الأحد, مايو 5, 2024
Dawen APP
الرئيسيةمقالاتمحمد عبد العال الخطيب يكتب: خلف المنصة (9).. كن صادقًا فإنها غزة

محمد عبد العال الخطيب يكتب: خلف المنصة (9).. كن صادقًا فإنها غزة

في صباح أحد الأيام وأثناء تصفحي للرسائل الصباحية عبر الماسنجر والواتس آب، وجدت رسالة واحدة من صديق لا يجمعنا الحديث كثيراً، لكن الشعور به كصديق نما دون إرادة أو قصد عبر طريق واحد هو الصدق، صدق الحديث ولو كان قصيرا موجزاً، صدق المشاعر، حب الخير لبعضنا البعض.

لذا أسعدتني الرسالة كثيراً فكانت عبارة عن أغنية الفنان عمرو دياب “في لحظة عايزة اللي يعدل ميلك، ويسند يشيلك، ووسط زحمة حياته يجيلك، يوصل في ثانية، يسبق بخطوة، يحميك بقوة، مالكش إلا هو، فيه حد لما تخبط هيفتح يقابلك ويفرح، من قلبه عايز يشوفك بتنجح، يساعدك بفكرة، معاك خطوة خطوة، ده مسابكش مرة إمبارح وبكرة، في حياتنا ناس هما الأساس ثابتين معانا مهما أيه يجرى”.

كمْ كان لكلمات تلك الأغنية وقع كبير في نفسي، أسعدتني كثيراً حتى إننى سمعتها أكثر من مرة، لم يكن هناك تفسير سوى أنها فقط صادقة.

للقراءة| محمد عبد العال الخطيب يكتب: خلف المنصة (8).. كلمة ناقصة غزة

هذا ما يصنعه الصدق يجعلك تبتسم حتى في أحلك المواقف، ليس بالضرورة لأنه نصرك أو دعم رأيك أو موقفك، لكن لأن صاحبه سينتصر لك في وقت ما، إن كنت على حق، إذا هذا ما يزرعه الصدق، الثقة، فأنت تثق في الإنسان الصادق.

الصدق عند الفقهاء هو قول الحق ومطابقته للحقيقة، وأخبر عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأنه “طريق للبر”، لا يحتاج إلى دليل، بل تراه يخترق القلوب لذا فهو كما قواعد العدالة الإلهية لا تبرير لها سوى أنها تحمل كل دلائل المعجزة، تصل إلى كل القلوب مهما اختلفت الجنسيات، والألوان، والديانات.

صدقك مع الله في إخلاص العمل والنوايا، وصدقك مع الناس في مطابقة الظاهر مع الباطن في الأفعال والأقوال.

كثيراً من القضايا نواجهها يوميا قد لا نكون أصحاب قرار فيها، لكن صدق رأيك أنت وغيرك قد يكون مرساة السفينة التي تصارع الغرق، ولما لا؟ فهذا ما يصنعه الصدق، فهو درب من دروب النجاة

كمْ من الأمور التي ظننا استحالتها كان مفتاح النجاة فيها أبسط مما نتخيل، منذ أيام احتفلنا بانتصارات أكتوبر الذي كان أحد مفاتيح النصر بها الماء، الذي قضى على أسطورة خط بارليف، هل ترى أهون وأبسط من الماء ليكون سلاح بهذه القوة.

إذا لا تصمت ولو عن كلمة حق واحدة، فقد تكون هي طريق النجاة، قال المفكر الجزائري” مالك بن نبي “، لا تصمت عن قول الحق، فعندما تضع لجاماً على فمك، سيضعون سرجاً على ظهرك.

نحن صادقون تماماً في مشاعرنا نحو القضية الفلسطينية فهي قضية عدل قبل أي شيء احتلال ظاهر لا يمكن أن نغفله، قد نختلف في التعبير عن هذا الحب وهذا التعاطف، فمنا من يقاطع منتجات العدو ومنا من يذرف دمعاً ومنا من يطرق أبواباً لجمع التبرعات، لكن يجمعنا قاسم مشترك واحد، فجميعُنا حَزَانَى على ما يحدث، هذا هو الشعور الوحيد الصادق والظاهر فيما نحن فيه، الحزن، والأسى يطوقاننا جميعاً تحت مظلتهما، إن تجرأت وخالفت هذا الشعور، فمهما فعلت وسقت من تبريرات لن تكون صادقاً.

لا تحاول أن تخدع تلقائية مشاعرنا، فهي تتمتع أيضاً بالذكاء،  لذا ،عندما تهاون أحدهم في الاعتقاد بصدق مشاعرنا حول هذه القضية؛ ناله الكثير ، عندما بحثت عن مؤلف كلمات أغنية عمرو دياب ، وجدته الشاعر” نصر الدين ناجي “، فزاد اعتقادي بصدقها، لقد كان اسم الشاعر كافياً لحل قضيتنا، فمن ينصر الدين يكون ناجياً. لذا كن صادقاً، إنها غزة.

محمد عبد العال الخطيب
محمد عبد العال الخطيب
كاتب مصري, من مواليد الأسكندرية عام 1974، يشغل منصب نائب رئيس هيئة قضايا الدولة وعضو إتحاد كتاب مصر شعبة الرواية، صدرت له عدة روايات منها “البهلوان”، “أخطر الرجال” و “تحت الحصار”, "الأخدود", "أرض بلا ظل" وعدة كتب تاريخية منها “قضايا الدولة عبر التاريخ”، “عصر النخبة”، و “قناة السويس من المهد حتى التحرير”. وتعتبر "وأحترقت أوراق القضية" أحدث رواياته الصادرة عن دار دوّن.
مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات