في مسودة 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2002) ينهي الفلسطينيون “الإرهاب” والعنف، ويبنون المؤسسات، في حين تتخذ إسرائيل إجراءات لتحسين الوضع الإنساني وتجميد جميع النشاطات الاستيطانية (بما في ذلك النمو الطبيعي للمستوطنات). وفي المرحلة الثانية (حزيران/ يونيو – كانون الأول/ ديسمبر 2003) يتم إقامة دولة فلسطينية ذات حدود موقتة. وفي المرحلة الثالثة (2004- 2005)، يتم التوصل إلى اتفاق للوضع الدائم. يفتقد النص إلى التوازن فيما يتعلق بالمتطلبات التي يجب أن يفي بها كل طرف، وهو غامض بشأن إقامة الدولة الفلسطينية (وخصوصاً مسألة الحدود)، ويربط الجدول الزمني بـ “قرار إجماعي من اللجنة الرباعية” (ما يعني إعطاء الولايات المتحدة صلاحية الفيتو).

– مايو 2003، توافق اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على خارطة الطريق . ولكن، عندما يجتمع كل من مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وليام بيرنز (5 أيار/ مايو)، ووزير الخارجية كولن باول (11 أيار) مع محمود عباس من أجل الضغط عليه ليشن معركة حاسمة ضد “الإرهاب والعنف”، يكون رد عباس أن على إسرائيل القبول أولاً بشكل رسمي بخارطة الطريق.

– يوليو 2003، يمنع القانون، كقاعدة عامة، لمّ شمل العائلة عندما يكون أحد الزوجين مواطناً إسرائيلياً والآخر مقيماً في الضفة الغربية أو قطاع غزة (باستثناء سكان المستوطنات الإسرائيلية)، وذلك على الرغم من أي حكم مخالف في قانون الجنسية لسنة 1952، أو في قانون الدخول إلى إسرائيل لسنة 1952. يُسنّ القانون كتشريع موقت (ساري المفعول مدة سنة واحدة)، لكن الكنيست سيمدّده سنوياً، وهو ما يجعله فعلياً تشريعاً دائماً. ويمنح القانون وزير الداخلية صلاحية إجراء استثناءات من المنع، في بعض الحالات الخاصة المتعلقة بالصحة أو بالعمل مثلاً، أو من أجل عدم إبعاد الطفل عن والديه. ويجري تخفيف المنع في 27 تموز/ يوليو 2005 بشكل طفيف، لكن، في 21 آذار/ مارس 2007، يتم توسيعه جغرافياً ليشمل المواطنين والمقيمين في إيران ولبنان وسوريا والعراق. تتأثر آلاف العائلات الفلسطينية بالقانون، وتُجبَر على الانفصال، أو الانتقال إلى الخارج، أو العيش في إسرائيل من دون التصريح المطلوب تحت وطأة الخشية من الترحيل.

– سبتمبر 2003، يوفد أريئيل شارون مدير مكتبه، دوف فايسغلاس ، إلى واشنطن (4 أيلول/ سبتمبر) من أجل طرح خيار طرد ياسر عرفات : تفيد تقارير صحافية بأن الولايات المتحدة لا ترفض الفكرة، ولكنها لا تريد أي “مفاجآت.” وفي 11 أيلول، يصف الجيش الإسرائيلي عرفات بأنه “عقبة مطلقة أمام اي عملية مصالحة،” ويتعهد بأنه “سيزيل هذه العقبة بطريقة وفي وقت” تختارهما إسرائيل، ويقوم باحتلال مبنى يطل على مقر إقامته. وفي 14 أيلول، يعلن الجيش منطقة البيرة – رام الله “منطقة عسكرية مغلقة”،ويتم تشديد القيود على حركة الفلسطينيين في جنين وقلقيلية وطولكرم ووادي الأردن . وتتصاعد عمليات اغتيال المناضلين حتى نهاية أيلول.

– سبتمبر 2003، يطلق طيار من طائرة “إف-16” صاروخاً على الطابق الثالث لمنزل عضو حركة “حماس” مروان أبو راس، مستهدفاً قتل أحمد ياسين، مؤسس “حماس” وزعيمها الروحي، ومحمد الضيف وأحمد الجعبري، قائدي كتائب عز الدين القسام، وأعضاء رئيسيين آخرين، في أثناء اجتماعهم في المبنى. غير أنهم ينجون جميعاً، كون الاجتماع يجري في الطابق الأرضي. ترد “حماس” بتفجيرين انتحاريين في 9 أيلول/ سبتمبر، يسفر عنهما مقتل 9 جنود إسرائيليين في ريشون ليتسيون، و7 مدنيين في القدس.

– في خطوة مفاجئة، يعلن محمود عباس أمام المجلس التشريعي الفلسطيني استقالته من منصبه كرئيس للوزراء، والأسباب التي يوردها هي انعدام الدعم الأميركي، ومسؤولية إسرائيل عن انهيار وقف إطلاق النار وخارطة الطريق، واستحالة توصله إلى ترتيب مع الرئيس عرفات بخصوص السيطرة على أجهزة الأمن.

– التقديرات بشأن أعداد الضحايا خلال فترة 36 شهراً التي تنتهي في 28 أيلول/ سبتمبر 2003 متفاوتة: 2,200-2,787 فلسطينياً و795-889 إسرائيلياً قد قُتلوا؛ و23,627-41,000 فلسطيني و5,961 إسرائيلياً أصيبوا بجروح؛ مع خسائر فلسطينية إضافية تتضمن تهدّم 655 منزلاً، على الأقل، واقتلاع 953,071 شجرة، وتجريف 60,968 دونماً من الأراضي.

– من مارس إلى أبريل 2004، يقوم مقاتلان من غزة، يرتديان ملابس جنود إسرائيليين، بتفجير ذاتي مزدوج داخل مجمع ميناء أشدود ، مما يسفر عن مقتل 11 إسرائيلياً وجرح 20. في اليوم التالي، توافق الحكومة الإسرائيلية على بدء حملة عنيفة جديدة (عملية القصة المتواصلة )، وتعطي الصلاحية للجيش كي “يتصرف من دون قيود ضد كبار الشخصيات من جميع المنظمات الإرهابية.” فيتم فرض إغلاق شامل في قطاع غزة والضفة الغربية ، وهدم مبان في حرم جامعة الأقصى ، وهدم منازل في رفح وخان يونس ، وتنفيذ عمليات اغتيال. وفي 5 نيسان/ أبريل، يعلن أريئيل شارون أنه بات في حِلّ من تعهداته قبل ثلاث سنوات للرئيس بوش بعدم إيذاء ياسر عرفات.

– مارس 2004، تطلق مروحية ثلاثة صواريخ على أحمد ياسين، الزعيم الروحي لحركة “حماس”، فتغتاله هو وسبعة من مرافقيه، وهم يغادرون مسجد المجمّع الإسلامي في حي الصّبرة في غزة. يُجرح اثنان من أبناء ياسين. تخرج تظاهرات حاشدة في الضفة الغربية وغزة (والعديد من الدول العربية والإسلامية). وتتواصل الهجمات والهجمات المضادة خلال الأسبوعين التاليين.

– مايو 2004، يعرض رئيس المخابرات المصرية، عمر سليمان، على أريئيل شارون شروط مصر للقيام بدور في القضايا الأمنية المرتبطة بـ خطة فك الارتباط : اعتبار الخطة جزءاً من خارطة الطريق ، تنسيق أمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ، وقف شامل لإطلاق النار. وفي الوقت نفسه، يطرح على ياسر عرفات خطة لإعادة هيكلة قوات الأمن الفلسطينية: تدمج هذه القوات في ثلاثة أجهزة (الأمن العام، الشرطة، المخابرات العامة)؛ ترسل مصر 150-200 ضابطاً للمساعدة في إعادة بناء مراكز الشرطة، وتدريب قوات الأمن، لفترة تمتد 6 أشهر، ولكنها سوف لن تأخذ على عاتقها، في أي حال من الأحوال، مسؤولية الأمن في غزة بعد فك الارتباط الإسرائيلي. في 6 حزيران/ يونيو، اليوم الذي توافق فيه الحكومة الإسرائيلية على خطة فك الارتباط المعدّلة، يعلن عرفات عن دعمه للخطة المصرية. وفي 23 حزيران، يعرض سليمان على إسرائيل والسلطة الفلسطينية خطة أكثر تفصيلاً مكوّنة من ثلاث مراحل، ويواصل جهود وساطته مع الفصائل الفلسطينية من أجل وقف إطلاق النار. لكن تلك الجهود لا تفضي إلى أي نتيجة، لأن سليمان لا يحصل على “أي جواب” بخصوص ما سوف تحصل عليه الفصائل من إسرائيل مقابل وقف إطلاق النار (6 تموز/ يوليو).

– من سبتمبر إلى أكتوبر 2004، بعد قيام إسرائيل بإرسال قواتها إلى بيت حانون وبيت لاهيا ، وقتل 6 فلسطينيين وجرح 60 (رداً على إطلاق الصواريخ على سديروت والتسبب بأضرار ضئيلة)، يطلق المقاتلون الفلسطينيون صاروخاً على سديروت فيُقتل طفلان ويصاب 5 بجروح. وفي رد انتقامي، يقتل الجيش الإسرائيلي 27 فلسطينياً ويجرح 131 في 30 أيلول/ سبتمبر؛ كما يُقتل أيضاً 3 جنود إسرائيليين. في الليلة نفسها، توافق الحكومة الإسرائيلية على عملية أيام الندم ، وهي هجوم بري مطوّل يهدف إلى الضغط بشدة على السكان المدنيين في البلدات الواقعة شمال قطاع غزة كي يرغمهم على الحؤول دون إطلاق الصواريخ على إسرائيل. وخلال العملية (التي تستمر حتى منتصف تشرين الأول/ أكتوبر)، يُقتل 86 فلسطينياً ويُجرح أكثر من 230، ويتم هدم 195 منزلاً، وتجريف 1,000 دونم؛ ويتخلل العملية فرض حظر التجول 24 ساعة، وقطع الماء والكهرباء (الأمر الذي يهدد بوقوع كارثة إنسانية بحق آلاف الفلسطينيين).

– من أكتوبر إلى نوفمبر 2004، تبدأ معاناة ياسر عرفات من أعراض تشبه أعراض الأنفلونزا، ثم من آلام في المعدة. ويتوصّل أطباء من مصر وتونس إلى أنه يعاني من إصابة بفيروس معوي وحصى في المرارة، ولا يشكل أي منهما تهديداً لحياته. في 27 تشرين الأول/ أكتوبر، تتدهور صحة عرفات بشكل مفاجئ خلال حضوره اجتماعاً، وينصح الأطباء، لظنهم أنه قد يكون مصاباً باضطراب دموي قاتل، بأن يتم إرساله إلى الخارج. فتعرض فرنسا أن تقوم بعلاجه في مشفى عسكري، وتتعهد إسرائيل بأنها ستسمح له بالعودة بعد العلاج؛ فيغادر رام الله في 29 تشرين الأول. في باريس ، تسوء حالة عرفات كثيراً في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر؛ وفي اليوم التالي يدخل في “غيبوبة مسترجَعة”، ليتوفى بعدها في 11 تشرين الثاني. يتم نقل جثمانه في اليوم التالي إلى القاهرة أولاً، حيث تقام مراسم تشييع رسمي (بحضور ممثلين رفيعي المستوى من 61 بلداً) ثم ينقل إلى رام الله لمواراته الثرى بحضور عشرات الآلاف من الفلسطينيين. في السنوات اللاحقة، ستتزايد الشكوك في مسؤولية إسرائيل عن وفاة عرفات.

– من ديسمبر 2004 إلى يناير 2005، عند انتهاء فترة الترشح (1 كانون الأول/ ديسمبر)، يكون عدد الفلسطينيين المتقدمين بطلباتهم لخوض الانتخابات الرئاسية هو 10. (لا تقدم “حماس “، ولا الجهاد الإسلامي ، أي مرشح). يحتفظ سبعة بترشيحهم حتى يوم الانتخابات المقرر في 9 كانون الثاني/يناير 2005. ويتم انتخاب محمود عباس بنسبة 62.3 بالمئة من الأصوات. ويحصل المرشح الوافر الحظ الآخر، مصطفى برغوثي ، أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية ، على حوالي 20 بالمئة. في 15 كانون الثاني، يؤدي عباس اليمين الدستورية كرئيس لـ السلطة الفلسطينية . ويعيد تعيين أحمد قريع رئيساً للوزراء.

– يناير 2006، يصاب أريئيل شارون بجلطة دماغية حادة، فيتولى نائب رئيس الوزراء إيهود أولمرت رئاسة الوزراء بالوكالة. وكان شارون قد طلب من الرئيس الإسرائيلي موشيه كتساف ، في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2005، حلّ الكنيست ، وأعلن عن تركه حزب الليكود وتأسيس حزب كاديما (إلى الأمام) من أجل خوض الانتخابات المقبلة (المقرر إجراؤها في 28 آذار/ مارس 2006). وكان خمسة عشر عضواً من الليكود، من أصل أربعين عضواً في الكنيست، قد تعهّدوا بالانضمام إلى الحزب الجديد.

– تحقق “حماس” نصراً انتخابياً عبر صناديق الاقتراع، لكن الولايات المتحدة وأوروبا و”فتح” ترفض نتائج الانتخابات، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى إنشاء سلطة فلسطينية في رام الله تديرها “فتح”، وسلطة فلسطينية أُخرى في قطاع غزة تديرها “حماس”، وتنتهي جهود التوفيق بين الحركتين بالفشل. تحاصر إسرائيل قطاع غزة، وتشنّ عليه ثلاث حملات عسكرية على مدى ست سنوات. يتكبّد الفلسطينيون خسائر فادحة في الأرواح والبنية التحتية، لكن  إسرائيل لا تجني أي مكاسب سياسية أو استراتيجية من تلك الهجمات. وتأتي المبادرات الأميركية لاستئناف المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية بنتائج عكسية بسبب النشاط الاستيطاني الإسرائيلي المتواصل.

– فبراير 2006، يتردد الحديث عن خطة أميركية – إسرائيلية مكونة من 12 نقطة لعزل وزعزعة استقرار حكومة “حماس ” المقبلة، وذلك بعزل قطاع غزة وحرمان السلطة الفلسطينية من التمويل بمجرد تشكيل “حماس” للحكومة، على أمل أن يجبر ذلك “حماس” على تخفيف حدة موقفها، أو حتى على اتخاذ القرار بالتخلي مسبقاً عن الدور القيادي في المجلس التشريعي الفلسطيني . وتذكر التقارير أن تلك النقاط تتضمن تجميد إسرائيل تحويل أموال ضريبة القيمة المضافة التي تقوم بتحصيلها نيابة عن السلطة الفلسطينية؛ تشديد القيود على معابر غزة، بما في ذلك منع دخول كل شيء باستثناء المساعدات الإنسانية والسلع الأساسية؛ إنهاء الغلاف الجمركي الذي يسمح للبضائع بالعبور من قطاع غزة والضفة الغربية إلى إسرائيل دون رسوم جمركية؛ منع العمال الغزيين من دخول إسرائيل؛ حظر انتقال الفلسطينيين بين الضفة الغربية وغزة إلاّ في حالات الطوارئ القصوى؛ إلغاء تصاريح عبور كبار الشخصيات الفلسطينية، بحيث يُمنع نواب “حماس” من حضور جلسات المجلس التشريعي الفلسطيني في رام الله ؛ منع بناء ميناء غزة البحري. وفي 19 شباط/ فبراير، تصادق الحكومة الإسرائيلية على قرار تجميد تحويل أموال ضريبة القيمة المضافة المستحقة للسلطة الفلسطينية. وبعد يومين، يتم إغلاق معبر كارني ، وهو نقطة الرئيسية لعبور البضائع من وإلى غزة، إلى أجل غير مسمى.

– مارس 2006، مع استمرار إغلاق معبر كارني، يحذّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، من أن مخزون السلع الأساسية (ومنها الطحين والسكر والزيت) قد ينفذ في غزة خلال بضعة أيام، إن لم تقم إسرائيل بفتح المعبر، مشيراً إلى أن النقص شديد إلى درجة أن برامج المساعدات الدولية تأثرت به. فـ برنامج الغذاء العالمي ، الذي يقدم الطحين إلى 146,000 إنسان تقريباً في غزة، قد استنفذ مخزونه الاحتياطي لشهرين. وطوال شهر آذار/ مارس، يتم فتح المعبر أربعة أيام لاستيراد السلع الأساسية، ويومين لتصدير المنتجات الزراعية. والأمر ذاته بالنسبة للقطاع الصحي، وتحذّر منظمة الصحة العالمية (WHO) في 6 نيسان/ أبريل من أن الخدمات الصحية العامة الفلسطينية قد تنهار إذا لم يتم توسيع نطاق المساعدات الطبية لـ السلطة الفلسطينية ، وأن من المتوقع قريباً أن تتقلص خدمة رعاية الأمومة والطفولة، ويحصل نقص في الأدوية، وزيادة في الأمراض بسبب تدهور المرافق الصحية. وكما في كل مرة، يتم في اللحظة الأخيرة إيجاد تدابير تخفيفية جزئية (مالية، وإجرائية، وفتح المعبر). وفي أوائل نيسان، تبدأ الولايات المتحدة بتحذير البنوك من أن مؤسساتهم قد تتعرض لعقوبات ومصادرة أصول بتهمة التحريض على الإرهاب في حال استمرت في التعامل مع حسابات السلطة الفلسطينية، أو أجرت تحويلات إلى حسابات مرتبطة بالسلطة الفلسطينية. وتمتثل لهذا التحذير بعض البنوك مثل البنك العربي (12 نيسان) وبنك فلسطين (25 نيسان).

– يغادر المراقبون البريطانيون والأميركيون، من دون سابق إنذار، سجن أريحا حيث كانوا يشرفون على احتجاز السلطة الفلسطينية لخمسة أعضاء في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (من بينهم الأمين العام للجبهة أحمد سعدات )، متّهَمين بالتورط في عملية اغتيال رحبعام زائيفي (تشرين الأول/ أكتوبر 2001)، وفؤاد شوبكي المتهم بالتورط في قضية السفينة كارين A (كانون الثاني/ يناير 2002). وخلال عشرين دقيقة، يطوّق الجيش الإسرائيلي السجن بثمانين دبابة وعربة مصفحة، تساندها المروحيات. وتواجه إسرائيل مقاومة عشرات السجناء من بينهم المطلوبون الستة، فتقوم بقصف وتهديم السجن وثكنات الشرطة الملحقة به، فيُقتل سجين وأحد وأحد حراس السجن، ويُجرح 50، ويتم اعتقال الستة المستهدَفين مع 15 آخرين كانوا مدرجين على قائمة مطلوبين من قبل إسرائيل. يطلق هذا الهجوم شرارة تظاهرات عنيفة واسعة النطاق، وتقع صدامات مع قوات الأمن الإسرائيلية في الضفة الغربية . وتزداد وتيرة إطلاق الصواريخ من غزة إلى داخل إسرائيل بشكل طفيف خلال الأيام اللاحقة.

– يعرض إسماعيل هنية على الرئيس عباس تشكيلة حكومية مكونة من 24 عضواً (14 من الضفة الغربية ، و10 من غزة ) وتضم 18 عضواً من “حماس “، و6 مستقلين/ تكنوقراط. من بين المرشحين ناصر الدين الشاعر (نائب رئيس الوزراء؛ التربية والتعليم)؛ محمود زهّار (الخارجية)؛ سعيد صيام (الداخلية)؛ عمر عبد الرازق (المالية). وفي اليوم نفسه، يعلن هنية برنامج حكومته، وهو وثيقة تتضمن 39 بنداً. يوافق عباس على لائحة الأسماء، من دون الموافقة على البرنامج. وتنال الحكومة ثقة المجلس التشريعي الفلسطيني (71 مع ؛ 36، ضد وامتناع 2) في 28 آذار/ مارس بعد أن يعرض هنية برنامجها الذي يتضمن المبادئ التالية: “حق شعبنا في الدفاع عن نفسه في مواجهة الاحتلال، وإزالة المستوطنات، وجدار الفصل العنصري، ومواصلة نضاله من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس ” (بشكل غير متوقع، لا إشارة إلى “حق المقاومة بأشكالها المختلفة”)؛ حق اللاجئين في العودة والتعويض، واعتبار ذلك حقًا فرديًا وجماعياً؛ التعامل مع الاتفاقيات الموقعة بمسؤولية عالية؛ لالتزام باتفاق آذار 2005 الذي تم التوصل إليه في القاهرة بين الفصائل الفلسطينية بخصوص إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية ؛ محاربة الفساد؛ إجراء إصلاح مالي وإداري؛ التعاون مع المجتمع الدولي من أجل إزالة الاحتلال.

– يتضح أن إسرائيل تشن حملة طرد من الأراضي الفلسطينية، أو منع من دخولها، لمن ينتمي إلى الفئات التالية: الفلسطينيون حاملو جوازات سفر أجنبية (بمن فيهم أزواج حاملي بطاقة الهوية الفلسطينية)؛ المواطنون العرب؛ ناشطو السلام الدوليون؛ الأكاديميون الأجانب العاملون أو الدارسون في الجامعات الفلسطينية؛ موظفو المنظمات غير الحكومية الدولية. كان المنتمون إلى هذه الفئات، الذين يعملون ويقيمون في الضفة الغربية منذ سنين بناء على تأشيرات دخول مدتها 90 يوماً، يجدّدونها فصلياً برحلات إلى الخارج نظراً إلى استحالة الحصول من إسرائيل على تأشيرات أو تصاريح إقامة طويلة الأمد. وتبعاً للسياسة الإسرائيلية الجديدة، صار هؤلاء يجدون فجأة أنهم محرمون من تأشيرة الدخول عند محاولتهم العودة. لم يكن من النادر قيام إسرائيل بمنع تجديد تأشيرة الدخول فيما مضى، لكن سياستها الجديدة تشكّل إجراءً انتقامياً من الفلسطينيين بسبب تصويتهم لصالح “حماس “. في 11 حزيران/ يونيو، تعلن القنصلية الأميركية في القدس أن المسؤولين الإسرائيليين أقرّوا بوجود سياسة جديدة. وفي 6 أيلول/ سبتمبر، تشير القنصلية إلى أنه في كل يوم يُمنع ما يصل إلى اثني عشر مواطناً أميركياً من الدخول إلى إسرائيل.

– بعد تلقيه تحذيرات من الولايات المتحدة بأن المساعدات الدولية لن تمر عبر مكتبه ما لم يسيطر على الحدود والأمن، يضع الرئيس عباس حدود غزة تحت سيطرته (5 نيسان/ أبريل)؛ ويستبدل الأجهزة الأمنية بحرس رئاسي في معبر رفح (11 نيسان) وكذلك معبر كارني (24 أيار/ مايو)؛ ويُعيّن ضابطين كبيرين (المدير العام لجهاز الأمن الداخلي الفلسطيني، وقائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة) على أن يتبعان له مباشرة، لا لوزير الداخلية سعيد صيام (6 و9 نيسان).

– ما بين مايو ويونيو 2006، يقع تبادل لإطلاق النار في غزة بين القوات الأمنية/ “فتح “، والقوة التنفيذية المسانِدة / “حماس “، بشكل يومي تقريباً في الفترة بين 26 أيار/ مايو و24 حزيران/ يونيو، فيسقط 7 قتلى فلسطينيين (من بينهم مدنيّان)، وأكثر من أربعة وعشرين جريحاً (أغلبهم مسلحون). وتمتد التوترات إلى رام الله في 12 حزيران مع خروج المئات من أنصار “فتح” في تظاهرة مسلحة، الأمر الذي يدفع محمود عباس لتأمين الحماية لعدة أعضاء في المجلس التشريعي الفلسطيني من كتلة التغيير والإصلاح التابعة لـ “حماس”. وفي اليوم التالي، يتظاهر الآلاف من أنصار “حماس” في رام الله تضامناً مع الحكومة التي تقودها “حماس”.

– يقوم ثمانية مسلحين من “حماس ” و”لجان المقاومة الشعبية ” بالتسلل عبر نفق تحت الأرض، وبمهاجمة موقع عسكري إسرائيلي بالقرب من معبر كرم أبو سالم (كيرم شالوم)، مستخدمين قنابل يدوية وبنادق وصواريخ مضادة للدبابات. فيقتلون جنديَين، ويجرحون أربعة، ويأسرون جلعاد شاليط المصاب بجروح طفيفة؛ ويُقتل اثنان من المهاجمين برصاص إسرائيلي. وفي 26 حزيران/ يونيو، يطرح المسلحون الفلسطينيون مطالبهم الأولى، فيطالبون بالإفراج عن جميع النساء الفلسطينيات الـ 113 المعتقلات، وجميع الأطفال الـ 318 المعتقلين في السجون الإسرائيلية مقابل إعطاء معلومات عن حالة شاليط الصحية. وفي 1 تموز/ يوليو، يصدرون بياناً ثانياً يطالبون فيه بإطلاق سراح 1,000 معتقل فلسطيني، من بينهم جميع النساء والأطفال، مقابل إطلاق سراح شاليط.

– يعلن ممثلو المنظمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني الفلسطينية ومستقلون في 27 حزيران/ يونيو عن توصلهم إلى اتفاق حول وثيقة الوفاق الوطني  (مبادرة الأسرى). (وكان محمود عباس قد هدّد، في 25 أيار/ مايو، بأنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق على برنامج سياسي مشترك فإنه سيدعو إلى استفتاء شعبي حول مبادرة الأسرى الصادرة في 11 أيار.) وثيقة 27 حزيران هي نفس وثيقة الأسرى تقريباً، مع بعض الإضافات التحريرية بناء على طلب ممثلي “حماس “، ومنها الرفض الصريح لشرعية الاحتلال؛ التأكيد الصريح على تفكيك المستوطنات وإجلاء المستوطنين؛ القبول بالشرعية الدولية والقانون الدولي (كما هو مذكور في وثيقة الأسرى) ولكن “بما لا ينتقص من حقوق شعبنا.” وكان من المُفترض أن يوقّع الرئيس عباس ورئيس الوزراء هنية رسمياً على الوثيقة في غضون أيام، ولكن ذلك سوف لن يحدث بسبب تصعيد إسرائيل ردها العسكري في أعقاب اختطاف شاليط.

– تغلق إسرائيل جميع معابر غزة، وتقيّد الحركة في الضفة الغربية، وترسل دباباتها وجنودها إلى عمق غزة من أجل البحث عن الأسير شاليط ومنع تهريبه إلى مصر . وتطلق في 28 حزيران/ يونيو عملية أمطار الصيف ، وتتخذ من موقع مطار الدهنية نقطة انطلاق ممكنة لحملة تحرير شاليط. كما أنها تشن 7 غارات جوية على محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، الموجودة بالقرب من مدينة غزة ، وعلى 6 محطات تحويل، الأمر الذي يؤدي إلى انقطاع الكهرباء عن 45 % من القطاع ويجعله معتمداً كلياً على إسرائيل من أجل الحصول على الكهرباء. ونظراً للفشل في العثور على مكان وجود شاليط، تغيّر الحكومة الإسرائيلية توجهها في 1 تموز/ يوليو، فتقرر القيام بعمليات برية أشد ضراوة من أجل القضاء على “البنية التحتية الإرهابية” في غزة، وإيقاف إطلاق الصواريخ على إسرائيل. وفي 3 تموز، يحرك لواء غفعاتي دباباته وجنوده إلى داخل شمال غزة، محتلاً مشارف بيت حانون ، ومنطقة إيرز الصناعية ، والموقع السابق لمستوطنة نيتسانيت. وبعد ذلك، في 5 تموز، تزحف القوات جنوباً في اتجاه مخيم جباليا للاجئين ، وتعيد احتلال مواقع المستوطنات السابقة على طول الشاطئ الشمالي لغزة لاتخاذها قواعد لانطلاق الغارات البرية على التجمعات السكانية في غزة (وخصوصاً بيت لاهيا ). يشتبك المقاتلون الفلسطينيون مع القوات المهاجمة، ويواصلون إطلاق الصواريخ على إسرائيل (بما في ذلك عسقلان ). ينسحب الجنود في 8 تموز؛ وتسفر الحملة عن مقتل ما لا يقل عن 48 فلسطينياً (معظمهم من المسلحين)، وجندي إسرائيلي واحد، وجرح أكثر من 100 فلسطيني (ثلثهم من الأطفال)، وجندي إسرائيلي واحد، وتخلّف حوالي 100 منزل فلسطيني مدمر، أو مصاب بأضرار جسيمة.

– ما بين يوليو وأغسطس 2006، تتسبب عملية اختطاف حزب الله لجنديين إسرائيليين في شمال إسرائيل في شن إسرائيل حرباً تدوم 33 يوماً، تُعرف في إسرائيل باسم حرب لبنان الثانية، ويشير إليها حزب الله باسم حرب تموز.

– من ديسمبر 2006 وحتى فبراير 2007، تندلع أولى المواجهات الداخلية العنيفة في 10 كانون الأول/ ديسمبر 2006، وتمتد عبر قطاع غزة وتصل إلى جنين ورام الله ، وتخلّف 17 قتيلاً و130 جريحاً تقريباً لغاية وقف إطلاق النار في 23 كانون الأول. الجولة الثانية تمتد من 1 ولغاية 10 كانون الثاني/ يناير 2007، وتتسبب بمقتل 17 فلسطينياً وجرح 63 تقريباً. أما الجولة الثالثة، وهي الأشد دراماتيكية (23 كانون الثاني/ يناير– 8 شباط/ فبراير 2007)، ويكون واضحاً أن السيطرة فيها لـ”حماس “، فيُقتل فيها 74 فلسطينياً على الأقل، ويُجرح أكثر من 360، العديد من بينهم من المدنيين الأبرياء.

– ديسمبر 2006، تشير كوندوليزا رايس إلى أن البيت الأبيض يخطط لتقديم حزمة مساعدات بقيمة 100 مليون دولار لتعزيز قوة الرئيس عباس . وفي 5 كانون الثاني/ يناير 2007، يعلن البيت الأبيض أنه يعدّ حزمة مساعدات بقيمة 86,4 مليون دولار من أجل دعم مشاريع “لإعادة تشكيل وتقوية” جهاز الأمن الوقائي والحرس الرئاسي. وسوف يتضمن ذلك تقديم معدات “غير فتاكة”، مثل معدات مكافحة الشغب، وأجهزة اتصالات، لنحو 8,500 عنصر من قوات الأمن الوقائي، و4,000 عنصر من الحرس الرئاسي، والتدريب على مواجهة “الاضطرابات المدنية”، ودمج 1,000 عنصر من لواء بدر التابع لـ منظمة التحرير الفلسطينية ؛ وإجراء تحسينات أمنية عند معبر كارني.

– من يناير حتى فبراير 2007، نظراً إلى التحول الدراماتيكي في العنف المتبادل ما بين “فتح ” و”حماس “، يدعو الملك السعودي عبد الله رئيسَ السلطة الفلسطينية محمود عباس ، ورئيسَ الوزراء إسماعيل هنية ، وزعيمَ “حماس” خالد مشعل إلى مكة لإجراء محادثات عاجلة، ومفتوحة المدة، للتوصل إلى وفاق وطني. يجتمع القادة الثلاثة في 6-8 شباط/ فبراير، ويوقّعون ما يُعرف بـ اتفاق مكة الذي اشتمل على: (1) نصّ شامل يتضمن اتفاقاً على “التأكيد على تحريم [سفك الدماء الفلسطينية] دم الفلسطيني” وتشكيل حكومة وحدة وطنية؛ (2) رسالة من عباس إلى هنية يدعوه فيها إلى تشكيل حكومة جديدة؛ ويطلب منه بصفته رئيساً للوزراء “الالتزام بمصالح الشعب الفلسطيني”؛ ويدعوه إلى “احترام قرارات الشرعية العربية والدولية والاتفاقيات التي وقّعتها منظمة التحرير الفلسطينية “؛ (3) اتفاق مبدئي على الحقائب الوزارية: تُخصص 9 مقاعد في مجلس الوزراء لـ”حماس”، و6 لـ”فتح”، و5 لمستقلين (3 تسميهم “فتح”، و2 تسميهما “حماس”)، و4 للفصائل الصغيرة؛ وتُسند حقائب المالية، والداخلية، والخارجية، والإعلام إلى مستقلين أو إلى الفصائل الصغيرة.

– تواصل إسرائيل “العمليات الدقيقة” في غزة ؛ فيُقتل 7 فلسطينيين في الفترة ما بين أوائل نيسان/ أبريل ومنتصف أيار/ مايو. وفي الضفة الغربية تصعّد إسرائيل عمليات الاغتيال، فتقتل 3 أعضاء في كتائب شهداء الأقصى التابعة لـ”فتح ” (17-21 نيسان)، و3 من أعضاء حركة الجهاد الإسلامي (21 نيسان-4 أيار). ورداً على ذلك، تطلق كتائب شهداء الأقصى وحركة الجهاد الإسلامي الصواريخ من غزة. وللمرة الأولى منذ بدء الهدنة في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر 2006، تطلق “حماس ” عشرات الصواريخ في 24 نيسان (اليوم الذي تحتفل فيه إسرائيل بذكرى تأسيس الدولة)، مع أن جناحها السياسي يسارع إلى الإشارة بعدها إلى أن المقاتلين ربما تصرفوا بشكل مستقل. في 15 أيار، يطلق مقاتلو “حماس” مجدداً 20 صاروخاً إلى داخل إسرائيل، فيصاب إسرائيليان بجروح. وما بين 16 و19 أيار، تردّ إسرائيل بـ 21 غارة جوية تستهدف “حماس” والقوة التنفيذية المسانِدة التي تسيطر عليها “حماس”، فتقتل 32 فلسطينياً وتجرح أكثر من 100. وعندما ينتقم المقاتلون الفلسطينيون بالتصعيد الحاد لإطلاق الصواريخ ليصل إلى 30 صاوخاً في اليوم، توافق الحكومة الإسرائيلية على المزيد من تصعيد الهجمات. فتشن إسرائيل، في الفترة ما بين 20 و29 أيار، 51 غارة جوية أخرى على غزة، وتقتل 22 فلسطينياً (5 منهم في اغتيالات مستهدَفة)، وتجرح حوالي 100، وتدمّر عشرات المنازل. أما في الضفة الغربية (جنين ، نابلس ، قلقيلية ، سلفيت ، طولكرم ) فتقوم إسرائيل (في 23-24 أيار) باعتقال 33 من الأعضاء البارزين في “حماس” أو من الشخصيات السياسية الموالية لها، بمن فيهم وزير التعليم ناصر الدين الشاعر ، ووزير الدولة وصفي قبها ، و3 على الأقل من أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني ، و5 رؤساء بلديات، وعدد من رؤساء جمعيات خيرية وتعليمية.

– يشنّ عناصر من الشرطة وجنود لبنانيون هجوماً للقبض على أعضاء في تنظيم “فتح الإسلام ” في طرابلس ، فتندلع شرارة معركة تمتد عبر المدينة لتصل إلى مشارف مخيم نهر البارد للاجئين (عدد سكانه 40,000). وكان بضعة مئات من أعضاء تنظيم “فتح الإسلام”، يُعتقد أن حوالي 10% فقط منهم فلسطينيون، قد انتقلوا إلى المخيم خلال الشهور السابقة، مما دفع سكان المخيم إلى تنظيم اعتصام في 17 آذار/ مارس للاحتجاج على تواجدهم. يستعيد الجيش اللبناني السيطرة على المناطق في محيط المخيم، ويضرب المخيم بقذائف الدبابات والهاون، ويفرض حصاراً عليه لمنع المسلحين من الهروب. ويسقط خلال الأيام الثلاثة الأولى 79 قتيلاً (32 جندياً، و20 عنصراً من “فتح الإسلام”، و27 مدنياً). وبحلول 30 أيار/ مايو، يصل عدد النازحين، أو من تم إخلاؤهم، من سكان المخيم إلى 30,000، معظمهم اتجهوا إلى مخيم البدّاوي للاجئين المجاور. وفي 1 حزيران/ يونيو، يدخل الجيش، بموافقة منظمة التحرير الفلسطينية ، إلى مخيم نهر البارد تحت غطاء من ضربات المدفعية الثقيلة وقصف المروحيات، ويسيطر على حوالي ثلثه. وبعد ثلاثة أشهر ينجح الجيش باحتلال كامل المخيم؛ ويكون قد قُتل 168 جندياً على الأقل، و222 عنصراً من “فتح الإسلام”، و42 مدنياً، وأُلقي القبض على 202 عنصراً من فتح الإسلام، ودُمّر معظم المخيم.

– يونيو 2007، في مواجهة احتمال خسارتها اليد العليا في التوازن العسكري مع القوات التابعة لـ”فتح ” في غزة ، بسبب المساعدات في التدريب والمعدّات التي يتم توفيرها لهذه الأخيرة من قبل الولايات المتحدة والأردن ومصر ، ونظراً لأن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية لم يضع حداً للمقاطعة الدولية، تقرّر “حماس ” إحكام سيطرتها على قوات أمن السلطة الفلسطينية والمؤسسات المدنية في غزة. في الفترة ما بين 11 و14 حزيران/ يونيو، تنهار دفاعات “فتح” سريعاً، وتسيطر “حماس” على جميع الثكنات والمقرات الأمنية، والمباني الوزارية. ويسقط في القتال 100 فلسطيني على الأقل (معظمهم من المسلحين). وتزداد حدة التوترات أيضاً في الضفة الغربية : يتم إرغام مسؤولي “حماس” المنتخبين، والموظفين رفيعي المستوى التابعين لـ”حماس”، على مغادرة مكاتبهم.

– من أغسطس إلى سبتمبر 2007،  يقتلُ على الأقل 52 فلسطينياً، وجندياً إسرائيلياً واحداً نتيجة للمواجهات العسكرية المتواصلة في محيط غزة . وفي 19 أيلول، تعلن الحكومة الإسرائيلية الأمنية غزة “أرضاً معادية” تسيطر عليها “منظمة إرهابية،” وتفرض المزيد من العقوبات على غزة، والهدف المعلَن هو الحد من إطلاق الصواريخ الفلسطينية (المعدّل الأسبوعي 20 صاروخاً). وتتضمن العقوبات خفض خدمة الوقود والكهرباء في القطاع، وتقليص الواردات إليه بشكل أكبر وزيادة القيود على مغادرته. وما بين 19 أيلول و13 تشرين الأول/ أكتوبر، يُقتل 23 فلسطينياً في غارات جوية وهجمات عبر الحدود. تتصاعد المواجهات من جديد في 23 تشرين الأول بعد اغتيال إسرائيل أحد قادة “لجان المقاومة الشعبية ” في مدينة غزة ؛ في اليوم التالي، تطلق “لجان المقاومة الشعبية” 28 صاروخاً من غزة على إسرائيل. فتعاقب إسرائيل غزة بقطع الوقود والكهرباء، بينما يُقتل في المواجهات العسكرية، ما بين 23 تشرين الأول و3 تشرين الثاني/ نوفمبر، 20 فلسطينياً وجنديان إسرائيليان.

– من نوفمبر إلى ديسمبر 2007، تنشر السلطة الفلسطينية في نابلس الفرقة الأولى (308 عناصر) من وحدة شرطة جديدة مدرَّبة على يد مستشارين غربيين (بمساعدة المبعوث الأمني الأمريكي اللفتنانت جنرال كيث دايتون ). وفي 4 كانون الأول/ ديسمبر، تنتشر وحدة شرطة مكونة من 500 عنصر في طولكرم . في الوقت نفسه، تعيد السلطات في غزة هيكلة القوات الأمنية، فتحلّ عملياً القوة التنفيذية المسانِدة  التي تقودها “حماس “، وتعيد تنظيم عناصرها في 4 وحدات (من أصل حوالي 9) كانت قائمة سابقاً تحت إشراف وزارة الداخلية التابعة للسلطة الفلسطينية: الشرطة (المجموعة الأكبر إلى حد كبير، وهي المسؤولة عن الأعمال الشرطية المدنية العامة، بما فيها المرور والتحقيقات الجنائية)؛ والأمن الداخلي (توفير الحماية للمسؤولين وكبار الشخصيات)؛ والأمن الوطني (الوحدة مسؤولة بشكل أساسي عن الحدود مع مصر )؛ والشرطة البحرية. ويصل العدد الكلي لعناصر القوى الأمنية في غزة إلى حوالي 13,000 رجل، من بينهم حوالي 1,500 عنصر من قوى الشرطة الأصلية الذين يواصلون عملهم على الرغم من الأوامر الصادرة إليهم من السلطة الفلسطينية في رام الله بالبقاء في منازلهم.

– يحضر مؤتمر أنابوليس، الذي يستمر يوماً واحداً، القادة الأميركيون والفلسطينيون والإسرائيليون، وممثلون عن 40 دولة ومنظمة دولية. في الكلمة الافتتاحية، يتلو الرئيس الأميركي بوش “التفاهم المشترك” الذي تم التوصل إليه، قبل ساعة واحدة، ما بين رئيس السلطة الفلسطينية  محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت . لا يقدم البيان حلاً لأي من القضايا الجوهرية التي فرّقت الجانبين في محادثاتهما خلال الأسابيع السابقة مثل الحدود، والمستوطنات، والقدس ، واللاجئين. ويقتصر على التأكيد على “هدف الدولتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن”، والاتفاق على “البدء فوراً” بمحادثات ثنائية للتوصل إلى اتفاقية سلام، وعلى “بذل جميع الجهود للتوصل إلى اتفاق قبل نهاية عام 2008 “. كما يتم الاتفاق أيضاً على تشكيل لجنة توجيهية للإشراف على عمل فريقي التفاوض، سوف تجتمع في 12 كانون الأول/ ديسمبر، وعلى أن يجتمع عباس وأولمرت مرة كل أسبوعين. يتعهد الطرفان بتنفيذ التزاماتهما المنصوص عليها في خارطة الطريق الصادرة عام 2003، ويتفقان على أن تراقب الولايات المتحدة تنفيذ الجانبين لالتزاماتهما وتكون حكماً على الأمر. وهكذا فإن “التفاهم المشترك” لـ مؤتمر أنابوليس يعلن رسمياً استئناف محادثات الوضع النهائي التي انتهت في طابا في 27 كانون الثاني/ يناير 2001.

– يفيد تقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية (UNDP) (الصادر بتاريخ 9 كانون الثاني/ يناير 2008) أن القدرة الإنتاجية للقطاع الخاص في غزة تراجعت من 76% في كانون الثاني 2006 (فوز “حماس ” الانتخابي)، إلى 46% في حزيران/ يونيو 2007 (سيطرة “حماس” على غزة)، لتصل إلى 11% اعتباراً من 9 كانون الأول/ ديسمبر 2007. فقد قامت 65% من مؤسسات القطاع الخاص بتخفيض أنشطتها؛ و27% منها أنهت أعمالها؛ وانتقلت 3% إلى مجالات عمل أخرى؛ في حين أن الـ 5% المتبقية لم تتأثر بالحصار القائم. ومن بين المؤسسات الـ 65 % التي ما تزال تعمل بطاقة منخفضة، هناك 33% تقول إنها سوف تغلق أبوابها في غضون 3 شهور إذا استمر الحصار.

– يناير 2008، يتلو الرئيس بوش خلال الزيارة التي يقوم بها إلى إسرائيل والضفة الغربية والدول العربية البيان الأكثر شمولاً، إلى حينه، المتعلّق برؤيته للوضع النهائي. ويؤكد أنه ينبغي إحراز التقدم على أربعة مسارات متوازية: تطبيق خارطة الطريق ، وتحسين القدرات الأمنية والاقتصادية الفلسطينية، وتطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل، ومحادثات الوضع النهائي. وفيما يخصّ الأخيرة، يؤكد بوش على: وجوب أن “ينص الاتفاق على أن تكون فلسطين وطناً للشعب الفلسطيني كما هي إسرائيل وطن للشعب اليهودي”؛ وأن تحظى إسرائيل بحدود آمنة، معترَف بها، ويمكن الدفاع عنها، وأن تكون دولة فلسطين قابلة للاستمرار، ومتصلة، وذات سيادة ومستقلة؛ وضرورة القيام بتعديلات، متّفَق عليها من الجانبين، على خط الهدنة لسنة 1949 لتعكس الوقائع الحالية، وتضمن قيام دولة فلسطينية قابلة للاستمرار ومتصلة؛ ووضع آليات دولية جديدة، تشمل التعويضات، لحل قضية اللاجئين. أما بشأن القدس، فيعترف الرئيس بوش بالمخاوف السياسية والدينية العميقة للجانبين، ولكنه يكتفي بالقول إن إيجاد حل مسألة القدس يشكل أحد أصعب التحديات.

– تبدأ إسرائيل عملية توغل كبرى في مدينة غزة ، فتقتل 13 عضواً في “حماس ” على الأقل (من بينهم ابن المسؤول البارز محمود زهّار )، إضافة إلى 5 مدنيين. وبعد هذا التوغل، تحتدم المواجهات ما بين الجيش الإسرائيلي والمقاتلين في غزة (المنتمين بشكل رئيسي إلى الجهاد الإسلامي ولجان المقاومة الشعبية ). في الفترة ما بين نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2007 وحتى منتصف كانون الثاني/ يناير 2008، يلقى أكثر من 100 فلسطيني حتفهم، قتلاً أو اغتيالاً، في غزة. ورداً على الهجوم على مدينة غزة في 15 كانون الثاني، تنهي “حماس” قرار تعليق إطلاق الصواريخ الذي تفرضه على نفسها منذ سيطرتها على غزة في حزيران/ يونيو 2007، وتطلق بالاشتراك مع تنظيمات أخرى أكثر من 120 صاروخاً خلال 15-17 كانون الثاني. فتصعّد إسرائيل بدورها، وتقرّر إغلاق جميع معابر غزة (بما في ذلك وقف عمليات تسليم المساعدات الإنسانية). وفي 22 كانون الثاني، يتم رفع الحظر التام عن الواردات إلى غزة (الوقود، الغذاء، الدواء) الذي يهدّد حياة المدنيين، وذلك بشكل محدود جداً نتيجة الضجة العالمية حوله.

– من يناير حتى فبراير 2008، نتيجة تشديد إسرائيل حصارها المفروض على غزة منذ أمد بعيد، تقرّر “حماس ” هدم الجدار الحدودي مع مصر في 17 نقطة، فيتدفّق عشرات آلاف الفلسطينيين إلى داخل مصر لشراء الطعام، والوقود، والدواء، والإسمنت، والماشية، وغيرها من البضائع. ولم يكن بمقدور السلطات المصرية وقف هذا التدفق. تفيد التقارير الصحافية بأن القادة الإسرائيليين راضون عن التطورات الجارية، فهذا قد يعني أن تتولى مصر مسؤولية غزة والغزيين. تحاول مصر إيجاد حلّ طويل الأمد بتسليم السيطرة على معبر رفح إلى قوات الأمن التابعة للرئيس محمود عباس ، بالتعاون مع مراقبي الاتحاد الأوروبي . ولكن لا يتم التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن، بسبب عدم رغبة كل من عباس، والاتحاد الأوروبي، وإسرائيل. تتم العودة إلى إغلاق الحدود في 3 شباط/ فبراير من قِبل “حماس” والسلطات المصرية معاً. ويقدّر عدد الفلسطينيين الذين عبروا إلى مصر خلال فترة هدم الجدار، التي دامت 12 يوماً، بحوالي 750,000.

– ترفض المحكمة العليا الإسرائيلية التماساً تقدّمت به 10 مجموعات حقوق إنسان فلسطينية وإسرائيلية للطعن في الإجراءات العقابية التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية (أيلول/ سبتمبر 2007) ضد السكان المدنيين في غزة . ومن بين تلك المجموعات عدالة – المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل ؛ وغيشا – المركز القانوني لحرية الحركة ؛ وبتسيلم – مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة ؛ ومؤسسة الحق ؛ ومركز الميزان لحقوق الإنسان ؛ وبرنامج غزة للصحة النفسية . ترفض المحكمة الحجج القائلة بأن قطع الوقود والكهرباء هو شكل من أشكال العقاب الجماعي الذي يُعتبر غير قانوني بموجب القانون الدولي، وتتبنى حجة المدعى عليه (دولة إسرائيل) بشأن جواز الاكتفاء بـ”الحد الأدنى من المعايير الإنسانية”.

– من فبراير إلى مارس 2008، إسرائيل تطلق عملية الشتاء الساخن في غزة، وتأتي العملية بعد أسابيع من إطلاق الصواريخ الفلسطينية، وتوغلات الجيش الإسرائيلي في غزة وغاراته الجوية، والتصعيد الخطير من كلا الطرفين خلال الأيام السابقة. في 28-29 شباط/ فبراير، يشنّ الجيش الإسرائيلي عدداً من الغارات الجوية، معظمها على وسط وشمال غزة، ويردّ الفلسطينيون بإطلاق عشرات الصواريخ وقذائف الهاون. يحذّر نائب وزير الدفاع الإسرائيلي متان فلنائي (28 شباط) الفلسطينيين من “محرقة أكبر” يجلبونها لأنفسهم إذا ما واصلوا إطلاق الصواريخ، مشيراً إلى أن العملية تشكّل نوعاً من الاختبار في حال قررت إسرائيل استعادة السيطرة على غزة. وخلال ليلة 29 شباط – 1 آذار/مارس، تبدأ إسرائيل أكبر اجتياح بري لغزة منذ فك الارتباط معها عام 2005، فترسل أعداداً كبيرة من القوات البرية والدبابات إلى جباليا وبيت حانون ومدينة غزة . يقوم الجنود بتفتيش المنازل منزلاً منزلاً، والاشتباك مع المقاتلين الفلسطينيين من الأهالي، واحتلال المنازل لاستخدامها كنقاط تجمّع، وتوجيه نيران الدبابات نحو المباني السكنية والتجارية، وجمع عشرات الفلسطينيين للاستجواب، وتجريف شبكات الكهرباء والهاتف، وتدمير العديد من المستودعات المشتبه بتخزين الأسلحة فيها، وعدد من مراكز الشرطة. في 3 آذار، تنسحب القوات الإسرائيلية. تسفر هذه العملية، التي دامت 5 أيام، عن مقتل 110 فلسطينيين على الأقل، وجرح حوالي 400.

– تتم الموافقة على ثلاث خطط في 9 آذار/ مارس: بناء 1,100 وحدة سكنية في مستوطنتي بسغات زئيف وجفعات زئيف شمال القدس ؛ وإنشاء حي استيطاني جديد يضم 400 وحدة سكنية في منطقة النبي يعقوب في القدس الشرقية ؛ وبناء 100 وحدة سكنية في مستوطنتي أريئيل (قرب سلفيت ) والقنا (قرب قلقيلية ) مقابل إزالة عدة نقاط استيطانية غير مرخص بها (إثر التوصل إلى اتفاق ما بين وزارة الدفاع الإسرائيلية وقادة المستوطنيين اليهود). كما تعطى الموافقة الأولية في 13 آذار على بناء 2,200 وحدة سكنية استيطانية في جفعات هماتوس في حي بيت صفافا في القدس الشرقية. وتعلن لجنة التخطيط في القدس (31 آذار) عن الموافقة على بناء 600 وحدة سكنية استيطانية إضافية في بسغات زئيف. وفي 2 نيسان/ أبريل، تقدّم وزارة الإسكان إلى أولمرت عرضاً لبناء 1,900 وحدة سكنية جديدة في الضفة الغربية خلال عام 2008: 682 وحدة في بيتار عيليت ، 510 وحدة في جفعات زئيف، 302 وحدة في معاليه أدوميم ، 160 وحدة في مستوطنة بنيامين شمال القدس، 158 وحدة في إفرات قرب بيت لحم ، و48 وحدة في أريئيل قرب سلفيت ومثلها في كريات أربعة في الخليل.

– يحصل رئيس المخابرات المصرية، عمر سليمان، على موافقة جميع الفصائل الإثني عشر في غزة على التقيد بوقف إطلاق نار متبادل قد يطبق في غزة بداية الأمر (ويشمل رفع الحصار)، ويمتد في وقت لاحق إلى الضفة الغربية . في 12 أيار/ مايو، يتوجه سليمان إلى إسرائيل لتقديم العرض شخصياً، ولكن إسرائيل ترفضه، وذلك لأنه لا يتضمّن إطلاق سراح الجندي الأسير جلعاد شاليط . بالنسبة إلى إسرائيل، إن من شأن إبقاء الحصار أن يؤدي إلى إنهاك “حماس “، في حين أن التفاوض على صفقة وقف إطلاق نار معها قد يزيد من شرعيتها.

– أكتوبر 2008، يقوم يهود إسرائيليون يلتزمون بقواعد يوم الغفران (منها توقّف كامل حركة المرور في المراكز السكانية اليهودية) بمهاجمة عائلة فلسطينية إسرائيلية أثناء مرور سيارتها في حي تقطنه غالبية يهودية. (وكانت الشرطة الإسرائيلية قد رفضت في اليوم السابق طلباً من أعضاء فلسطينيين في الكنيست لنشر أعداد إضافية من عناصرها في نقاط الاحتكاك في عكا يوم العطلة، تجنباً لوقوع مثل هذه الحوادث)، وعلى الرغم من أن إصابات العائلة طفيفة، لكن الشائعات عن وجود قتيل تنتشر سريعاً عبر المناطق العربية في عكا، مما يدفع مئات الشبان الغاضبين إلى السير في المناطق اليهودية، وتحطيم السيارات، وواجهات المتاجر. في 9 تشرين الأول/ أكتوبر، عند انتهاء صوم يوم الغفران، يتدفّق مئات اليهود الإسرائيليين الغاضبين إلى الشوارع، ويقومون بمهاجمة ونهب منازل ومتاجر الفلسطينيين في الأحياء العربية، وتدور اشتباكات بالأيدي، ويتم التراشق بالحجارة. تتصاعد المواجهات في 10 و11 تشرين الأول عندما يقوم اليهود بإحراق الممتلكات الفلسطينية (يدمّرون مبنيين سكنيين عربيين على الأقل، و3 منازل عربية، ويلحقون الضرر بعدة منازل أخرى)، ويطردون بعض العائلات الفلسطينية من منازلها. تنشر الشرطة الإسرائيلية عناصرها لكنهم لا يتخذون إجراءات صارمة. وتتراجع حدة المواجهات في 13 تشرين الأول.

– نوفمبر 2008، في انقلاب دراماتيكي، تشنّ إسرائيل غارة كبيرة على منطقة سكنية شرق دير البلح في وسط غزة ، تزعم أنها لتدمير نفق بالقرب من حدود الأراضي الإسرائيلية. وتحتل قوة كبيرة من الجيش الإسرائيلي منزلين فلسطينيين. يشتبك مسلحون من “حماس ” مع الجنود الإسرائيليين في أول تبادل لإطلاق النار منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ (16 حزيران/ يونيو). ويسفر الاشتباك عن مقتل ثلاثة عناصر من “حماس” (من بينهم قائد بارز) وجرح 4 جنود إسرائيليين. في ردّ انتقامي، تطلق “حماس” 10 قذائف هاون باتجاه المناطق الإسرائيلية. وتشنّ إسرائيل في اليوم نفسه غارات جوية على خان يونس، والقرارة جنوب غزة، فيُقتل 5 من أعضاء “حماس”، ويُصاب عدة آخرون بجروح. وعلى الرغم من إعلان الجانبين عزمهما على التمسك بالهدنة، يتواصل تبادل إطلاق النار يومياً عبر الحدود حتى نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر. في الوقت نفسه، تظهر مؤشرات على تخطيط إسرائيل لشن حرب جديدة على غزة. في 18 تشرين الثاني، يعقد رئيس الوزراء إيهود أولمرت ، ووزير الدفاع إيهود باراك اجتماعاً سرياً (تقرّ به الحكومة الإسرائيلية بعد يومين) في عمّان مع الملك الأردني عبد الله الذي يحذّر من شن حملة عسكرية كبيرة. وتفيد التقارير بأنه في 19 تشرين الثاني يتسلّم باراك مخططاً لعملية من ذاك القبيل. في اليوم التالي، يعقد عبد الله اجتماعاً طارئاً مع عباس في العقبة.

– توقف إسرائيل جميع شحنات الوقود إلى غزة، وتغلق جميع نقاط العبور إلى القطاع إلى أجل غير مسمّى، كعقاب على الصواريخ التي أُطلقت من غزة في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر. في 13 تشرين الثاني، تغلق بلدية غزة محطة إنتاج الطاقة في المدينة بسبب نقص الوقود. وتوقف الأونروا توزيع الغذاء على 750,000 لاجئ لأول مرة في تاريخها. أما برنامج الغذاء العالمي التابع لـ الأمم المتحدة ، الذي يقدّم الغذاء إلى 130,000 آخرين من غير اللاجئين، فإنه يصرح بأنه يستخدم مخزون الطوارئ الذي يكفيه للاستمرار 4 أسابيع أخرى فقط. وبعد يومين، تفيد منظمة الصحة العالمية أن مخزون 95 من أصل 473 من الأدوية المصنّفة “أساسية” و174 من اللوازم الطبية الأخرى، قد نفذ تماماً في القطاع، بينما تشير اليونيسف إلى أن الحكومة الإسرائيلية تحتجز شحنتي لقاحات لأطفال غزة في مطار تل أبيب منذ 29 تشرين الأول/ أكتوبر. وتحت ضغط دولي شديد، تسمح إسرائيل (24 تشرين الثاني/ نوفمبر) بعبور 32 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية وبكمية محدودة من الوقود.

– يعلن زعيم “حماس ” خالد مشعل، في دمشق (14 كانون الأول/ ديسمبر 2008) أنه نظراً لاستمرار الحصار، والهجمات الإسرائيلية عبر الحدود، فإن “حماس” لن تمدّد هدنة الستة أشهر عند انتهائها رسمياً (المقرر في 19 كانون الأول). ولكن، في اليوم نفسه، تعرب قيادة الحركة في غزة عن استعدادها للنظر في تمديد الهدنة، وتلتقي مع ممثلين عن الفصائل الأخرى من أجل مناقشة التمديد. في 15 كانون الأول، تغتال إسرائيل قيادياً بارزاً في الجهاد الإسلامي في جنين ، ما يدفع الحركة في غزة إلى إطلاق 3 دزينات من الصواريخ على المناطق الإسرائيلية في 16-17 كانون الأول. فتردّ إسرائيل بغارات جوية؛ وينتج عن ذلك سلسلة من الهجمات المتبادلة بين “حماس” وإسرائيل. وفي 18 كانون الأول، تعلن “حماس” أنها لن تجدد وقف إطلاق النار؛ فتنتهي الهدنة رسمياً في اليوم التالي. ويستمر تبادل إطلاق النار بين الطرفين بلا هوادة.

–  21 ديسمبر 2008، يعلن مجلس الوزراء الإسرائيلي أنه أعطى الجيش الضوء الأخضر للهجوم على أهداف غير محددة تعود لـ “حماس ” في غزة . وتطلق وزارة الخارجية الإسرائيلية حملة دبلوماسية مكثّفة لحشد التأييد لشن هجوم عسكري. وعلى الرغم من محاولة “حماس”، في 22 كانون الأول، دفع جميع الفصائل في غزة للعودة إلى الهدنة، يتواصل تبادل إطلاق النار. في 23 كانون الأول، يُقتل ثلاثة من أعضاء “حماس”، كانوا يقومون بزرع قنبلة على جانب الطريق قرب السياج الحدودي، إثر إطلاق الجيش الإسرائيلي النار عليهم. فتردّ “حماس” بإطلاق 80 صاروخاً وقذيفة هاون. وفي اليوم التالي، يحصل إيهود باراك على موافقة مجلس الوزراء على خطة تفصيلية للهجوم. وفي 26 كانون الأول، يعطي باراك القادة العسكريين الضوء الأخضر النهائي.

– من ديسمبر 2008 وحتى يناير 2009، تبدأ إسرائيل حربها المخطط لها على غزة. وتسميها عملية الرصاص المصبوب؛ وسوف تسميها “حماس” معركة الفرقان. وتقتضي الخطة أن تكون الحرب على ثلاث مراحل: (1) هجوم جوي من أجل تدمير قائمة من الأهداف التي تم تجميعها على مدار الأشهر الستة الأخيرة؛ (2) توغل بري في المناطق المفتوحة والضواحي لتأمين السيطرة على المناطق التي تنطلق منها الصواريخ الفلسطينية نحو إسرائيل، وبشكل أدق، لملاحقة أهداف أخرى تعود لـ “حماس”؛ و(3) توغل داخل المدن والمخيمات الفلسطينية من أجل “توجيه ضربة قاضية” إلى “حماس”. في نهاية المطاف سوف تتحقق المرحلتان الأولى والثانية فقط، لأن تكلفة تحويل الهدف من احتواء إطلاق الصواريخ و”إعادة بناء قوة الردع الإسرائيلي” إلى تدمير “حماس” سوف تكون مرتفعة جداً من حيث الخسائر البشرية، كما أن امتداد العملية لأسابيع قد يُضعف الدعم الإسرائيلي الداخلي القوي للحرب. تعيد إدارة بوش ، طوال فترة الحرب، التأكيد على تأييدها حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، محمّلة “حماس” مسؤولية أعمال العنف. ومن جهته، يمتنع فريق الرئيس المنتخب باراك أوباما عن التعليق.

– على الرغم من بعض المناوشات بين الجيش الإسرائيلي والمقاتلين الفلسطينيين، تستكمل إسرائيل انسحابها من المناطق العمرانية في غزة، في اليوم الذي يؤدي فيه باراك أوباما القسم بصفته الرئيس الـ 44 لـ الولايات المتحدة . يشارك آلاف الفلسطينيين في أربع تجمعات نظمتها “حماس ” للاحتفال بنهاية الحرب؛ تجوب الشوارع دوريات الشرطة التي تقودها “حماس”، دلالة على أن السيطرة على قطاع غزة ما تزال بيد الحركة. في 21 كانون الثاني/ يناير، تكون جميع القوات البرية الإسرائيلية قد انسحبت خارج القطاع.

– من فبراير إلى مايو 2009، تنعقد، بوساطة مصرية، محادثات تجمع “حماس ” و”فتح ” في البداية، ويشارك فيها لاحقاً 11 فصيلاً فلسطينياً أصغر (من بينها الجهاد الإسلامي ، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ). في 26 شباط/ فبراير، يتم تشكيل خمس لجان، جميعها برئاسة مصرية، من أجل التوصل إلى اتفاقات مفصّلة قبل نهاية شهر آذار/ مارس: (1) تشكيل حكومة وحدة وطنية؛ (2) إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية؛ (3) تعزيز المصالحة؛ (4) إعادة بناء أجهزة الأمن؛ (5) إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية . وتعقد اللجان أربع جولات محادثات: 10- 19 آذار، و1- 2 نيسان/ أبريل، و26- 28 نيسان، و16- 18 أيار/مايو. وبالإضافة إلى ذلك تنعقد عدة اجتماعات في القاهرة بين ممثلين عن “فتح” و”حماس” في الفترة ما بين نيسان وتموز/ يوليو. يحدّد المجتمعون 25 كانون الثاني/ يناير 2010 موعداً نهائياً لانتخابات جديدة (وهو استحقاق دستوري للرئاسة والمجلس التشريعي معاً)، لكن تبقى الاختلافات الجوهرية فيما بينهم حول بعض القضايا مثل: نظام الانتخابات البرلمانية، واستيفاء شروط اللجنة الرباعية لكي تعترف ببرنامج وحدة وطنية، وتشكيل حكومة جديدة وتوزيع الحقائب الوزارية فيها، وتوحيد الأجهزة الأمنية. ولسد الفجوة بخصوص برنامج الحكومة، تقترح مصر تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية، أو لجنة مشتركة تقتصر مهمتها على تنظيم الانتخابات والإشراف على إعادة إعمار غزة.

– مارس 2009، تستضيف مصر والنرويج مؤتمراً دولياً للمانحين في شرم الشيخ من أجل جمع الأموال لإعادة إعمار غزة . ومن بين الحضور: أمين عام الأمم المتحدة ، بان كي مون ، والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ، ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون . تتعهد خمس وسبعون دولة بتقديم أكثر من 4 مليارات دولار. وليس من الواضح إن كانت المبالغ الموعود به هي إعادة تخصيص للتعهدات السابقة لـ السلطة الفلسطينية أم أنه سيتم صرفها فعلياً، خاصة وأن معظم المانحين يطالبون بوضع آليات لضمان عدم استفادة “حماس ” من أموال المساعدات.

– القوى الغربية (تشمل الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والنرويج) التي تعهّدت في 16- 17 كانون الثاني/ يناير باتخاذ خطوات جدية للحد من تهريب الأسلحة إلى غزة ، تتبنى “برنامج عمل” خلال اجتماعها في لندن : يتضمن البرنامج تشارك المعلومات والمعلومات الاستخباراتية، واستخدام الضغط الدبلوماسي على البلدان التي تساعد “حماس “، والقيام بأنشطة عسكرية في البحر (اعتراض السفن المشتبه بها).

– يجتمع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، ويعيّن بعثة لتقصي الحقائق برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون من جنوب أفريقيا، للتحقيق في ادعاءات ارتكاب جرائم حرب في غزة. تغطّي ولاية البعثة ليس فقط سلوك الجنود الإسرائيلين، وإنما أيضاً سلوك المقاتلين الفلسطينيين. وكان مجلس حقوق الإنسان قد صوّت في 12 كانون الثاني/ يناير على قرار غير ملزم يدعو إلى إرسال بعثة دولية عاجلة لتقصي الحقائق للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل فقط. يوافق غولدستون على التكليف نظراً إلى توسيع ولاية البعثة.

– هيئة التحقيق المكلّفة بالنظر في حوادث الوفيات، والإصابات، والأضرار في مباني الأمم المتحدة في غزة ، خلال الحرب على غزة تقدّم تقريرها إلى الأمين العام، الذي يقوم بدوره بإرسال ملخّص عنه إلى أعضاء مجلس الأمن. (وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد شكّل الهيئة بتاريخ 11 شباط/ فبراير 2009). من بين الحوادث التسعة المكلَّفة بالتحقيق فيها، “وجدت الهيئة أن الحكومة الإسرائيلية كانت مسؤولة عن الوفيات والإصابات التي وقعت داخل مباني الأمم المتحدة، وعن الأضرار المادية التي لحقت بمباني الأمم المتحدة وممتلكاتها” وذلك في سبع حوادث (بما فيها الأضرار التي لحقت بمقر مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في مدينة غزة في 28 كانون الأول/ ديسمبر 2008، ومدرسة تابعة لـ الأونروا في جباليا في 6 كانون الثاني/ يناير 2009، والمكتب الميداني للأونروا في مدينة غزة في 15 كانون الثاني 2009). تعتبر الهيئة أن في هذه الحالات، “كان هناك انتهاك لحرمة مباني الأمم المتحدة.” وبخصوص الحادثتين المتبقّيتين، يقول التقرير أنه غير قادر على التوصل إلى استنتاج بخصوص مصدر إطلاق صاروخ ضرب مدرسة خان يونس في 29 كانون الأول 2008، الذي أدى إلى مقتل الحارس، وأن الأضرار التي لحقت بمستودع برنامج الغذاء العالمي عند معبر كارني سببها صاروخ أطلقه فصيل فلسطيني “كان من المفترض أن يصيب إسرائيل ولكنه سقط قبل بلوغ الهدف.”

– يبدو أن الإدارة الأميركية، بعد خطاب باراك أوباما في القاهرة ، مصرّة على تجميد الاستيطان كلياً. في 26 حزيران/ يونيو، يجتمع في إيطاليا ممثلو اللجنة الرباعية ووزراء خارجية مجموعة الثمانية ، ويصدرون بيانين منفصلين يؤيدون فيهما دعوة أوباما إلى التجميد الفوري للاستيطان، بما في ذلك النمو الطبيعي للمستوطنات. يحاول القادة الإسرائيليون إظهار النوايا الحسنة في واشنطن عبر طرح بدائل، من قبيل: تقليص عمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية ؛ إعطاء قوات الأمن الفلسطينية فسحة أكبر للقيام بدوريات في المنطقتين (أ) و (ب)؛ تخفيف القيود المفروضة على حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية؛ إزالة بعض حواجز الطرق (613 حاجزاً في 24 حزيران، مقابل 630 حاجزاً في 16 أيار/ مايو). يلتقي وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك ، جورج ميتشل في واشنطن في 30 حزيران، ثم في لندن في 6 تموز/ يوليو، ويعرض عليه المقترح التالي: تجميد بناء المستوطنات الجديدة في الضفة الغربية باستثناء القدس ، واستثناء أعمال البناء الجارية (ما يصل إلى 3,000 وحدة سكنية)، لمدة تتراوح ما بين 3 و 6 أشهر، مقابل اتخاذ العرب خطوات فورية (مثل السماح بتحليق الطائرات الإسرائيلية، والسماح للمواطنين الإسرائيليين بعبور المطارات، ومنح تأشيرات سفر للسياح والأكاديميين). في الاجتماعات التي تنعقد في الولايات المتحدة خلال الأسابيع الثلاثة التالية، ترفض الإدارة الأميركية العروض الإسرائيلية لعدم كفايتها.

– تطرد الشرطة الإسرائيلية (2 آب/ أغسطس 2008) عائلتين فلسطينيتين (52 شخصاً، بينهم 20 طفلاً) من بيوتهما في الشيخ جرّاح ، حيث كانتا تقيمان منذ أكثر من 50 عاماً. وفي 16 آب، يطرد المستوطنون اليهود فلسطينياً من منزله في سلوان . في 12 تشرين الأول/ أكتوبر، تهدم جرّافات الشرطة الإسرائيلية منزلاً فلسطينياً في بيت حنينا ، مما يتسبب بتشريد 5 فلسطينيين. وبعد خمسة أيام، تسلّم الشرطة الإسرائيلية أوامر بالإخلاء إلى ثلاث عائلات كبيرة العدد (58 شخصاً، بينهم 16 طفلاً) تسكن في 12 منزلاً. وفي 18 تشرين الأول، توزّع البلدية الإسرائيلية أوامر بالهدم على أصحاب 67 بيتاً فلسطينياً، على الأقل، في منطقة البستان في سلوان، حيث تعتزم إسرائيل توسيع متنزه. وفي 26 تشرين الأول، تطرد الشرطة الإسرائيلية عائلة من منزلها في صور باهر ثم تقوم بهدمه. وفي اليوم التالي، يتم هدم 3 منازل في عناتا ، وصور باهر ، وجبل المكبر . في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر، تطرد الشرطة الإسرائيلية عائلة من بيتها في بيت حنينا، ثم تهدمه، ويطرد المستوطنون اليهود ساكني أحد المنازل في الشيخ جراح. وفي 9 تشرين الثاني، تلصق السلطات الإسرائيلية أوامر بالهدم على جدران 15 بيتاً فلسطينياً في عين اللوزة، والبستان (في سلوان)، وحي اليمن في البلدة القديمة.

– أغسطس 2009، ينشئ القانون “مجلس سلطة الأراضي” ليحلَّ محل “إدارة أراضي إسرائيل ” التي تدير 93% من الأراضي داخل إسرائيل (بما فيها أراضي الدولة و”أملاك الغائبين”). يمنح القانون الجديد مجلس سلطة الأراضي صلاحية خصخصة بعض الأراضي الخاضعة لسيطرة الدولة (باستثناء الأراضي التي يسيطر عليها الصندوق القومي اليهودي والمحجوزة لصالح اليهود فقط).

– يظهر خلال اجتماع بين المبعوثين الإسرائيليين ومسؤولين أميركيين في واشنطن في 19 آب/ أغسطس 2009، أن الإدارة الأميركية تقبل استثناء أعمال البناء الجارية من التجميد. وخلال الاجتماع مع جورج ميتشل في لندن في 26 آب، يقترح بنيامين نتنياهو تجميداً لمدة 9 أشهر، يستثني القدس وأعمال البناء الجارية. ومن دون الموافقة على العرض الإسرائيلي، تبدي الولايات المتحدة استعداداً للمساومة، مثل مناقشة فكرة التجميد الموقت. الأمر الذي يجعل نتنياهو يجرؤ على إعطاء إشارة بالموافقة (4 أيلول/ سبتمبر) على بناء 455 وحدة سكنية جديدة في الضفة الغربية ، وهي خطوة يتخذها إيهود باراك رسمياً في 7 أيلول. وبعد الاجتماع الفاشل في نيويورك (22 أيلول) بين باراك أوباما عن “خيبة أمله” من تحوّل مسألة المستوطنات إلى عامل تشتيت عن قضايا الوضع النهائي الأكثر أهمية، وبالتالي يعترف بهزيمته الشخصية أمام إسرائيل، وبمحاولته جعل الفلسطينيين يتنازلون عن شروطهم من أجل استئناف محادثات السلام.

– تصدر حكومة السلطة الفلسطينية برئاسة سلام فيّاض خطة “إنهاء الاحتلال، وبناء الدولة” المكونة من 65 صفحة، لتكريس فترة الـ 24 شهراً المقبلة حتى نهاية 2011، من أجل بناء وتطوير البنية التحتية، والمؤسسات الحكومية، والخدمات العامة، والمحفّزات الضريبية للمستثمرين من الخارج. باعتماده مقاربة “من الأسفل إلى الأعلى” كهذه، وإيجاد حقائق على أرض الواقع (ومن ضمنها تنفيذ مشروعات إنمائية كبرى في المنطقة ج )، ينوي فيّاض إقامة دولة أمر واقع فلسطينية قابلة للحياة، في غضون عامين، سيكون من شأنها حشد دعم دولي كبير يؤدي إلى الضغط من أجل تحويل الاعتراف بدولة الأمر الواقع الفلسطينية سنة 2011 إلى دولة بحكم القانون، في حال فشلت جهود منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في التوصّل إلى حل عن طريق التفاوض. تحظى خطة فياض بتأييد كامل من اللجنة الرباعية ، التي تصدر بياناً مشتركاً في نيويورك في 24 أيلول/ سبتمبر تعلن فيه أنها “ترحّب بخطة السلطة الفلسطينية لبناء مؤسسات دولة فلسطينية في غضون أربعة وعشرين شهراً كدليل على التزام السلطة الفلسطينية الجاد بإقامة دولة مستقلة.” بينما يحذّر القادة الإسرائيليون الفلسطينيين من اتخاذ خطوات أحادية الجانب.

– تقدّم مصر في 9 أيلول/ سبتمبر رؤيتها للتقريب بين مواقف حركتي “حماس ” و”فتح “. تغطي الرؤية المسائل التالية: النظام الانتخابي (التمثيل النسبي في انتخابات المجلس الوطني ؛ النظام المختلط في انتخابات المجلس التشريعي ، 75% من المقاعد وفقاً لقوائم حزبية على المستوى الوطني، و25% وفقاً للدوائر الانتخابية)؛ إصلاح الأجهزة الأمنية في كلّ من الضفة الغربية وغزة ، واستيعاب 3,000 من موظفي الأمن في غزة كبداية؛ تشكيل لجنة مشتركة للتحضير للانتخابات، ومتابعة إعادة الإعمار في غزة، وتنفيذ برنامج المصالحة (على الرغم من أنه لم تنشر أي تفاصيل عن برنامج المصالحة)؛ الإفراج عن المعتقلين لدى “فتح” و”حماس”. في 10 تشرين الأول/ أكتوبر، تصيغ مصر مسودة “اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني، القاهرة 2009 ” وتُمهل الطرفين حتى 15 تشرين الأول للتوقيع المبدئي عليها، وتحدّد 25-26 تشرين الأول موعداً أولياً للاجتماع في القاهرة ، بهدف التوقيع الرسمي. (وهذا سوف يعطي السلطة الفلسطينية على الأقل 90 يوماً للتحضير لانتخابات كانون الثاني/ يناير 2010، مع أن مسودة الاتفاقية تحدد تاريخ 28 حزيران/ يونيو موعداً للانتخابات.) توقّع “فتح” مبدئياً على الورقة المصرية في 15 تشرين الأول، في حين أن “حماس” تتخلّف عن التوقيع، الأمر الذي يثير انتقادات مصرية للحركة (18 تشرين الأول). في 24 تشرين الأول، يوقّع محمود عباس مرسوماً يحدّد موعد الانتخابات في 24 كانون الثاني 2010، ويعلن في اليوم التالي أنه على استعداد لتأجيل الانتخابات إلى 28 حزيران/ يونيو 2010 إذا وقّعت “حماس” على اتفاقية الوفاق الوطني. لا تقوم مصر بأي جهود جدية للمصالحة خلال الأشهر التالية.

– تندلع أعمال العنف في البلدة القديمة في القدس باشتباك فلسطينيين، غاضبين من دعوات المتطرفين اليمينيين اليهود إلى إقامة صلاة يوم الغفران في حرم المسجد الأقصى ، مع الشرطة الإسرائيلية في القدس الشرقية ، حيث يرمي الفلسطينيون الحجارة، وزجاجات المولوتوف، والقمامة، وتردّ قوات الأمن الإسرائيلية بإطلاق الغاز المسيّل للدموع، والرصاص المطاطي، والقنابل الصوتية. يُصاب ما لا يقل عن 38 فلسطينياً، و18 من عناصر الأمن الإسرائيليين، ويتم اعتقال 11 فلسطينياً. تستمر الاشتباكات بين الفلسطينيين واليهود في القدس الشرقية خلال اليومين التاليين، وتعتقل الشرطة الإسرائيلية 50 فلسطينياً آخرين. تندلع الاشتباكات من جديد في 4 تشرين الأول/ أكتوبر، وتطلق شرارتها إشاعات بأن السلطات الإسرائيلية تخطط للسماح للمستوطنين اليهود بدخول حرم المسجد الأقصى بمناسبة عيد المظلة (السوكوت بالعبرية، ويعرف أيضاً بـ “عيد العرش”). وبينما يقوم قرابة 200 فلسطيني داخل حرم المسجد، و150 آخرين تقريباً عند محيطه، بمنع مئات المستوطنين اليهود من الوصول إلى الحرم، تحاول قوات الأمن الإسرائيلية إحكام إغلاق الموقع المقدس والبلدة القديمة. ويصاب عشرات الفلسطينيين بجروح. وتفيد التقارير بوقوع اشتباكات طفيفة في حيّي رأس العامود والطور . في 5 تشرين الأول، تقع عدة حوادث، معظمها شجار بين فلسطينيين وجنود إسرائيليين عند نقاط التفتيش على الطرق المؤدية إلى داخل القدس . تقع حوادث مشابهة بين الجنود والفلسطينيين في حرم المسجد الأقصى في 25 تشرين الأول، تؤدي إلى جرح 30 فلسطينياً و9 من رجال الشرطة الإسرائيلية.

– توافق وزارة الداخلية الإسرائيلية على خطة لبناء 900 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة جيلو . يسارع البيت الأبيض ، عقب الإعلان عن المشروع، إلى انتقاد ليس فقط مشروع جيلو، وإنما “استمرار نهج إخلاء، وتدمير، بيوت الفلسطينيين” في القدس الشرقية.

– يعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن إيقاف إعطاء الموافقات على بناء وحدات سكنية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية لمدة 10 أشهر (أي حتى 26 أيلول/ سبتمبر 2010)، مع استمرار أعمال البناء في القدس الشرقية ، وأعمال بناء 2,900 وحدة سكنية قيد الإنشاء في الضفة الغربية (تقريباً عدد الوحدات التي يتطلّب بناؤها عادة مدة 10 أشهر)، وبناء “المباني العامة الضرورية للحياة الطبيعية” (المدارس، والكُنس على سبيل المثال) في الضفة الغربية. في اليوم نفسه، ترحّب الولايات المتحدة بهذه الخطوة “المهمة” على الرغم من أنها، جوهرياً، هي الاقتراح نفسه الذي تم طرحه في حزيران/ يونيو- تموز/ يوليو، والذي كانت الولايات المتحدة قد رفضته في حينه لكونه غير كافٍ.

– بعد يوم واحد على إعلان التجميد المؤقت والجزئي للاستيطان، توافق حكومة بنيامين نتنياهو على بناء 28 مبنى عاماً وتعليمياً في مستوطنات تقع في الضفة الغربية . وفي 29 تشرين الثاني/ نوفمبر، تمنح تصريحاً لبناء 29 وحدة سكنية في مستوطنة كيدار جنوب القدس ، وفي 2 كانون الأول/ ديسمبر، تسمح ببناء 84 مبنى جديداً في مستوطنات الضفة الغربية، بحجة أن الموافقة على البناء صدرت قبل قرار التجميد. وقد تسابق المستوطنون، كما يصرّح قادتهم في 30 تشرين الثاني، على مدى الأشهر الماضية على وضع أكبر عدد ممكن من أساسات البناء، متوقعين أن قرار التجميد سوف يُفرض في نهاية المطاف. ينظّم المستوطنون أعمال احتجاج ضد التجميد، ويؤكّد لهم نتنياهو (10 كانون الأول) أنه قرار موقت وحسب، وأن أعمال البناء سوف تتسارع عندما ينتهي التجميد. وفي مبادرة جديدة تجاه المستوطنين، توافق الحكومة الإسرائيلية (15 كانون الأول) على تغيير خريطة المناطق ذات الأولوية الوطنية كي تشمل عدة مستوطنات في الضفة الغربية، ما يعني أن هذه المناطق الجديدة، التي يعيش فيها قرابة 100,000 مستوطن يهودي، سيكون لها الحق بتمويل إضافي من الحكومة. في 28 كانون الأول، تعلن إسرائيل الموافقة على بناء 692 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات هار حوما ، والنبي يعقوب ، وبسغات زئيف في القدس. وفي 5 كانون الثاني/ يناير 2010، توافق على بناء 24 وحدة سكنية في جبل الزيتون ، تصل المناطق الإسرائيلية ما بين جبل المشارف وجبل الزيتون ببعضها البعض، لتصبح البلدة القديمة محاطة تماماً بالمستوطنات اليهودية.

– فبراير 2010، تعلن الحكومة الإسرائيلية أن قبر البطاركة (المسجد الإبراهيمي ) في الخليل ، وقبر راحيل في بيت لحم ، هما جزء من مواقع التراث الوطني لإسرائيل، وتخصّص أموالاً لصيانتهما وإصلاحهما، فتضيف بذلك عقبة جديدة أمام الجهود التي تقودها الولايات المتحدة من أجل استئناف مفاوضات الوضع النهائي. تعبّر الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي ، والأمم المتحدة ، والدول العربية عن قلقها من هذه الخطوة. وتقع اشتباكات بين المتظاهرين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي في الخليل (22- 25 شباط/ فبراير).

– مارس 2010، في اليوم الذي يصل فيه نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إسرائيل (8 آذار/ مارس)، تعلن السلطات الإسرائيلية موافقتها على بناء 112 وحدة سكنية استيطانية جديدة في مستوطنة بيتار عيليت في الضفة الغربية . وفي اليوم التالي، يعلن وزير الداخلية الإسرائيلية إلياهو يشاي الموافقة على بناء 1,600 وحدة استيطانية جديدة في رامات شلومو في القدس الشرقية . تعتبر الولايات المتحدة القرار إهانة مباشرة، سواء في المضمون أو التوقيت. وفي 11 آذار، يوم مغادرة بايدن إسرائيل، يقدّم بنيامين نتنياهو اعتذاراً عن “التوقيت المؤسف” لا عن خطة البناء نفسها. وفي الوقت ذاته، تعلن بلدية القدس خطط البناء في المستوطنات الواقعة شرق وجنوب القدس: 3,000 وحدة في كل من جيلو وجفعات متوسيم ، و1,500 وحدة في كل من هار حوما وبسغات زئيف ، و1,200 وحدة في راموت ، و600 في أرمونا نتسيف ، و450 في النبي يعقوب ، و144 في جبل الزيتون . استياء الولايات المتحدة والعرب من خطة رامات شلومو يجعل من المستحيل على بايدن إعلان بدء المحادثات عن قرب بين الإسرائيليين والفلسطينيين خلال زيارته.

– في خضمّ التصريحات الإسرائيلية المتحدّية بخصوص استمرار الأنشطة الاستيطانية في القدس ، ومع الانتقادات الموجهة من أعضاء في الكونغرس إلى الإدارة الأمريكية بأنها تتخذ خطاً شديد القسوة ضد إسرائيل، يشاور بنيامين نتنياهو حكومته (26- 29 آذار/ مارس) بشأن مسودة الخطة التي قد يقدّمها إلى الولايات المتحدة ، من دون التوصل إلى اتفاق، على ما يبدو. ولم ترد أي أخبار عن تقديم أي خطة طوال شهر نيسان/ أبريل، إذ يظهر أن الولايات المتحدة تتخلى عن مطالبها من إسرائيل (يتجلّى ذلك،على سبيل المثال، في تصريح باراك أوباما في 13 نيسان بأن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تفرض الحلول على الأطراف). ولكن، من الممكن أن تكون إسرائيل قد قدمت تعهدات غير معلنة إلى الولايات المتحدة، بغضّ النظر عما إذا كانت مرضيَة فعلاً من وجهة نظر الفلسطينيين: عدم البدء بأعمال البناء في رامات شلومو قبل مرور عامين؛ تسهيل القيود على الاستيراد في غزة ؛ إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين؛ اتخاذ خطوات لتعزيز الاقتصاد الفلسطيني. كما تقدّم الولايات المتحدة تطمينات إلى الجانب الفلسطيني لتجديد قبوله بإجراء محادثات عن قرب التي تعثّر إطلاقها بسبب خطة رامات شلومو.

– من أجل كسر الحصار على غزة، يغادر قبرص متجهاً إلى غزة أسطول من 6 سفن، اشترتها أو استأجرتها حركة غزة الحرة، ومقرها الولايات المتحدة، بالتعاون مع هيئة الإغاثة الإنسانية التركية، في 30 أيار/ مايو 2010، وهذه السفن محمّلة بالمساعدات الإنسانية. وخلال الليل، تحاول قوات كوماندوز تابعة للبحرية الإسرائيلية، الاستيلاء على السفينة الرئيسية، مافي مرمرة، في المياه الدولية، وتطلق النار على ركابها، الذين يحاولون الدفاع عن أنفسهم باستخدام أدوات مرتَجلة للطعن وسكاكين، مما يعثرون عليه على متن السفينة. فيقتل 9 ناشطين أتراك (وسوف يفارق الحياة ناشط عاشر في أيار 2014 بعد أربع سنوات من الغيبوبة)، ويُجرح 53 ناشطاً من جنسيات مختلفة، و7 جنود إسرائيليين. في اليوم التالي، يتم اقتياد السفينة، مع السفن الخمس الأصغر الأخرى، نحو ميناء إسدود. يُعتقل أكثر من 600 ناشط، ويتم ترحيلهم في غضون الأيام القليلة التالية. ومن بين ركاب السفينة مرمرة الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في إسرائيل، وحنين الزعبي عضو الكنيست من حزب حزب التجمع الوطني الديمقراطي. وفي 3 حزيران/ يونيو، سفينة سابعة، تحمل العلم الإيرلندي، اسمها راشيل كوري، تغادر قبرص محمّلة بالمساعدات وعلى متنها شخصيات عالمية (من بينهم برلمانيون أوروبيون، ودبلوماسيون سابقون). وبنفس الطريقة، تسيطر إسرائيل على السفينة (5 حزيران)، بعد الحصول على الإذن من إيرلندا، وتقتادها إلى إسدود.

– يلقى العمل العسكري الإسرائيلي ضد سفينة مافي مرمرة إدانة واسعة. وتجري احتجاجات شعبية في جميع أنحاء العالم. تستدعي تركيا (31 أيار/ مايو) سفيرها في إسرائيل، وكذلك تفعل جنوب أفريقيا (3 حزيران/ يونيو). وتندّد الحكومات العربية والأوروبية بالإجراء الإسرائيلي. ويصف الاتحاد الأوروبي (31 أيار) حصار غزة المستمر بأنه “أمر غير مقبول، ويؤدي إلى نتائج عكسية سياسياً.” وفي اليوم نفسه، تعرب الإدارة الأميركية عن أسفها لوقوع خسائر في الأرواح وتقول أن الولايات المتحدة “تشعر بالقلق الشديد إزاء معاناة المدنيين في غزة.” إن أكثر ما يقلق الولايات المتحدة هو كيف تمنع تلك الحادثة من عرقلة الجهود التي تبذلها لعقد المحادثات عن قرب.

– تحت الضغوط الدولية، وبعد مشاورات على مستو عال بين الولايات المتحدة وإسرائيل، تعلن الأخيرة في 8 حزيران/ يونيو أنها، لأسباب إنسانية، ستخفّف الحصار الذي تفرضه على غزة . وتسمح، للمرة الأولى منذ حزيران 2007، بدخول بعض السلع كالمربى، والعصير، والتوابل، وشفرات الحلاقة إلى غزة. في 9 حزيران، يقترح باراك أوباما خطة أكثر جدية: بدلاً من فرض حظر شامل على جميع الواردات إلى غزة، ووضع قائمة بالعناصر المسموح بها، يتم رفع الحصار ووضع قائمة تحدّد بالضبط المواد المحظورة. توافق إسرائيل في النهاية على هذا الاقتراح، في 20 حزيران، وتعِد أيضاً بأنها ستسمح بإدخال حجم أكبر من البضائع. ولكن، إضافة إلى الحظر المفروض على التجهيزات العسكرية، تصدر إسرائيل في 5 تموز/ يوليو قائمتين بما يسمّى السلع ذات الاستخدام المزدوج (أي السلع المدنية التي قد تُستخدم لأغراض عسكرية). السلع الموجودة في القائمة الأولى (مثل الأسمدة، وألياف الكربون، ومواد تعقيم المياه) لا يُسمح بنقلها إلى غزة؛ والقائمة الثانية تضم سلع البناء المسموح بها فقط إن كانت تخصّ المشاريع التي يشرف عليها المانحون الدوليون بشكل مباشر (ومنها، الإسمنت، والفولاذ، ومواد العزل الحراري).

– تمنح اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء في القدس ، في 21 حزيران/ يونيو 2010، موافقتها الأولية على ضم وهدم 22 منزلاً فلسطينياً في سلوان ، والمضي قدماً في مشروع إنشاء متنزّه أثري، وحي يهودي مكون من 1,000 وحدة سكنية، ومنطقة سياحية في الحي الذي يعيش فيه 400 مستوطن بين 30,000 فلسطيني. وبالكاد تنتقد الإدارة الأميركية هذا القرار، واصفة إياه بأنه يشكل “بصراحة، نوعاً من الخطوات التي نعتقد أنها تقوض الثقة الضرورية لإحراز تقدّم في المحادثات عن قرب.” وأيضاً في 21 حزيران، تبدأ إسرائيل بعملية تجريف واسعة النطاق للأراضي الواقعة بين بسغات زئيف والنبي يعقوب من أجل بناء 600 وحدة سكنية جديدة، سبق أن تمت الموافقة عليها في 2009 بهدف ربط المستوطنتين. وفي 27 حزيران، تبدأ إسرائيل ببناء 20 وحدة سكنية يهودية أخرى في موقع فندق شيبرد في حي الشيخ جرّاح ؛ وبعد ثلاثة أيام، توافق اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء في القدس على بناء 1,400 غرفة فندقية جديدة في جبل المكبر في القدس الشرقية ، في حين يتم تجريف 200 دونم من أراضي قرية العيساوية من أجل إقامة حديقة عامة. وتنتهي مظاهرة فلسطينية في 27 حزيران، بوقوع اشتباكات بين الفلسطينيين، والمستوطنين، والشرطة الإسرائيلية في سلوان، تخلّف على الأقل 11 جريحاً فلسطينياً و6 جرحى من رجال الشرطة.

– سبتمبر 2010، ينضم الملك الأردني عبد الله والرئيس حسني مبارك إلى باراك أوباما ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والرئيس محمود عباس في البيت الأبيض عشيّة افتتاح المحادثات الإسرائيلية- الفلسطينية مجدداً. تبدأ المحادثات في 2 أيلول/ سبتمبر في مقر وزارة الخارجية بكلمة افتتاحية لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون . وعلى الرغم من قولها إن السلام “يصبّ في المصالح الأمنية الوطنية لـ الولايات المتحدة ” إلا أنها تستطرد قائلة “لكننا لا نستطيع، ولن، نفرض حلاً،” ما يعني أنه لن تُمارس أي ضغوط على الجانب الإسرائيلي. وخلال اجتماعهما المغلق، يتّفق الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني على أن تكون تفاصيل المحادثات سرية، ويُكلّف جورج ميتشل ، لكونه المبعوث الخاص للإشراف على العملية، بدور الناطق الرسمي. وبهذه الصفة، يقدّم ميتشل تقارير تفيد بأن الزعيمين قد قرّرا العمل من أجل التوصّل إلى “اتفاقية إطار” تحدّد بالتفصيل “التنازلات التي يجب أن يكون كل طرف على استعداد لتقديمها” لتحقيق السلام كخطوة أولى، قبل محاولة التوصل إلى معاهدة سلام شامل. يتعهّد عباس ونتنياهو بالاجتماع مرة أخرى في 14 أيلول في شرم الشيخ، وبعد ذلك مرة كل أسبوعين.

– يحتفل المستوطنون بانتهاء التجميد الجزئي والموقّت للاستيطان، ويستعدّون لإطلاق مشاريع بناء جديدة، فيجهّزون معدّات البناء في عدد من المستوطنات في الضفة الغربية . يتم وضع أساسات البناء لـ 600 وحدة سكنية تقريباً في 36 مستوطنة على الأقل بحلول يوم 20 تشرين الأول/ أكتوبر- أي أربعة أضعاف وتيرة تأسيس المساكن خلال العامين الماضيين. ويُتوقّع أن يصل عدد الوحدات السكنية التي سوف تشيّدها إسرائيل خلال سنة 2010 إلى 3,000 وحدة- ما يعادل مجموع الوحدات السكنية التي تم بناؤها خلال 2006- 2008. وبالإضافة إلى ذلك، تعلن إسرائيل (15 تشرين الأول) عن خطة لبناء 238 وحدة سكنية استيطانية جديدة في مستوطنتي بسغات زئيف وراموت في القدس الشرقية . وفي 8 تشرين الثاني/ نوفمبر، تعلن إسرائيل عن خطة للمضي قدماً في بناء 1,300 وحدة جديدة في القدس الشرقية (978 في هار حوما / جبل أبو غنيم ، 320 في راموت) وتصدر تراخيص لبناء 800 وحدة في مستوطنة أريئيل في الضفة الغربية.

– عقب الأنباء عن حزمة التعويضات الأميركية لإسرائيل، واجتماع محمود عباس مع جورج ميتشل، في 30 أيلول/ سبتمبر 2010، تجتمع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في رام الله، في 2 تشرين الأول/ أكتوبر، وتصدر بياناً تؤكد فيه أنه يجب ألا تستمر المفاوضات المباشرة ما لم تتوقف أعمال البناء الإسرائيلية الاستيطانية، متّهمة إسرائيل باستخدام المفاوضات كغطاء لتوسيع المستوطنات. وفي 8 تشرين الأول، تعلن لجنة المتابعة في الجامعة العربية عن تأييدها لوقف المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية المباشرة، حتى تتوقف أعمال البناء الإسرائيلية، وتمهل واشنطن شهراً إضافياً للحصول من إسرائيل على قرار وقف الاستيطان. وسوف تنتظر لجنة المتابعة لغاية 15 كانون الأول/ ديسمبر حتى تعلن دعمها، إلى أجل غير مسمى، تعليق المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية المباشرة، إلى أن تقدّم الولايات المتحدة عرضاً جدياً من أجل السلام.

– من مارس إلى أغسطس 2011، تمنح السلطات الإسرائيلية في القدس موافقتها النهائية على بناء 14 وحدة سكنية في رأس العامود ، القدس الشرقية (2 آذار/ مارس). وفي 13 آذار، توافق الحكومة الإسرائيلية على بناء ما يصل إلى 500 وحدة استيطانية في الضفة الغربية، في أريئيل، وغوش عتصيون، وكريات سيفر، ومعاليه أدوميم، وموديعين عيليت. وفي 18 تموز/ يوليو ، تتم الموافقة على 900 وحدة جديدة في مستوطنة جيلو في القدس، وتُطرح مناقصات لبناء 294 وحدة في مستوطنة بيتار عيليت في القدس، ومستوطنة كارني شمرون قرب نابلس . وفي القدس الشرقية، تُعطى الموافقة النهائية على بناء 930 وحدة في مستوطنة هار حوما / جبل أبو غنيم (في 4 آب/ أغسطس)، وبناء 1,600 وحدة في رامات شلومو (في 11 آب).

– مارس 2011، يُقرّ الكنيست قانون أسس الميزانية (المعروف شعبياً باسم “قانون النكبة”)، الذي يسمح للحكومة بتخفيض، أو إلغاء، تمويل مؤسسات أو جمعيات، أو أي هيئات أخرى، تشارك في أنشطة تشكّك بتعريف إسرائيل “كدولة يهودية وديمقراطية” وتحيي “يوم استقلال إسرائيل كيوم حداد” وتمسّ برموز إسرائيل القومية.

– يُقرّ الكنيست التعديل 3 على قانون الأراضي لعام 1960، الذي يحظر بيع، أو تأجير، أو نقل ملكية الأراضي لمدة تزيد عن خمس سنوات لـ “أجنبي” أو كيان بنوب عن أجنبي. ويعرّف التعديل الأجنبي بأنه كل من ليس مواطناً إسرائيلياً أو مقيماً شرعياً، أو من لا يحق له الهجرة إلى إسرائيل بموجب قانون العودة لعام 1950. ويهدف التعديل إلى منع الفلسطينيين في إسرائيل من توريث أو نقل ملكية أراضيهم إلى أقاربهم المقيمين في الخارج.

– يؤكد محمود عباس ، في مقال في صحيفة “نيويورك تايمز”، عن وجود خطط لطرح مشروع قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر 2011 من أجل الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 ، وقبول فلسطين كعضوٍ كامل العضوية في الأمم المتحدة. ويبرّر هذا المسعى نحو التدويل بأنه حقّ، وخطوة ناتجة عن فشل المفاوضات، ويبيّن أنه في حال قبولها سوف تدخل دولة فلسطين في هذه المفاوضات “من موقع الدولة العضو في هيئة الأمم المتحدة التي تخضع أراضيها للاحتلال العسكري من قبل دولة أخرى،” وليس “باعتبارنا شعباً مهزوماً يبدي استعداده لقبول أية شروط تُفرض عليه.”

– من أجل تفادي تقديم طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة، والفيتو الأمريكي في مجلس الأمن، يُعاد تنشيط الجهود الدبلوماسية بغية جلب الجانب الفلسطيني إلى طاولة المفاوضات. يزور وزير الخارجية الفرنسي، ألان جوبيه ، المنطقة في 2 حزيران/ يونيو، ويدعو الجانبين إلى استئناف المحادثات وفق شرطين: رؤية أوباما لحل الدولتين على أساس حدود عام 1967 ، مع تبادل للأراضي متَّفق عليه؛ إمتناع الطرفين عن خلق وقائع على الأرض (يعلّق الفلسطينيون مبادرتهم في الأمم المتحدة، ويعلّق الإسرائيليون البناء الاستيطاني). توافق القيادة الفلسطينية على مناقشة المقترح؛ ويحجم الإسرائيليون عن إعطاء ردّ. ويحاول الاتحاد الأوروبي عقد اجتماع لـ اللجنة الرباعية لصياغة إعلان يكون أساساً لمواصلة المفاوضات. وتعرض الإدارة الأميركية، بالتنسيق مع الحكومة الإسرائيلية، على بقية أعضاء الرباعية، مشروع إعلان (11 تموز/ يوليو) شديد الالتباس، ومؤيّد لإسرائيل، بحيث لم تستطع الرباعية الموافقة عليه.

– يصدر، في 30 أيار/ مايو 2010، تقرير لجنة بالمر التابعة للأمم المتحدة، التي تشكّلت في 2 آب/ أغسطس 2010 للتحقيق في الهجوم الإسرائيلي على أسطول المساعدات التركي المتوجّه إلى غزة . ويخلص التقرير إلى أن لإسرائيل الحق القانوني بفرض حصار بحري على غزة، وشنّ الهجوم المسلّح على سفينة مافي مرمرة، ولكنه يلوم الجنود الإسرائيليين لاستخدامهم القوة “المفرطة واللا منطقيّة” في مواجهة المحتجّين. ويحثّ إسرائيل على “الاعتذار” عن سقوط قتلى، ودفع التعويضات لعائلاتهم. ويذكر التقرير أن “إسرائيل تواجه تهديدات أمنية حقيقية من قبل جماعات مسلحة في غزة” ولهذا فإن الحصار البحري “إجراء أمني مشروع” ويتماشى مع القانون الدولي. كما يذكر أن الجنود الإسرائيليين واجهوا “مقاومة منظمة وعنيفة” من مجموعة من الركاب، وأن “هناك تساؤلات جديّة حول سلوك منظمي القافلة، وطبيعتهم الحقيقية، وأهدافهم.” ورداً على ذلك، تسارع تركيا إلى طرد السفير الإسرائيلي، وتعلّق الاتفاقيات العسكرية مع إسرائيل، وتقول إن العلاقات لن تعود إلى طبيعتها ما لم تعتذر إسرائيل وترفع الحصار عن غزة.

– سبتمبر 2011، في اجتماع بين رئيس منظمة التحرير الفلسطينية  محمود عباس ووزراء خارجية الدول العربية في القاهرة في 12 أيلول/ سبتمبر، يحاول الوزراء إقناع عباس أن يقدم طلباً للحصول على صفة عضو مراقب (غير كامل العضوية) لدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة تجنباً للمواجهة مع الولايات المتحدة . ويلي ذلك اجتماع بين مبعوثين أميركيين وعباس في رام الله في 15 أيلول، يعتبره عباس “مهيناً”. وفي نيويورك ، يفشل اجتماعا اللحظات الأخيرة مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي (20 أيلول)، ومع الرئيس الأميركي باراك أوباما (22 أيلول)، في ثني عباس عن تقديم الوثائق لنيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة في 23 أيلول. ويلقى طلبه، وخطابه في الجمعية العامة تأييداً شعباً واسعاً.

– يتكّون الطلب الفلسطيني المقدَّم إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ، للانضمام إلى الأمم المتحدة، من ثلاث وثائق موقَّعة من قبل محمود عباس بصفته رئيساً لدولة فلسطين ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، هي: رسالة الطلب، وتصريح يؤكد بأن دولة فلسطين تقبل الالتزامات المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، ورسالة مرفقة تؤكد أن الطلب “يأتي منسجماً مع حقوق اللاجئين الفلسطينيين التي يكفلها القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما في ذلك قرار الجمعية العامة 194 (د.3) (1948)، ومع مركز منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.” وتم إجراء هذا التأكيد رداً على المخاوف الكبيرة (التي أثارها عدد من المثقفين الفلسطينيين وخبراء القانون الدولي) من تأثير الاعتراف بالدولة على حقوق الفلسطينيين في الشتات، وخصوصاً اللاجئين.

– تتخذ الحكومة الإسرائيلية خطوتين كبيرتين من شأنهما فصل بيت لحم عن القدس: تعلن (في 27 أيلول/ سبتمبر) عن خطة لبناء 1,100 وحدة سكنية في جيلو جنوب القدس الشرقية بالقرب من بيت لحم، وتصادق (في 14 تشرين الأول/ أكتوبر) على خطة رسمية لبناء مستوطنة يهودية جديدة بالكامل، مكونة من 2,610 وحدة سكنية، تدعى جفعات هماتوس . وكان مشروع جفعات هماتوس قد صُمم منذ عدة سنوات، ويعدّ أول مستوطنة مرخَّصة جديدة في القدس الشرقية منذ عام 1997، عندما بدأ بناء مستوطنة هار حوما / جبل أبو غنيم . ويتطلّع المشروع إلى بناء 4,000 وحدة سكنية على ثلاث مراحل، من بينها 2,610 وحدة في المرحلة الأولى. وبعد قبول اليونسكو طلب عضوية فلسطين، تصدر إسرائيل أوامر (1 تشرين الثاني/ نوفمبر) بتسريع بناء 2,000 وحدة سكنية في هار حوما/ جبل أبو غنيم، وفي مستوطنتي إفرات ومعاليه أدوميم في الضفة الغربية .

– يحوَّل الطلب الفلسطيني إلى لجنة مجلس الأمن الدائمة المعنية بقبول طلبات الأعضاء الجدد (التي تضم ممثلاً عن كل دولة من الدول الأعضاء في مجلس الأمن) من أجل مراجعته. وتقدم اللجنة الدائمة تقريراً في 8 تشرين الأول/ أكتوبر تفيد فيه بأن الأعضاء غير قادرين على التوصل إلى توافق في الآراء، ولهذا فهم غير قادرين على تقديم توصية بالإجماع. لا تدفع القيادة الفلسطينية نحو التصويت في مجلس الأمن (قبول الأعضاء الجدد رهن بتبني قرار يوصي بالقبول في الجمعية العامة) إذ يبدو أنها لا تستطيع تأمين الموافقة بأغلبية 9 أعضاء، ما يجعل الفيتو الأميركي غير ضروري. وبهذا يكون الطلب منتهٍ فعلياً.

– أكتوبر 2011، يصوّت المجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو المكوَّن من 58 عضواً (بموافقة 40، واعتراض 4، وامتناع 14) على إعطاء الفلسطينيين الموافقة الأولية على ترقية وضعهم في المنظمة من صفة مراقب (التي حصلوا عليها منذ عام 1975) إلى العضوية الكاملة. في 31 تشرين الأول/ أكتوبر، يؤكد المؤتمر العام لليونسكو، المنعقد بمشاركة 193 عضواً، قرار منح العضوية الكاملة (بتصويت 107 مع الموافقة، واعتراض 14، وامتناع 52، وغياب 20). في هذا التصويت النهائي، تصوّت 11 دولة من الاتحاد الأوروبي (بينها فرنسا ) لصالح القرار، و5 دول (بينها ألمانيا ) ضده، وتمتنع 11 دولة (بينها بريطانيا ). وتصوّت الولايات المتحدة ضد القرار. بالنسبة إلى إدارة أوباما ، يستوجب القانون الأميركي الساري (أقرّ عامي 1990 و1994) أن تقطع الولايات المتحدة (التي تسهم بنسبة 22% من ميزانية اليونسكو) جميع مساهمتها في اليونسكو (الاشتراكات والتبرعات) إذا أُعطي الفلسطينيين العضوية الكاملة في المنظمة.

– تعلن إسرائيل التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى مع “حماس ” التي ستطلق سراح الجندي الإسرائيلي المختطَف جلعاد شاليط مقابل تحرير 1,027 أسيراً فلسطينياً تقريباً على مرحلتين: (1) في غضون أسبوع، إطلاق سراح 450 فلسطينياً تقريباً وترحيل شاليط إلى مصر ؛ (2) وفي غضون شهرين، الإفراج عن ما يقارب 550 أسيراً متبقيّاً. سوف يكون من بين هؤلاء المحرَّرين 315 من المحكومين بالسجن المؤبد، و27 مرأة، وعدد من الفلسطينيين حاملي الجنسية الإسرائيلية. وسوف يتم إبعاد 200 أسيراً تقريباً من الضفة الغربية إلى الخارج أو إلى غزة . (بعضهم سوف يسمح له بالعودة إلى الضفة الغربية بعد ثلاث سنوات.)

– توقف إسرائيل تحويل أموال ضرائب القيمة المضافة التي تحصّلها بالنيابة عن السلطة الفلسطينية، كعقوبة، فيما يبدو، للفلسطينيين بسبب فوزهم بعضوية اليونسكو. وتعاود تحويل هذه الأموال في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر، عندما يتّضح أن القيادة الفلسطينية لن تضغط من أجل قبول عضويتها في هيئات أخرى في الأمم المتحدة، وأن حكومة الوحدة الوطنية مع “حماس ” لن تتشكّل.

– ديسمبر 2011، يقرّ المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي بأن إسرائيل تخطّط لنقل 2,000 شخص تقريباً من البدو من 20 تجمعاً بدوياً في التلال الواقعة شرق القدس (في المنطقة ج )، لتمهيد الطريق أمام توسيع مستوطنة معاليه أدوميم في المنطقة E1 ، بغية وصلها مع القدس. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الاعتراف بأن الحكومة قد بدأت التخطيط اللوجستي لإزالة البدو من المنطقة. وفي الوقت نفسه، يوافق وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك على تأسيس حيّ استيطاني جديد مكون من 40 وحدة استيطانية إضافة إلى مزرعة، بالقرب من مستوطنة إفرات ، لتوسيع المجمّع الاستيطاني غوش عتصيون جنوب بيت لحم ؛ وكانت الموافقة على بناء هذه المستوطنة، التي تسمّى جفعات هاداغان ، قد جرت في التسعينيات، مع خطة لبناء 500 وحدة سكنية. في 18 كانون الأول/ ديسمبر، تطرح إسرائيل مناقصة لبناء 1,028 وحدة استيطانية في القدس الشرقية (500 في هار حوما ، و348 في بيتار عيليت ، و180 في جفعات زئيف ). وفي 28 كانون الأول، توافق بلدية القدس على بناء 130 وحدة سكنية أخرى في مستوطنة جيلو ، جنوب المدينة.

– فبراير 2012، ينهي الرئيس محمود عباس وزعيم “حماس” خالد مشعل يومين من المحادثات في الدوحة، ويتفقان، برعاية أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، على تشكيل حكومة تكنوقراط مستقلّة تُعطى تفويضاً بتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية، والإشراف على إعادة إعمار غزة. كما يتفق الزعيمان على أن تكون الحكومة برئاسة عباس نفسه. ويثير البند الأخير خلافات داخلية بين قادة حماس (في غزة وخارجها) الذين يجتمعون في القاهرة في 22 شباط/ فبراير من أجل التوصّل إلى موقف مشترَك. في اليوم التالي، يلتقي عباس ومشعل في القاهرة، ويتفقان على تعليق المحادثات بخصوص تنفيذ الاتفاق.

– أبريل 2012، عباس يرسل رسالة إلى نتنياهو لاستشعاره حالة من الجمود غير قابلة للتخطي. تتضمّن رسالة محمود عباس ، التي يقوم كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات بتسليمها إلى بنيامين نتنياهو، استعراضاً لجهود السلام المبذولة منذ سنة 1993، وتذكيراً لإسرائيل بالتزاماتها تجاه عملية السلام، وتحديداً لمتطلبات تجديد المفاوضات وتحقيق السلام. وتشرح الرسالة أنه، نتيجة للممارسات الإسرائيلية، لم يعد لـ السلطة الفلسطينية أي سلطة وفقدت مبرر وجودها، “وهذا لا يمكن أن يستمر.” وتختتم الرسالة بالتأكيد على أنه إذا رفضت إسرائيل الوفاء بالتزاماتها فإن الفلسطينيين “لا يمكنهم الاستمرار باحترام الاتفاقات” وسوف يسعون “للتطبيق الكامل والشامل للقانون الدولي فيما يتعلق بصلاحيات ومسؤوليات إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة.” تعكس هذه الأخبار، المتداولة منذ منتصف آذار/ مارس عن نية عباس إرسال الرسالة، عمقَ المأزق الفلسطيني.

– في 17 نيسان/ أبريل (يوم الأسير )، يبدأ 1,200 معتقل فلسطيني إضراباً عن الطعام. (وبحلول 2 أيار/ مايو، يصل عددهم إلى 1,550، أي ثلث عدد الأسرى الفلسطينيين.) ينتهي الإضراب يوم 14 أيار في إطار اتفاق مع مصلحة السجون الإسرائيلية سهّل عقده تدخّل السلطة الفلسطينية ، ومصر ، والأردن . وبموجب هذا الاتفاق توافق إسرائيل على: (1) إطلاق سراح المعتقلين الإداريين عند انقضاء مدة حكم الستة أشهر، إن لم توجد أدلة جديدة ضدهم؛ (2) إنهاء العزل الانفرادي؛ (3) السماح لأهالي غزة بزيارة أبنائهم في السجون (توقفت زيارات عائلات غزة في 2006 بعد أسر جلعاد شاليط )؛ (4) إعادة جثامين 100 فلسطيني قتلوا أثناء المعارك في إسرائيل ودفنوا هناك.

– في 6 حزيران/ يونيو، تصادق وزارة الإسكان الإسرائيلية على بناء 551 وحدة سكنية جديدة في عدة مستوطنات في الضفة الغربية ، وتطرح في 29 حزيران مناقصة لبناء 171 وحدة سكنية في مستوطنتَي جيلو وبسغات زئيف في القدس الشرقية . وتوافق بلدية القدس على بناء 2,500 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة جيلو (7 حزيران)؛ 180 وحدة سكنية في مستوطنة أرمون هنتسيف على أراض فلسطينية مصادَرة في صور باهر مساحتها 67 دونماً (26 حزيران)؛ 12 برجاً سكنياً وفندق (24- 33 طبقة) في مستوطنة هار حوما / جبل أبو غنيم في القدس الشرقية (13 آب/ أغسطس).

– يوليو 2012، يجري تبادل للرسائل بين وزير المالية الإسرائيلي يوفال شطاينيتس، ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فيّاض ، من أجل إبرام صفقة لتعزيز التعاون الإسرائيلي- الفلسطيني بخصوص الضرائب والجمارك. ووفقاً للاتفاق الجديد، سوف تستند آلية التخليص الضريبي، فيما يتعلق بضريبة القيمة المضافة وضرائب الشراء والاستيراد، على النقل الفعلي للبضائع بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ، وتحلّ محل الآلية الحالية القائمة على حساب الضرائب بناء على ما يرد من تقارير بشأن نقل البضائع. الهدف الواضح من هذا الاتفاق، الذي سيبدأ تطبيقه اعتباراً من 1 كانون الثاني/ يناير 2013، هو تقليص التجارة غير المشروعة، والتهرب الضريبي، وبناء قاعدة الإيراد الضريبي للسلطة الفلسطينية، غير أنه لا يساهم في تقليص تبعية الاقتصاد الفلسطيني الهيكلية لإسرائيل.

– سبتمبر 2012، في الكلمة التي يلقيها الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، يناشدها إنقاذ حل الدولتين الذي سرعان ما أصبح غير قابل للتطبيق بسبب التوسع الإستيطاني والعراقيل الإسرائيلية. ويعلن عن نية الفلسطينيين السعي لحصول فلسطين على صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، مع متابعة جهودهم التي بدأت قبل عام من أجل الحصول على العضوية الكاملة.

– ترد “حماس” على اغتيال عبد الله مكاوي (7 تشرين الأول/ أكتوبر)، وصباح والسعيدني (13 تشرين الأول) بإطلاق عشرات القذائف على المناطق الإسرائيلية (وكانت التوترات قد بدأت من قبل بالتصاعد عبر حدود غزة مع إسرائيل. ففي أيلول/ سبتمبر، قتلت إسرائيل في غارة جوية 8 مسلحين، وتم إطلاق 25 صاروخاً من داخل غزة على المناطق الإسرائيلية). وفي الفترة من 13 إلى 24 تشرين الأول/ أكتوبر، يسفر تبادل إطلاق النار عن مقتل 15 فلسطينياً وإصابة 6 إسرائيليين. وتنجح الوساطة المصرية في التهدئة نسبياً في 25 تشرين الأول. من 4 ولغاية 12 تشرين الثاني/ نوفمبر، تقتل الغارات الإسرائيلية 8 فلسطينيين (من بينهم 4 مدنيين) وتجرح 40، في حين تؤدي الصواريخ الفلسطينية (حوالي 140) إلى جرح 16 إسرائيلياً (من بينهم 8 مدنيين). في 12 تشرين الثاني، وبفضل الوساطة المصرية، تعلن “حماس” والجهاد الإسلامي عن وقف إطلاق النار. وتتحدث التقارير الصحفية، في ما أصبح إجراء اعتيادياً لتحضير الرأي العام، عن عملية عسكرية واسعة وشيكة ضد غزة، بينما يقول نتنياهو ، في اجتماع مع رؤساء بلديات جنوب إسرائيل (13 تشرين الثاني)، أن إسرائيل لا تتوقع الشروعَ في عمل عسكري كبير في غزة، أو العودةَ إلى الاغتيالات.

– أكتوبر 2012، يقوم أمير قطر  الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بزيارة تاريخية إلى غزة يرافقه وفد كبير. يفتتح الأمير مشاريع إعادة الإعمار التي تموّلها قطر بمبلغ 400 مليون دولار، ويدعو “فتح ” و”حماس ” إلى المصالحة. وتشكّل زيارة الأمير اعترافاً دبلوماسياً ضمنياً بحكم حماس في قطاع غزة.

– 6 نوفمبر 2012، تطرح إسرائيل مناقصة لبناء أكثر من 1,200 منزل جديد في مستوطنتي بسغات زئيف وراموت في القدس الشرقية . وفي 12 تشرين الثاني، يصادق وزير الدفاع، إيهود باراك ، على خطة لتوسيع مستوطنة إيتمار لتصبح خمسة أضعاف حجمها، وذلك بإضافة 538 منزلاً.

– نوفمبر 2012،  الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة الذي دام ثمانية أيام والذي بدأ باغتيال إسرائيل للقائد العسكري في حركة “حماس” أحمد الجعبري، بهدف زيادة الردع. تنتهي العملية التي تطلق عليها إسرائيل اسم عمود السحاب وتسميها حركة “حماس” حجارة السجيل، في وقت مبكر نسبياً، جراء وقف إطلاق النار رتبته مصر تحت رئاسة محمد مرسي.

– تنظّم الفصائل الفلسطينية تجمّعاً حاشداً في مدينة غزة ، في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر، للاحتفال بوقف إطلاق النار، وتدعو إلى المصالحة الوطنية. يشارك في هذا الحدث نبيل شعث ، عضو اللجنة المركزية لفتح ، ويقول للحشود المجتمعة أن إسرائيل قد فشلت في عزلهم عن الضفة الغربية . وبعد عدة أيام (27 تشرين الثاني)، يرافق وفد من “فتح ” إسماعيل هنية في حفل تكريمي لأسر الضحايا. ومن الإشارات الإيجابية اللاحقة إطلاق السجناء لدى كلتا الحكومتين (25 تشرين الثاني)، وعودة العديد من أعضاء “فتح”، الذين فرّوا خلال الحرب الأهلية في 2007، إلى قطاع غزة (2- 3 كانون الأول/ ديسمبر، 24 كانون الثاني/ يناير 2013). ويُسمح لمناصري “حماس ” بتنظيم مهرجانات احتفالية في مدن الضفة الغربية (13 كانون الأول). وفي غزة، في 4 كانون الثاني، وللمرة الأولى منذ سنة 2007، ينظّم مؤيدو “فتح” مهرجاناً احتفالياً ضخماً (مئات الآلاف) بمناسبة انطلاق الحركة. كما يتم الإعلان في كانون الثاني، في القاهرة ، عن تشكيل لجان مختلفة للمصالحة. ومع ذلك، تظلّ العلاقات بين الطرفين غير مستقرة؛ تعتقل قوات الأمن في الضفة الغربية 25 عضواً في “حماس” في 7 شباط/ فبراير.

– من ديسمبر 2012 وحتى مارس 2013، رداً على تصويت الجمعية العامّة للأمم المتحدة لمصلحة إعطاء فلسطين صفة دولة مراقبة غير عضو، تقرر الحكومة الإسرائيلية احتجاز عائدات الضرائب التي تجمعها لمصلحة السلطة الفلسطينية خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر. هذا الإجراء يُفاقم الضائقة المالية القائمة. غير أن الحكومة الإسرائيلية تحوّل في 24 شباط/ فبراير2013 عائدات شهر كانون الثاني/ يناير؛ ثم تقرر في 25 آذار/ مارس استئناف التحويلات الشهرية المنتظمة.

– 19  فبراير 2013، يعلن قرابة 800 أسير فلسطيني إضراباً عن الطعام ليوم واحد تضامناً مع 4 أسرى مضربين عن الطعام: سامر عيساوي ، وأيمن شراونة ، وجعفر عز الدين ، وطارق كعدان ، ومنهم من أعيد اعتقاله، أو هو رهن الاعتقال الإداري من دون توجيه اتهام. يدفع تدهور صحة الأسرى المضربين عن الطعام، إلى تنظيم الفلسطينيين المظاهرات والاشتباك مع جنود الجنود الإسرائيليين عند سجن عوفر ، وحاجز حوّارة ، وفي مدن الضفة الغربية (19- 22 شباط). وفي 23 شباط، تتوارد الأنباء عن وفاة الأسير الفلسطيني عرفات جرادات في سجن مجدّو الإسرائيلي (مع اشتباه بتعرّضه للتعذيب)، الأمر الذي يدفع إلى مزيد من الاحتجاجات والمواجهات، في حين يبدأ تقريباً 4,000 أسير في السجون الإسرائيلية إضراباً آخر عن الطعام. وفي 2 نيسان/ أبريل، يتوفى أسير فلسطيني آخر، ميسرة أبو حمدية ، في سجن إسرائيلي بسبب مضاعفات مرض السرطان. تثير أخبار الإهمال الطبي موجة جديدة من التضامن مع الأسرى. وتخمد المظاهرات عقب توصّل المضربين البارزين إلى اتفاقيات لإنهاء إضرابهم. ويوافق أبرزهم عيساوي (22 نيسان) على إنهاء وقفته الاحتجاجية المستمرة منذ 8 أشهر مقابل الإفراج المبكر عنه.

– يوليو 2013،  يعقد مفاوضون من كلا الجانبين اجتماعهم المباشر الافتتاحي في وزارة الخارجية. وفي اليوم نفسه، يعيّن جون كيري السفيرَ الأمريكي السابق لدى إسرائيل مارتن إنديك ، مبعوثاً خاصاً لـ الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط . وفي 30 تموز، يعلن كيري أن الإسرائيليين والفلسطينيين يوافقون على “مواصلة المشاركة في مفاوضات مستمرة وموضوعية بشأن القضايا الجوهرية”، يكون الهدف منها التوصل إلى “اتفاق بخصوص الوضع النهائي على مدى الشهور التسعة المقبلة” (أي قبل 29 نيسان/ أبريل 2014).

– تفيد التقارير، في 31 تشرين الأول/ أكتوبر، بأن المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ومحمد اشتية وضعا استقالتيهما تحت تصرّف الرئيس محمود عباس احتجاجاً على بناء المستوطنات الإسرائيلية. ويتسبب الجدل بخصوص المستوطنات بانهيار المحادثات الإسرائيلية – الفلسطينية المنعقدة في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر. يستقيل اشتية في 13 تشرين الثاني. ومنذ ذلك الحين، يأخذ جون كيري على عاتقه المحاولات الأساسية للتوصل إلى اتفاق فلسطيني – إسرائيلي، فيجري مفاوضات مع بنيامين نتنياهو من جهة، وعباس من جهة أخرى.

– ديسمبر 2013، تطلق إسرائيل سراح 26 أسيراً فلسطينياً، وهي الدفعة الثالثة التي يتم الإفراج عنها في إطار التفاهمات التي تم التوصّل إليها لدى بدء المفاوضات في تموز/ يوليو 2013. يعود 3 من المحررين إلى قطاع غزة ، و5 إلى القدس الشرقية ، و18 إلى منازلهم في الضفة الغربية.

– فبراير 2014، يدخل الحرم الشريف نحو 30 ضابط استخبارات إسرائيلي، تزامناً مع دخول مجموعة منفصلة مكوّنة من 17 إسرائيلياً إلى المجمّع تحت حراسة مسلحة. وفي 25 شباط، يجري الكنيست نقاشاً حول السماح بالصلاة اليهودية داخل المجمّع. وفي اليوم نفسه، تفرّق القوات الإسرائيلية عشرات المصلّين الفلسطينيين الذين تجمّعوا للاحتجاج على خطط المتطرفين اليهود لرفع الأعلام الإسرائيلية في الموقع. تستخدم القوات الإسرائيلية الطلقات المعدنية المغلفة بالمطاط والقنابل الصوتية، في حين يرشق الفلسطينيون الحجارة. وفي 26 شباط، يصوّت البرلمان الأردني بالإجماع على طرد السفير الإسرائيلي، واستدعاء السفير الأردني.

– أبريل 2014، عقب اجتماع طارئ للمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر، يتم اتخاذ قرار بتعليق المفاوضات رداً على إعلان حكومة الوحدة الفلسطينية. ويأتي ذلك قبل 5 أيام من موعد 29 نيسان/ أبريل النهائي، الذي تم الاتفاق عليه في تموز/ يوليو 2013، وبعد عدة أسابيع من إعلان القيادة الفلسطينية أنها لن تمدّد الموعد النهائي إذا لم يتم الإفراج عن المجموعة الرابعة من المعتقلين. ويكرّر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو تحذيره لـ محمود عباس بأن عليه أن يختار بين السلام مع إسرائيل أو مع “حماس “. وتقول إسرائيل أيضاً إنها تعتزم فرض عقوبات اقتصادية ضد السلطة الفلسطينية .

– يونيو 2014، عقب اتفاق التسوية الذي تم التوصّل إليه في 23 نيسان/ أبريل، وبعد عدة أسابيع من الاتصالات المكثّفة بين “فتح ” و”حماس “، تؤدي حكومة وفاق وطني جديدة اليمين الدستورية أمام محمود عباس في رام الله . يرأس الحكومة رئيس الوزراء رامي حمد الله ، وتضمّ 18 وزيراً مستقلاً وتكنوقراط، من بينهم 4 يقيمون في غزة ولا تسمح لهم إسرائيل بالسفر إلى رام الله لحضور مراسم تأدية اليمين. ويعلن عباس أن الحكومة ستحافظ على سياسات منظمة التحرير الفلسطينية الحالية، وتتمثل مهمتها الرئيسية في تنظيم الانتخابات في غضون 6 أشهر. وكانت الحكومة التي تقودها “حماس” في غزة قد عقدت آخر اجتماع رسمي لها في 27 أيار/ مايو (الاجتماع رقم 343 منذ حزيران/ يونيو 2007)، معلنة أنه كانت مستعدة لتسليم المسؤولية الكاملة إلى حكومة السلطة الفلسطينية الجديدة فور تشكيلها. بيد أن السلطة والسيطرة الفعلية على إدارة غزة سوف تظل في يد “حماس” خلال الأشهر والسنوات التالية.

– يوليو 2014، يختطف مستوطنون ليلاً الفتى محمد أبو خضير، البالغ من العمر 16 عاماً، في حي شعفاط، ويحرقونه حياً، ثم يلقون جثّته في أحد أحراش القدس . تندلع خلال النهار الاحتجاجات والاشتباكات في القدس، وخصوصاً في شعفاط، ما يسفر عن جرح 170 فلسطينياً.

– يطلق مقاتلون فلسطينيون 40 صاروخاً، وتشنّ القوات الجوية الإسرائيلية غارات على 3 منشآت تدريب تابعة لـ كتائب القسّام ، فيسقط 15 جريحاً. وفي اليوم نفسه، ترد تقارير عن توجيه إنذار بالتوقّف عن إطلاق القذائف لجميع المجموعات الفلسطينية مدته 24-48 ساعة، تسلّمته “حماس ” عن طريق المخابرات المصرية، وإلا سوف تواجه ضربة إسرائيلية كبيرة. لكن هذا لا يمنع حدوث تصعيد خطير في الأيام التالية. ففي الفترة ما بين 3 و7 تموز، يضرب الجيش الإسرائيلي أكثر من 40 هدفاً، فيقتل 11 مقاتلاً، من بينهم 9 من كتائب عز الدين القسّام، ويطلق المقاتلون الفلسطينيون 150 صاروخاً على جنوب إسرائيل.

– من يوليو إلى أغسطس 2014، يقرّر مجلس الوزراء الأمنى الاسرائيلى شنّ هجوم على قطاع غزة يطلق عليه اسم عملية الجرف الصامد . وسوف تسميه “حماس ” “العصف المأكول”، والجهاد الإسلامي “البنيان المرصوص”. والهدف المعلَن للعملية الإسرائيلية هو وقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية على إسرائيل، ومنع المزيد من الهجمات. ولكن أياً تكن خطة الحرب الإسرائيلية وأهدافها الأوليّة، فإن الحرب ستتطور، بسبب شروط “حماس” الخاصة لوضع حد للقتال، على ثلاث مراحل: مرحلة هجوم جوي (8- 16 تموز/ يوليو)؛ مرحلة الاجتياح البري (17- 31 تموز)؛ ومرحلة الأعمال القتالية المتقطّعة، وتتخلها محاولات وقف إطلاق النار (1-26 آب/ أغسطس).

– وفقاً لتقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (نُشر في 3 تشرين الأول/ أكتوبر)، يبلغ مجموع عدد الضحايا الفلسطينيين نتيجة الحرب 2,189 شخصاً (بمن فيهم أولئك الذين سيتوفون متأثرين بجروحهم بعد وقف إطلاق النار). ويتضمن العدد 1,486 مدنياً. ويشير التقرير إلى أن ما 70٪ من وفيات الأطفال، البالغ عددهم 513 طفلاً، تقلّ أعمارهم عن 12 عاماً. وقد فقدت 142 عائلة فلسطينية، على الأقل، 3 أفراد أو أكثر في حادث واحد، وبلغ عدد الجرحى قرابة 11,100 فلسطيني، من بينهم 3,374 طفلاً. وتؤكد وكالة الأمم المتحدة وجود 557 قتيلاً في صفوف المقاتلين، في حين لم يتم التحقّق من وضع 146 آخرين. ويبلغ عدد القتلى على الجانب الاسرائيلي 71 قتيلاً، بينهم 66 جندياً وطفل واحد. وقد أصيب العشرات من الإسرائيليين بسبب الصواريخ وقذائف الهاون. إن حجم الأضرار في غزة لم يسبق له مثيل: 113,500 منزل (13٪ من إجمالي المساكن) تأثرت بطريقة ما، مع ما يقدّر بـ 22,000 وحدة سكنية إما تدمّرت أو تضرّرت بشدة. ومع اقتراب فصل الشتاء، ما يزال قرابة 100,000 فلسطيني مشرّدين وفي حاجة إلى المساعدة.

– يعلن منسق الأمم المتحدة لشؤون السلام في الشرق الأوسط  روبرت سيري ، أن الأمم المتحدة توسّطت لإيجاد “آلية إعادة إعمار غزة ” (GRM) لتمكين أعمال إعادة الإعمار في قطاع غزة ، بشكل يلبي شروط إسرائيل بأن المواد التي يتم تسليمها لن تُحَوّل إلى “حماس “. وبحسب الاتفاق، فإن أهداف آلية إعادة إعمار غزة هي: تمكين حكومة الوفاق الوطني من قيادة عملية إعادة الإعمار؛ تمكين القطاع الخاص في غزة؛ طمأنة الجهات المانحة؛ “معالجة المخاوف الأمنية الإسرائيلية المتّصلة باستخدام مواد البناء وغيرها من المواد ذات ’الاستخدام المزدوج‘”. ووفقاً لهذه الآلية، يجب على كل أسرة فلسطينية في غزة أن تقدّم تقريراً مفصلاً عن احتياجاتها إلى الأمم المتحدة، يتم تحويله إلى السلطة الفلسطينية وإسرائيل التي تتولى الموافقة على كل تقرير على حدة. وفي حال وافقت إسرائيل على منح تصريح أمني لطلب، يتعيّن على الأسرة التوقيع على تصريح بأن المواد لن تستخدَم إلا لإعادة الإعمار. ثم تقوم الأمم المتحدة باستبدال التصاريح بقسائم تسمح للعائلات بشراء المواد اللازمة من مستودعات السلطة الفلسطينية والمورّدين الخاصين المعتمَدين. غير أن المواد اللازمة قد لا تكون متاحة، لأنها رهن بعمليات شحن من إسرائيل إلى غزة. ويُنقل عن مسؤول فلسطيني، في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر، قوله بأنه لن يكون هناك “إعادة إعمار هنا إذا بقيت الآلية على هذا النحو. وسوف يستغرق ذلك من 20 إلى 30 عاماً”.

– يناير 2015، رداً على انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية ، تقرّر الحكومة الإسرائيلية تجميد تحويل 500 مليون شيكل (ما يعادل 127 مليون دولار) من عائدات الضرائب إلى السلطة الفلسطينية، وهذا المبلغ يعادل نصف العائدات المحصَّلة لصالح السلطة الفلسطينية في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2014، وكذلك تقرّر تجميد التحويلات القادمة. وبما أن التحويلات الضريبية تمثّل 60- 70% من الميزانية الشهرية للسلطة الفلسطينية، تحاول الأخيرة جاهدة الحفاظ على استمرار عمل حكومتها، وتقرّر دفع 60% فقط من رواتب موظفيها. وفي 27 آذار/ مارس، تعلن إسرائيل أنها سوف تُفرج عن التحويلات، ولكنها سوف تقتطع من الأموال مبلغاً لسداد جزء من ديون السلطة الفلسطينية إلى شركة الكهرباء الإسرائيلية. وفي مطلع نيسان/ أبريل، تحوّل إسرائيل 1,37 مليار شيكل (350 مليون دولار تقريباً) عوضاً عن 1,85 مليار شيكل (472 مليون دولار) مستحَقّة. يرفض الرئيس محمود عباس (5 نيسان) استلام هذه الأموال، ولكن في 17 نيسان، يتوصّل الجانبان إلى اتفاق بشأن تحويل المبلغ وتشكيل لجنة مشتركة لتقرير المبلغ الذي ينبغي إعادته إلى إسرائيل لسداد الديون الفلسطينية. ويسمح هذا التحويل للسلطة الفلسطينية (21 نيسان) بدفع رواتب الموظفين المدنيين كاملة.

– تعلن الحكومة الإسرائيلية، في 31 كانون الثاني/ يناير، عن مناقصات لبناء فندق وعدّة مكاتب في معاليه أدوميم ، و450 منزلاً جديداً في 4 مستوطنات أخرى في الضفة الغربية . كما تعيد لجنة التخطيط والبناء في القدس الإعلان عن خطة لبناء 93 وحدة سكنية جديدة في جنوب جيلو في القدس الشرقية . وفي 7 شباط/ فبراير، توافق لجنة التخطيط والبناء في القدس على دعوة لطرح مناقصات لبناء 64 مسكناً جديداً في مستوطنة راموت في القدس الشرقية. وبعد ذلك بيومين، تفيد التقارير بأن الحكومة الإسرائيلية حوّلت ما يدنو من 3,740 دونماً من أراضي الضفة الغربية إلى أراضي دولة، بهدف توسيع 4 مستوطنات قائمة -كيدوميم ، وفيرد يريحو ، ونافيه تسوف ، وعمانوئيل . وفي 30 آذار/ مارس، تعلن بلدية القدس أنها وافقت على مناقصات لبناء 142 مسكناً جديداً في مستوطنة هار حوما / جبل أبو غنيم . وفي 27 نيسان/ أبريل، توافق على مناقصات لبناء 77 مسكناً في النبي يعقوب وبسغات زئيف . وفي 7 أيار/ مايو، توافق على بناء 900 منزل جديد في حي رامات شلومو.

– تصدر محكمة الأمور المستعجلة في القاهرة، في 31 كانون الثاني/ يناير 2015، حكماً يقضي باعتبار الجناح العسكري لحركة “حماس “، كتائب عز الدين القسّام ، تنظيماً إرهابياً. ومنذ 24 تشرين الأول/ أكتوبر، 2014 عندما شنّت جماعة إسلامية تُعرف باسم أنصار بيت المقدس سلسلة من الهجمات القاتلة على قوات الأمن المصرية في شبه جزيرة سيناء، أسفرت عن مقتل أكثر من 30 شخصاً، يواصل المسؤولون المصريون اتهام الفلسطينيين – و”حماس” على وجه الخصوص– بتأجيج أعمال العنف الجارية. وفي 28 شباط/ فبراير، تقضي محكمة الأمور المستعجلة المصرية بتصنيف “حماس” (ككيان سياسي وعسكري) منظمة إرهابية، وتحظرها في مصر. غير أن محكمة استئناف مصرية سوف تلغي الحكم في 6 حزيران/ يونيو، إثر الطعن الذي تقدّمت به هيئة قضايا الدولة.

–  يونيو 2015، يقدّم وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي ملفاً شاملاً إلى المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية ، فاتو بنسودا ، تتناول الممارسات الإسرائيلية بشأن المستوطنات، والأسرى، وأفعالها خلال حرب غزة سنة 2014، لتسهيل تحقيقها التمهيدي إزاء جرائم الحرب الإسرائيلية. وفي 3 آب/ أغسطس، بعد حادث إضرام النار المتعمَّد الذي ارتكبه المستوطنون في قرية دوما ، يرسل المالكي ملفاً عن عنف المستوطنين. وفي 30 تشرين الأول/ أكتوبر، يقدّم ملفاً آخر يوثّق “عمليات القتل خارج نطاق القانون” الإسرائيلية وهدم المنازل. وعلى الرغم من أن إسرائيل ليست عضواً في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ولا تعترف بالولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية، إلا أنها تقرّر في مطلع تموز/ يوليو، بعد تقديم الملف الفلسطيني الأول إلى المحكمة، فتح اتصالات مع بنسودا وتزويدها بالمواد والمعلومات “التي تقوّض قضية الفلسطينيين”.

– أكتوبر 2015، بعد أسبوع من التوتر والعنف المتقطّع في جميع أنحاء القدس والضفة الغربية ، تتصاعد المواجهات بين المستوطنين والجيش الإسرائيلي من جهة، والفلسطينيين من جهة أخرى. يطلق مستوطن إسرائيلي النار على مدرسة فلسطينية، بالقرب من بيت لحم ، وعندها يقوم شباب فلسطينيون من المنطقة بإلقاء الحجارة والاشتباك مع مستوطنين إسرائيليين وقوات إسرائيلية، (يسفر ذلك عن إصابة ثلاثة مستوطنين بجراح، وإصابة فلسطيني بالذخيرة الحية). ويتسبّب فلسطينيون، خارج رام الله ، بجرح مستوطنَين إسرائيليَّين بعد إلقاء الحجارة على سيارتهما، فيحصل اشتباك بين القوات الإسرائيلية والفلسطينيين رماة الحجارة. وبالقرب من نابلس ، تقتل مجموعة من الفلسطينيين مستوطنَين إسرائيليَّين وتجرح 4 آخرين في عملية إطلاق نار. وفي سلسلة من الهجمات، يقوم المستوطنون الإسرائيليون بتخريب أكثر من 40 مركبة فلسطينية بالقرب من نابلس، وقلقيلية ، ورام الله؛ وحصار طريق رئيسي خارج طولكرم ، ورشق الحجارة على الفلسطينيين وممتلكاتهم بالقرب من قلقيلية ونابلس، حيث يتسبّبون باندلاع اشتباكات طفيفة بين القوات الإسرائيلية والفلسطينيين.

– تقع مواجهات، بشكل يومي تقريباً، من بداية تشرين الأول/ أكتوبر وحتى نهاية العام، ثم تضعف بشكل كبير في كانون الثاني/ يناير 2016. وتأخذ المواجهات شكلاً جماعياً، حيث يتظاهر الشباب الفلسطينيون في جميع أنحاء الضفة الغربية ، بما فيها القدس الشرقية . وتؤدي الاشتباكات مع الجنود والمستوطنين الإسرائيليين إلى سقوط عدد من القتلى والمصابين، وإلى حدوث اعتقالات وتدمير واسع النطاق للممتلكات. ويشارك سكان غزة أيضاً في الاحتجاجات من خلال المظاهرات الحاشدة على طول السياج الحدودي احتجاجاً على العنف الإسرائيلي. تطلق القوات الإسرائيلية النار عليهم أيضاً، الأمر الذي يسفر عن سقوط عدد من الضحايا، وخاصة فى تشرين الأول. وتتخذ المواجهات أيضاً شكلاً منفرداً، إذ يقوم فلسطينيون، وهم في بعض الأحيان صبيان وفتيات يبلغون من العمر 11 عاماً، بعمليات طعن، وصدم بالعربات، أو دهس بالسيارات. وغالباً يتم قتلهم على الفور، وفي بعض الحالات يُقتل أيضاً فلسطينيون بسبب حوادث طعن مزعومة. وخلال الأسابيع الـ 3- 4 الأولى، يُطرح السؤال ما إذا كانت هذه التطورات تشكّل بداية انتفاضة ثالثة، ولكن يظهر بالتدريج أنها هبّة موقتة. وعلى النقيض من المظاهرات التي ينظّمها مناضلون في تشرين الأول، تكون أغلب المظاهرات بعد تشرين الثاني/ نوفمبر ردوداً تلقائية على استفزازات المستوطنين أو غارات القوات الإسرائيلية أو تفتيش المنازل؛ فالأفراد الفلسطينيون الذين يطعنون الجنود عند نقاط التفتيش ليسوا أعضاء في المنظمات، إذ إن هذه الأخيرة (سواء المنضوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية مثل “فتح ” والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، أو “حماس ” أو الجهاد الإسلامي ) لا تريد، أو لا تستطيع، تعبئة قواعدها الشعبية من أجل انتفاضة جديدة.

– مع نهاية سنة 2015، تكون نتيجة ثلاثة أشهر من المواجهات كالتالي: في الضفة الغربية ، يُقتل 108 فلسطينيين (معظمهم أفراد نفّذوا، أو زُعم أنهم نفّذوا، عمليات طعن أو دهس بالسيارات)، كما يُجرح 12,260 شخصاً؛ في قطاع غزة ، يُقتل 23 شخصاً ويُجرح 1,319 شخصاً. ويُقتل 21 إسرائيلياً ويُجرح 151 آخرون.

– تعود الحكومة الإسرائيلية من جديد إلى تطبيق سياسة مصادرة مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية. في 10 آذار/ مارس 2016، يتم إعلان اعتبار أراضٍ مساحتها 2,342 دونماً (580 فداناً) بالقرب من أريحا كـ “أراضي الدولة”. وفي 21 آذار، يعلن مسؤول في السلطة الفلسطينية ، يتابع توسّع المستوطنات في الضفة الغربية ، أن المسؤولين الإسرائيليين أخبروا الفلسطينيين في القرى القريبة من نابلس نيّتهم مصادرة 1,200 دونم (نحو 300 فدان) من الأراضي المجاورة. وتعارض وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق ، التابعة للجيش الإسرائيلي، هذا الرقم بالقول إنه سيتم الاستيلاء على 612 دونماً ودمجها في مستوطنة إيلي القريبة. وفي 21 نيسان/ أبريل، تفيد التقارير بأن الحكومة الإسرائيلية أعلنت ضمّ 115 دونماً (28 فداناً) بالقرب من سلفيت إلى “أراضي الدولة” لبناء منطقة صناعية جديدة.

– من مارس إلى أبريل 2016، بعد أشهر من المحادثات المتوقفة، يعلن وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصالات الأردني أنه سيتم تركيب كاميرات في الحرم الشريف في الأيام المقبلة، وذلك تنفيذاً لاتفاق مع إسرائيل توسّط فيه الوزير كيري ، في 24 تشرين الأول/ أكتوبر 2015. ويعبّر الفلسطينيون من جديد عن معارضتهم الخطة؛ فهم يخشون أن تكون الكاميرات أداة أُخرى لتمكين سيطرة إسرائيل على المصلّين والحرم نفسه. وفي 18 نيسان/ أبريل، يعلن الأردن تخلّيه عن الخطة.

– يقرّر وزير الأمن العام الإسرائيلي جلعاد أردان السماح لليهود، وغيرهم من غير المسلمين، بزيارة الحرم الشريف في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، وهو ما يشكّل انحرافاً عن السياسة الإسرائيلية في السنوات السابقة. في اليوم التالي، تداهم القوات الإسرائيلية الحرم الشريف، وتخلي المكان من أجل السماح لنحو 90 مستوطناً يهودياً بالتجوّل في الحرم. يرمي بعض المصلّين المسلمين الحجارة على هؤلاء المستوطنين، ويصرخون في وجوههم، وتستخدم القوات الإسرائيلية تدابير عنيفة للسيطرة على الحشود وإخراجهم من المكان. وفي 28 حزيران/ يونيو، تندلع المواجهات في الحرم الشريف، لليوم الثالث على التوالي. ويلقي فلسطينيون الحجارة من سطح الحرم نحو مصلّين يهود عند الحائط الغربي . وتعتقل الشرطة الإسرائيلية 11 فلسطينياً على الأقل. بعد عدة أيام من المواجهات، تقرّر الشرطة الإسرائيلية منع غير المسلمين من الدخول إلى الحرم حتى نهاية شهر رمضان (في 5 تموز/ يوليو)، في تراجع عن قرار أردان الصادر في 26 حزيران.

– فبراير 2017، يتبنى الكنيست الإسرائيلي (60-52) قانون إضفاء الطابع النظامي على الاستيطان أو قانون المصادقة، الذي يشرعن بأثر رجعي المستوطنات المبنية “بحسن نية أو بناءً على تعليمات الدولة” على أملاك فلسطينية خاصة. تندد فرنسا والأردن وتركيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والمملكة المتحدة بالقانون الجديد، لكن الولايات المتحدة لا تعلق بشكل مباشر. وعوضاً عن ذلك، يقول متحدث باسم البيت الأبيض إن إدارة ترامب تحتاج إلى “فرصة للتشاور بشكل كامل مع جميع الأطراف بشأن سبل المضي قدماً”. في حزيران/ يونيو 2020، ستقرر المحكمة العليا الإسرائيلية بأن القانون غير دستوري.

– مع تخطيطها لتهجير سكان خان الأحمر بالقوة، تصدر إسرائيل أوامر هدم للمباني السكنية في القرية في 15 و19 شباط/ فبراير، و5 آذار/ مارس 2017. يدين هذه الأوامر الفلسطينيون، والاتحاد الأوروبي ، والأمم المتحدة . يتبع ذلك حالة جمود: يستأنف محامون مدافعون عن القرية أوامر الهدم أمام المحكمة العليا الإسرائيلية ، غير أن المحكمة تصادق على مخططات هدم القرية في 24 أيار/ مايو 2018. فيبدأ الفلسطينيون والشركاء الدوليون ممارسة مزيد من الضغط على إسرائيل لوقف الهدم. وفي 4 تموز/ يوليو، يحبط ناشطون عمل طواقم الهدم والقوات الإسرائيلية، الأمر الذي يؤدي إلى إصابة 35 شخصاً واعتقال 11. في اليوم التالي، تقدّم عدة دول أوروبية شكوى رسمية إلى إسرائيل، ويقوم دبلوماسيون أوروبيون بزيارة القرية. في أعقاب النشاط والضغط الدبلوماسي، تعلّق المحكمة الإسرائيلية العليا موقتاً أوامر الهدم. وترفض المحكمة سلسلة من الطعون، إلى أن تصدر ترخيصها النهائي بهدم القرية في 5 أيلول/ سبتمبر. يردّ برلمان الاتحاد الأوروبي على هذا الترخيص بإصدار قرار يدينه في 13 أيلول، وتحذّر المدعية العامة لـ المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا ، في 17 تشرين الأول/ أكتوبر، إسرائيل من إمكان مقاضاتها بتهمة ارتكاب جريمة حرب محتمَلة إن هدمت القرية. وفي الوقت نفسه، يواصل الناشطون احتجاجاتهم على الأرض ضد عملية الهدم. وفي 21 تشرين الأول، يعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن حكومته أرجأت هدم القرية وإخلائها لفترة قصيرة”، من دون تقديم جدول زمني.

– تقرر السلطة الفلسطينية تخفيض مدفوعاتها عن الطاقة الكهربائية التي تزودها إسرائيل لقطاع غزة. يأتي القرار بمثابة ردّ على تشكيل “حماس ” (في 16 آذار/مارس) لجنة لإدارة القطاع، وهي خطوة اعتبرتها القيادة في رام الله على نطاق واسع بأنها حكومة بديلة. تدفع السلطة الفلسطينية بصورة عامة لإسرائيل نحو 11 مليون دولار شهرياً لتزويد غزة بـ 120 ميغاوات من الطاقة (نحو 30 بالمئة من الكهرباء التي تحتاج إليها). في 19 حزيران/ يونيو، تبدأ السلطات الإسرائيلية بقطع التيار الكهربائي عن غزة بنسبة 40 بالمئة. ويتم تخفيض شحنات الوقود من مصر إلى محطة الطاقة الوحيدة في غزة عندما توقف السلطة الفلسطينية مدفوعاتها إلى مصر. في 1 آب/ أغسطس، تفيد الأخبار بأن الرئيس محمود عباس يوافق على إعادة إمدادات الكهرباء إلى المستوى السابق بشرط موافقة “حماس” على تفكيك اللجنة الإدارية. في 3 كانون الثاني/ يناير 2018، ستعيد السلطة مدفوعاتها إلى إسرائيل لتزويد قطاع غزة بـ 120 ميغاوات من الطاقة، وستقوم إسرائيل بتنفيذ الزيادة بعد 5 أيام.

– يوليو 2017، يطلق ثلاثة مواطنين فلسطينيين من حاملي الهوية الإسرائيلية النار على ضباط شرطة إسرائيليين في البلدة القديمة في القدس ، فيصيبون 3 منهم بجروح خطرة (يتوفى 2 متأثرَين بجراحهما في وقت لاحق من ذلك اليوم). يلجأ المقاومون الثلاثة إلى الحرم الشريف ، وتقوم القوات الإسرائيلية بإطلاق النار عليهم وقتلهم جميعاً. وتنتشر الشرطة الإسرائيلية بكثافة عبر المدينة القديمة وتغلق جميع مداخل الحرم الشريف، وتلغي إقامة صلاة الجمعة في الحرم، وهو ما يضطرّ المصلين المسلمين إلى إقامة الصلاة في الشوارع. كما تقوم الشرطة باحتجاز 58 من موظفي الوقف الإسلامي واستجوابهم. في اليوم التالي، تشرع في تركيب أبواب دوارة وكاشفات معدنية عند كل مدخل، وكاميرات مراقبة في المحيط.

– بعد أيام من التوترات المتزايدة في الحرم الشريف ، تقرر الحكومة الأمنية الإسرائيلية في 24 تموز/ يوليو إزالة أجهزة الكشف عن المعادن المثبتة عند مداخل الحرم، لكنها تقرر اتخاذ تدابير أمنية قائمة على تقنيات متطوّرة مثال “الكاميرات الذكية” التي تستشعر الحرارة مع تقنية التعرف على الوجه. وخلال اليومين التاليين، يرفض الوقف الإسلامي ، بدعم من عباس ، أي استبدال تكنولوجي، ويطالب بعودة الوضع على النحو الذي كان عليه قبل 14 تموز، بما في ذلك إزالة الكاميرات التي تم تركيبها منذ ذلك الحين. في هذه الأثناء، يبقى التوتر عالياً، مع اندلاع اشتباكات خارج الحرم. وفي 27 تموز، وبعد أن تزيل الشرطة الإسرائيلية الإجراءات الأمنية الجديدة خلال الليل، تندلع في صباح اليوم التالي الاشتباكات عندما يدخل عشرات الآلاف من المسلمين إلى الحرم للصلاة. فيصاب ما لا يقل عن 94 مصلياً ويُعتقل أكثر من 100 فلسطيني. ويوم الجمعة في 28 تموز، تعلن الشرطة الإسرائيلية أنه سيتم منع الرجال الفلسطينيين الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً من الدخول إلى الحرم الشريف. وهذا يقود آلاف الشباب الفلسطينيين إلى الصلاة في شوارع البلدة القديمة ، وآخربن إلى الاحتجاج في الضفة الغربية وقطاع غزة . ترفع إسرائيل قيودها في وقت مبكر من بعد الظهر. وفي الجمعة التالية، في 4 آب/أغسطس، يصلي آلاف الفلسطينيين في الحرم الشريف احتفالاً بنجاح حملتهم التي استمرت أسبوعين.

– سبتمبر 2017، توافق الجمعية العامة لـ الإنتربول على التماس فلسطين للحصول على العضوية الكاملة، إذ تصوت 75 دولة لمصلحة الطلب، و 24 ضده، وتمتنع 34 عن التصويت.

– أكتوبر 2017، يعلن الجانبان في الاتفاق الذي يتوصلان إليه في القاهرة تمسكهما اللفظي بالمبادئ التي كرّراها منذ سنة 2006. يتضمن الاتفاق عدداً محدوداً من المحطات باتجاه المصالحة: تسليم جميع معابر قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية في موعد أقصاه 1 تشرين الثاني/ نوفمبر؛ تمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة مهماتها بشكل كامل والقيام بمسؤولياتها في إدارة القطاع مثلما في الضفة الغربية ، في موعد أقصاه 1 كانون الأول / ديسمبر؛ إيجاد حل يتعلق برواتب موظفي الخدمة المدنية في غزة في موعد أقصاه 1 شباط/ فبراير 2018. تتم الإشارة أيضاً إلى قضية إعادة بناء الأجهزة الأمنية في غزة من خلال النص على توجه “قيادات الأجهزة الأمنية الرسمية العاملة في دولة فلسطين إلى قطاع غزة “، إنما من دون تفصيلات أو مواعيد نهائية. أمّا البعد الأهم في الاتفاق، فهو الدور الذي تقوم به مصر في الضغط على الجانبين لبدء تنفيذ بعض الخطوات العملية قبل مبادرة ترامب المتوقعة. يتجمّع آلاف الفلسطينيين في شوارع مدينة غزة للاحتفال بصفقة المصالحة الفلسطينية.

– بمناسبة مرور 100 عام على وعد بلفور (2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1917)، ينشر الرئيس عباس في صحيفة “الغارديان ” مقالة افتتاحية يؤكد فيها أن الإعلان “ليس شيئاً يجب الاحتفال به” فيما أحد الشعوب التي تأثرت به ما زال يعاني جرّاء الظلم الناجم عن قيام آرثر جيمس بلفور بتقديم “الوعد بأرض لم يكن يملكها حتى يستطيع أن يعد بها، متجاهلاً الحقوق السياسية لأولئك الذين كانوا يعيشون هناك في الأصل”. يرى عباس علاقة مباشرة بين الإعلان من ناحية، والنكبة سنة 1948 وسلب الأملاك واستمرار الاضطهاد والاحتلال من ناحية أُخرى. ويشدد على أنه، في حين أن وعد بلفور “ليس شيئاً يمكن تغييره،” إلاّ إن “الاعتراف بالأخطاء، واتخاذ خطوات ملموسة لتصحيح هذه الأخطاء”، هو أمر ضروري. وفي هذا الصدد، يطلب من الحكومة البريطانية اتخاذ خطوات ملموسة نحو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والاعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

– وفقاً لاتفاق “فتح ” – “حماس” الموقع في 12 تشرين الأول/ أكتوبر، تسلّم “حماس” رسمياً السيطرة على معابر غزة الحدودية إلى السلطة الفلسطينية ، خلال احتفال في معبر رفح . لكن شيئاً جوهرياً لا يحدث بعد ذلك. وفي 21 تشرين الثاني/ نوفمبر، ينعقد فعلياً الاجتماع بين جميع الفصائل الفلسطينية والذي كان مقرراً في اتفاق “فتح” – “حماس”، لكن البيان الذي يصدر في اليوم التالي لا يعدو كونه مجرد تكرار لبنود وردت في الاتفاقيات السابقة (بشأن منظمة التحرير الفلسطينية والانتخابات على سبيل المثال). وبعد أيام معدودة، تتضح العلامات التي تدلّ على أن الاتفاق قد وصل إلى طريق مسدود. ففي 28 تشرين الثاني، تدعو السلطة الفلسطينية جميع الموظفين المدنيين السابقين في غزة (الذين توقفوا عن العمل عندما تولت “حماس” السلطة في حزيران/ يونيو 2007) إلى العودة إلى وظائفهم، وهو أمر من شأنه أن يعرض للخطر مستقبل عشرات الآلاف من الموظفين الذين عينتهم “حماس”. وتنتقد الأخيرة الإعلان معتبرة أنه انتهاك للاتفاقيات السابقة، وفي اليوم التالي تمنع موظفي الخدمة المدنية السابقين في السلطة الفلسطينية من استئناف وظائفهم. وإذ ذاك، يتوافق الطرفان على تأجيل تولي حكومة حمد الله المسؤولية الذي كان مقرراً أن يتم في 1 كانون الأول/ ديسمبر، أولاً إلى 10 كانون الأول، ومن ثم إلى أجل غير مسمى. يعزو المراقبون الفشل المتكرر لمحاولات المصالحة إلى الرد السلبي لكل من إسرائيل والولايات المتحدة.

– ديسمبر 2017، يعلن الرئيس ترامب اعتراف الولايات المتحدة بـالقدس عاصمة لإسرائيل وأن إدارته ستبدأ عملية نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. يبرّر ترامب قراره بالقول إن ذلك يخدم المصلحة الفضلى للولايات المتحدة والسعي لتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وإنه يشكل اعترافاً بالواقع، بما أن القدس هي مقر الحكومة الإسرائيلية وأجهزة الدولة الأُخرى. ويعطي إشارات متناقضة بشأن ما يشكل حدود “القدس الإسرائيلية “. فمن ناحية، يعلن أن “القدس هي، اليوم ويجب أن تبقى، المكان حيث يصلي اليهود عند الحائط الغربي ، وحيث يمر المسيحيون بـمحطات الصليب ، وحيث يصلّي المسلمون في المسجد الأقصى “، في إشارة إلى أن البلدة القديمة (قلب القدس الأردنية بين سنتي 1948 و1967) مدرجة في القدس الإسرائيلية. ومن ناحية أُخرى، يؤكد أنه “لا يتخذ موقفاً لأية قضايا متعلقة بالوضع النهائي، بما في ذلك الحدود الدقيقة للسيادة الإسرائيلية في القدس”، ويدعو الأطراف إلى الحفاظ على الوضع القائم في الأماكن المقدسة، بما في ذلك الحرم الشريف . بعد الإعلان، يوقع ترامب مرة أُخرى الإعلان الذي يعطي له الحق بأن يعفى لمدة ستة أشهر من تنفيذ قانون سفارة القدس لسنة 1955، الأمر الذي يسمح له بالتالي بتأجيل النقل الفعلي للسفارة الأميركية.

– لأكثر من ثلاثة أسابيع، يتجمع آلاف الفلسطينيين يومياً عبر الضفة الغربية وعلى طول حدود غزة مع إسرائيل للاحتجاج على اعتراف الرئيس الأميركي ترامب بـ القدس عاصمة لإسرائيل. وتنشر إسرائيل كتائب إضافية لقمع الاحتجاجات بالعنف. وفي الفترة الممتدة ما بين 6 كانون الأول/ ديسمبر حتى نهاية كانون الأول، يُقتل 14 فلسطينياً ويصاب 4,500 على يد القوات الإسرائيلية. تُشكل الإصابات خلال هذه الفترة أكثر من نصف مجموع الإصابات خلال سنة 2017. كما تنظم تظاهرات في بلدات فلسطينية في إسرائيل، وفي الدول العربية، ولا سيما الأردن ولبنان.

– تعلن وزارة الخارجية الأميركية أن إدارة ترامب قررت حجب مبلغ 65 مليون دولار من أصل دفعة أولى بقيمة 125 مليون دولار كان من المقرر أن تمنحها لـوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط (أونروا). توضح وزارة الخارجية أن الولايات المتحدة تساهم في ميزانية الأونروا بحصة كبيرة زائدة وتطالب الدول الأُخرى بالمساهمة بشكل أكبر. في الوقت نفسه، تقول وزارة الخارجية إن الإفراج عن المساعدة مرهون بإجراء الأونروا إصلاحات لم تحددها. في 18 كانون الثاني/ يناير، تعلن وزارة الخارجية أن الولايات المتحدة ستحجب مبلغ 45 مليون دولار آخر كانت قد تعهدت به في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2017. وقبيل اجتماعه مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في 25 كانون الثاني، يبرر الرئيس ترامب وقف التمويل بقوله إنه وسيلة لإكراه القيادة الفلسطينية على الانخراط في مفاوضات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة. يتم الكشف لاحقاً عن تبرير أكثر فظاظة في رسائل البريد الإلكتروني المسربة من جاريد كوشنر ، كبير مستشاري ترامب. ففي 11 كانون الثاني، كان كوشنر قد كتب إلى الطاقم العامل في فريق السلام في الشرق الأوسط الذي يرأسه أنه يرى من الضروري عرقلة الأونروا” وأنه “لا يمكن أن يكون هدفنا الحفاظ على الأمور مستقرة وكما هي الآن…. عليك في بعض الأحيان أن تخاطر استراتيجياً بتحطيم الأشياء لكي تصل إلى حيث تريد”.

– فبراير 2018، في إطار التحرك الفلسطيني للرد على الاعتراف الأميركي بـ القدس عاصمة دولة إسرائيل، يسافر الرئيس محمود عباس إلى نيويورك ويخاطب مجلس الأمن ، فيقدم الرؤية الفلسطينية للسلام العادل، داعياً إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في منتصف سنة 2018، بمشاركة الدول الفاعلة إقليمياً ودولياً، من أجل مساعدة الجانبين في المفاوضات في حل جميع قضايا الوضع الدائم، على أن يكون من مخرجات المؤتمر قبول دولة فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة ، وتبادل الاعتراف بينها وبين إسرائيل على أساس حدود عام 1967 ، والتنفيذ المضمون لما يتفق عليه وفق جدول زمني محدد. يهدف عباس، الذي يطالب الولايات المتحدة بتجميد قرارها الذي يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، إلى الرد على الجانب الأميركي بأن الفلسطينيين يؤيدون المفاوضات إذا كانت تستند إلى المعايير الدولية وتتخطى الرعاية الأميركية المنفردة.

– مارس 2018، يقرّ الكنيست التعديل رقم 3 على قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2016 الذي يمنح الشرطة صلاحية عدم تسليم جثامين الفلسطينيين المتهمين بتنفيذ هجمات بدوافع سياسية ضد إسرائيليين، والذين قتلتهم القوات الإسرائيلية، إلى عائلاتهم. كما يفرض التعديل شروطاً للدفن على العائلات تحدّد حجم الجنازة، ومكانها، وتوقيتها، والمشاركين فيها. ويجوز للشرطة تجديد فترة احتجاز الجثمان. وهذا التعديل ينطبق على المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل فلسطينيي القدس الشرقية.

– من مارس حتى مايو 2018، يبدأ الفلسطينيون في غزة مظاهرة شعبية حاشدة على طول السياج الحدودي، في ذكرى يوم الأرض ، مطالبين بالتنفيذ الفوري لحق العودة ورفع الحصار عن غزة. يردّد المتظاهرون، وعددهم نحو 30 ألفاً في اليوم الأول، الهتافات، ويحرقون الإطارات، ويرشقون الحجارة، ويقيمون مخيمات في مواقع متعددة على مقربة من السياج. تفرّق القوات الإسرائيلية المتظاهرين باستخدام الذخيرة الحية والأعيرة المطاطية والغاز المسيل للدموع، وهو ما يؤدي إلى مقتل 15 فلسطينياً وجرح المئات في اليوم الأول، من بينهم من أُطلقت النار عليه من الخلف. تواصل القوات الإسرائيلية تفريق المتظاهرين بالعنف بشكل شبه يومي، وتجتمع أكبر الحشود أيام الجمعة. وفي 14 أيار/ مايو، في الذكرى السبعين لـ النكبة ويوم افتتاح السفارة الأميركية في القدس ، تطلق القوات الإسرائيلية النار فتقتل 60 فلسطينياً على الأقل، وتصيب أكثر من 1,000 بجروح. ستستمر المسيرات، التي كان من المقرّر أصلاً أن تتوقّف يوم 14 أيار، حتى نهاية سنة 2019 بكثافات مختلفة. ووفقاً للجنة المستقلّة المعيّنة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، سيصل عدد القتلى، في الفترة ما بين 30 آذار/ مارس و31 كانون الأول/ ديسمبر 2018، إلى 189 (جميعهم تقريباً بالذخيرة الحية) وسيصاب 9,204 بجروح.

– مايو 2018، يحضر مسؤولون أميركيون وإسرائيليون افتتاح السفارة الأميركية الجديدة لدى إسرائيل في القدس . وتقع السفارة على قطعة أرض تمتدّ من حي أرنونا في القدس الغربية إلى المنطقة منزوعة السلاح عبر خط الهدنة لسنة 1949 . يتظاهر الفلسطينيون احتجاجاً في جميع أنحاء فلسطين التاريخية، بما في ذلك في غزة التي تطلق فيها القوات الإسرائيلية النار على 60 فلسطينياً وتقتلهم. وفي اليوم التالي، يعلن الفلسطينيون إضراباً عاماً إحياءً لذكرى يوم النكبة ، واحتجاجاً على نقل السفارة، وحداداً على أرواح الذين سقطوا. يستدعي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس  مبعوث منظمة التحرير الفلسطينية إلى واشنطن ، حسام زملط ، احتجاجاً على الخطوة الأميركية. وكذلك تنقل كلّ من غواتيمالا (16 أيار/ مايو) وباراغواي (21 أيار) سفارتيهما إلى القدس. (ستقوم حكومة باراغواي الجديدة بإلغاء القرار في 5 أيلول/ سبتمبر وإعادة السفارة إلى تل أبيب ). وستقدّم السلطة الفلسطينية في 4 تموز/ يوليو شكوى إلى محكمة العدل الدولية بشأن قرار الولايات المتحدة، مشيرة إلى انتهاكاته لـ اتفاقية فيينا بشأن العلاقات الدبلوماسية لسنة 1961.

– يقرّ الكنيست قانوناً يطالب وزارة الدفاع الإسرائيلية بتقديم تقرير سنوي بمجموع المبالغ التي تدفعها السلطة الفلسطينية للأسرى في السجون الإسرائيلية، والمصابين جرّاء هجماتهم ضد الإسرائيليين، وعائلات الفلسطينيين الذين قتلتهم القوات الإسرائيلية. وستخصم إسرائيل، بناءً على التقرير، المبلغ الذي تستخدمه السلطة الفلسطينية لتلك المدفوعات من عائدات الضرائب التي تجمعها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية. في 3 تموز/ يوليو، يقول متحدّث باسم السلطة الفلسطينية إن السلطة لا تخطط لإنهاء المدفوعات، ويعلن الأمين العام لـمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات إن القيادة الفلسطينية تدرس تقليص علاقاتها السياسية والاقتصادية والأمنية مع إسرائيل رداً على ذلك.

– يوليو 2018، يقرّ الكنيست القانون الأساسي: إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي بتصويت 62 لمصلحته، و55 ضده وامتناع 2 من التصويت. يحصر القانون حق تقرير المصير في إسرائيل بالسكان اليهود، ويعلن أن الاستيطان اليهودي قيمة قومية”. كما يقلّل من مكانة اللغة العربية بتحويلها من لغة رسمية في إسرائيل إلى “لغة لها مكانة خاصة”. تصف حنان عشراوي ، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، القانون الأساسي الجديد بأنه “يشرّع الفصل العنصري، والتمييز، والتطهير العرقي، والطائفية”. وفي 30 تموز/ يوليو، يحضر آلاف المواطنين الفلسطينيين واليهود في إسرائيل درساً جماعياً للغة العربية في تل أبيب احتجاجاً على خفض مكانة اللغة العربية.

– أغسطس 2018، باعترافها بدولة فلسطين، تنضم كولومبيا إلى دول أميركا الجنوبية الأُخرى التي سبقتها إلى ذلك، وبذلك تصبح أميركا الجنوبية القارة الوحيدة التي تعترف جميع دولها رسمياً بالدولة الفلسطينية. وهذا القرار هو أحد آخر القرارات التي اتخذها الرئيس المنتهية ولايته خوان مانويل سانتوس قبل أن يتولّى الرئيس المنتخب إيفان دوكي منصبه في 7 آب/ أغسطس.

– في محاولة مستمرة للضغط على القيادة الفلسطينية لكي تعمل مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وفق شروطهما، من أجل التوصّل إلى اتفاق سلام، وكذلك لإلغاء الأونروا ، تعلن إدارة ترامب أنها ستقطع كل المساعدات للفلسطينيين. وفي 24 آب/ أغسطس، تعلن وزارة الخارجية الأميركية أنها ستحوّل 200 مليون دولار من أموال الدعم الاقتصادي المخصّصة لـ الضفة الغربية وغزة إلى أماكن أُخرى. كما تعلن في 31 آب إنهاء جميع المساهمات المقدَّمة إلى الأونروا. في 8 أيلول/ سبتمبر، تعلن الخارجية الأميركية حجب 25 مليون دولار، كان من المقرّر أن تقدّمها مساعدة للمستشفيات الفلسطينية في القدس الشرقية . وبعد يومين، وبذريعة أن منظمة التحرير الفلسطينية فشلت في اتخاذ خطوات نحو مفاوضات السلام، وما زالت تواصل جهودها مع المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق مع إسرائيل في جرائم حرب محتمَلة، تعلن الخارجية الأميركية إغلاق مكتب المنظمة في واشنطن . في 14 أيلول، تتوقّف الوكالة الأميركية للتنمية الدولية عن العمل مع شركائها في الضفة الغربية وغزة. ومع ذلك، تستمر الولايات المتحدة في تمويل المساعدات لـ السلطة الفلسطينية للتنسيق الأمني مع إسرائيل.

– ديسمبر 2018، خلال عملية لم يُكشف عن طبيعتها في جنوب غزة، تفتح قوات خاصة إسرائيلية متخفيّة النار على مقاتلي “حماس ” من سيارة متحركة في خزاعة ، الأمر الذي يؤدي إلى تبادل كثيف لإطلاق النار يُقتل خلاله جندي إسرائيلي، ومقاتل من “حماس”، ويصاب جندي إسرائيلي آخر بجروح خطرة. ولتأمين خروج آمن للقوات الخاصة الإسرائيلية من غزة، يستهدف الطيران الإسرائيلي المقاتلين الفلسطينيين المسلحين بالقرب من خزاعة بعدد من الغارات الجوية، وهو ما يسفر عن مقتل 6 أشخاص، بمن فيهم عضو بارز في الجناح العسكري لـ”حماس”. وبعد الغارات يطلق الفلسطينيون ما لا يقل عن 17 صاروخاً وقذائف أُخرى على جنوب إسرائيل. تعترض القبّة الحديدية ثلاثة صواريخ، ويسقط الباقي في مناطق مفتوحة من دون وقوع أضرار أو إصابات. ثم تضرب المدفعية والطائرات الإسرائيلية أكثر من 50 موقعاً في جميع أنحاء غزة، موقعة عشرات الإصابات الفلسطينية ومحدثة أضراراً جسيمة. ويستمر تبادل إطلاق النار حتى 13 تشرين الثاني/ نوفمبر عندما يتم التوصّل إلى وقف آخر لإطلاق النار.

– تقدّم الولايات المتحدة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع قرار (A/73/L.42 “أنشطة حماس والجماعات المسلحة الأُخرى في غزة “) يدين إطلاق “حماس” الصواريخ على إسرائيل. يتم التصويت على اقتراح يعتبر المسألة ذات أهمية كافية تستدعي، بحسب قواعد الجمعية العامة الإجرائية، موافقة أغلبية الثلثين من الأعضاء الحاضرين والمصوّتين. تتبنى الجمعية العامة هذا الاقتراح، إذ إنه يحصل على 75 صوتاً لمصلحته، و72 ضده، وتمتنع 26 دولة من التصويت. ثم يفشل مشروع القرار الأميركي في الحصول على تأييد الثلثين المطلوبين، إذ تصوّت 87 دولة لمصلحته، و57 ضده، وتمتنع 33 من التصويت. لكن الولايات المتحدة وإسرائيل تعبّران عن ارتياحهما لأنهما تعتبران أنه لأول مرة تكون الدول المؤيدة للمشروع أكثر من معارضيه.

– ديسمبر 2018، يعلن رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون أن حكومته قرّرت الاعتراف بـالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل، لكن السفارة الأسترالية ستبقى في تل أبيب حتى يتم التوصّل إلى اتفاق سلام نهائي. ويُذكر أن إدارة موريسون تعرّضت للضغط، في الأيام التي سبقت الإعلان، من شريكَتيها التجاريتين المقرَّبتين ماليزيا وإندونيسيا من أجل عدم الاعتراف بكامل القدس عاصمة لإسرائيل.

– يعلن وزير الأمن العام الإسرائيلي جلعاد أردان عن نيته اقتراح سلسلة من الإجراءات الهادفة إلى “مفاقمة” أوضاع الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. ويقول أردان إنه سيقترح تخفيض مخصّصات المياه، ووقف الدعم الذي تقدّمه السلطة الفلسطينية، والحدّ من استقلالية بعض الأسرى، وإنهاء الفصل بين الأسرى المنتمين إلى حركتي “حماس” و”فتح “. يؤدي هذا الإعلان، وتنفيذ بعض تلك الإجراءات، إلى نشوب صراع يمتد لعدة أشهر بين السجناء الفلسطينيين ومصلحة السجون الإسرائيلية، تجري خلاله مداهمات عنيفة ضد السجناء المحتجّين في سجون عوفر ، ونفحة ، وجلبوع ، في 21 و22 كانون الثاني/ يناير، يسقط خلالها أكثر من 200 جريح بين الأسرى. وفي نيسان/ أبريل يتم إنهاء إضراب عن الطعام دام 8 أيام، بعد قيام مصلحة السجون الإسرائيلية بتخفيف بعض الإجراءات العقابية. وفي 12 أيار/ مايو، يصدر مكتب الدفاع العام الإسرائيلي تقريراً ينتقد بشدة مصلحة السجون الإسرائيلية لإدارتها سجوناً “غير صالحة لإقامة البشر”.

– تفيد منظمة السلام الآن الإسرائيلية غير الحكومية بأن أعمال بناء 2100 وحدة سكنية استيطانية جديدة قد بدأت في الضفة الغربية في سنة 2018، بزيادة 9٪ عن المتوسط السنوي منذ سنة 2009. وبدأ كذلك خلال العام بناء 3 مستوطنات جديدة، و92 مبنى عاماً جديداً، و184 منشأة صناعية وزراعية في المستوطنات. كما وُضعت خطط لإنشاء 5618 وحدة سكنية جديدة للمستوطنين في الضفة الغربية في سنة 2018، وبلغ عدد المستوطنين الإسرائيليين الجدد 14.400 مستوطن. وفي القدس الشرقية ، تم الإعلان عن 3640 وحدة استيطانية جديدة، وإيداع خطط 608 وحدات استيطانية جديدة للمراجعة العامة، وطرح مناقصات لبناء 600 وحدة استيطانية.

– مع بداية عام 2019، تسحب السلطة الفلسطينية قواتها الأمنية من معبر رفح، فتستلم قوات الأمن التابعة لحركة “حماس” إدارته. وفي اليوم نفسه، يقول متحدث باسم “فتح” إن “حماس” اعتقلت 500 عضو من “فتح” في غزة لمنعهم من إقامة الاحتفال المخطط له في الذكرى الـ54 لتأسيس الحركة. ويستمر إغلاق المعبر باتجاه الدخول إلى مصر حتى 3 شباط/ فبراير، حيث تتوصل مصر و”حماس” إلى اتفاق بوساطة الأمم المتحدة.

– مارس 2019، يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تغريدة على تويتر أن إدارته قرّرت “الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان “. ويتم إضفاء الطابع الرسمي على هذه الخطوة في لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض في 25 آذار/ مارس. وبعد يومين، يدين 14 عضواً في مجلس الأمن الدولي القرار الأمريكي.

– في الذكرى السنوية الأولى لـ مسيرة العودة الكبرى في غزة ، يتظاهر عشرات الآلاف من الفلسطينيين على طول السياج الحدودي في غزة. يسقط في هذه الاحتجاجات 3 قتلى، وما لا يقل عن 300 جريحاً في صفوف الفلسطينيين، وبذلك يرتفع عدد قتلى الهجمات الإسرائيلية على المتظاهرين الفلسطينيين إلى 215. كما يتم الاحتفال بذكرى يوم الأرض في جميع أنحاء الأراضي المحتلة، وفي البلدات الفلسطينية في إسرائيل. وفي يوم 31 آذار/ مارس، تصرّح السلطات الإسرائيلية أن “حماس ” مارست “ضبط النفس” في اليومين الماضيين.

– أبريل 2019، ترفض المحكمة العليا الإسرائيلية  طلبات الاستئناف الفلسطينية لمنع هدم حي وادي ياصول الواقع بين أبو طور وسلوان في القدس الشرقية، والذي يضم 60 مبنى سكنياً، ويقطنه أكثر من 500 فلسطيني. تباشر السلطات الإسرائيلية في هدم الحي في اليوم التالي لقرار المحكمة العليا، ويصاب العديد من الفلسطينيين بجروح أثناء محاولتهم حماية منازلهم من عمليات الهدم. ويعرب الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة عن قلقهما إزاء محو الحي وتهجير سكانه.

– يوليو 2019، تهدم القوات الإسرائيلية 11 مبنى يضم 70 شقة سكنية في حي وادي الحمّص في صور باهر . وتقع هذه المباني في المنطقتين (أ) و(ب) في القدس الشرقية عند الجدار الفاصل، الخاضعين بحكم القانون للإدارة المدنية لـ السلطة الفلسطينية ؛ وقد شُيّدت المباني بترخيص من السلطة الفلسطينية. يُصاب 16 شخصاً (12 فلسطينياً و4 بريطانيين) أثناء احتجاجهم على عمليات الهدم. وفي 11 حزيران/ يونيو، تصادق المحكمة العليا الإسرائيلية على قرار الحكومة الإسرائيلية بهدم المباني بسبب قربها من الجدار الفاصل. وتثير عمليات الهدم انتقادات واسعة من العديد من الدول والمنظمات الحكومية والحقوقية الدولية. ويقول الأمين العام لـ منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات إنه نتيجة لعمليات الهدم، قرّرت القيادة الفلسطينية إلغاء جميع الاتفاقيات مع إسرائيل.

– تمنع الولايات المتحدة صدور بيانين في مجلس الأمن طرحتهما الكويت وإندونيسيا وجنوب أفريقيا، يعبّران عن القلق بشأن هدم إسرائيل لـ 70 شقة مملوكة لفلسطينيين في صور باهر في 22 تموز/ يوليو.

– أغسطس 2019، تقوم القوات الإسرائيلية بتفريق المصلين المسلمين بعنف في مجمّع الحرم الشريف في عيد الأضحى ، وتخلي المجمّع لتسهيل الجولات السياحية للزوار اليهود. يُصاب في هذه الاعتداءات 61 فلسطينياً، يُنقل 15 من بينهم إلى المستشفيات لتلقّي العلاج. وكانت الحكومة والشرطة الإسرائيلية قد قرّرتا السماح لليهود بالتجول في المجمّع في عيد الأضحى، بحجة تزامنه مع عيد التاسع من آب (أغسطس) . وتتأكد المخاوف من أن إسرائيل تحاول تغيير الوضع القائم عندما يقول وزير الأمن العام جلعاد أردان ، بعد يومين، إنه يجب السماح لليهود بالصلاة في المجمّع. وفي 18 آب، تستدعي وزارة الخارجية الأردنية السفير الإسرائيلي في الأردن للتحذير من تغيير الترتيبات القائمة.

– تتوصّل السلطة الفلسطينية وإسرائيل إلى اتفاق يقضي بأن تقوم السلطة الفلسطينية بتحصيل ضرائب الوقود مباشرة بدل أن تقوم إسرائيل بجبايتها وتحويلها. ويُعتبر هذا الاتفاق حلاً بديلاً لتخفيف الأزمة المالية التي تواجه السلطة الفلسطينية، دون أن يغيّر أي من الجانبين موقفه بشأن قيام إسرائيل باحتجاز أجزاء من الضرائب التي تجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية، والتي تقول إسرائيل إنها تُصرف كرواتب لعائلات الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل وللأسرى الفلسطينيين، في حين ترفض السلطة الفلسطينية بدورها استلام الضرائب التي تجمعها إسرائيل ما لم يكن المبلغ كاملاً. وتبلغ قيمة ضرائب الوقود حوالي 60 مليون دولار شهرياً، ويتم تطبيق الاتفاقية بأثر رجعي عن الأشهر السبعة الماضية. وتقول السلطة الفلسطينية إنها ستبدأ في دفع ما تم اقتطاعه من رواتب موظفي الخدمة المدنية الذين حصلوا على رواتب مخفضة منذ شباط/ فبراير بسبب القرار الإسرائيلي باحتجاز عائدات الضرائب.

– سبتمبر 2019، تصدر المحكمة العليا الإسرائيلية قراراً يجيز لإسرائيل احتجاز جثامين المقاتلين الفلسطينيين الذين تعتبرهم إرهابيين، بغرض التفاوض مع التنظيمات المسلحة. ويلغي هذا الحكم قرار المحكمة العليا الصادر عام 2017، والذي قال فيه القضاة إنه يتعين على البرلمان إصدار قانون يسمح بهذه الممارسة.

– يعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أن الولايات المتحدة لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية مخالِفة للقانون الدولي. ويقول الوزير بومبيو إن شرعية المستوطنات أمر يجب تركه للمحاكم الإسرائيلية، وإن الولايات المتحدة ليس لديها رأي قانوني بهذا الشأن. في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر، يوقّع 107 أعضاء في الكونغرس الأمريكي على عريضة يعبّرون فيها عن “الرفض الشديد” لإعلان بومبيو. وفي 26 تشرين الثاني، تخرج تظاهرات للاحتجاج ضد القرار الأمريكي، بدعوة من السلطة الفلسطينية، تستخدم القوات الإسرائيلية العنف لتفريقها في البيرة ، وبيت لحم ، وحوّارة ، وأبو ديس ، والخليل ، ورام الله ، وطولكرم ، ويصاب فيها 82 متظاهراً بالرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع.

– ديسمبر 2019، تعلن المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا أن تحقيقها الأولي قد خلص إلى أن هناك “جرائم حرب ارتكبت بالفعل أو ما زالت ترتكب في الضفة الغربية ، بما يشمل القدس الشرقية وقطاع غزة “، وبالتالي فإن لدى المحكمة الجنائية الدولية الأساس القانوني للتحقيق مع إسرائيل في جرائم الحرب المرتكَبة ضد الفلسطينيين. وتعلن المدعية العامة بنسودا أنها طلبت من المحكمة الجنائية الدولية اتخاذ قرار بشأن مسألة الولاية القضائية الإقليمية على القدس الشرقية، والضفة الغربية، وغزة.

– تعلن دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس أن حوالي 30 ألف مستوطن إسرائيلي قاموا بجولة في الحرم الشريف تحت حراسة أمنية في عام 2019، في انتهاك صريح لـ الوضع القائم.

– تفيد البيانات الصادرة عن منظمة “السلام الآن ” الإسرائيلية غير الحكومية بأن إسرائيل قد بدأت ببناء 1,917 وحدة سكنية استيطانية جديدة في الضفة الغربية في عام 2019. كما تم البدء خلال عام 2019 ببناء 11 بؤرة استيطانية جديدة، و61 مبنى عاماً جديداً، و87 مبنى للصناعة والزراعة في المستوطنات، كما تم تقديم خطط لبناء 8,457 وحدة سكنية جديدة للمستوطنين في الضفة الغربية. وبدأت في القدس الشرقية أعمال البناء لتوسيع مستوطنة نوف تسيون في جبل المكبر ، والتي من المتوقّع أن تضم 476 وحدة سكنية استيطانية جديدة، بالإضافة إلى 96 وحدة سكنية أُنشئت بالفعل. وطرحت إسرائيل كذلك مناقصات لبناء 805 وحدات استيطانية جديدة في القدس الشرقية.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات